ايصال الطالب الي المكاسب المجلد 14

هویة الکتاب

بطاقة تعريف: الحسيني الشيرازي، محمد، 1380 - 1305، شارح

عنوان واسم المؤلف: ايصال الطالب الي المكاسب: شرح واف بغرض الكتاب، تيعرض لحل مشكلاته و ابداآ مقاصد في ايجاز و توضيح/ محمد الحسيني الشيرازي

تفاصيل المنشور: تهران : موسسة كتابسراي اعلمي ، 1385.

خصائص المظهر: ج 16

شابك : 964-94017-6-8(دوره): ؛ 964-7860-59-5(ج. 1): ؛ 964-7860-58-7(ج. 2): ؛ 964-7860-57-9(ج. 3): ؛ 964-7860-56-0(ج. 4): ؛ 964-7860-54-4(ج. 6): ؛ 964-7860-53-6(ج. 7): ؛ 964-7860-55-2(ج. 8): ؛ 964-7860-52-8(ج. 9): ؛ 964-7860-51-X(ج. 10): ؛ 964-7860-50-1(ج. 11): ؛ 964-7860-49-8(ج. 12): ؛ 964-7860-45-X(ج. 13): ؛ 964-7860-47-1(ج. 15):

لسان : العربية

ملحوظة : الفهرسة على أساس المعلومات فيپا

ملحوظة : هذا الكتاب هو وصف"المكاسب مرتضي بن محمد امين انصاري" يكون

عنوان آخر: المكاسب. شرح

موضوع : انصاري، مرتضي بن محمدامين، 1281 - 1214ق. المكاسب -- نقد و تفسير

موضوع : معاملات (فقه)

موضوع : فقه جعفري -- قرن ق 13

المعرف المضاف: انصاري، مرتضي بن محمدامين ، 1281 - 1214ق. المكاسب. شرح

ترتيب الكونجرس: BP190/1/الف8م702133 1385

تصنيف ديوي: 297/372

رقم الببليوغرافيا الوطنية: م 85-16816

ص: 1

اشارة

ص: 2

[مقدمة المؤلف]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين و صلى الله على محمد و آله الطاهرين و لعنة الله على اعدائهم اجمعين من الآن الى يوم الدين.

و بعد: فهذا هو القسم الرابع من كتاب الخيارات و الجزء الرابع عشر من اجزاء كتابنا (ايصال الطالب الى المكاسب) للشيخ الفذّ آية الله الانصارى قدس سره.

و يشرع فى مسئلة ان الامراض التى تحدث خلال السنة عيب كتبته تسهيلا للطالب الكريم عسى ان انتفع به فى يوم لا ينفع فيه مال و لا بنون الّا من اتى الله بقلب سليم.

كربلاء المقدسة محمد بن المهدى الحسينى الشيرازى

ص: 3

[تتمة القول في الخيار]

[تتمة القول في أقسام الخيار]

[تتمة السابع خيار العيب]

[تتمة الكلام في بعض أفراد المعيب]
مسألة قد عرفت ان مطلق المرض عيب خصوصا الجنون و البرص و الجذام و القرن.

و لكن يختص هذه الاربعة من بين العيوب بانها لو حدثت الى سنة من يوم العقد يثبت لاجلها التخيير بين الرد و الارش، هذا هو المشهور.

و يدل عليه ما استفيض عن مولانا ابى الحسن الرضا عليه السلام ففى رواية على بن اسباط عنه فى حديث خيار الثلاثة، ان احداث السنة

______________________________

(مسألة: قد عرفت ان مطلق المرض عيب) فاذا كان العبد او الحيوان مريضا، و لم يعلم به المشترى كان له الرد و الارش، ان كان هناك تفاوت بين الصحيح و المعيب (خصوصا الجنون و البرص و الجذام و القرن) فى العبد و الامة و الخصوصية للنص و الفتوى بها.

(و لكن يختص هذه الاربعة من بين العيوب بانها لو حدثت الى سنة) ابتداءً (من يوم العقد يثبت لاجلها التخيير بين الرد و الارش). و (هذا هو المشهور) بين العلماء.

(و يدل عليه ما استفيض) من الرواية (عن مولانا ابى الحسن الرضا عليه السلام ففى رواية على بن اسباط عنه) عليه السلام (فى حديث خيار الثلاثة) فى الحيوان هكذا، قال سمعته عليه السلام يقول: الخيار فى الحيوان ثلاثة ايام للمشترى، و فى غير الحيوان ان يتفرقا، و (ان احداث السنة

ص: 4

ترد بعد السنة، قلت و ما احداث السنة؟ قال: الجنون و الجذام و البرص و القرن فمن اشترى فحدث فيه هذه الاحداث فالحكم ان يرد على صاحبه الى تمام السنة من يوم اشتراه.

و فى رواية ابن فضال المحكية عن الخصال فى أربعة اشياء خيار سنة الجنون و الجذام و القرن و البرص.

و فى رواية اخرى له عنه عليه السلام، قال ترد الجارية مع اربع خصال من: الجنون و الجذام و البرص و القرن و الحدبة، هكذا فى التهذيب.

و فى الكافى القرن: الحدبة، الا انها تكون فى الصدر تدخل الظهر و

______________________________

ترد بعد السنة، قلت و ما احداث السنة؟ قال: الجنون و الجذام و البرص و القرن فمن اشترى فحدث فيه هذه الاحداث فالحكم ان يرد على صاحبه الى تمام السنة من يوم اشتراه) و على هذا فقوله عليه السلام «بعد السنة» اى فى السنة.

(و فى رواية ابن فضال المحكية عن الخصال) قال عليه السلام (فى أربعة اشياء خيار سنة: الجنون و الجذام و القرن و البرص).

(و فى رواية اخرى له) اى لابن فضال (عنه عليه السلام، قال: ترد الجارية مع اربع خصال، من: الجنون و الجذام و البرص و القرن و الحدبة) بفتح الحاء المهملة و الدال (هكذا) رواه (فى التهذيب) باتيان واو العطف على الحدبة.

(و) لكن (فى الكافى) هكذا روى الرواية (القرن الحدبة، الا انها) اى الحدبة (تكون فى الصدر تدخل الظهر و

ص: 5

تخرج الصدر، انتهى.

و مراده ان الحدب ليس خامسا لها، لان القرن يرجع الى حدب فى الفرج.

لكن المعروف انه عظم فى الفرج كالسن يمنع الوطي.

و فى الصحيح عن محمد بن على، قيل و هو مجهول و احتمل بعض كونه الحلبى عنه عليه السلام، قال: يرد المملوك من احداث السنة من الجنون و البرص و القرن،

______________________________

تخرج الصدر، انتهى) كلام الكافى.

(و مراده) اى الكافى من هذا التفسير (ان الحدب ليس خامسا لها) و يدل عليه قوله عليه السلام- فى اوّل الرواية- من اربع خصال، فتفسير القرن بالحدبة انما هو (لان القرن يرجع الى حدب فى الفرج) فذكر الحدبة فى الرواية- سواء كان مع الواو كما فى بعض النسخ، او بدون الواو كما فى نسخ اخرى- من باب عطف البيان.

(لكن) هذا العطف مشكل.

اذ (المعروف انه) اى القرن (عظم فى الفرج كالسن) فى الفم (يمنع الوطي) فلا حدبة فى ذات الفرج، الا ان يقال ان الحدبة فى الصدر أيضا عبارة عن العظام التى تقوس الصدر فالحدبة أيضا عظم.

(و فى الصحيح عن محمد بن على، قيل و هو مجهول، و احتمل بعض) و هو الاردبيلى (كونه الحلبى) و على هذا لا يكون مجهولا (عنه عليه السلام، قال: يرد المملوك من احداث السنة من الجنون و البرص و القرن

ص: 6

قال: قلت: و كيف يرد من احداث فقال هذا اوّل السنة يعنى المحرم، فاذا اشتريت مملوكا فحدث فيه هذه الخصال ما بينك و بين ذى الحجة، رددت على صاحبه.

و هذه الرواية لم يذكر فيها الجذام، مع ورودها فى مقام التحديد و الضبط لهذه الامور، فيمكن ان يدعى معارضتها لباقى الاخبار المتقدمة

و من هنا استشكل المحقق الاردبيلى فى الجذام و ليس التعارض من باب المطلق و المقيد، كما ذكره فى الحدائق ردّا على الاردبيلى ره.

______________________________

قال: قلت: و كيف يرد من احداث) السنة، و مراد السائل معنى احداث السنة (فقال) عليه السلام (هذا اوّل السنة يعنى المحرم، فاذا اشتريت مملوكا فحدث فيه هذه الخصال ما بينك و بين ذى الحجة، رددت) المملوك (على صاحبه).

(و هذه الرواية لم يذكر فيها الجذام، مع ورودها فى مقام التحديد و الضبط لهذه الامور) لانه هو الظاهر من قوله عليه السلام: من احداث السنة عرفا، و من المعلوم ان المفهوم منه حينئذ عدم وجود عيب آخر بهذه المنزلة (فيمكن ان يدعى معارضتها لباقى الاخبار المتقدمة) الدالة على كون الجذام أيضا من احداث السنة.

(و من هنا) حيث ظهر التعارض (استشكل المحقق الاردبيلى فى الجذام) و هل انه يرد به، أم لا؟ (و ليس التعارض من باب المطلق و المقيد، كما ذكره فى الحدائق ردّا على الاردبيلى ره).

فان مفهوم الصحيحة يقول: لا عيب آخر غير الثلاثة، و منطوق تلك

ص: 7

الا ان يريد ان التعارض يشبه تعارض المطلق و المقيد فى وجوب العمل بما لا يجرى فيه احتمال يجرى فى معارضه.

و هو هنا احتمال سهو الراوى فى ترك ذكر الجذام فانه اقرب الاحتمالات المتطرقة فى ما نحن فيه.

______________________________

الروايات يقول ان هناك عيبا واحدا آخر، فيقيد المفهوم بالمنطوق، هذا هو مراد الحدائق.

لكن الشيخ رحمه الله كانه فهم منه ان المراد من المقيد مثل «رقبة مؤمنة» و لذا نفاه- فتأمل-.

(الا ان يريد) الحدائق (ان التعارض يشبه تعارض المطلق و المقيد فى وجوب العمل بما لا يجرى فيه احتمال يجرى فى معارضه).

فان المطلق يجرى فيه احتمال ان يكون عدم ذكر القيد من باب كون كلام المطلق فى مقام بيان الحكم فى الجملة، او انه اعتمد على القرائن الداخلية و الخارجية و هذا الاحتمال لا يجرى فى المطلق، و لذا يحمل المطلق على المقيد.

(و هو) اى الاحتمال الّذي يجرى فى المطلق دون المقيد (هنا) فى عدم ذكر الجذام، و ذكره (احتمال سهو الراوى فى ترك ذكر الجذام) مع انه ذكره الامام عليه السلام عند ذكر الحديث (فانه اقرب الاحتمالات المتطرقة فى ما نحن فيه) مثل احتمال زيادة الراوى الجذام فى تلك الروايات، و احتمال ان يكون الحكم فى الجذام فى تلك الروايات من باب استحباب قبول البائع، لا من باب الخيار، او ان هذه الصحيحة ليست

ص: 8

و يمكن ان يكون الوجه فى ترك الجذام فى هذه الرواية انعتاقها على المشترى بمجرد حدوث الجذام، فلا معنى للرّد.

و حينئذ فيشكل الحكم بالردّ فى باقى الاخبار.

و وجّهه فى المسالك بان عتقه على المشترى موقوف على ظهور الجذام بالفعل.

______________________________

فى مقام التحديد، الى غيرها.

و لكن لا يخفى ان السيد الطباطبائى قال فى تعليقته: ان الرواية مذكورة فيها الجذام، و ان الاردبيلى رحمه الله لم يستشكل فى الجذام، فكلام المكاسب- على ما ذكره الطباطبائى رحمه الله- يحتاج الى المراجعة.

(و يمكن ان يكون الوجه فى ترك الجذام فى هذه الرواية) انه لا مجال لرد المجذوم اصلا.

و ذلك ل (انعتاقها) اى الرقبة (على المشترى بمجرد حدوث الجذام فلا معنى للردّ) اذ لا موضوع له، فانه قد ورد النص و الفتوى بان العبد اذا اجذم انعتق.

(و حينئذ) اى حين كان لا معنى للرد بالجذام (فيشكل الحكم بالرد فى باقى الاخبار).

(و وجّهه) اى كيف يرد العبد بالجذام و الحال انه ينعتق فلا مورد للرد (فى المسالك بان عتقه على المشترى موقوف على ظهور الجذام بالفعل) و اما ردّه بالعيب فلا يحتاج الى الظهور، بل تكفى مادة الجذام

ص: 9

و يكفى فى العيب الموجب للخيار وجود مادته فى نفس الامر، و ان لم يظهر، فيكون سبب الخيار مقدما على سبب العتق، فان فسخ، انعتق على البائع، و ان امضى، انعتق على المشترى.

و فيه أولا ان ظاهر هذه الاخبار ان سبب الخيار ظهور هذه الامراض لانه المعنى بقوله: فحدث فيه هذه الخصال ما بينك و بين ذى الحجة

______________________________

و عليه فما دلّ على ان المجذوم يعتق يقول: اذا ظهر الجذام.

و الّذي يقول: ان المجذوم يرد، يريد انه اذا حصلت فيه مادة الجذام فلا تعارض بين الروايتين، لانه اذا كانت المادة فقط، يردّ، اما اذا ظهر الجذام فيعتق.

(و) الحاصل انه (يكفى فى العيب الموجب للخيار وجود مادته فى نفس الامر) و الواقع (و ان لم يظهر، فيكون سبب الخيار مقدما على سبب العتق) فاذا عرف المشترى ان فيه مادة الجذام حق له ان يفسخ (فان فسخ) ثم ظهر الجذام عند البائع (انعتق على البائع) لان الجذام ظهر فى ملكه (و ان امضى) المشترى و لم يفسخ، حتى ظهر الجذام عند المشترى (انعتق على المشترى) انتهى جمع المسالك بين الروايتين.

(و فيه أولا ان ظاهر هذه الاخبار) المثبتة للخيار بالجذام (ان سبب الخيار ظهور هذه الامراض، لانه المعنى بقوله: فحدث فيه هذه الخصال ما بينك و بين ذى الحجة) فليس الموجب موادّ هذه الامراض كما قاله الشهيد.

ص: 10

و لو لا ذلك لكفى وجود موادها فى السنة، و ان تأخر ظهورها عنها و لو بقليل، بحيث يكشف عن وجود المادة قبل انقضاء السنة.

و هذا مما لا اظن احدا يلتزمه، مع انه لو كان الموجب للخيار هى مواد هذه الامراض، كان ظهورها زيادة فى العيب حادثة فى يد المشترى فلتكن مانعة من الرد، لعدم قيام المال بعينه حينئذ، فيكون فى التزام خروج هذه العيوب من عموم كون النقص الحادث مانعا

______________________________

(و لو لا ذلك) الّذي ذكرناه من ان العبرة حدوث هذه الامراض (لكفى وجود موادها فى السنة، و ان تأخر ظهورها) اى ظهور هذه الامراض (عنها) اى عن السنة (و لو بقليل، بحيث يكشف) ظهورها بعد السنة بقليل (عن وجود المادة قبل انقضاء السنة) او علمنا وجود المادة قبل انقضاء السنة من دليل آخر.

(و هذا) اى كفاية الظهور بعد السنة بقليل فى الخيار (مما لا اظن احدا يلتزمه) اذ النص و الفتوى تطابقا على لزوم الظهور فى السنة.

اللهم الا ان يقال: ان انحصار المواد مع الظهور فى السنة- و لكنه خلاف الظاهر- (مع انه لو كان الموجب للخيار هى مواد هذه الامراض كان ظهورها زيادة فى العيب حادثة فى يد المشترى) لان الظهور عبارة عن انتشار المرض (فلتكن مانعة من الرد، لعدم قيام المال بعينه حينئذ) اى حين الظهور، و قد تقدم ان من شروط الرد بالعيب القديم عدم حدوث عيب جديد فى يد المشترى- و الزيادة عيب جديد- (فيكون فى التزام خروج هذه العيوب من عموم كون النقص الحادث مانعا

ص: 11

عن الرد تخصيصا آخر للعمومات.

و ثانيا ان سبق سبب الخيار لا يوجب عدم الانعتاق بطروّ سببه، بل ينبغى ان يكون الانعتاق القهرى سببه مانعا شرعيا بمنزلة المانع العقلى عن الرد كالموت، و لذا لو حدث الانعتاق بسبب آخر غير الجذام

______________________________

عن الرد).

فهناك دليل يقول: ان النقص الحادث مانع عن الرد، و دليل ثان يقول: بان موادّ هذه الامراض توجب الرد، و ان زادت- بالظهور- فى يد المشترى، فيكون دليل هذه العيوب (تخصيصا آخر للعمومات) اذ هذا الدليل يخصص عموم: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ- أولا- و دليل: ان العيب مانع عن الرد بالعيب القديم- ثانيا- و زيادة التخصيص خلاف الاصل.

اما اذا قلنا بان ظهور هذه الامراض يوجب الرد، فهو تخصيص واحد- هو التخصيص الاوّل فقط-.

(و ثانيا ان سبق سبب الخيار) على سبب الانعتاق (لا يوجب عدم الانعتاق) للعبد (بطروّ سببه) اى سبب الانعتاق فاذا اجتمعا قدم سبب الانعتاق (بل ينبغى ان يكون الانعتاق القهرى سببه) و هو الجذام (مانعا شرعيا) عن الردّ فيكون (بمنزلة المانع العقلى عن الرد كالموت).

فاللازم اما ان نقول: بالرجوع الى بدل الرد- و هو الارش ان كان هناك ارش-

او نقول انه يرد لكن حيث لا يتمكن من ردّ العين يرجع الى رد بدله- و هو القيمة- (و لذا لو حدث الانعتاق بسبب آخر غير الجذام) مثل

ص: 12

فلا اظن احدا يلتزم عدم الانعتاق الا بعد لزوم البيع، خصوصا مع بناء العتق على التغليب.

هذا و لكن رفع اليد عن هذه الاخبار الكثيرة المعتضدة بالشهرة المحققة و الاجماع المدعى فى السرائر و الغنية، مشكل، فيمكن العمل بها فى موردها.

______________________________

تنكيل المولى به (فلا اظن احدا يلتزم عدم الانعتاق الا بعد لزوم البيع) بل الانعتاق يحصل و يكون للمشترى الرد برد القيمة، او الارش، كما ذكرنا (خصوصا مع بناء العتق على التغليب) فانه فهم من الادلة الشرعية ان التشبث القليل بالحرية موجب للانعتاق حتى فى مال الناس فكيف بما اذا كان مال نفسه، و له حق الفسخ.

(هذا و لكن رفع اليد عن هذه الاخبار الكثيرة المعتضدة بالشهرة المحققة و الاجماع المدعى فى السرائر و الغنية) على ان الجذام أيضا من اسباب ردّ العيد فى جملة احداث السنة (مشكل).

فلا يمكن ان نقول: بان العبد اذا اجذم صار حرّا، فلا ردّ له، بل اللازم ان نقول: ان العبد اذا اجذم كان للمشترى حق الردّ، و لم يصبح حرّا.

و لا يخفى ان قوله «و لكن» اشكال على رد المصنف على الشهيد بقوله «و ثانيا» (فيمكن العمل بها) اى باخبار ردّ العبد من الجذام (فى موردها) اى احداث السنة بان نقول: ان الجذام مطلقا يوجب انعتاق العبد، الا فى مورد كان فى ضمن السنة، فانه لا ينعتق العبد

ص: 13

او الحكم من اجلها بان تقدم سبب الخيار يوجب توقف الانعتاق على امضاء العقد و لو فى غير المقام

ثم

______________________________

حينئذ، بل للمشترى حق رده على البائع (او الحكم) اى ان نحكم (من اجلها) اى من اجل اخبار احداث السنة (بان تقدم سبب الخيار) و هو مادة الجذام على الجذام الّذي هو سبب الانعتاق (يوجب توقف الانعتاق على امضاء العقد).

فاذا امضى المشترى العقد انعتق، و اذا لم يمض، لم ينعتق، بل ردّه الى البائع (و لو فى غير المقام) اى غير مقام احداث السنة.

مثلا: اذا اشترى عبدا و جعل لنفسه الخيار الى سنتين، او كان المشترى مغبونا فيه ثم اجذم العبد بعد السنة.

فان امضى المشترى العقد انعتق و ان لم يمض العقد كان له ردّه الى البائع، و قوله «و لو» متعلق ب «يوجب».

(ثم) الظاهر انه لا فرق بين الجنون الادوارى و الاطباقى و الخفيف و الثقيل، و كذا فى سائر الاحداث، كما ان سبب هذه الامور لو حدث فى اثناء السنة، كما لو وقع العبد من مكان مرتفع فحدث فيه الجنون- بان لم تكن مادة هذه الامور موجودة فيه فى حال البيع- ففى الخيار و عدمه احتمالان: من اطلاق الروايات و من ظاهر بعض الفقهاء، على ان الخيار انما هو لاجل وجود مادة هذه الامراض فى العبد من قبل بالإضافة الى انصراف الروايات الى وجود المادة من قبل.

ص: 14

لو فسخ المشترى فانعتاقه على البائع موقوف على دلالة الدليل على عدم جواز تملك المجذوم، لا ان جذام المملوك يوجب انعتاقه بحيث يظهر اختصاصه بحدوث الجذام فى ملكه.

ثم ان زيادة القرن ليس فى كلام الاكثر، فيظهر منهم العدم، فنسبة المسالك الحكم فى الاربعة الى المشهور كانه لاستظهار ذلك من ذكره

______________________________

و منه يظهر الاشكال فيما لو ظهر الحدث بعد السنة لكن علمنا بان المادة كانت موجودة عند البائع، لكن الظاهر ان هنا يكون الخيار لوجود العيب اذ العبد الّذي يوجد فيه هذه المادة معيوب ف (لو فسخ المشترى) بعد جذام العبد عنده (ف) هل يعتق على البائع، أم لا؟ نقول ان (انعتاقه على البائع موقوف على دلالة الدليل على عدم جواز تملك المجذوم) اى ان يفهم من دليل انعتاق المجذوم انه اعم من ان يجذم عند المالك، او يدخل فى ملكه و هو اجذم (لا) ان يفهم من الدليل (ان جذام المملوك يوجب انعتاقه بحيث يظهر اختصاصه) اى دليل انعتاق المجذوم (بحدوث الجذام فى ملكه).

اما اذا فهم من الدليل ذلك، فلا ينعتق لانه لم يجذم فى ملك البائع، بل دخل فى ملكه و هو اجذم.

(ثم ان زيادة القرن) على الثلاثة (ليس فى كلام الاكثر، فيظهر منهم العدم) لانهم فى مقام بيان احداث السنة لم يذكروا الا ثلاثة- فى مقام التحديد- (فنسبة المسالك الحكم فى) جميع (الاربعة الى المشهور كانه لاستظهار ذلك) اى الشهرة فى الاربعة (من ذكره) اى

ص: 15

فى الدروس ساكتا عن الخلاف فيه.

و عن التحرير نسبه الى ابى على، و فى مفتاح الكرامة انه لم يظفر بقائل غير الشهيدين و ابى على.

و من هنا تأمل المحقق الاردبيلى من عدم صحة الاخبار، و فقد الانجبار.

ثم ان ظاهر اطلاق الاخبار- على وجه يبعد التقيد فيها- شمول الحكم لصورة التصرّف لكن المشهور تقيد الحكم بغيرها

______________________________

الاربعة (فى الدروس ساكتا عن الخلاف فيه) مع ان من عادة الدروس ذكر المخالف.

(و عن التحرير نسبه) اى كون القرن من احداث السنة (الى ابى على، و) لكن (فى مفتاح الكرامة انه لم يظفر بقائل غير الشهيدين و ابى على)

(و من هنا) اى عدم وجود القائل بذلك الا الثلاثة فقط (تأمل المحقق الاردبيلى) فى كون القرن من احداث السنة (من) جهة (عدم صحة الاخبار، و فقد الانجبار) بشهرة، او نحوها.

لكن لا يخفى ان حجية بعض الروايات كافية فى العمل بها، و لعل عدم ذكرهم للقرن للاجمال فى معناه و الله العالم.

(ثم ان ظاهر اطلاق الاخبار- على وجه يبعد التقيد فيها- شمول الحكم) بالخيار و الرد (لصورة التصرّف).

و ذلك لان من المستبعد جدا ان الانسان لا يتصرف فى العبد المشترى ما يقارب السنة (لكن المشهور تقيد الحكم) بالردّ (بغيرها) اى

ص: 16

و نسب إليهم جواز الارش قبل التصرّف، و تعينه بعده، و الاخبار خالية عنه و كلاهما مشكل، الا ان الظن من كلمات بعض عدم الخلاف الصريح فيهما.

لكن كلام المفيد قدس سرّه مختص بالوطى، و الشيخ و ابن زهرة لم يذكرا التصرف و لا الارش

______________________________

بغير صورة التصرف (و نسب إليهم جواز الارش) او الرد (قبل التصرّف) فان لم يكن تصرف المشترى فى العبد، فظهر فيه احد العيوب السابقة كان له ان يرد او ان يأخذ الارش (و تعينه) اى الارش (بعده) اى بعد التصرف، لان التصرف يسقط الرد كما تقدم (و الاخبار خالية عنه) اى عن هذا التفصيل (و كلاهما) اى تقييد الاخبار بصورة عدم التصرف، و الحكم بالارش- قبل التصرف تخييرا، و بعد التصرف تعيينا- (مشكل).

اما الاشكال فى الاول فلما عرفت من انه بعيد.

و اما الاشكال فى الثانى: فلانه لم يذكر الارش فى الاخبار مطلقا فكيف يقال به- خصوصا بهذا التفصيل قبل التصرف و بعد التصرف- (الا ان الظن من كلمات بعض) الاعلام (عدم الخلاف الصريح فيهما) اى فى الحكمين، و هما تقييد الاخبار، و الحكم بالارش- على التفصيل المذكور-

(لكن كلام المفيد قدس سره مختص بالوطى) و انه اذا وطئ الامة ثم ظهر فيها احد العيوب الاربعة سقط حق الرد، و الظاهر من التخصيص بالوطء ان سائر التصرفات لا تسقط الرد (و الشيخ و ابن زهرة لم يذكرا) حكم (التصرف) و هل انه مسقط للرد، أم لا؟ (و لا الارش) فكيف يمكن ان

ص: 17

نعم ظاهر الحلّى: الاجماع على تساويها مع سائر العيوب من هذه الجهة، و ان هذه العيوب كسائر العيوب فى كونها مضمونة، الا ان الفارق ضمان هذه اذا حدثت فى السنة بعد القبض و انقضاء الخيار.

و لو ثبت ان اصل هذه الامراض تكمن قبل سنة من ظهورها، و ثبت ان اخذ الارش للعيب الموجود قبل العقد، او القبض مطابق للقاعدة.

______________________________

يدعى بعض الاعلام عدم الخلاف الصريح فى الحكمين.

(نعم ظاهر الحلّى: الاجماع على تساويها مع سائر العيوب من هذه الجهة) اى جهة اسقاط التصرف للخيار و الارش (و ان هذه العيوب) الاربعة (كسائر العيوب فى كونها مضمونة) على البائع ردا و ارشا (الا ان الفارق) بين هذه العيوب الاربعة و سائر العيوب (ضمان هذه) العيوب الاربعة (اذا حدثت فى السنة بعد القبض و انقضاء الخيار) اىّ خيار كان، بينما ضمان البائع لسائر العيوب انما هو فيما اذا حدثت قبل القبض او فى زمان خيار المشترى.

(و) الّذي يمكن ان يقال- من جهة الارش و عدمه-: انه (لو ثبت ان اصل هذه الامراض تكمن قبل سنة من ظهورها) حتى يكون العبد معيوبا عند البائع لان فيه مادة المرض (و ثبت ان اخذ الارش للعيب الموجود قبل العقد، او) قبل (القبض) او فى زمان خيار المشترى (مطابق للقاعدة) العامة، حيث ان البائع اعطى اقل من مقدار الثمن، فاللازم عليه ان يرجع فاضل الثمن، فلا يحتاج الارش الى دليل خاص فى كل مورد

ص: 18

ثبت الارش هنا بملاحظة التعيّب بمادة هذه الامراض الكامنة فى المبيع لا بهذه الامراض الظاهرة فيه، قال- فى المقنعة-: و يرد العبد و الامة من الجنون و الجذام و البرص ما بين ابتياعها و بين سنة واحدة، و لا يردان بعد سنة.

و ذلك ان اصل هذه الامراض يتقدم ظهورها بسنة و لا يتقدم بازيد، فان وطئ المبتاع الامة فى هذه السنة لم يجز له

______________________________

(ثبت الارش هنا) اى فى هذه العيوب الاربعة (بملاحظة التعيّب) فى العبد (بمادة هذه الامراض الكامنة فى المبيع) عند البائع (لا بهذه الامراض الظاهرة فيه) حتى يقال: ان ظهور المرض لم يكن عند البائع و لا بعد القبض فى زمان خيار المشترى، فلا ارش، بل يقال: ان المادة كانت موجودة عند البائع، و هى عيب، فللمشترى الارش.

و يشهد لتقدم مادة هذه الامراض ما ذكره المفيد، فانه رحمه الله (قال- فى المقنعة-: و يرد العبد و الامة من الجنون و الجذام و البرص) اذا حدثت (ما بين ابتياعها و بين سنة واحدة، و لا يردان) اى العبد و الامة اذا ظهرت (بعد سنة).

(و) انما يكون (ذلك) لاجل (ان اصل هذه الامراض يتقدم ظهورها بسنة) فالمادة موجودة قبل الظهور بسنة (و لا يتقدم بازيد) من سنة، فاذا ظهرت بعد سنة من البيع لم يكن خيار للمشترى، لان المادة تكونت فى ملك المشترى.

(فان وطئ المبتاع الامة فى هذه السنة) ثم ظهر العيب (لم يجز له

ص: 19

ردّها، و كان له قيمته ما بينها صحيحة و سقيمة، انتهى.

و ظاهره ان نفس هذه الامراض يتقدم بسنة.

و لذا اورد عليه فى السرائر ان هذا موجب لانعتاق المملوك على البائع، فلا يصح البيع.

و يمكن ان يريد به ما ذكرنا من إرادة موادّ هذه الامراض.

______________________________

ردّها) لان الوطء مانع عن الردّ (و كان له) اى للمشترى (قيمته) اى قيمة العيب (ما بينها صحيحة و سقيمة) اى بالنسبة (انتهى).

(و ظاهره ان نفس هذه الامراض يتقدم بسنة) لانه قال «اصل هذه الامراض».

(و لذا) الّذي ظاهر المقنعة ذلك (او رد عليه فى السرائر) ب (ان هذا) الكلام ان تمّ فهو (موجب لانعتاق المملوك على البائع) لان الجذام و ما اشبه يوجب عتق المملوك (فلا يصح البيع) اصلا.

(و يمكن ان يريد به) اى بقوله «اصل هذه الامراض» (ما ذكرنا من إرادة موادّ هذه الامراض) لا نفسها و هناك فرق بين المادة و بين نفس الشي ء.

ثم انه لو حدثت هذه الامراض عند المشترى و برئ العبد قبل رده، فهل له الرد، أم لا؟ احتمالان- كما تقدم شبه ذلك فى كل عيب يرتفع قبل اخذ المشترى بالخيار-.

ص: 20

خاتمة فى عيوب متفرقة،

قال فى التذكرة: ان الكفر ليس عيبا فى العبد و لا الجارية.

ثم استحسن قول بعض الشافعية بكونه عيبا فى الجارية اذا منع الاستمتاع، كالتمجس و التوثن، دون التهوّد و التنصّر.

و الاقوى كونه موجبا للردّ فى غير المجلوب و ان كان أصلا في المماليك الا ان الغالب فى غير المجلوب الاسلام، فهو نقص موجب لتنفر الطباع

______________________________

(خاتمة فى عيوب متفرقة، قال فى التذكرة: ان الكفر ليس عيبا فى العبد و لا الجارية) لانه ليس بنقص فى العين، و لا يوجب نقص القيمة- غالبا- اللهم الا اذا كان فى مكان يوجب نقص القيمة.

(ثم استحسن) العلامة (قول بعض الشافعية بكونه عيبا فى الجارية اذا) كان الكفر كفرا (منع) شرعا عن (الاستمتاع، كالتمجس) اذا قلنا بان المجوسى ليس من اهل الكتاب، و الا كان حاله حال اليهودى و النصرانى (و التوثن، دون التهوّد و التنصّر) لانه يجوز و طيهما، بل و نكاحهما دواما و انقطاعا.

(و الاقوى) التفصيل و (كونه) اى الكفر (موجبا للردّ فى غير المجلوب) من بلاد الكفر، بل ربّى فى بلاد الاسلام، لان مثله مسلم غالبا (و ان كان) الكفر (أصلا في المماليك) لان الكافر هو الّذي يسترق، دون المسلم (الا ان الغالب فى غير المجلوب الاسلام) فقدم الغالب على الاصل لما تقدم فى صورة تعارضهما كالبكارة و الثيبوبة فى الامة (فهو نقص موجب لتنفر الطباع

ص: 21

عنه خصوصا بملاحظة نجاستهم المانعة عن كثير من الاستخدامات.

نعم: الظاهر عدم الارش فيه، لعدم صدق العيب عليه عرفا و عدم كونه نقصا او زيادة فى اصل الخلقة.

و لو ظهرت الامة محرّمة على المشترى برضاع او نسب، فالظاهر عدم الردّ به، لانه لا يعد نقصا بالنوع و لا عبرة بخصوص المشترى.

و لو ظهر ممن ينعتق عليه، فكذلك كما فى التذكرة، معللا بانه ليس نقصا عند كل الناس، و عدم نقص ماليته عند

______________________________

عنه خصوصا بملاحظة نجاستهم المانعة عن كثير من الاستخدامات) المتوقفة على الطهارة، كالغسل و الطبخ و نحوهما.

(نعم: الظاهر عدم الارش فيه، لعدم صدق العيب عليه عرفا) حتى تكون قيمة المعيب اقل (و عدم كونه نقصا او زيادة فى اصل الخلقة) المستتبع لنقص القيمة، و الحاصل انه لا نقص فى قيمته فلا ارش له.

(و لو ظهرت الامة محرّمة على المشترى برضاع او نسب) او مصاهرة (فالظاهر عدم الردّ به، لانه لا يعد نقصا بالنوع).

و المعيار فى العيب النقص النوعى لا بالنسبة الى خصوص المشترى لاجل فوات غرض له، فانه ليس بعيب حتى يكون له حكم العيب (و لا عبرة بخصوص المشترى).

(و) كذا (لو ظهر) العبد (ممّن ينعتق عليه) كالعمودين (فكذلك) اى ان الظاهر عدم الردّ (كما فى التذكرة، معلّلا) عدم الرد (بانه ليس نقصا عند كل الناس) لا المشترى و لا غير المشترى (و عدم نقص ماليته عند

ص: 22

غيره.

و فى التذكرة: لو ظهر ان البائع باعه وكالة او ولاية او وصاية او امانة ففى ثبوت الردّ لخطر فساد النيابة احتمال.

اقول: الاقوى عدمه، و كذا لو اشترى ما عليه اثر الوقف.

نعم لو كان عليه أمارة قوية لم يبعد كونه موجبا للرد، لقلّة رغبة الناس فى تملك مثله، و تأثير

______________________________

غيره) اى غير المشترى و نقص ماليته عند المشترى لا يوجب الخيار.

(و) قال (فى التذكرة: لو ظهر ان البائع باعه) المتاع (وكالة او ولاية او وصاية او امانة) بان لم يكن المتاع ملكا له (ففى ثبوت) الخيار ب (الردّ لخطر فساد) البيع، لفساد (النيابة) بان يظهر بعد ذلك ان البائع كان فضولا، لا وكيلا و ما اشبه (احتمال) فقاعدة: لا ضرر، تقول ان البيع ليس بلازم، و منه يظهر انه لو تبين ان البائع كان فضولا كان للمشترى حق الفسخ.

(اقول: الاقوى عدمه) لاصالة الصحّة فى عمل المسلم، و احتمال الفساد مما لا يعتنى به العقلاء (و كذا) الاقوى انه لا خيار فيما (لو اشترى ما عليه اثر الوقف) لاصالة عدم الوقف.

(نعم لو كان عليه أمارة قوية) كما لو كان مكتوبا على الفراش، او الظرف انه وقف للحسين عليه السلام، او كانت البناية منذ عشرات السنوات تعامل معاملة الوقف، كالمدرسة و الحسينية و المسجد بدون دليل شرعى يقتضي انه وقف (لم يبعد كونه موجبا للرد، لقلّة رغبة الناس فى تملك مثله، و تأثير

ص: 23

ذلك فى نقصان قيمته عن قيمة اصل الشي ء- لو خلىّ و طبعه- اثرا بيّنا

و ذكر فى التذكرة: ان الصيام و الاحرام و الاعتداد ليست عيوبا.

اقول: اما عدم ايجابها الارش فلا اشكال فيه.

و اما عدم ايجابها الرد، ففيه اشكال اذا فات بها الانتفاع فى مدة طويلة، فانه لا ينقص عن ظهور المبيع مستأجرا.

و قال أيضا: اذا كان المملوك نمّاما او ساحرا او قاذفا للمحصنات او شاربا للخمر او مقامرا ففى كون هذه عيوبا اشكال، اقربه العدم.

______________________________

ذلك) اى تأثير قلة الرغبة (فى نقصان قيمته عن قيمة اصل الشي ء- لو خلّى و طبعه-) اى بدون وجود اثر الوقف عليه (اثرا بيّنا) و مثل ذلك عيب بلا اشكال.

(و ذكر) العلامة (فى التذكرة: ان الصيام و الاحرام و الاعتداد ليست عيوبا) اذا كان العبد المشترى متصفا بها.

(اقول: اما عدم ايجابها الارش فلا اشكال فيه) اذا لم يوجب نقصا فى القيمة، و الا فلا اشكال فى ان فيه الارش.

(و اما عدم ايجابها الرد، ففيه اشكال) بل اللازم ان نقول: ان له الرد أيضا (اذا فات بها) اى بهذه الاعمال (الانتفاع فى مدة طويلة فانه لا ينقص عن ظهور المبيع مستأجرا) فكما ان له الرد، كذلك هنا.

(و قال) العلامة (أيضا: اذا كان المملوك نمّاما او ساحرا او قاذفا للمحصنات او شاربا للخمر او مقامرا ففى كون هذه عيوبا اشكال، اقربه العدم).

ص: 24

و قال لو كان الرقيق رطب الكلام او غليظ الصوت او سيّئ الادب او ولد زنا او مغنيا او حجاما او اكولا او زهيدا، فلا ردّ و تردّ الدابة بالزهادة

و كون الامة عقيما لا يوجب الرد، لعدم القطع بتحققه فربما كان من الزوج او لعارض، انتهى.

و مراده: العارض الاتفاقى لا المرض العارضى، قال فى التذكرة فى آخر ذكر موجبات الردّ و الضابط ان الرد

______________________________

لكن الظاهر اختلاف الزمان و المكان فى امثال هذه الامور، فاذا كانت عيبا عند العرف فاللازم القول بالردّ و الارش.

(و قال) العلامة (لو كان الرقيق رطب الكلام) بمعنى كثرة قذفه البصاق عند التكلم، او انه يتكلم بكل ما اراد، فلا يجف لسانه عن التكلم (او غليظ الصوت او سيّئ الادب او ولد زنا) او زانيا او سارقا (او مغنيا او حجّا ما او اكولا او زهيدا) فى الاكل (فلا ردّ) اذا لم تكن هذه عيوبا عند العرف، و الا كان له الرد (و ترد الدابة بالزهادة) فى الاكل لانها تؤثر فى قوتها و عملها.

(و كون الامة عقيما لا يوجب الرد لعدم القطع بتحققه) منها (فربما كان من الزوج او لعارض) خارجى، لا لانها عقيمة، و هذا من باب الشك فى الموضوع لا الاشكال فى الحكم، و منه يظهر انه لو تبين عقمها قطعا كان له الردّ (انتهى).

(و مراده: العارض الاتفاقى) الّذي لا يوجب كونه عيبا (لا المرض العارضى) الّذي يوجب تعيبها.

و (قال فى التذكرة فى آخر ذكر موجبات الردّ و الضابط ان الرد

ص: 25

يثبت بكل ما فى المعقود عليه من منقص القيمة، او العين نقصا يفوت به غرض صحيح، بشرط ان يكون الغالب فى امثال المبيع عدمه، انتهى.

______________________________

يثبت بكل ما فى المعقود عليه من منقص القيمة، او) منقص (العين نقصا يفوت به غرض صحيح، بشرط ان يكون الغالب فى امثال المبيع عدمه) و الا فمجرّد فوت الغرض لا يوجب نقصا حتى يثبت الخيار (انتهى) كلام التذكرة.

<>

ص: 26

القول فى الارش
[الأرش لغة و اصطلاحا]
اشارة

و هو لغة- كما فى الصحاح، و عن المصباح- دية الجراحات.

و عن القاموس: انه الدية.

و يظهر من الاولين انه فى الاصل اسم للفساد.

و يطلق فى كلام الفقهاء على مال يؤخذ بد لا عن نقص مضمون فى مال او بدن، و لم يقدر له فى الشرع مقدر.

[كلام الشهيد في معنى الأرش]

و عن حواشى الشهيد قدس سره انه يطلق بالاشتراك

______________________________

(القول فى الارش) موضوعا و حكما (و هو لغة- كما فى الصحاح، و عن المصباح- دية الجراحات) سواء كانت مقدرة شرعا، او لا، بل بنظر الحاكم الشرعى.

(و عن القاموس: انه الدية) فيشمل دية قتل النفس.

(و يظهر من الاولين) و هما الصحاح و المصباح (انه فى الاصل) قبل تنوع استعماله فى معانى متعددة (اسم للفساد) ثم اطلق على ثمن الفساد، من باب علاقة السبب و المسبب.

(و يطلق) الارش (فى كلام الفقهاء على مال يؤخذ بد لا عن نقص مضمون فى مال او بدن) كارش نقص قيمة المبيع او نقص حاصل فى البدن من الجراحة (و) الحال انه (لم يقدر له فى الشرع مقدر) خاص، لانه اذا كان له مقدر خاص سمّى دية، فيقال دية القتل، و لا يقال ارش القتل و قوله «لم يقدر» صفة «مال».

(و عن حواشى الشهيد قدس سرّه انه) اى الارش (يطلق بالاشتراك

ص: 27

اللفظى على معان.

منها: ما نحن فيه.

و منها: نقص القيمة لجناية الانسان على عبد غيره فى غير المقدّر الشرعى.

و منها: ثمن التالف المقدر شرعا بالجناية، كقطع يد العبد.

______________________________

اللفظى على معان) متعددة.

(منها: ما نحن فيه) اى ارش عيب المبيع.

(و منها: نقص القيمة لجناية الانسان على عبد غيره) فانه بمقدار نقص العبد يلزم على الجانى اعطاء ثمن ذلك الى مالك العبد (فى غير المقدّر الشرعى) اما فى المقدر فيسمى دية لا ارشا- كما تقدم-.

(و منها: ثمن التالف المقدر شرعا بالجناية، كقطع يد العبد) فان قدره الشرعى نصف قيمة العبد، كما ان فى قطع يد الحرّ خمسمائة دينار، نصف الألف الّذي هو دية الحرّ.

و النسبة بين هذا المعنى و معنى نقص القيمة لجناية الانسان على عبد غيره عموم من وجه، لان ذاك النقص يلاحظ من جهة تفاوت النسبة بين العبد صاحب اليد، و العبد مقطوع اليد.

و هذا النقص يلاحظ بنسبة النصف- فى قطع اليد- الى قيمة العبد.

مثلا: اذا كان عبد صحيح يسوى مائة دينار، فالمقطوع يده، ربما يسوى خمسين، و ربما ستين، و ربما اربعين- على ان الارش بمعنى

ص: 28

و منها: اكثر الامرين من المقدر الشرعى و الارش، و هو ما تلف بجناية الغاصب، انتهى.

و فى جعل ذلك من الاشتراك اللفظى اشارة الى ان هذا اللفظ قد اصطلح فى خصوص كل من هذه المعانى عند الفقهاء بملاحظة مناسبتها للمعنى اللغوى.

______________________________

نقص القيمة لجناية الانسان على عبد غيره- بينما ارش اليد هو خمسون- على معنى ثمن التالف المقدر شرعا-.

فاذا قطعت اليد فقد يكون الارش بالمعنى الاول اكثر، لان قيمة العبد صار اربعين و قد يكون الارش بالمعنى الثانى اكثر لان قيمة العبد صار ستين، و قد يتساويان، لان قيمة العبد صار خمسين.

(و منها: اكثر الامرين من المقدر الشرعى و الارش و هو ما تلف بجناية الغاصب)

و المقدر الشرعى هو الثالث، و الارش هو الثانى و انما كان اكثر الامرين، لان الغاصب يؤخذ باشق الاحوال- على ما ذكروا- (انتهى) كلام الشهيد.

(و فى جعل) الشهيد رحمه الله (ذلك) الاستعمال للارش فى المعانى الثلاثة (من الاشتراك اللفظى) و الحال انه ليس فى اللغة كذلك (اشارة الى ان هذا اللفظ قد اصطلح فى خصوص كل من هذه المعانى عند الفقهاء).

فاللفظ او لا يستعمل فى هذه المعانى بالاصطلاح لا باللغة، و ثانيا انما اصطلح فى هذه المعانى (بملاحظة مناسبتها للمعنى اللغوى) لان

ص: 29

مع قطع النظر عن ملاحظة العلاقة بين كل منها و بين الآخر، فلا يكون مشتركا معنويا بينهما، و لا حقيقة و مجازا، فهى كلها منقولات عن المعنى اللغوى، بعلاقة الاطلاق و التقييد.

و ما ذكرناه فى تعريف الارش فهو كلّى انتزاعى عن تلك المعانى كما يظهر بالتأمل.

______________________________

كل ارش اصطلاحى هو قسم من المال المعطى لاجل نقص فى الجسم او المال، و ثالثا انما كان اشتراكا لفظيا لان الاصطلاح يكون (مع قطع النظر عن ملاحظة العلاقة بين كل منها) اى من هذه المعانى الثلاثة (و بين الآخر، فلا يكون مشتركا معنويا بينهما) اى بين المعانى و الآخر

و المشترك المعنوى هو ان يكون اللفظ قد وضع لمعنى، و ذلك المعنى يستعمل فى مصاديق ثلاثة، مثل اشتراك الانسان بين الزنجى و الرومى و الآسيوى مثلا، فانه لم يوضع لهذا مرة و لذاك مرة، بل وضع لمعنى جامع بين الثلاثة (و لا) يكون (حقيقة و مجازا) بان يكون استعماله فى احدها من باب الحقيقة و فى الآخر من باب المجاز (فهى) اى المعانى الثلاثة للارش التى ذكرها الشهيد (كلها منقولات عن المعنى اللغوى، بعلاقة الاطلاق و التقييد) فان المعنى اللغوى مطلق شامل للكل و انتقل اللفظ الى كل مقيد مقيد، لان المقيد قسم من المطلق.

(و ما ذكرناه) من قولنا «و يطلق فى كلام الفقهاء» (فى تعريف الارش فهو كلى انتزاعى عن تلك المعانى) الثلاثة، لان الجامع بين المعانى الثلاثة هو ما ذكرناه (كما يظهر بالتأمل).

ص: 30

و كيف كان فقد ظهر من تعريف الارش انه لا يثبت الا مع ضمان النقص المذكور.

ثم ان ضمان النقص تابع فى الكيفية لضمان المنقوص

و هو الاصل، فان كان مضمونا بقيمته كالمغصوب و المستام و شبههما- و يسمى ضمان

______________________________

(و كيف كان) الامر (فقد ظهر من تعريف الارش) حيث قلنا انه بدل عن نقص مضمون (انه لا يثبت الا مع ضمان النقص المذكور) لانه اذا لم يكن ضمان لم يكن ارش، و كانه اراد بهذا الكلام ان كلام الشهيد الخالى من الضمان ليس على ما ينبغى.

(ثم ان ضمان النقص) على قسمين.

الاول ضمان القيمة، كما اذا تلف مال الغير فانه يضمن قيمته.

الثانى ضمان العوض- سواء كان اقل من القيمة او اكثر او مساويا- كما اذا باعه شيئا بعشرة، و كان فيه نقص خمس العين، فانه يضمن اثنين سواء كانت قيمته الواقعية خمسة، او خمسة عشر، او عشرة.

و عليه فضمان النقص (تابع فى الكيفية) اى كيفية الضمان (لضمان المنقوص) اى كيف كان ضامنا للمنقوص فهل كان ضامنا لقيمته او ضامنا لعوضه، اذ النقص جزء من الاصل.

فكيفما يكون ضمان الاصل يكون ضمان النقص (و هو) اى المنقوص هو (الاصل، فان كان) الاصل (مضمونا بقيمته كالمغصوب و المستام) و هى البضاعة التى فى سوم البيع، قبل ان يجرى عليها العقد (و شبههما) كما اذا جنى على عبد الغير، او كسر إناء الغير (و يسمى) ضمانه (ضمان

ص: 31

اليد- كان النقص مضمونا بما يخصه من القيمة اذا وزعت على الكل، و ان كان مضمونا بعوض بمعنى ان فواته يوجب عدم تملك عوضه المسمى فى المعاوضة و يسمى ضمانه ضمان المعاوضة كان النقص مضمونا بما يخصه من العوض اذا وزع على مجموع الناقص و المنقوص، لا نفس قيمة العيب.

______________________________

اليد) لان دليله قوله عليه السلام «على اليد ما اخذت حتى تؤدى» (كان النقص مضمونا بما يخصه من القيمة) الواقعية (اذا وزعت) القيمة (على الكل)

فمثلا: اذا كانت قيمة الكتاب عشرة و كان النقص الوارد عليه يساوى الخمس، فانه يلزم ان يدفع اثنين، اذ العشرة اذا وزعت على كل الكتاب كان نصيب هذا الجزء المنقوص اثنين (و ان كان) الشي ء (مضمونا بعوض بمعنى ان فواته) على يد الضامن (يوجب عدم تملك عوضه المسمى) اى الّذي سمى (فى المعاوضة).

فمثلا: اذا سمى فى المعاوضة ان الكتاب بخمسة، ففواته فى يد البائع يوجب عدم تملك البائع الخمسة التى هى العوض المسمى للكتاب (و يسمى ضمانه ضمان المعاوضة) لانه ضمان لعوض مذكور، لا بقيمته الواقعية (كان النقص مضمونا بما يخصه من العوض) فاذا سلّم البائع الكتاب- فى المثال- و قد نقص خمسه، ضمن درهما واحدا، لانه خمس العوض المسمى (اذا وزع) ذلك العوض (على مجموع الناقص و المنقوص) منه فان الخمسة اذا وزّعت على كل الكتاب، كان درهم واحد فى مقابل القدر الناقص منه لان الناقص الخمس و كانت أربعة دراهم فى مقابل القدر الباقى و هو المنقوص منه (لا) ب (نفس قيمة العيب) عطف على

ص: 32

لان الجزء تابع للكل فى الضمان.

و لذا عرف جماعة الارش فى عيب المثمن- فيما نحن فيه- بانه جزء من الثمن، نسبته إليه كنسبة التفاوت بين الصحيح و المعيب الى الصحيح.

______________________________

«بما يخصه».

فاذا فرضنا ان قيمة الكتاب فى السوق عشرة، و كان الناقص خمسة، لم يضمن البائع الّذي تلف فى يده خمس الكتاب اثنين، بل واحدا فقط- كما ذكرنا- (لان الجزء) الناقص (تابع للكل فى الضمان) الّذي فرض ان قيمته المعاوضية خمسة.

(و لذا) الّذي ذكرنا من ان الضمان هنا ضمان العوض لا ضمان القيمة (عرف جماعة الارش فى عيب المثمن- فيما نحن فيه- بانه) اى الارش (جزء من الثمن، نسبته إليه) اى الى الثمن (كنسبة التفاوت بين الصحيح و المعيب الى الصحيح) فالصحيح عشرة، و المعيب ثمانية، و التفاوت الخمس.

فاذا اشتريناه بخمسة، لزم على البائع ان يردّ إلينا واحدا، فان الواحد جزء من الثمن و هى الخمسة، فنسبة الواحد الى الخمسة كنسبة التفاوت و هو الخمس بين الصحيح الّذي هو عشرة و المعيب الّذي هو ثمانية الى الصحيح الّذي هو العشرة اى التفاوت بين الصحيح و المعيب اثنان، فنسبته الى الصحيح و هى العشرة: الخمس، و بهذا القدر اى الخمس نأخذ من الثمن المسمّى الّذي هو الخمسة.

ص: 33

و ذلك لان ضمان تمام المبيع الصحيح على البائع ضمان المعاوضة، بمعنى ان البائع ضامن لتسليم المبيع تامّا الى المشترى، فاذا فاته تسليم بعضه ضمنه بمقدار ما يخصّه من الثمن، لا بقيمته.

نعم ظاهر كلام جماعة من القدماء كاكثر النصوص يوهم إرادة قيمة العيب كلها، الا انها محمولة على الغالب من مساواة الثمن للقيمة السوقية للمبيع بقرينة ما فيها من ان البائع يردّ على المشترى، و ظاهره

______________________________

(و ذلك) اى اخذ النسبة الّذي هو الواحد لا التفاوت الواقعى الّذي هو اثنان فى المثال (لان ضمان تمام المبيع الصحيح على البائع ضمان المعاوضة) اى ان البائع ضمن ان يعطى المبيع الّذي عوّض بخمسة (بمعنى ان البائع ضامن لتسليم المبيع تامّا الى المشترى، فاذا فاته) اى البائع (تسليم بعضه) اى خمس المبيع (ضمنه) اى الخمس (بمقدار ما يخصّه من الثمن) الّذي هو خمس الثمن،- و هو دينار واحد- (لا بقيمته) اى قيمة الفائت السوقية، التى هى ديناران.

(نعم ظاهر كلام جماعة من القدماء كاكثر النصوص يوهم إرادة قيمة العيب) السوقية (كلها) فالخمس الّذي يجب اعطائه- فى المثال- هو ديناران (الّا انها) اى كلمات الفقهاء و الروايات (محمولة على الغالب من مساواة الثمن للقيمة السوقية للمبيع) فالغالب ان الانسان يشترى الشي ء بقيمته السوقية لا باكثر و لا باقل.

و انما نقول انها محمولة على الغالب (بقرينة ما فيها) اى ما فى الكلمات و الروايات (من ان البائع يردّ على المشترى، و ظاهره) اى

ص: 34

كون المردود شيئا من الثمن الظاهر فى عدم زيادته عليه، بل فى نقصانه

فلو كان اللازم هو نفس التفاوت لزاد على الثمن فى بعض الاوقات كما اذا اشترى جارية بدينارين و كان معيبها تسوى مائة و صحيحها تسوى ازيد فيلزم استحقاق مائة دينار فاذا لم يكن مثل هذا الفرد داخلا بقرينة عدم صدق الرد، و الاسترجاع، تعين كون هذا التعبير لاجل غلبة عدم استيعاب التفاوت للثمن.

______________________________

ظاهر «يرد» (كون المردود شيئا من الثمن الظاهر) صفة «شيئا» (فى عدم زيادته) اى عدم زيادة المردود (عليه) اى على الثمن (بل) الظاهر (فى نقصانه) اى نقصان المردود عن الثمن.

(فلو كان اللازم) فى المردود (هو نفس التفاوت) بين الصحيح و المعيب (لزاد) المردود (على) تمام (الثمن فى بعض الاوقات) و هذا خلاف ظاهر قولهم: يرد بعض الثمن (كما اذا اشترى جارية بدينارين و كان معيبها تسوى مائة و صحيحها تسوى ازيد) كمائة و خمسين (فيلزم استحقاق) المشترى (مائة دينار) و من المعلوم ان المائة ليست جزءا من الثمن، فلا يراد بالارش المائة، بل نسبة التفاوت، فاذا استغرق العيب ثلثي الجارية يلزم ان يرد البائع ثلثي الدينارين الى المشترى (فاذا لم يكن مثل هذا الفرد داخلا) فى كلماتهم و فى الروايات- الدالة على رد الجزء- (بقرينة عدم صدق الرد، و) عدم صدق (الاسترجاع، تعين كون هذا التعبير) اى قولهم: ردّ قيمة العيب (لاجل غلبة عدم استيعاب التفاوت للثمن) كله.

ص: 35

فاذا بنى الامر على ملاحظة الغلبة فمقتضاها الاختصاص بما هو الغالب من اشتراء الاشياء من اهلها فى اسواقها بقيمتها المتعارفة.

و قد توهم بعض من لا تحصيل له ان العيب اذا كان فى الثمن كان ارشه تمام التفاوت بين الصحيح و المعيب.

______________________________

(فاذا بنى الامر) فى قولهم: يردّ التفاوت (على ملاحظة الغلبة) اى اذا كانت كلماتهم منصّبة على الغالب (فمقتضاها) اى مقتضى ملاحظة الغلبة (الاختصاص) اى اختصاص كلامهم (بما هو الغالب من اشتراء الاشياء من اهلها فى اسواقها بقيمتها المتعارفة).

و الحاصل ان خروج الفرد- الا زيد قيمة- دليل على ارادتهم الغلبة، و الغلبة لتساوى القيمة، فليس كلامهم منافيا لكلامنا من ملاحظة النسبة.

ثم انه قد تقدم بعض الروايات فى باب الارش فى مسألة سقوط الرد لخيار العيب بسبب التصرف، فراجعها لترى صدق كلام المصنف.

(و قد توهم بعض من لا تحصيل له ان العيب اذا كان فى الثمن كان ارشه تمام التفاوت بين الصحيح و المعيب) بعد تسليمه ان العيب اذا كان فى المثمن كان ارشه بالنسبة- كما ذكره المشهور-.

فعلى قوله مثلا اذا اشترينا من البقال حقة من الحنطة بحقة من الارز، و كانت قيمة الحنطة بالنقد دينارا، و قيمة الارز: صحيحها عشرة و معيبها ثمانية، لزم ان نعطى للبقال دينارين و هو القدر الناقص من الارز فيجتمع عند البقال الثمن و المثمن و شي ء زائد.

ص: 36

و منشأه ما يتراءى فى الغالب من وقوع الثمن فى الغالب نقدا غالبا مساويا لقيمة المبيع، فاذا ظهر معيبا وجب تصحيحه ببذل تمام التفاوت و الّا فلو فرض انه اشترى عبدا بجارية تسوى معيبها اضعاف قيمته فانه لا يجب بذل نفس التفاوت بين صحيحها و معيبها قطعا.

______________________________

- فالثمن دينار و هى قيمة الحنطة، و المثمن ثمانية دنانير و هى قيمة الارز، و الشي ء الزائد دينار اضافى- و كان هذا الشخص الّذي لا تحصيل له ظن ان كلام المشهور فى معيب المثمن، فلا يجرى فى معيب الثمن.

(و منشأه) اى منشأ توهمه هو (ما يتراءى فى الغالب من وقوع الثمن فى الغالب نقدا غالبا مساويا لقيمة المبيع) السوقية (فاذا ظهر) الثمن (معيبا وجب تصحيحه ببذل تمام التفاوت) مثل ان يشترى حنطة بدينار معيب، و التفاوت بين الدينار الصحيح و الدينار المعيب ربع دينار، فاللازم اعطاء المشترى للبائع ربع دينار (و الا) يكن الثمن من النقد المساوى للقيمة، فالمحذور الّذي ذكرناه فى المثمن آت فى الثمن أيضا (فلو فرض انه اشترى عبدا) مثمنا (بجارية) ثمنا (تسوى معيبها اضعاف قيمته) اى قيمه العبد، بان كان العبد بمائة و الجارية صحيحها بالف و معيبها بخمسمائة (فانه لا يجب بذل نفس التفاوت بين صحيحها و معيبها قطعا) حتى يجب اعطاء المشترى للبائع خمسمائة دينار، بل اللازم اعطاء المشترى للبائع خمسين دينارا هو نسبة التفاوت بين صحيح الجارية و معيبها.

ص: 37

و كيف كان فالظاهر انه لا اشكال و لا خلاف فى ذلك و ان كان المترائى من الاخبار خلافه، الا ان التأمل فيها قاض بخلافه.

نعم يشكل الامر فى المقام من جهة اخرى، و هى: ان مقتضى ضمان وصف

______________________________

اذا العبد لمّا سوّى بمائة كانت قيمة الجارية- القيمة فى المعاملة- صحيحها بمائة و معيبها بخمسين، لانها كانت عدلا للعبد فى القيمة- حسب بناء المتعاملين-.

(و كيف كان فالظاهر انه لا اشكال و لا خلاف فى ذلك) الّذي ذكرناه من ملاحظة النسبة، سواء فى المثمن او الثمن (و ان كان المترائى) فى بادى الامر (من الاخبار خلافه) و ان اللازم ملاحظة نفس التفاوت (الا ان التأمل فيها) اى فى الاخبار (قاض بخلافه) اى بخلاف المترائى.

(نعم يشكل الامر) اى امر كون الارش انما هو بملاحظة النسبة، لا بملاحظة القيمة الواقعية انه ان تم ذلك لزم ان لا يكون ارش لفوات وصف الصحة، اذ وصف الصحة لم يقابل بالمال، فكيف يأخذ المشترى بدل وصف الصحة الفائتة من الثمن.

و هذا الاشكال لا يرد لو قلنا: بان الارش بملاحظة القيمة، و لا يرد ان قلنا: بانه ضامن للقيمة السوقية لان البائع فوت بعض المبيع فيلزمه اعطاء بدله السوقى فحاله حال ما اذا فوت الغاصب وصف الصحة، حيث ان الغاصب يعطى مقدار قيمته السوقية.

ف (فى المقام) يشكل الامر (من جهة اخرى و هى ان مقتضى ضمان وصف

ص: 38

الصحة بمقدار ما يخصه من الثمن لا بقيمته، انفساخ العقد فى ذلك المقدار، لعدم مقابل له حين العقد، كما هو شأن الجزء المفقود من المبيع، مع انه لم يقل به احد.

و يلزم من ذلك أيضا تعيّن اخذ الارش من الثمن مع ان ظاهر جماعة عدم تعينه منه، معلّلا بانه غرامة.

______________________________

الصحة بمقدار ما يخصه من الثمن) اى بالنسبة (لا بقيمته) اى لا بقيمة وصف الصحة السوقية (انفساخ العقد فى ذلك المقدار، لعدم مقابل له) اى للثمن (حين العقد، كما هو) اى الانفساخ (شأن الجزء المفقود من المبيع).

فاذا باعه حقة من الحنطة الخارجية، ثم تبين انها نصف حقة، بطل البيع فى النصف المفقود (مع انه لم يقل به احد) بان فقد وصف الصحة يوجب انفساخ العقد بقدر الوصف، بل يكون للمشترى الخيار لانه لم يبطل العقد بمقدار وصف الصحة.

(و يلزم من ذلك) اى من ضمان وصف الصحة بمقدار ما يخصه من الثمن (أيضا تعيّن اخذ الارش من الثمن) لا من مال خارجى.

و انما يلزم ذلك، لان وصف الصحة اذا كان فى مقابل جزء من الثمن ففى فواته يلزم ان يفوت- فى مقابله- ذلك الجزء من الثمن (مع ان ظاهر جماعة) من الفقهاء (عدم تعينه) اى عدم تعين كون الارش (منه) اى من نفس الثمن (معللا) اى علّلوا أولئك الجماعة (بانه) اى الارش (غرامة) شرعية و عرفية، و الغرامة لا تتعين فى شي ء خاص.

ص: 39

و توضيحه ان الارش لتتميم المعيب حتى يصير مقابلا للثمن لا لتنقيص الثمن حتى يصير مقابلا للمعيب، و لذا سمى ارشا كسائر الا روش المتداركة للنقائص، فضمان العيب على هذا الوجه خارج عن الضمانين المذكورين

______________________________

(و توضيحه) اى توضيح رفع الاشكالين و هما ما اشار إليهما بقوله «ان مقتضى ضمان» و «يلزم من ذلك» (ان الارش لتتميم المعيب حتى يصير مقابلا للثمن) فالبائع اعطى شاة معيبة تسوى بتسعين، و اعطى عشرة، فى مقابل ما اخذه من المشترى من مائة درهم (لا) ان الارش (لتنقيص الثمن حتى يصير مقابلا للمعيب) فليس للبائع ان يرد من المائة عشرة الى المشترى لتكون الشاة المعيبة فى مقابل تسعين (و لذا) الّذي ان الارش متمم للمعيب (سمى ارشا كسائر الا روش) فى الابدان و الاموال (المتداركة)- باسم الفاعل- (للنقائص) فان الانسان اذا خدش وجه انسان- مثلا- فاعطاه ارش الخدشة، كان ذلك الارش لتتميم الانسان اذا اورد عليه العيب، و بناء على كون الارش تتميما للمعيب يرتفع الاشكالان فلا انفساخ للعقد بقدر وصف الصحة اذ ليس الارش استرجاعا لبعض الثمن و لا يلزم تعين اخذ الارش من الثمن لانه ليس من الثمن، بل تدارك من البائع بدل وصف الصحة الفائتة (فضمان العيب على هذا الوجه) اى وجه انه تتميم للمعيب (خارج عن الضمانين المذكورين) اى ضمان المعاوضة و ضمان القيمة، فليس مثل ان يظهر بعض المبيع مستحقا للغير- مثلا- حيث انه يكون من تبعض الصفقة، و البائع يرد من نفس الثمن بالنسبة و لا مثل ان يحدث الانسان فى اناء الغير عيبا، حيث انه يضمن قيمة ذلك

ص: 40

لان ضمان المعاوضة يقتضي انفساخ المعاوضة بالنسبة الى الفائت المضمون و مقابله، اذ لا معنى له غير ضمان الشي ء و اجزائه بعوضه المسمّى و اجزائه.

و الضمان الآخر يقتضي ضمان الشي ء بقيمته الواقعية فلا اوثق

______________________________

الشي ء- بقدر ما عيبه- قيمة سوقية.

و انما كان ما نحن فيه- من الارش- خارجا عن الضمانين (لان ضمان المعاوضة يقتضي انفساخ المعاوضة بالنسبة الى) القدر (الفائت المضمون) على البائع (و مقابله) من الثمن الّذي يكون على المشترى.

فاذا اشترى شاتين بمائتين، ثم ظهرت إحداهما للغير، انفسخ البيع بالنسبة الى شاة منهما و الى المائة التى هى فى مقابل تلك الشاة.

و انما نقول بالانفساخ (اذ لا معنى له) اى لضمان المعاوضة (غير ضمان الشي ء) كلّا (و اجزائه) جزءا جزءا (بعوضه المسمّى و اجزائه) اى اجزاء العوض.

فكلا الشاتين فى مقابل كلا المائتين، و كل شاة- و هو جزء جزء- فى مقابل مائة مائة.

(و الضمان الآخر) اى ضمان القيمة (يقتضي ضمان الشي ء بقيمته الواقعية) و حيث ان الارش الفائت ليس فى مقابل جزء من نفس الثمن بل يصح اعطائه من مال آخر و لا يكون بالقيمة الواقعية بل بالقيمة المعاوضية، كان اللازم ان نقول بان الارش قسم ثالث من الضمان (فلا اوثق

ص: 41

من ان يقال: ان مقتضى المعاوضة- عرفا- هو عدم مقابلة وصف الصحة بشي ء من الثمن، لانه امر معنوى كسائر الاوصاف.

و لذا لو قابل المعيب بما هو انقص منه قدرا

______________________________

من ان يقال) فى تقريب لزوم الارش مقابل انتفاء وصف الصحة: ان البائع حيث تعهد ان يكون متاعه صحيحا كان للمشترى ان يطالبه بالوفاء بتعهده

اما بان يسلمه وصف الصحة- مع المبيع-.

و اما ان يسلّم الى المشترى قدرا من المال- غرامة- بسبب عدم وصف الصحة لنقصان قيمة المبيع بقدر ذلك المال.

توضيح ذلك (ان مقتضى المعاوضة- عرفا- هو عدم مقابلة وصف الصحة بشي ء من الثمن، لانه) اى لان وصف الصحة (امر معنوى كسائر الاوصاف) الموجبة لارتفاع قيمة الشي ء، مثل وصف الكمال و مثل ان يكون العبد كاتبا، فان الكتابة لا تقابل بالمال حتى يكون اصل العبد بتسعين و كتابته بعشرة- مثلا-.

و من المعلوم: ان الامور المادية تقابل بالمال لا الامور المعنوية- نعم الامور المعنوية توجب زيادة قيمة العين- فالثمن بإزاء العين و لكن يرتفع اذا كان فى العين وصف كمال.

(و لذا) الّذي ليس فى مقابل وصف الصحة شي ء من المال (لو قابل المعيب بما هو انقص منه قدرا) فى الاجناس الربوية.

مثلا: اعطى نصف مثقال من الذهب الخالص بمثقال من الذهب المعيب، باعتباران وصف الصحة الفائتة فى المعيب يوجب نقص قدر

ص: 42

حصل الربا من جهة صدق الزيادة، و عدم عدّ العيب نقصا يتدارك بشي ء من مقابله، الا ان الدليل من النص و الاجماع دلّ على ضمان هذا الوصف من بين الاوصاف، و كونه فى عهدة البائع بمعنى وجوب تداركه بمقدار من الثمن يضاف الى ما يقابل باصل المبيع لاجل اتصافه بوصف الصحة فان هذا الوصف

______________________________

الخالص (حصل الربا من جهة صدق الزيادة) فى طرف المعيب (و) من جهة (عدم عدّ العيب نقصا يتدارك بشي ء من مقابله) و لو كان وصف الصحة يقابل بالمال، لم يلزم الربا، لانه نصف المثقال المعيب فى مقابل نصف المثقال الخالص و النصف الآخر من المعيب فى مقابل وصف الصحة (الا ان الدليل من النص و الاجماع دلّ على ضمان هذا الوصف من بين الاوصاف) فالبائع ضامن لوصف الصحة بينما لا يضمن وصف الكمال، فاذا لم يكن العبد كاتبا- فى حال اشتراط الكتابة- ليس للمشترى الارش، بل له اما القبول بكل الثمن و اما الرد (و) على (كونه) اى كون وصف الصحة (فى عهدة البائع بمعنى وجوب تداركه) اذا كان مفقودا (بمقدار من الثمن يضاف) ذلك المقدار (الى ما يقابل باصل المبيع لاجل اتصافه) اى اتصاف المبيع (بوصف الصحة) فان اتصاف المبيع بوصف الصحة اوجب ان يضيف المشترى على الثمن المقابل لذات العين- فذات العين ثمنها تسعون، و اضاف المشترى الى التسعين عشرة لاجل اتصاف المبيع بوصف الصحة- فالعشرة ليست فى مقابل الوصف و انما هى فى مقابل العين و لكن زاد المشترى العشرة لاجل هذا الوصف (فان هذا الوصف) اى

ص: 43

كسائر الاوصاف و ان لم يقابله شي ء من الثمن، لكن له مدخل فى وجود مقدار من الثمن، و عدمه، فاذا تعهده البائع كان للمشترى مطالبته بخروجه عن عهدته باداء ما كان يلاحظ من الثمن لاجله، و للمشترى أيضا اسقاط هذا الالتزام عنه.

[هل الضمان بعين بعض الثمن أو بمقداره]

نعم يبقى الكلام فى كون هذا الضمان المخالف للاصل بعين بعض

______________________________

وصف الصحة (كسائر الاوصاف) مثل وصف الكمال (و ان لم يقابله شي ء من الثمن، لكن له) اى لوصف الصحة (مدخل فى وجود مقدار من الثمن) ان كان وصف الصحة موجودا (و عدمه) اى عدم وجود مقدار من الثمن ان كان وصف الصحة معدوما (فاذا تعهده البائع) اى تعهد وصف الصحة (كان للمشترى مطالبته) اى مطالبة البائع (بخروجه) اى بان يخرج البائع (عن عهدته) اى عهدة هذا الوصف، و الخروج انما هو (باداء) البائع (ما كان) قد قدر من المال (يلاحظ من الثمن لاجله) اى لاجل هذا الوصف فيقول المشترى للبائع انى اعطيتك عشرة زائدة لاجل وصف الصحة فاذا فقد فعليك ان ترد عليّ العشرة (و للمشترى أيضا اسقاط هذا الالتزام) اى التزام البائع بوصف الصحة (عنه) اى عن البائع، فلا يطالبه بشي ء.

و الى هنا تم ان المال ليس بإزاء الوصف حتى يوجب عدم الوصف الفسخ، فهذا تمام الجواب عن الاشكال الاول.

ثم شرع فى جواب الاشكال الثانى بقوله: (نعم يبقى الكلام فى كون هذا الضمان المخالف للاصل بعين بعض

ص: 44

الثمن كما هو ظاهر تعريف الارش فى كلام الاكثر بانه جزء من الثمن، او بمقداره، كما هو مختار العلامة فى صريح التذكرة، و ظاهر غيرها و الشهيدين فى كتبهما وجهان تردد بينهما فى جامع المقاصد، و أقواهما الثانى لاصالة عدم تسلط المشترى على شي ء من الثمن، و براءة ذمة البائع من وجوب دفعه لان المتيقن من مخالفة الاصل ضمان البائع لتدارك الفائت

______________________________

الثمن) فان المشترى انما اعطى بعض الثمن لاجل وصف الصحة فاذا انتفى وصف الصحة، فله استرجاعه، فلما ذا يقول جملة من الفقهاء بان الارش لا يلزم ان يكون عين الثمن، بل اللازم ان يكون الارش (كما هو ظاهر تعريف الارش فى كلام الاكثر بانه جزء من الثمن، او بمقداره) «او» عطف على «بعين» اى هل يلزم ان يكون الارش بعض نفس الثمن، او لا بل يكفى ان يكون بمقداره (كما هو مختار العلامة فى صريح التذكرة، و ظاهر غيرها) اى غير التذكرة من كتب العلامة (و) ظاهر (الشهيدين فى كتبهما وجهان) «وجهان» متعلق بقوله «بعين» «او بمقداره» (تردد بينهما فى جامع المقاصد، و أقواهما الثانى) و هو انه بمقداره، لا بعينه (لاصالة عدم تسلط المشترى على شي ء من الثمن) لانه خرج عن ملكه بالعقد، فتسلطه عليه بعد العقد يحتاج الى دليل (و) اصالة (براءة ذمة البائع من وجوب دفعه) فان القدر المتيقن لزوم دفع القدر المشترك اما خصوص عين الثمن فالاصل براءة ذمته منه (لان المتيقن من مخالفة الاصل) و هو اصل عدم ضمان البائع اصلا (ضمان البائع لتدارك الفائت) و هو وصف الصحة

ص: 45

الّذي التزم وجوده فى المبيع بمقدار وقع الاقدام من المتعاقدين على زيادته على الثمن، لداعى وجود هذه الصفة، لا فى مقابلها.

مضافا الى اطلاق قوله عليه السلام فى روايتى حمّاد و عبد الملك انه له ارش العيب و لا دليل على وجوب كون التدارك بجزء من عين الثمن، عدا ما يتراءى من ظاهر التعبير فى روايات الارش عن تدارك العيب برد التفاوت الى المشترى الظاهر فى كون المردود شيئا كان عنده أو لا و هو بعض الثمن

______________________________

(الّذي التزم وجوده) اى وجود ذلك الفائت (فى المبيع بمقدار) متعلق ب «تدارك» (وقع الاقدام من المتعاقدين على زيادته) اى زيادة ذلك المقدار (على الثمن) فان المتبايعين جعلا تسعين فى مقابل ذات الشاة و جعلا عشرة فى مقابل الشاة أيضا، و لكن هذه العشرة انما جعلت فى مقابل الشاة (لداعى وجود هذه الصفة) و هى صفة الصحة فى الشاة (لا فى مقابلها) اى لم تجعل الزيادة و هى العشرة فى مقابل الصفة و هى وصف الصحة و إلا لزم الربا- على التقريب الّذي ذكرناه-.

(مضافا الى اطلاق قوله عليه السلام فى روايتى حمّاد و عبد الملك انه له ارش العيب) فانه شامل لكونه من نفس الثمن او من غيره (و لا دليل على وجوب كون التدارك بجزء من عين الثمن، عدا ما يتراءى) فى بادى الرأى (من ظاهر التعبير فى روايات الارش عن تدارك العيب بردّ التفاوت الى المشترى) «برد» متعلق ب «التعبير» (الظاهر) صفة «الرد» (فى كون المردود شيئا كان عنده) اى عند المشترى (أولا، و هو بعض الثمن) و الا لم يسم ردّا

ص: 46

لكن التأمل التام يقضى بان هذا التعبير وقع بملاحظة ان الغالب وصول الثمن الى البائع، و كونه من النقدين، فالرد باعتبار النوع لا الشخص.

و من ذلك ظهر ان قوله عليه السلام فى رواية ابن سنان: و يوضع عنه من ثمنها بقدر العيب ان كان فيها محمول على الغالب من كون الثمن كليا فى ذمة المشترى، فاذا اشتغلت ذمة البائع

______________________________

(لكن التأمل التام يقضى ب) عدم الظهور المذكور، و (ان هذا التعبير) بالرد (وقع بملاحظة ان الغالب وصول الثمن الى البائع) فى مقابل ما اذا لم يصل الثمن إليه، لانه طلبه منه سابقا، او كانت المعاملة نسيئة- فانه أيضا ليس بحقيقة الردّ- (و كونه من النقدين، فالرد باعتبار النوع) فانه اذا اخذ دينارا، و ان لم يكن نفس دينار الثمن، قيل عرفا انه استرد ديناره- باعتبار استرداد نوع ما اعطاه- (لا الشخص) و كذا قال بعض فى قوله تعالى: إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا، ان اللازم ردّ المثل و ان لم يكن عينا.

(و من ذلك) الّذي ذكرنا من ان الرد باعتبار النوع لا الشخص (ظهر ان قوله عليه السلام فى رواية ابن سنان: و يوضع عنه من ثمنها بقدر العيب ان كان فيها) عيب (محمول على الغالب من كون الثمن كليا فى ذمة المشترى).

فمعنى الوضع عدم الاعطاء، لا انه بملاحظة لزوم نفس الثمن، و لا جار فيما اذا كان الثمن نقدا فى يد المشترى (فاذا اشتغلت ذمة البائع

ص: 47

بالارش حسب المشترى عند اداء الثمن ما فى ذمته عليه.

ثم على المختار من عدم تعينه من عين الثمن، فالظاهر تعينه من النقدين، لانهما الاصل فى ضمان المضمونات، الا ان يتراضى على غيرهما من باب الوفاء، او المعاوضة.

______________________________

بالارش حسب المشترى عند اداء الثمن ما فى ذمته) اى ذمة البائع- من الارش- (عليه) اى على البائع، من باب التقاص و تهاتر الذمم فالبائع يطلب من المشترى مائة ثمنا للمبيع و المشترى يطلب من البائع عشرة و هى الارش، فتتهاتر عشرة فى مقابل عشرة، و يعطيه المشترى تسعين.

و على هذا فاذا كان الثمن عينا لزم اعطاء المشترى للبائع كل الثمن ثم يأخذ منه الارش.

(ثم على المختار من عدم تعينه) اى عدم تعين الارش (من عين الثمن، فالظاهر تعينه من النقدين) و المراد نقد البلد و ان كان ورقا كما هو المتعارف الآن.

و الحاصل ان اللازم اعطائه النقد فى مقابل اعطائه الجنس، فلا يصح ان يعطى البائع للمشترى السكر او الشاى بعنوان الارش (لانهما الاصل فى ضمان المضمونات) بمعنى انصراف ادلة الضمان الى النقد (الا ان يتراضى) كل من البائع و المشترى (على غيرهما) اى غير النقدين (من باب الوفاء) بان يقبل المشترى ان يكون وفاء البائع لارشه بالسكر مثلا (او) من باب (المعاوضة) بان يعوض المشترى ما على البائع من النقد بالسكر مثلا.

ص: 48

و استظهر المحقق الثانى من عبارة القواعد و التحرير بل الدروس عدم تعينه منهما، حيث حكما فى باب الصرف بانه لو وجد عيب فى احد العوضين المتخالفين بعد التفرق، جاز اخذ الارش من غير النقدين و لم يجز منهما.

فاستشكل ذلك بان الحقوق المالية انما يرجع فيها الى النقدين، فكيف الحق الثابت باعتبار نقصان فى احدهما.

______________________________

(و) لكن (استظهر المحقق الثانى من عبارة القواعد و التحرير بل الدروس عدم تعينه) اى عدم تعين ان يكون الارش (منهما) اى من النقدين (حيث) ان العلامة و الشهيد (حكما فى باب الصرف) و هو بيع الاثمان (بانه لو وجد عيب فى احد العوضين المتخالفين) كبيع الذهب بالفضة (بعد التفرق) من المجلس، فانه يشترط فى بيع الصرف التقابض فى المجلس (جاز اخذ الارش من غير النقدين و لم يجز منهما) لان الارش جزء، و لا يمكن التقابض فى باب بيع الصرف بعد المجلس، للزوم ان يكون التقابض فى الصرف فى المجلس.

(فاستشكل) المحقق الثانى (ذلك) الّذي ذكره العلامة و الشهيد من كون الارش من غير النقدين (بان الحقوق المالية) كالخمس و الزكاة و الضمان فى غير المثلى و نحو ذلك (انما يرجع فيها الى النقدين) فاللازم اعطاء الحق من النقد، لا من الاجناس الّا برضا الاطراف (فكيف) ب (الحق الثابت باعتبار نقصان فى احدهما) كما نحن فيه، فان الارش حق ثابت باعتبار نقصان فى الذهب او الفضة فى باب بيع احدهما بالآخر،

ص: 49

و يمكن رفع هذا الاشكال بان المضمون بالنقدين هى الاموال المتعينة المستقرة و الثابت هنا ليس ما لا فى الذمة و الا بطل البيع فيما قابله من الصحيح لعدم وصول عوضه قبل التفرق

______________________________

فاللازم صحة اخذ الارش من احدهما فى باب الصرف أيضا.

(و يمكن رفع هذا الاشكال) و ذلك بتصحيح كلام العلامة و الشهيد (بان المضمون بالنقدين هى الاموال المتعينة المستقرة و الثابت هنا ليس مالا فى الذمة) فالضمان بالنقدين يعتبر فيه ثلاثة امور:

الاول: ان يكون مالا، و مقامنا ليس كذلك، لان المضمون حق الخيار و الخيار ليس بمال.

الثانى: ان يكون متعينا، و مقامنا ليس كذلك، لانه يخيّر بين الرد و الارش.

الثالث: ان يكون مستقرا فى الذمة، و ليس هنا كذلك اذ الارش تغريم اى تكليف باعطاء قدر من المال للمشترى (و الا) فلو كان فى المقام ضمان للمال المستقر الثابت فى الذمة (بطل البيع فى ما قابله) اى ما قابل العيب (من الصحيح، لعدم وصول عوضه) اى عوض ما قابل الصحيح (قبل التفرق).

و قد عرفت ان فى الصرف يشترط وصول تمام العوضين قبل التفرق، فاذا باع الذهب الصحيح بالفضة الرديئة المعيبة، فان كان اللازم على صاحب الفضة اعطاء درهم آخر- مثلا- لمكان العيب، لزم بطلان البيع بالنسبة الى مقدار درهم من الذهب، اذ قد سلّم صاحب الذهب ذهبه

ص: 50

و انما هو حق لو اعمله جاز له مطالبة المال.

فاذا اختار الارش من غير النقدين ابتداءً، و رضى به الآخر فمختاره نفس الارش، لا عوض عنه.

نعم للآخر الامتناع منه لعدم تعينه عليه، كما ان لذى الخيار مطالبة النقدين فى غير هذا المقام و ان لم يكن للآخر

______________________________

و لم يسلّم صاحب الفضة فضته- بمقدار الدرهم من الجانبين- و لذا فاللازم ان نقول ان الارش تكليف شرعى خارجى مثل التكليف بنفقة الاقارب (و انما هو) اى الارش (حق لو اعمله) صاحب الحق الّذي انتقل إليه المعيب (جاز له مطالبة المال) و ان اراد الفسخ او لم يعمل حقه، لم تكن مطالبة للمال.

(فاذا اختار) صاحب الحق (الارش من غير النقدين ابتداءً) لا بعنوان المعاوضة بالنقدين، اذ الكلام فى ان الارش ليس من النقدين و الا لزم بطلان البيع فى ما قابل من الصحيح- كما عرفت- (و رضى به) اى بغير النقدين الطرف (الآخر) الّذي عليه ان يدفع الارش (فمختاره نفس الارش، لا عوض عنه).

(نعم للآخر) الّذي عليه الارش (الامتناع منه) اى من اعطاء غير النقدين (لعدم تعينه عليه) اى ليس غير النقدين معينا على من عليه الحق، بل الحق كلّى ينطبق على المال و على البضاعة فاللازم اختيارهما معا لشي ء واحد حتى ينطبق عليه الكلى (كما ان لذى الخيار مطالبة النقدين فى غير هذا المقام) و هو باب الصرف (و ان لم يكن للآخر

ص: 51

الامتناع حينئذ.

و بالجملة فليس هنا شي ء معين ثابت فى الذمة، الا ان دفع غير النقدين يتوقف على رضا ذى الخيار، و يكون نفس الارش بخلاف دفع النقدين، فانه اذا اختير غيرهما لم يتعين للارشية.

ثم انه قد

[هل يعقل استغراق الأرش للثمن]

تبين مما ذكرنا فى معنى الارش انه لا يكون الا مقدارا مساويا لبعض الثمن و لا يعقل ان يكون مستغرقا له لان المعيب ان لم يكن مما

______________________________

الامتناع حينئذ) و لا يكون له الامتناع، لان النقدين هما الاصل فى الضمانات بخلاف البضائع.

(و بالجملة) فالفرق بين الارش هنا فى النقدين و فى غيره ان الارش هنا كلى قابل للانطباق على غير النقدين، بخلاف سائر المقامات فالارش خاص بالنقدين (فليس هنا) اى فى باب النقدين (شي ء معين ثابت فى الذمة، الا ان دفع) من عليه الضمان (غير النقدين يتوقف على رضا ذى الخيار) اذ الكلى لا ينطبق على الفرد الا برضا الطرفين (و يكون) المدفوع من غير النقدين- لدى رضا ذى الخيار- (نفس الارش) لانطباق الكلى عليه ابتداءً (بخلاف دفع النقدين، فانه اذا اختير غيرهما لم يتعين للارشية) لان النقد هو الاصل و بهذا تبين ان اشكال المحقق الثانى على العلامة و الشهيد ليس بوارد فتأمل.

(ثم انه قد تبين مما ذكرنا فى معنى الارش) و هو مقدار الفائت من المعيب- حسب المعاوضة- (انه لا يكون الا مقدارا مساويا لبعض الثمن) المسمّى (و لا يعقل ان يكون) الارش (مستغرقا له) اى لكل الثمن.

و ذلك (لان المعيب ان لم يكن مما

ص: 52

يتمول، و يبذل فى مقابله شي ء من المال بطل بيعه، و الا فلا بد من ان يبقى له من الثمن قسط.

نعم ربما يتصور ذلك فيما اذا حدث قبل القبض، او فى زمان الخيار عيب يستغرق للقيمة مع بقاء الشي ء على صفة التملك بناء على ان مثل ذلك غير ملحق بالتلف فى انفساخ

______________________________

يتمول، و) مما (يبذل فى مقابله شي ء من المال) بان كان العيب قد اسقطه عن المالية، كالبيض الفاسد الّذي لا ينتفع به اصلا (بطل بيعه) و استرجع المشترى كل ثمنه من باب انه لا بيع، لا من باب انه الارش (و الا) يكن كذلك، بل كان مما يتمول فى الجملة (فلا بد من ان يبقى له) اى للمبيع (من الثمن قسط) و لو اقل من مقدار الارش، كما لو كان العيب مستغرقا ثلاثة ارباع المبيع، فان المشترى يرجع ثلاثة ارباع الثمن و يبقى للمبيع- عند البائع- ربع الثمن.

(نعم ربما يتصور ذلك) اى استغراق العيب لكل الثمن (فيما اذا حدث) العيب (قبل القبض، او فى زمان الخيار).

اما العيب المستغرق الحادث قبل العقد، فذلك يوجب بطلان البيع لانه لا مالية له حينئذ حتى يصح العقد عليه (عيب يستغرق) العيب الحادث (للقيمة مع بقاء الشي ء على صفة التملك) اذ لو خرج الشي ء عن صفة التملك خرج عن ملك المشترى، فلا يسمى ما يأخذه من البائع من تمام الثمن ارشا، و انما يأخذ الثمن من البائع لان التلف قبل القبض و فى زمن الخيار من البائع (بناء على ان مثل ذلك) العيب المستغرق للقيمة (غير ملحق بالتلف فى انفساخ

ص: 53

العقد به، بل يأخذ المشترى ارش العيب، و هو هنا مقدار تمام الثمن لكن عدم الحاقة بالتلف مشكل بناء على ان العيب اذا كان مضمونا على البائع- بمقتضى قوله عليه السلام: ان حدث فى الحيوان حدث فهو من مال البائع حتى ينقضى خياره- كان هذا العيب كانه حدث فى ملك البائع، و المفروض انه اذا حدث مثل هذا فى ملك البائع كان بيعه باطلا لعدم كونه متمولا يبذل بإزائه شي ء من المال.

______________________________

العقد به) اى بهذا العيب المستغرق.

و انما لا يكون ملحقا لاصالة صحة العقد و بقائه و يبقى اختصاص الشي ء المعيب الّذي لا مالية له للمشترى، دون البائع، بينما اذا قلنا بانفساخ العقد يكون الاختصاص للبائع (بل يأخذ المشترى ارش العيب و هو هنا) اى فى العيب المستغرق (مقدار تمام الثمن) هذا.

و (لكن عدم الحاقة) اى عدم الحاق العيب المستغرق (بالتلف) فى بطلان البيع (مشكل).

و انما كان مشكلا (بناء على ان العيب اذا كان مضمونا على البائع- بمقتضى قوله عليه السلام: ان حدث فى الحيوان حدث فهو من مال البائع حتى ينقضى خياره- كان هذا العيب كانه حدث فى ملك البائع و) البيع الحادث فى ملك البائع موجب للبطلان، اذ (المفروض انه اذا حدث مثل هذا) العيب المستغرق للمثمن و المسقط للمتاع عن المالية (فى ملك البائع كان بيعه باطلا لعدم كونه) اى المتاع المعيب بهذا العيب المستغرق (متمولا يبذل بإزائه شي ء من المال) و اذا كان

ص: 54

فيجب الحكم بانفساخ العقد اذا حدث مثل هذا بعده مضمونا على البائع الا ان يمنع ذلك.

و ان ضمانه على البائع بمعنى الحكم بكون دركه عليه، فهو بمنزلة الحادث قبل البيع فى هذا الحكم، لا مطلقا حتى ينفسخ العقد به، و يرجع هذا الملك الموجود غير المتمول الى البائع، بل لو فرضنا حدوث العيب على وجه اخرجه عن الملك

______________________________

هذا العيب موجبا لعدم انعقاد البيع اذا كان قبل العقد (فيجب الحكم بانفساخ العقد اذا حدث مثل هذا) العيب (بعده) اى بعد العقد، فيما اذا كان (مضمونا على البائع) لانه قبل القبض او فى زمن الخيار، اللهم (الا ان يمنع ذلك) بان يقال: ليس حال العيب بعد العقد مثل حاله قبل العقد.

(و) ذلك ل (ان) كون (ضمانه) اى ضمان العيب بعد العقد (على البائع) انما هو (بمعنى الحكم بكون دركه) و تلفه (عليه) اى على البائع (فهو) اى العيب بعد العقد (بمنزلة الحادث قبل البيع فى هذا الحكم) الّذي دركه على البائع (لا مطلقا) فى جميع الاحكام (حتى ينفسخ العقد به) اى بالعيب الحادث بعد العقد، فيكون كالعيب الحادث قبل العقد فى عدم صحة العقد عليه (و) حتى (يرجع هذا الملك الموجود) المعيب (غير المتمول الى البائع) بل يبقى فى ملك المشترى، و ان استحق المشترى تمام الثمن من البائع (بل لو فرضنا حدوث العيب على وجه اخرجه عن الملك) و المشهور فرقوا بين الملك و المال، فان الاول شامل

ص: 55

فلا دليل على الحاقة بالتلف بل تبقى العين غير المملوكة حقا للمشترى، و ان لم يكن ملكا له كالخمر المتخذ للتخليل و يأخذ الثمن او مقداره من البائع ارشا لا من باب انفساخ العقد.

هذا الا ان العلامة قدس سره فى القواعد و التذكرة و التحرير و محكى النهاية يظهر منه الارش المستوعب فى العيب المتقدم على العقد الّذي

______________________________

لما لا مالية له أيضا، بينما الثانى يطلق على ماله مالية بالإضافة الى الملكية مثلا حبة الحنطة ملك و ليس بمال (فلا دليل على الحاقة بالتلف) حتى يكون حاله حال ما لا ملكية له قبل العقد- بحيث يوجب فسخ العقد- (بل تبقى العين غير المملوكة حقا للمشترى، و ان لم يكن ملكا له) اذ الحق شامل للمال و الملك و الاختصاص (كالخمر المتخذ للتخليل) فانها ليس بمال و لا ملك، و لكنها مختصة بالانسان الّذي كان له المائع قبل التخمير (و) بناء على هذا (يأخذ) المشترى (الثمن او مقداره من البائع ارشا).

فان المشترى يأخذ الثمن اذا قلنا بان الارش عين الثمن، او مقداره اذا قلنا بان الارش لا يلزم ان يكون من عين الثمن (لا من باب انفساخ العقد) و رجوع كل شي ء الى مالكه، بل من باب الارش، و لذا يبقى المثمن المعيب خاصا بالمشترى.

(هذا، الا ان العلامة قدس سره فى القواعد و التذكرة و التحرير و محكى النهاية) للعلامة، و هناك نهاية اخرى للشيخ (يظهر منه الارش المستوعب فى) باب (العيب المتقدم على العقد الّذي

ص: 56

ذكرنا انه لا يعقل فيه استيعاب الارش للثمن.

قال فى القواعد: لو باع العبد الجانى خطأ ضمن اقل الامرين على رأى، و الارش على رأى، و صحّ البيع ان كان موسرا، و الا تخير المجنى عليه و لو كان عمدا وقف على اجازة المجنى عليه

______________________________

ذكرنا انه لا يعقل فيه) اى فى العيب المتقدم على العقد (استيعاب الارش للثمن) حيث قلنا بان المعيب ان لم يكن متمولا بطل بيعه.

(قال فى القواعد: لو باع العبد الجانى) جناية (خطأ، ضمن) البائع (اقل الامرين) من قيمة العبد و من قيمة الجناية.

فان كانت قيمة العبد اقل ضمنها لا اكثر، اذ لا يجنى الجانى اكثر من قيمته، و ان كانت قيمة الجناية اقل لم يلزم اكثر من الجناية- كما ذكر فى محله- هذا (على رأى، و) ضمن (الارش على رأى) آخر.

فعلى هذا هناك رأى بصحة الارش المستوعب (و صحّ البيع ان كان) المولى (موسرا) و بذل الارش لان المجنى عليه لا يطلب الا الارش و قد دفعه المولى، فلما ذا لم يصح البيع بعد شمول ادلة البيع و العقد له (و الا) يكن المولى موسرا او كان مؤسرا و لكن لم يدفع الارش (تخير المجنى عليه) فى ابطال البيع، و استرقاق العبد او الصبر حتى يسار المولى و اعطائه الارش (و لو كان) العبد جنى (عمدا) لا خطأ- كما كان مفروض الشق الاول- (وقف) البيع (على اجازة المجنى عليه).

اذ من حق المجنى عليه استرقاق العبد، فاذا باعه المولى فقد تصرف فى حق الغير، مثل بيع الراهن للرهن، فانه يتوقف على اجازة المرتهن

ص: 57

و يضمن الاقل من الارش و القيمة، لا الثمن معها.

و للمشترى الفسخ مع الجهل، فيرجع بالثمن او

______________________________

(و) اذا اجاز المجنى عليه البيع (يضمن) المولى (الاقل من الارش) و هو ارش الجناية (و القيمة) اى قيمة العبد، فان كان الارش اقل لم يضمن اكثر منه لان ذلك قدر الجناية، و ان كانت القيمة اقل لم يضمن اكثر منها لان الجانى لا يجنى اكثر من قيمته، و (لا) يضمن المولى (الثمن) فليس عليه ان يعطى الثمن الّذي اخذه من المشترى الى المجنى عليه (معها) اى مع زيادة الثمن عن الارش، او عن القيمة.

فمثلا: لو جنى العبد بمقدار مائة دينار، و قد باع المولى العبد بالف لزم على المولى اعطاء المائة لا الألف هذا فى ما كانت القيمة ازيد من الارش و لو جنى العبد بمقدار مائة، و كانت قيمته السوقية خمسين، و قد باعه المولى بمائة، فالواجب على المولى اعطاء خمسين فقط، لانه قيمة العبد و لا يجنى الجانى اكثر من قيمته، اما الخمسون الاخر الزائد على القيمة، فهو كسب للمولى خارج عن قيمة العبد السوقية فلا يكلف المولى باعطائه و ان كانت الجناية اكثر من الخمسين، هذا تمام الكلام فى المولى و المجنى عليه.

(و) اما حال المشترى فنقول: ان (للمشترى الفسخ) للبيع (مع الجهل) بان العبد جان لانه نوع من العيب (فيرجع) المشترى (بالثمن) ان فسخ فيأخذ الثمن الّذي اعطاه للبائع، لانه مع الفسخ ارجع العبد فيأخذ الثمن الّذي دفعه الى البائع (او) يرجع المشترى الى البائع

ص: 58

الارش فان استوعب الجناية القيمة فالارش ثمنه أيضا، و الا فقدر الارش، و لا يرجع لو كان عالما و له ان يفديه كالمالك، و لا يرجع به عليه.

______________________________

ب (الارش) ان لم يفسخ، لان العبد الجانى اقل قيمة من غير الجانى فاذا كانت قيمة الجانى تسعين، و قيمة غير الجانى مائة، و دفع المشترى الى البائع مائة، ارجع عشرة، ارش العيب (فان استوعب الجناية القيمة) بان كانت قيمة العبد مائة، و كانت جنايته أيضا مائة- و قد امضى المشترى البيع- (ف) الشي ء الّذي يأخذه المشترى ارشا كل المائة، لان (الارش) مساو ل (ثمنه أيضا) و معنى «أيضا» انه ثمنه و انه ارشه- فى وقت واحد- (و الا) تستوعب الجناية القيمة، بان كانت الجناية اقل من القيمة (ف) المشترى يأخذ (قدر الارش) فقط.

مثلا: كانت القيمة مائة، و كان الارش- و هو التفاوت بين الجانى و غير الجانى العشر- عشرة فالمشترى اذا امضى البيع اخذ العشرة (و لا يرجع) المشترى الى البائع بالارش (لو كان عالما) بان العبد جان و مع ذلك اقدم على شرائه، لان العالم ليس له الخيار لا فسخا و لا ارشا (و) حين كان عالما (له) اى للمشترى (ان يفديه) اى يعطى للمجنى عليه فدية جناية العبد اى قدر جنايته، فان المجنى عليه يرجع الى المشترى الّذي بيده العبد، ليأخذ ثمن الجناية (كالمالك) كما ان للمالك ان يفدى العبد (و) اذا افداه المشترى (لا يرجع) المشترى (به) اى بما دفع الى المجنى عليه من الفدية (عليه) اى على البائع، لفرض ان المشترى اقدم على اشتراء المعيب عالما بالعيب، فليس له حق على البائع

ص: 59

و لو اقتصّ منه فلا رد و له الارش و هو نسبة تفاوت ما بين كونه جانيا و غير جان من الثمن، انتهى.

و ذكر فى التذكرة هذه العبارة بعينها فى باب العيوب، و قال فى اوائل البيع من التذكرة- فى مسألة بيع العبد الجانى- و لو كان المولى معسرا لم يسقط حق المجنى عليه من الرقبة، ما لم يجز البيع أولا،

______________________________

(و لو اقتصّ) المجنى عليه (منه) اى من العبد الجانى، فى يد المشترى- فيما لو اشتراه و هو لا يعلم بالجناية- (فلا رد) اى فليس للمشترى ان يرد العبد لان نقص العبد بالاقتصاص عيب جديد، و قد تقدم ان تعيّب المبيع فى يد المشترى يوجب سقوط الرد (و) لكن (له) اى للمشترى (الارش) اذ الارش لا يسقط بعيب جديد فى يد المشترى (و هو) اى الارش (نسبة تفاوت ما بين كونه جانيا و غير جان من الثمن) فان كان التفاوت العشر، استرجع المشترى عشر الثمن، و ان كان التفاوت الربع، استرجع ربع الثمن، و هكذا (انتهى) كلام العلامة.

و قد ظهر منه انه يقول بالارش المستوعب و هذا يظهر منه فى عبارته الآتية أيضا، و لذا نقلها المصنف.

(و ذكر فى التذكرة هذه العبارة بعينها فى باب العيوب، و قال فى اوائل البيع من التذكرة- فى مسألة بيع العبد الجانى- و لو كان المولى معسرا) و قد باع العبد الجانى (لم يسقط حق المجنى عليه من الرقبة) اى رقبة العبد بمجرد بيع المولى للعبد (ما لم يجز) المجنى عليه (البيع) فان اجاز المجنى عليه البيع (أولا) سقط حقه عن الرقبة اذ:

ص: 60

فان البائع انما يملك نقل حقه عن رقبته بفدائه.

و لا يحصل من ذمة المعسر فيبقى حق المجنى عليه مقدما على حق المشترى، و يتخير المشترى الجاهل فى الفسخ و يرجع بالثمن، و به قال احمد و بعض الشافعية، او مع الاستيعاب

______________________________

اجازته للبيع معناها رفع يده عن حقه كما اذا اجاز المرتهن بيع الراهن للرهن، فانه يسقط حقه فى المبيع المرهون.

و انما لا يسقط حق المجنى عليه عن رقبة العبد ببيع المولى للعبد (فان البائع انما يملك نقل حقه) اى حق المجنى عليه، فينقله عن رقبة العبد- بان يصبح العبد خالى الرقبة عن تعلق حق المجنى عليه بها- (عن رقبته) اى رقبة العبد (بفدائه) اى فيما اذا اعطى المولى الفدية فان رقبة العبد تفك عن الجناية حينئذ، اما البيع فلا يوجب فكّ رقبة العبد

(و) من المعلوم انه (لا يحصل) الفداء (من ذمة المعسر) فليس للمعسر ان ينقل حق المجنى عليه من رقبة العبد الى ذمّة نفسه (فيبقى حق المجنى عليه مقدما على حق المشترى) فيملك المجنى عليه الاقتصاص و يملك الاسترقاق- فيما اذا كان له الاسترقاق- (و يتخير المشترى الجاهل) بان العبد جان (فى الفسخ) لان الجناية عيب فى العبد (و) اذا فسخ (يرجع بالثمن، و به) اى بان المشترى له حق الفسخ و الرجوع بالثمن (قال احمد) بن حنبل (و بعض الشافعية، او) يبقى المشترى البيع على حاله و لا يفسخ، و لكنه مع ذلك يرجع بتمام الثمن، و ذلك (مع الاستيعاب) للارش كل الثمن فيما اذا كانت الجناية تستوعب كل قيمة

ص: 61

لان ارش مثل هذا جميع ثمنه.

و ان لم يستوعب يرجع بقدر ارشه، و لو كان عالما بتعلق الحق به فلا رجوع، الى ان قال: و ان اوجبت الجناية قصاصا تخير المشترى الجاهل بين الارش و الرد، فان اقتصّ منه احتمل تعين الارش.

______________________________

العبد.

و انما يرجع المشترى بكل الثمن- مع انه لم يفسخ البيع- (لان ارش مثل هذا) الّذي استوعبت جنايته كل ثمنه (جميع ثمنه) «جميع» خبر «ان».

(و ان) ابقى المشترى البيع، و لم يفسخ و الحال انه (لم يستوعب) ارش الجناية جميع الثمن (يرجع) المشترى الى البائع (بقدر ارشه) لان هذا القدر هو ناقص عن المبيع، فللمشترى ان يأخذ المقدار الناقص من البائع (و لو كان) المشترى (عالما بتعلق الحق به) اى بالعبد الجانى، و مع ذلك اقدم على شرائه (فلا رجوع) للمشترى الى البائع لا فسخا و رجوعا الى الثمن، و لا ارشا، لانه هو الّذي اقدم على ضرر نفسه (الى ان قال) صاحب التذكرة: (و ان اوجبت الجناية قصاصا) بان تعمّد العبد الجناية بماله قصاص (تخير المشترى الجاهل) بجناية العبد (بين الارش) و هو التفاوت بين العبد الجانى، و العبد غير الجانى (و الرد) لانه معيب فله الخيار (فان اقتصّ منه) اى من العبد فى ملك المشترى (احتمل تعين الارش) و ذلك لان العبد المقتصّ منه قد تعيب بعيب جديد، و قد سبق انه ان حدث فى ملك المشترى عيب جديد فليس

ص: 62

و هو قسط قيمة ما بينه جانيا، و غير جان، و لا يبطل البيع من اصله، لانه تلف عند المشترى بالعيب الّذي كان فيه، فلم يوجب الرجوع بجميع الثمن كالمريض و المرتد.

و قال ابو حنيفة و الشافعى يرجع بجميع ثمنه،

______________________________

للمشترى الرد، و يكون له حق الارش فقط (و هو) اى الارش (قسط) اى جزء (قيمة ما بينه) اى ما بين العبد (جانيا، و) ما بينه (غير جان).

و ذكر معنى الارش هنا، لبيان الفرق بين هذا الارش، و بين الارش المستوعب الّذي تقدم الكلام حوله (و لا يبطل البيع من اصله) بسبب القصاص الجارى عليه المتلف له (لانه) لم يتلف عند البائع، بل (تلف عند المشترى).

منتهى الامران تلفه عند المشترى انما كان (ب) سبب (العيب الّذي كان فيه) عند البائع، و العيب هو جنايته، و لا دليل على ان التلف عند المشترى- و لو كان بعيب سابق- يكون بمنزلة التلف عند البائع، فى بطلان البيع، بل استصحاب العقد يقتضي بقائه، نعم له الخيار- كما سبق-.

و حيث لم يبطل البيع (فلم يوجب) القصاص غير المستوعب (الرجوع بجميع الثمن) و انما الرجوع بالارش فقط (كالمريض) الّذي مات عند المشترى (و المرتد) الّذي قتل عند المشترى، فانهما لا يوجبان بطلان البيع، بل يوجبان الارش.

(و قال ابو حنيفة و الشافعى يرجع) المشترى (بجميع ثمنه) اذ اقتص

ص: 63

لان تلفه لامر استحق عليه عند البائع، فجرى مجرى اتلافه، انتهى.

و قال فى التحرير فى بيع الجانى خطأ، و لو كان السيد معسرا لم يسقط حق المجنى عليه عن رقبة العبد، و للمشترى الفسخ مع عدم علمه فان فسخ رجع بالثمن، و ان لم يفسخ و استوعبت الجناية قيمته و انتزعت، يرجع المشترى بالثمن أيضا و ان لم تستوعب قيمته رجع بقدر الارش

______________________________

عليه بالقتل عند المشترى (لان تلفه لامر استحق عليه) اى على العبد (عند البائع، فجرى) هذا التلف (مجرى اتلافه) اى اتلاف البائع له (انتهى)

و فيه ان كونه جاريا مجرى الاتلاف يحتاج الى دليل مفقود، فاصالة بقاء العقد محكمة، و من هذه العبارة للتذكرة أيضا ظهر ان العلامة قائل بالارش المستوعب.

(و قال فى التحرير فى بيع الجانى) جناية (خطأ، و لو كان السيد معسرا لم يسقط حق المجنى عليه عن رقبة العبد) بان يتعلق بذمة السيد- فيما اذا باعه السيّد- و ذلك لعدم دليل على انتقال الحق (و للمشترى الفسخ مع عدم علمه) بان العبد جان (فان فسخ رجع بالثمن) كله لبطلان البيع (و ان لم يفسخ و استوعبت الجناية قيمته و انتزعت) الرقبة و اجرى عليها الحد (يرجع المشترى بالثمن أيضا) من باب الارش لا من باب بطلان البيع، و ان لم ينتزع بان اعرض المجنى عليه عنه، او فداه البائع، لم يكن حق للمشترى للارش او الفسخ، لان العيب قد ازيل- بناء على ان العيب الزائل يسقط الخيار- (و ان لم تستوعب) الجناية (قيمته رجع) المشترى الى البائع (بقدر الارش) اذا لم يفسخ

ص: 64

و لو علم المشترى بتعلق الحق برقبة العبد، لم يرجع بشي ء.

و لو اختار المشترى ان يفديه جاز و رجع به على البائع مع الاذن، و الا فلا، انتهى.

قوله: و انتزعت اما راجع الى رقبة العبد او الى القيمة اذا باعه المجنى عليه و اخذ قيمته، و هذا القيد غير موجود فى باقى عبارات العلامة فى كتبه الثلاثة.

______________________________

بالعيب.

(و لو علم المشترى بتعلق الحق برقبة العبد، لم يرجع بشي ء) لانه اقدم على شراء المعيب.

(و لو اختار المشترى ان يفديه) عوض الاقتصاص منه (جاز و رجع به) اى بما افداه (على البائع مع الاذن) بان استأذن البائع فى الفدية، لان قرار الفدية على البائع (و الا) يستأذن (فلا) حق له فى الرجوع الى البائع، اذ ليس البائع مكلفا باعطاء الفدية (انتهى) كلام التحرير، و فيه أيضا ذكر للارش المستوعب.

(قوله: و انتزعت اما راجع الى رقبة العبد) كما فسرنا، فى الشرح (او الى القيمة اذا باعه المجنى عليه و اخذ قيمته) لكن الاقرب الاول (و هذا القيد) اى انتزاع العبد (غير موجود فى باقى عبارات العلامة فى كتبه الثلاثة) فلم يقيد الرجوع بتمام الثمن فى صورة الاستيعاب، بقيد الانتزاع.

و لا يخفى ان كلمات العلامة تحتاج الى كثير من الشرح و التطبيق

ص: 65

و كيف كان فالعبد المتعلق برقبته حق للمجنى عليه يستوعب قيمته اما ان تكون له قيمة تبذل بإزائه، أو لا.

و على الاول: فلا بد ان يبقى شي ء من الثمن للبائع بإزائه، فلا يرجع بجميع الثمن عليه.

و على الثانى: فينبغى بطلان البيع، و لو قيل ان انتزاعه

______________________________

على القواعد، كما لا يخفى بعض موارد النظر فيها.

(و كيف كان فالعبد المتعلق برقبته حق للمجنى عليه) بحيث (يستوعب) الحق (قيمته) ف (اما ان تكون له قيمة تبذل بإزائه) اى بإزاء العبد، و لا منافات بين استيعاب الجناية، و بين قيمة تبذل بإزاء العبد و ذلك فيما اذا كانت قيمته السوقية مثلا مائة، لكن المشترى لرغبته فى العبد اشتراه بمائة و عشرة، و كانت الجناية تستغرق مائة، فان حق المجنى عليه يستوعب قيمة العبد لكن بعد ذلك يبقى للعبد قدر زائد بذل بإزاء العبد، و هو العشرة- فتأمل- (أولا) قيمة له ازيد من حق المجنى عليه.

(و على الاول) و هو ما كان له قيمة زائدة تبذل بإزائه (فلا بد ان يبقى شي ء من الثمن) و هو العشرة (للبائع بإزائه) اى بإزاء العبد (فلا يرجع) المشترى (بجميع الثمن عليه) اى على البائع، بل يرجع بالقدر الّذي تضرره و هو المائة.

(و على الثانى) و هو الّذي اشار إليه بقوله «أو لا» (فينبغى بطلان البيع) لانه لا مالية له اصلا (و لو قيل ان انتزاعه) اى انتزاع المجنى عليه

ص: 66

عن ملك المشترى لحق كان عليه عند البائع يوجب غرامته على البائع كان اللازم من ذلك- مع بعده فى نفسه- ان يكون الحكم كذلك فيما لو اقتصّ من الجانى عمدا.

و قد عرفت من التذكرة و القواعد الحكم بقسط من الثمن فيه.

و بالجملة فالمسألة محل تأمّل، و الله العالم.

______________________________

العبد (عن ملك المشترى، ل) اجل (حق كان عليه) اى على العبد (عند البائع يوجب غرامته على البائع) لا بطلان البيع، فلا وجه لما ذكرتم من ان البيع باطل، و «يوجب» خبر «ان انتزاعه» (كان اللازم من ذلك- مع بعده) اى بعد هذا القيل (فى نفسه-) اذ لا وجه لصحة البيع فى المبيع الّذي لا قيمة له اصلا، فلا معنى لصحة البيع و الغرامة (ان يكون الحكم كذلك فيما لو اقتصّ من الجانى عمدا) بان نقول بصحة البيع و غرامة البائع.

(و قد عرفت من التذكرة و القواعد الحكم بقسط من الثمن فيه) اى فى باب القصاص، فلم يبطلا البيع، مع ان باب الانتزاع و باب الاقتصاص واحد.

فاللازم اما بطلان البيع فيهما، او صحة البيع فيهما، مع اخذ المشترى من البائع الخسارة.

(و بالجملة فالمسألة محل تأمّل، و الله العالم) بحقائق الاحكام.

ص: 67

مسألة يعرف الارش بمعرفة قيمتى الصحيح و المعيب

ليعرف التفاوت بينهما فيؤخذ من البائع بنسبة ذلك التفاوت.

و اذا لم تكن القيمة معلومة فلا بد من الرجوع الى العارف بها، و هو قد يخبر عن القيمة المتعارفة المعلومة المضبوطة عند اهل البلد او اهل الخبرة منهم لهذا المبيع المعين، او

______________________________

(مسألة: يعرف الارش) فى باب المعاملة (بمعرفة قيمتى الصحيح و المعيب) و ذلك (ليعرف التفاوت بينهما فيؤخذ من البائع) الّذي اعطاه المعيب (بنسبة ذلك التفاوت) من الثمن، اذ نفس التفاوت لا يلزم اعطائه دائما، فاذا كانت النسبة الربع اخذ ربع الثمن، و هكذا.

(و اذا لم تكن القيمة معلومة) لدى المتبايعين (فلا بد من الرجوع الى العارف بها) بمقتضى الرجوع الى اهل الخبرة فى كل موضوع شك فيه (و هو) اى العارف (قد يخبر عن القيمة المتعارفة المعلومة المضبوطة) فالقيمة عند الشواذ- لا المتعارف- لا اعتبار بها، كما ان القيمة المشكوكة او التخمينية- لا المعلومة- لا اعتبار بها.

و كذلك لا اعتبار بالمتعارفة المعلومة غير المضبوطة، بان كان فى كل سوق يباع بقيمة- مثلا- (عند اهل البلد) عامة اذا كان الشي ء معلوما للجميع (او اهل الخبرة منهم) خاصة اذا كان الشي ء يحتاج الى اهل الخبرة (لهذا المبيع المعين) «لهذا» متعلق ب «القيمة» (او

ص: 68

لمثله فى الصفات المقصودة، كمن يخبر بان هذه الحنطة او مثلها يباع فى السوق بكذا، و هذا داخل فى الشهادة يعتبر فيها جميع ما يعتبر فى الشهادة على سائر المحسوسات من العدالة و الاخبار عن الحسّ و التعدّد.

و قد يخبر عن نظره و حدسه من جهة كثرة ممارسته اشباه هذا الشي ء و ان لم يتفق اطاعه على مقدار رغبة الناس فى امثاله، و هذا يحتاج الى الصفات السابقة و زيادة المعرفة و الخبرة بهذا الجنس و يقال له بهذا الاعتبار

______________________________

لمثله) اذا كان المبيع مفقودا او غائبا (فى الصفات المقصودة) للعقلاء (كمن يخبر بان هذه الحنطة) المعيّنة (او مثلها يباع فى السوق بكذا و هذا) القسم من الاخبار (داخل فى الشهادة) لانه يشهد بالقيمة السوقية ف (يعتبر فيها جميع ما يعتبر فى الشهادة على سائر المحسوسات من العدالة) فى المخبر (و الاخبار عن الحسّ) لا عن الحدس (و التعدّد) لانه صغرى من صغريات الشهادة.

(و قد يخبر عن نظره و حدسه) عطف على «قد يخبر عن القيمة المتعارفة» (من جهة كثرة ممارسته اشباه هذا الشي ء) حتى صار هو بنفسه مقوما (و ان لم يتفق اطلاعه على مقدار رغبة الناس فى امثاله) فانه لا يريد الاخبار حتى يشترط اطلاعه على مقدار رغبة الناس (و هذا يحتاج الى الصفات السابقة) اى العدد و العدالة (و زيادة المعرفة و الخبرة بهذا الجنس) الّذي يقوّمه (و يقال له بهذا الاعتبار) اى اعتبار زيادة المعرفة

ص: 69

اهل الخبرة.

و قد يخبر عن قيمته باعتبار خصوصيات فى المبيع يعرفها هذا المخبر مع كون قيمته على تقدير العلم بالخصوصيات واضحة كالصائغ العارف باصناف الذهب و الفضة من حيث الجودة و الرداءة، مع كون قيمة الجيّد و الردي ء محفوظة عند الناس معروفة بينهم، فقوله: هذا قيمته كذا يريد به انه من جنس قيمته كذا، و هذا فى الحقيقة لا يدخل فى المقوّم و كذا القسم الاول

______________________________

(اهل الخبرة).

لكن الظاهر انه اذا سمى فى العرف باهل الخبرة لم يشترط فيه الا الوثاقة، اذ هو المتعارف عند العقلاء، و لم يدل دليل على ان الشارع غيّر ذلك بالزيادة او النقيصة، و هذا القدر كاف للاستصحاب مضافا الى السيرة و نحوهما.

(و قد يخبر عن قيمته باعتبار خصوصيات فى المبيع يعرفها) اى يعرف تلك الخصوصيات (هذا المخبر مع كون قيمته على تقدير العلم بالخصوصيات واضحة) لدى الجميع (كالصائغ العارف باصناف الذهب و الفضة من حيث الجودة و الرداءة) و انه عياركم؟ (مع كون قيمة الجيّد و الردي ء محفوظة عند الناس معروفة بينهم، فقوله: هذا قيمته كذا يريد به انه من جنس قيمته كذا) فهو يعين الموضوع، لا المحمول الّذي هو القيمة (و هذا فى الحقيقة لا يدخل فى المقوّم) بل فى شخص الموضوع (و كذا القسم الاول) فانه ليس بمقوّم بل شاهد على المحمول.

ص: 70

فمرادهم بالمقوم: هو الثانى.

لكن الاظهر عدم التفرقة بين الاقسام من حيث اعتبار شروط القبول و ان احتمل فى غير الاول الاكتفاء بالواحد اما للزوم الحرج لو اعتبر التعدد، و اما لاعتبار الظن فى مثل ذلك مما انسد فيه باب العلم و يلزم من طرح قول العادل الواحد و الاخذ بالاقل

______________________________

و الحاصل ان الاول شاهد على القيمة اى المحمول، و الثانى مقوم للموضوع، اى يجعل قيمة له من حدسه، و الثالث شاهد على الموضوع اى انه اىّ جنس (فمرادهم بالمقوم: هو الثانى).

(لكن الاظهر) عند المصنف (عدم التفرقة بين الاقسام من حيث اعتبار شروط القبول) من العدد و العدالة (و ان احتمل فى غير الاول) اى الثانى و الثالث (الاكتفاء بالواحد).

اما الاول الّذي هو عبارة عن الشهادة فلا بد فيه من العدد و العدالة (اما للزوم الحرج لو اعتبر التعدد) اذا الغالب عدم وجود الاثنين او صعوبة تحصيل رأيهما (و اما لاعتبار الظن) الحاصل من الواحد اعتبارا من باب الانسداد الصغير اى حجية الظن فى هذا المقام، مقابل الانسداد الكبير المقتضى لحجية الظن فى كل الموضوعات و الاحكام.

ف (فى مثل ذلك مما انسد فيه باب العلم) يؤخذ الظن (و يلزم من طرح قول العادل الواحد و الاخذ بالاقل) فيما اذا قوم العادل الواحد الفرق بين الصحيح و المعيب بمائة مثلا، فشككنا فى ان الفرق مائة او

ص: 71

لاصالة براءة ذمة البائع تضييع حق المشترى فى اكثر المقامات، و اما لعموم ما دل على قبول قول العادل، خرج منها ما كان من قبيل الشهادة كالقسم الاول، دون ما كان من قبيل الفتوى كالثانى لكونه ناشئا عن حدس و اجتهاد و تتبع الاشباه و الانظار و قياسه عليها حتى انه يحكم لاجل ذلك

______________________________

تسعون، فاجرينا اصالة البراءة عن العشرة الزائدة المشكوكة.

فقوله: (لاصالة براءة ذمة البائع) علة لقوله: الاخذ بالاقل (تضييع حق المشترى فى اكثر المقامات).

اذا للازم على اصالة البراءة اعطاء المشترى الارش الاقل من الارش الّذي عينه العادل الواحد.

و انما قال فى اكثر المقامات اذ ربما لا يلزم التضييع، كما اذا قوم العادل الارش بمائة، و كان ذلك قدرا متيقنا و انما الشك فى انه ازيد من المائة او مائة فقط- مثلا- فانه لا يلزم من اجراء اصل البراءة تضييع حق المشترى (و اما لعموم ما دل على قبول قول العادل) مثل مفهوم آية النبإ، و منطوق آية الذكر و غيرهما (خرج منها) اى من هذه العمومات الدالة على قبول قول العادل الواحد (ما كان من قبيل الشهادة كالقسم الاول، دون ما كان من قبيل الفتوى، كالثانى) فان الفتوى رأى و المقوم الثانى يخبر عن رأيه و حدسه (لكونه ناشئا عن حدس و اجتهاد و تتبع) المقوّم- عطف على حدس- (الاشباه و الانظار، و قياسه) عطف على حدس، اى قياس المقام الّذي يقومه (عليها) اى على الاشباه و الانظار (حتى انه) اى المقوم (يحكم لاجل ذلك) الحدس و التتبع

ص: 72

بانه ينبغى ان يبذل بإزائه كذا و كذا و ان لم يوجد راغب يبذل له ذلك.

ثم لو تعذر معرفة القيمة لفقد اهل الخبرة او توقفهم، ففى كفاية الظن او الاخذ بالاقل، وجهان.

و يحتمل ضعيفا الاخذ بالاكثر لعدم العلم بتدارك العيب المضمون الّا به.

______________________________

(بانه ينبغى ان يبذل بإزائه كذا و كذا) من المال (و ان لم يوجد راغب) الآن (يبذل له ذلك) المقدار.

و الاظهر كما تقدم هو كفاية الثقة للسيرة، و لانه استبانة عرفية فيشمله قوله عليه السلام: حتى يستبين، و غير ذلك. بالإضافة الى ما ذكره المصنف من الادلة و الشواهد.

(ثم لو تعذر معرفة القيمة لفقد اهل الخبرة او توقفهم) فى التقويم (ففى كفاية الظن) بالقيمة ان كان ظن (او الاخذ بالاقل) فيما كان شك بين الاقل و الاكثر (وجهان).

وجه الاول ان الظن قائم مقام العلم فى امثال المقام من باب الانسداد الصغير.

و وجه الثانى اجراء اصالة البراءة عن الاكثر.

(و يحتمل ضعيفا الاخذ بالاكثر لعدم العلم بتدارك العيب المضمون) الّذي كان فى ضمان البائع (الّا به) اى بالاكثر، فقد علم البائع بضمانه فاذا اعطى الاقل شك فى انه هل ادى ما عليه، أم لا؟ و الاصل عدم

ص: 73

..........

______________________________

براءة ذمته، لانه من الشك فى المحصّل.

و انما كان ضعيفا، لان البراءة محكمة، اذ الشك فى اداء ما عليه تابع للشك فى انه هل اشتغلت ذمته باكثر من الاقل، أم لا؟ و لاصالة براءة الذمة عن الاكثر، و يحتمل القرعة.

<>

ص: 74

مسألة لو تعارض المقومون،
اشارة

فيحتمل تقديم بينة الاقل للاصل، و بينة الاكثر، لانها مثبتة، و القرعة لانها لكل امر مشتبه، و الرجوع الى الصلح لتشبث كل من المتبايعين بحجة شرعية ظاهرية.

و المورد غير قابل للحلف، لجهل كل منهما بالواقع، و تخيير الحاكم

______________________________

(مسألة: لو تعارض المقومون) فقال احدهم ان الارش مائة، و قال الآخر انه تسعون- مثلا- (فيحتمل تقديم بينة الاقل) اى المقوم الاقل الّذي هو بمنزلة البينة (للاصل) اى اصالة عدم ضمان الذمة بالعشرة فى المثال (و) يحتمل تقديم (بينة الاكثر، لانها مثبتة) و اذا تعارض النفى و الاثبات قدم بينة الاثبات، اذ المثبت مدّع، و على المدعى البينة، اما النافي فهو منكر و على المنكر اليمين، لا البينة، (و) يحتمل (القرعة لانها لكل امر مشتبه) و المقام منه (و) يحتمل (الرجوع الى الصلح) القهرى (لتشبث كل من المتبايعين بحجة شرعية ظاهرية) و لا دليل على تقديم احدهما على الآخر.

(و) ان قلت: نعطى الحكم لمن حلف.

قلت: (المورد غير قابل للحلف، لجهل كل منهما بالواقع) حسب الفرض، فتأمّل، او لانهما يحلفان، و انما نقول بالصلح- بمعنى تنصيف المقدار المشكوك فيه كالعشرة فى المثال- لانه مقتضى قاعدة العدل و الانصاف، كدرهم الودعى (و) يحتمل (تخيير الحاكم) بان يعطى الحكم

ص: 75

لامتناع الجمع و فقد المرجح.

[الأقوى وجوب الجمع بين البينات مهما أمكن]
اشارة

لكن الاقوى من الكل ما عليه المعظم من وجوب الجمع بينهما بقدر الامكان، لان كلا منهما حجة شرعية يلزم العمل به فاذا تعذر العمل به فى تمام مضمونه وجب العمل به فى بعضه.

______________________________

للاكثر او للاقل (لامتناع الجمع) بين القولين (و فقد المرجح) لاحد القولين، فلا بد من التخيير، و يحتمل احتمال سادس و هو تساقط القولين و الرجوع الى الاصل.

(لكن الاقوى من الكل) اى كل هذه الاقوال (ما عليه المعظم) و هو سابع الاحتمالات، و ان كان بالنتيجة يطابق الصلح- ان قلنا بان مراد من قال بالصلح: التصالح على النصف- (من وجوب الجمع بينهما بقدر الامكان) اى بقدر امكان الجمع، لا ان هناك صورة لا يمكن فيها الجمع كما لا يخفى.

و انما يجب الجمع بينهما (لان كلا منهما حجة شرعية يلزم العمل به) عملا مطلقا (فاذا تعذر العمل به فى تمام مضمونه) و مؤدّاه (وجب العمل به فى بعضه) سواء كان ذلك البعض نصفا او ثلثا فيما اذا كان المقومون ثلاثة او اكثر.

و لا يخفى ان هذا الكلام من المصنف مناف لما قرّره فى الاصول من تساقط الحجّتين.

و يؤيّد ما اخترناه فى الفقه و الاصول من لزوم اعمال الحجّتين حسب الامكان

ص: 76

فاذا قوم احدهما بعشرة، فقد قوّم كلا من نصفه بخمسة، و اذا قوم الآخر بثمانية، فقد قوم كلا من نصفه بأربعة، فيعمل بكل منهما فى نصف المبيع

و قولا هما و ان كانا متعارضين فى النصف أيضا كالكل فيلزم بما ذكر طرح كلا القولين فى النصفين، الا ان طرح قول كل منهما فى النصف مع العمل به فى النصف الآخر اولى فى مقام امتثال ادلة العمل بكل بيّنة من طرح كليهما، او إحداهما رأسا.

______________________________

(فاذا قوم احدهما) المتاع (بعشرة، فقد قوّم كلا من نصفه بخمسة، و اذا قوم الآخر) الكل (بثمانية، فقد قوم كلا من نصفه بأربعة، فيعمل)- بصيغة المجهول- (بكل منهما فى نصف المبيع) فاذا كان التفاوت بين الصحيح و المعيب: الربع، استرجع المشترى دينارين و ربعا.

(و) ان قلت: ان قول كل واحد يعارض قول الآخر فى كل نصف نصف فاللازم تساقط القولين.

قلت: (قولاهما و ان كانا متعارضين فى النصف أيضا كالكل فيلزم بما ذكر) من سقوط المتعارضين (طرح كلا القولين فى النصفين) و نتيجته طرح القولين رأسا (الا ان طرح قول كل منهما فى النصف مع العمل به فى النصف الآخر اولى فى مقام امتثال ادلة العمل بكل بيّنة) اذ الدليل شامل لكلتا البيّنتين (من طرح كليهما) و الرجوع الى امر ثالث (او إحداهما) و اخذ الاخرى (رأسا) لان الموافقة الاحتمالية اولى من المخالفة القطعية، و الموافقة الاحتمالية و ان كانت فى الاخذ بإحداهما أيضا، الا ان هذا النوع من الموافقة الاحتمالية اقرب الى الامتثال-

ص: 77

و هذا معنى قولهم ان الجمع بين الدليلين و العمل بكل منهما- و لو من وجه- اولى من طرح احدهما رأسا.

و لذا جعل فى تمهيد القواعد من فروع هذه القاعدة الحكم بالتنصيف فيما لو تعارضت البيّنتان فى دار فى يد رجلين يدعيهما كل منهما، بل ما نحن فيه اولى بمراعات هذه القاعدة من الدليلين المتعارضين فى احكام الله تعالى لان الاخذ باحدهما كلية و ترك الآخر كذلك فى التكاليف

______________________________

عرفا- من الاخذ بإحداهما كلا و طرح الاخرى رأسا- كما لا يخفى-.

(و هذا) الّذي ذكرناه من الاخذ بقول كل واحد منهما فى النصف (معنى قولهم ان الجمع بين الدليلين و العمل بكل منهما- و لو من وجه- اولى من طرح احدهما رأسا) و العمل بالآخر كلا.

(و لذا) الّذي ذكرناه من الاولوية (جعل فى تمهيد القواعد من فروع هذه القاعدة) اى قاعدة الجمع (الحكم بالتنصيف فيما لو تعارضت البيّنتان فى دار فى يد رجلين يدعيهما) اى يدعى تمام الدار (كل منهما)

و على هذا فلو ادعى احدهما الكل، و الآخر النصف، كان لمدّعى الكل ثلاثة ارباع الدار، و لمدعى النصف ربع الدار، و هكذا (بل ما نحن فيه) من تعارض المقوّمين (اولى بمراعات هذه القاعدة) اى قاعدة الجمع مهما امكن اولى (من) اعمال هذه القاعدة فى (الدليلين المتعارضين فى احكام الله تعالى).

و وجه الاولوية (لان الاخذ باحدهما كلية و ترك الآخر كذلك) كلية فى احكام اللّه تعالى (فى التكاليف

ص: 78

الشرعية الإلهية لا ينقص عن التبعيض من حيث مراعات حق الله سبحانه لرجوع الكل الى امتثال امر الله سبحانه بخلاف مقام التكليف باحقاق حقوق الناس، فان فى التبعيض جمعا بين حقوق الناس و مراعاة للجميع و لو فى الجملة.

و لعلّ هذا

______________________________

الشرعية الإلهية).

كما اذا علم انه نذر اما ان يتزوج هاتين المرأتين، او ان يترك زواجهما، فان زواجهما معا، او تركهما معا (لا ينقص عن التبعيض) بزواج إحداهما و ترك الاخرى (من حيث مراعات حق الله سبحانه) «من» متعلق ب «لا ينقص» اى ان الاطاعة فى جانب و ترك الجانب الآخر حاله حال اطاعة النصف و ترك النصف (لرجوع الكل) اى كل واحد من اطاعة جانب او اطاعة بعض الجانب (الى امتثال امر الله سبحانه) فهو ممتثل لله تعالى على كلا التقديرين، منتهى الامر يختلف الامتثال.

فربما يمتثل كل جانب و يترك كل جانب آخر و ربما يمتثل بعض جانب و يترك بعض جانب (بخلاف مقام التكليف) اى تكليف الحاكم الشرعى (باحقاق حقوق الناس) و ايصالها إليهم (فان فى التبعيض) باعطاء كل واحد من المدعيين نصف الدار- فى المثال- (جمعا بين حقوق الناس و مراعاة للجميع) اى لكل اطراف الدعوى (و لو فى الجملة) باعطاء كل منهما نصف ما يدعيه بخلاف ما اذا اعطى الدار لاحدهما فان فيه تضييعا لحق من لم يعطه شيئا.

(و لعلّ هذا) الّذي ذكرناه من ان فى التبعيض جمعا لحقوق

ص: 79

هو السر فى عدم تخيير الحاكم عند تعارض اسباب حقوق الناس فى شي ء من الموارد.

و قد يستشكل ما ذكرنا تارة بعدم التعارض بينهما عند التحقيق، لان مرجع بينة النفى الى عدم وصول نظرها و حدسها الى الزيادة، فبينة الاثبات المدعية للزيادة، سليمة.

و اخرى بان الجمع فرع عدم اعتضاد احدى البيّنتين بمرجح، و اصالة البراءة هنا مرجحة للبيّنة الحاكمة بالاقل.

______________________________

الناس- و هو اولى من اعطاء الحق لاحدهما و حرمان الآخر- (هو السر فى عدم تخيير الحاكم) الشرعى (عند تعارض اسباب حقوق الناس فى شي ء من الموارد) «فى» متعلق ب «عدم تخيير» بل اللازم عليه الجمع.

(و قد يستشكل ما ذكرنا) من الجمع بين المقوّمين (تارة بعدم التعارض بينهما عند التحقيق) و الواقع و ان كان بينهما تعارض بحسب الظاهر (لان مرجع بينة النفى) الّذي يقول بان القيمة تسعون- مثلا- (الى عدم وصول نظرها و حدسها الى الزيادة) عن تسعين فى المثال (فبينة الاثبات المدعية للزيادة) و ان القيمة مائة (سليمة) عن المعارض فاللازم العمل على بينة الاثبات.

(و) تارة (اخرى بان الجمع) بين البيّنتين (فرع عدم اعتضاد احدى البيّنتين بمرجح) و الا قدمت على ما ليس لها مرجّح- كما هو الميزان فى باب التعادل و الترجيح- (و اصالة البراءة) عن الزائد (هنا مرجحة للبيّنة الحاكمة بالاقل) فتقدم بينة الاقل على بينة الاكثر، و هذا مقابل

ص: 80

و ثالثة بان فى الجمع مخالفة قطعية و ان كان فيه موافقة قطعية.

لكن التخيير الّذي لا يكون فيه الا مخالفة احتمالية اولى منه.

و يندفع الاول: بان المفروض ان بينة النفى تشهد بالقطع على نفى الزيادة واقعا، و ان بذل الزائد فى مقابل المبيع سفه.

و يندفع الثانى بما قررناه فى الاصول من ان الاصول الظاهرية

______________________________

الاشكال الاول الّذي حكم بتقدم بينة الاكثر.

(و ثالثة بان فى الجمع مخالفة قطعية) فى الجملة، لانه مخالف لكلتا البيّنتين، فأيّ منهما لا يقول بالتسعة، فاخذنا بالتسعة- فى مثال المصنف- مخالف لهما (و ان كان فيه) اى فى الجمع (موافقة قطعية) أيضا، لانه موافق لكل واحد منهما فى نصف كلامه.

(لكن التخيير الّذي لا يكون فيه الا مخالفة احتمالية) لانه اذا عملنا باحدهما احتملنا المخالفة، كما نحتمل الموافقة للواقع (اولى منه) اى من الجمع.

(و) لكن هذه الاشكالات كلها غير تامة.

اذ (يندفع الاول: بان المفروض) فى كلامنا الّذي نقول فيه بالجمع (ان بينة النفى تشهد بالقطع على نفى الزيادة واقعا) لا انه يقول: لم يصل نظره الى الزائد (و ان بذل الزائد فى مقابل المبيع سفه) لا يقدم عليه العقلاء.

(و يندفع الثانى بما قررناه فى الاصول من ان الاصول الظاهرية)

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 14، ص: 82

ص: 81

لا تصير مرجحة للادلة الاجتهادية، بل تصلح مرجعا فى المسألة لو تساقط الدليلان من جهة ارتفاع ما هو مناط الدلالة فيهما لاجل التعارض، كما فى الظاهرين المتعارضين، كالعامّين من وجه المطابق

______________________________

كالبراءة و الاحتياط و الاستصحاب و التخيير (لا تصير مرجحة للادلة الاجتهادية) اى الامارات و الطرق، و ذلك لان موضوع الاصول هو الشك و موضوع الطرق و الامارات هو الموضوع الواقعى و ان كان الشك اخذ ظرفا فيها.

و من المعلوم ان الشي ء بما هو هو- الّذي هو موضوع الطرق و الامارات- غير الشي ء بما هو مشكوك- الّذي هو موضوع الاصول- و ما نراه فى كتب الفقه من ذكرهم البراءة او الاستصحاب او الاحتياط فى عداد الادلة الاجتهادية، ليس ذاك الا لبيان ان المرجع فيه هذه الادلة، بعد عدم تمامية الادلة الاجتهادية (بل تصلح) البراءة (مرجعا فى المسألة لو تساقط الدليلان) المتعارضان (من جهة ارتفاع ما هو مناط الدلالة فيهما) و مناط الدلالة هو اصالة الظهور، و مراده من الدلالة الظهور.

و انما ترتفع اصالة الظهور (لاجل التعارض) فان العقلاء انما يعملون بالظاهر اذا لم يكن له معارض، فاذا كان معارضا بظاهر آخر لم يعمل العقلاء باىّ منهما (كما فى الظاهرين المتعارضين، كالعامّين من وجه) مثل: اكرم العلماء و لا تكرم الفساق المتعارضين فى العالم الفاسق حيث يشمله «اكرم» لانه عالم و «لا تكرم» لانه فاسق فيتساقطان (المطابق

ص: 82

احدهما للاصل، و ما نحن فيه ليس من هذا القبيل.

و الحاصل ان بينة الزيادة تثبت امرا مخالفا للاصل، و معارضتها بالاخرى النافية لها لا يوجب سقوطها بالمرة، لفقد المرجح.

______________________________

احدهما للاصل) اى اصالة عدم وجوب الاكرام، فانا نرجع الى الاصل حينئذ بعد تساقطهما (و ما نحن فيه) اى البيّنتان المتعارضتان (ليس من هذا القبيل) اى من قبيل الظاهرين المتعارضين فى سقوط مناط الظهور فان الظهور مأخوذ فى موضوعه الشك بالواقع، فاذا علمنا بخلاف احد الظهورين، سقط الشك الّذي هو مناط الظهور فى احدهما- على الاجمال- و حيث لا ترجيح لاحدهما على الآخر، سقط الظهوران.

اما ما نحن فيه فان البينة تبقى على دلالتها على مفاد كلامها، و ان كانت معارضة ببيّنة اخرى.

و الحاصل: ان الظهور يسقط بالمعارضة، و البينة ظهورها لا يسقط بالمعارضة، و حيث ان البينة لا تسقط، فلا تصل النوبة الى الاصول.

(و الحاصل ان بينة الزيادة) التى تقول بانها تسوى مائة (تثبت امرا مخالفا للاصل) اذ الاصل عدم زيادة العشرة (و معارضتها بالاخرى) التى تقول انه بتسعين (النافية لها) اى للزيادة (لا يوجب سقوطها) اى سقوط الزيادة (بالمرة، لفقد المرجح) اى لان الزيادة لا مرجح لها، بخلاف النقيصة التى لها مرجح و المرجح هو الاصل، و «لفقد» علة ل «سقوط»

و انما لا يوجب لما عرفت من بقاء الظهور حتى مع المعارضة

ص: 83

فيجمع بين النفى و الاثبات بالنصفين.

و يندفع الثالث بان ترجيح الموافقة الاحتمالية غير المشتملة على المخالفة القطعية على الموافقة القطعية المشتملة عليها انما هو فى مقام الاطاعة و المعصية

______________________________

(ف) حيث لم تسقط بينة الزيادة (يجمع بين النفى) للعشرة (و الاثبات) لها (بالنصفين) نصف العشرة نعطيه لبينة الاثبات و نصف العشرة نعطيه لبينة النفى

(و يندفع الثالث) الّذي قال بان فى الجمع مخالفة قطعية، و الموافقة الاحتمالية اولى (بان ترجيح الموافقة الاحتمالية غير المشتملة على المخالفة القطعية) «غير» صفة «الموافقة» اى ترجيح عدم التنصيف فى العشرة (على الموافقة القطعية) باعطائه النصف، اى الخمسة (المشتملة) تلك الموافقة (عليها) اى على المخالفة القطعية لان الخمسة ليست موافقة لمن يقول بالعشرة الزائدة، و لا لمن يقول بعدم العشرة اصلا، فاذا اعطيناه خمسة و تسعين، فقد خالفنا كلتا البيّنتين.

فترجيح الاحتمال على القطع (انما هو فى مقام الاطاعة و المعصية) فالاطاعة الاحتمالية اولى من العصيان القطعى، فاذا علم بانه نذر اما ان يجلس فى المسجد طول النهار، او نذر ان لا يجلس فى المسجد طول النهار، فالاولى اما ان يجلس كل النهار او يترك كله، لا ان يجلس بعض النهار و يترك بعضه.

فالموافقة الاحتمالية المشتملة على المخالفة الاحتمالية، اولى من الموافقة القطعية فى نصف النهار المشتملة على المخالفة القطعية فى نصف

ص: 84

الراجعتين الى الانقياد و التجرى، حيث ان ترك التجرى اولى من تحصيل العلم بالانقياد بخلاف مقام احقاق حقوق الناس، فان مراعات الجميع اولى من اهمال احدهما رأسا، و ان اشتمل على اعمال الآخر، اذ ليس الحق فيها لواحد معين كما فى حقوق اللّه سبحانه.

______________________________

النهار (الراجعتين الى الانقياد) فى الموافقة الاحتمالية (و التجرى) فى المخالفة الاحتمالية (حيث ان ترك التجرى) فى نصف النهار (اولى من تحصيل العلم بالانقياد) فى نصف النهار.

و الحاصل: ان من يجلس نصف النهار فقط، فقد حصل له العلم بالانقياد فى نصف النهار، و لكن أيضا تجرّى فى نصف النهار بالعصيان اما اذا تلبس اما بالجلوس او بالترك، فلم يقطع بالتجرى، فامره دائر بين ان يجلس النصف حتى يكون متجريا قطعا، او ان يلتبس باحدهما حتى لا يقطع بالتجرى، و الاول اولى بنظر العقلاء.

اقول: و عندى فى ذلك نظر اذ لم نحرز من العقلاء الاولوية (بخلاف مقام احقاق حقوق الناس، فان مراعات الجميع اولى من اهمال احدهما رأسا، و ان اشتمل) اهمال احدهما رأسا (على اعمال الآخر) كلا.

فوجه الفرق بين حق الله و حق الناس (اذ ليس الحق فيها) اى فى حقوق الناس (لو احد معين) حتى يتحقق الانقياد له على كل تقدير اى بترك الكل او فعل الكل (كما فى حقوق الله سبحانه) حيث ان الحق لواحد

اما على ما نختاره فالجمع فى حقوق الناس لما ذكر، و التخيير بين الجمع او الانقياد الاحتمالى يكون فى حقوق الله تعالى.

ص: 85

ثم ان قاعدة الجمع حاكمة على دليل القرعة لان المأمور به هو العمل بكل من الدليلين، لا بالواقع المردّد بينهما، اذ قد يكون كلاهما مخالفا للواقع.

فهما سببان مؤثران- بحكم الشارع- فى

______________________________

ففى مثال النذر له ان يجلس فى كل النهار و له ان يترك فى كل النهار، و له ان يجلس بعضا و يترك بعضا- حسب ما نراه من بناء العقلاء فى مثل هذه الموارد المشكوكة-.

(ثم ان قاعدة الجمع حاكمة على دليل القرعة) فلا مجال للقرعة بعد الجمع (لان المأمور به هو العمل بكل من الدليلين) اذا دلة البيّنة تشملهما (لا بالواقع المردّد بينهما) و دليل القرعة انما يأتى فيما اذا كان هناك واقع مردّد يجب العمل به، و فى مقامنا نشكّ فى انه هل هناك واقع بين البيّنتين، أم لا؟ (اذ قد يكون كلاهما مخالفا للواقع) و القيمة الحقيقية ثمانون او مائة و عشرون فلا واقع بين البيّنتين حتى تكون القرعة كاشفة عنه.

اللهم الا ان يقال ان لفظ «مشكل» فى دليل القرعة يشمل الواقع المردّد و المقام الّذي يحتمل انه لا واقع بينهما، مع ان له واقعا قطعا و لا واقع له اصلا كما اذا اطلق إحداهن بصيغة المجهول، كما قال به جمع من الفقهاء حيث يعينها بالقرعة، او اقرع لطلاق واحدة فيمن اسلم عن خمس

(ف) ان قلت: اذا لم يكن واقع بينهما فكيف تكون البينة واجبة الاتباع، و هل تكون البينة الا طريقا الى كشف الواقع المجهول.

قلت: (هما) اى البيّنتان (سببان مؤثران- بحكم الشارع- فى

ص: 86

حقوق الناس، فيجب مراعاتها و اعمال اسبابها بقدر الامكان، اذ لا ينفع توفية حق واحد مع اهمال حق الآخر رأسا على النهج الّذي ذكرنا من التنصيف فى المبيع.

ثم ان المعروف فى الجمع بين البيّنات الجمع بينهما فى قيمتى الصحيح فيؤخذ من القيمتين للصحيح نصفهما، و من الثلث ثلثهما و من

______________________________

حقوق الناس) فالبيّنة لها موضوعية لا طريقية (فيجب مراعاتها) اى مراعات حقوق الناس (و اعمال اسبابها) اى اسباب الحقوق، و من تلك الاسباب البيّنة (بقدر الامكان) و القدر الممكن هنا التنصيف (اذ لا ينفع) فى باب مراعات حقوق الناس كلهم (توفية حق واحد) من الطرفين، بان نقول ان القيمة مائة، او نقول: ان القيمة تسعون، ففى كل واحد منهما توفية حق واحد (مع اهمال حق الآخر رأسا على النهج الّذي ذكرنا من التنصيف فى المبيع).

فاذا قلنا ان القيمة مائة و الارش العشر، كان اللازم اعادة عشرة و هذا يوجب اهمال حق البائع.

و اذا قلنا ان القيمة تسعون كان اللازم اعادة تسعة، و هذا يوجب اهمال حق المشترى، بخلاف ما اذا اعدنا تسعة و نصف، فانه جمع بين الحقين، كما لا يخفى.

(ثم ان المعروف) بين الفقهاء (فى الجمع بين البيّنات الجمع بينهما فى قيمتى الصحيح) او قيمة المعيب (فيؤخذ من القيمتين للصحيح نصفهما، و من الثلث ثلثها و من

ص: 87

الاربع ربعهما و هكذا فى المعيب ثم يلاحظ النسبة بين المأخوذ للصحيح، و بين المأخوذ للمعيب، و يؤخذ بتلك النسبة، فاذا كان احدى قيمتى الصحيح اثنى عشر و الاخرى ستة و احدى قيمتى المعيب أربعة و الاخرى اثنين اخذ للصحيح تسعة، و للمعيب ثلاثة، و التفاوت بالثلثين فيكون الارش ثلثي الثمن.

و يمكن أيضا على وجه التنصيف فيما به التفاوت بين القيمتين بان تعمل فى نصفه

______________________________

الاربع ربعهما و هكذا) من الخمس خمسهما الى ما فوق و يؤخذ (فى المعيب) بعد الجمع بين قيم المعيب (ثم يلاحظ النسبة بين المأخوذ للصحيح، و بين المأخوذ للمعيب، و يؤخذ) الارش (بتلك النسبة، فاذا كان احدى قيمتى الصحيح اثنى عشر) حسب تقويم احدى البيّنتين (و الاخرى) للصحيح (ستة) حسب تقويم البيّنة الثانية (و) كانت (احدى قيمتى المعيب أربعة) سواء حدّدتها احدى البيّنتين المقوّمتين للصحيح او بينة خارجية (و الاخرى اثنين اخذ) فى مقام الارش (للصحيح تسعة) نصف مجموع اثنى عشر و ستة (و للمعيب ثلاثة) نصف مجموع أربعة و اثنين (و التفاوت) بين الصحيح و المعيب (بالثلثين فيكون الارش ثلثي الثمن) سواء كان الثمن بقدر احدى القيم التى ذكرتها البيّنة، أم لا، مثل ان تكون القيمة خمسة عشر.

(و يمكن أيضا) معرفة الارش بوجه آخر، و هو (على وجه التنصيف فيما به التفاوت بين القيمتين بان تعمل فى نصفه) اى نصف المبيع

ص: 88

بقول المثبت للزيادة، و فى نصفه الآخر بقول النافي فاذا قومه إحداهما باثنى عشر و الاخرى بثمانية اخذ فى نصف الاربعة بقول المثبت و فى نصفها الآخر بقول النافي جمعا بين حقى البائع و المشترى

______________________________

(بقول المثبت للزيادة، و فى نصفه الآخر بقول النافي) للزيادة (فاذا قومه إحداهما) اى احدى البينتين (باثنى عشر و) البينة (الاخرى بثمانية اخذ فى نصف الاربعة) و هى مقدار التفاوت بين الصحيح على البينة الاولى، و الصحيح على البينة الثانية (بقول المثبت) الّذي يقول ان القيمة اثنى عشر (و فى نصفها الآخر بقول النافي) الّذي يقول ان القيمة ثمانية

و معنى ذلك ان نجعل قيمة البضاعة عشرة، و نضيف على الثمانية اثنين، و ننقص من الاثنى عشر اثنين فتكون قيمة الصحيح عشرة (جمعا بين حقى البائع) الّذي يريد اعطاء ارش اقل (و المشترى) الّذي يريد ان يأخذ ارشا اكثر.

مثلا: اذا قوم الصحيح احدهما اثنا عشر، و الآخر بثمانية و قوم المعيب احدهما عشرة، و الآخر أربعة.

فعلى الطريقة الاولى نجمع بين الاثنى عشر و الثمانية فيصير عشرين، و نصفه عشرة، فالعشرة قيمة الصحيح، و نجمع بين العشرة و الاربعة فيصير أربعة عشر و نصفه سبعة و النسبة بين العشرة و بين السبعة ثلاثة اعشار، فيرد البائع على المشترى ثلاثة اعشار الثمن.

و على الطريقة الثانية نجعل القيمة للصحيح عشرة حيث نعطى نصف الاربعة الى الثمانية، و ننقص نصف الاربعة من الاثنى عشر و نجعل القيمة

ص: 89

لكن الاظهر هو الجمع على النهج الاول.

و يحتمل الجمع بطريق آخر، و هو ان يرجع الى البينة فى مقدار التفاوت و يجمع بين البيّنات فيه من غير ملاحظة القيم، و هذا منسوب الى الشهيد قدس سره على ما فى الروضة.

و حاصله قد يتحد مع طريق المشهور كما فى المثال المذكور، فان التفاوت بين الصحيح و المعيب على قول كل من البيّنتين بالثلثين، كما ذكرنا فى الطريق الاول.

______________________________

للمعيب سبعة حيث نضيف نصف الستة الى الاربعة، و ننقص نصف الستة عن العشرة، فيرد البائع على المشترى ثلاثة اعشار الثمن أيضا.

و قد عرفت ان لا فرق بينهما فى النتيجة- هذا كله هو الجمع بطريق المشهور، لكن باسلوبين- (لكن الاظهر هو الجمع على النهج الاول).

(و يحتمل الجمع بطريق آخر، و هو ان يرجع الى البينة فى مقدار التفاوت) بين صحيح و صحيح آخر، و التفاوت بين معيب و معيب آخر (و يجمع بين البيّنات فيه) اى فى التفاوت (من غير ملاحظة القيم) لا قيمة الصحيح و لا قيمة المعيب (و هذا منسوب الى الشهيد قدس سره على ما فى الروضة).

(و حاصله) اى حاصل هذا الجمع (قد يتحد مع طريق المشهور كما فى المثال المذكور، فان التفاوت بين الصحيح و المعيب على قول كل من البيّنتين) اى بينة الزيادة، و بينة النقيصة (بالثلثين، كما ذكرنا فى الطريق الاول) و هو طريق المشهور، فالتفاوت بين الاثنى عشر و الثمانية بالثلثين

ص: 90

و قد يختلفان كما اذا كانت احدى قيمتى الصحيح اثنى عشر، و الاخرى ثمانية، و قيمة المعيب على الاول عشرة، و على الثانى خمسة.

فعلى الاول يؤخذ نصف مجموع قيمتى الصحيح اعنى العشرة، و نصف قيمتى المعيب، و هو سبعة و نصف، فالتفاوت بالربع، فالارش ربع الثمن اعنى ثلاثة من اثنى عشر- لو فرض الثمن اثنى عشر-.

و على الثانى يؤخذ التفاوت بين الصحيح و المعيب على احدى البيّنتين بالسدس.

______________________________

و كذلك التفاوت بين الستة و الاثنين أيضا بالثلثين.

(و قد يختلفان) فالارش بطريق المشهور يزيد او ينقص عن الارش بطريق الشهيد (كما اذا كانت احدى قيمتى الصحيح اثنى عشر، و) القيمة (الاخرى ثمانية، و قيمة المعيب على الاول عشرة، و على الثانى خمسة)

(ف) اما (على الاول) اى على تقويم المشهور (يؤخذ نصف مجموع قيمتى الصحيح) و (اعنى) بالنصف (العشرة، و) يؤخذ (نصف قيمتى المعيب، و هو) اى النصف (سبعة و نصف، فالتفاوت) بين عشرة و بين سبعة و نصف (بالربع، فالارش ربع الثمن اعنى ثلاثة من اثنى عشر- لو فرض الثمن اثنى عشر-).

(و) اما (على الثانى) و هو طريق الشهيد (يؤخذ التفاوت بين الصحيح و المعيب على احدى البيّنتين بالسدس) لان التفاوت بين اثنى عشر، و بين عشرة: السدس.

ص: 91

و على الاخرى ثلاثة اثمان، و ينصف المجموع اعنى ستة و نصفا، من اثنى عشر جزءا، و يؤخذ نصفه و هو ثلاثة و ربع، و قد كان فى الاول ثلاثة، و قد ينقص عن الاول.

كما اذا اتفقا على ان قيمة المعيب ستة، و قال إحداهما قيمة الصحيح ثمانية، و قال الاخرى عشرة.

فعلى الاول يجمع القيمتان و يؤخذ نصفهما

______________________________

(و على) البينة (الاخرى ثلاثة اثمان) لان التفاوت بين ثمانية و خمسة ثلاثة اثمان (و ينصف المجموع) اى مجموع التفاوتين (اعنى ستة و نصفا، من اثنى عشر جزءا) اذ ثلاثة اثمان اثنى عشر، أربعة و نصف، و سدس اثنى عشر اثنان، فالمجموع ستة و نصف من اثنى عشر (و يؤخذ نصفه) اى نصف مجموع التفاوت (و هو ثلاثة و ربع) فاللازم ان يدفع البائع الى المشترى ثلاثة و ربع، اذا كان الثمن اثنى عشر- حسب الفرض- (و قد كان) الارش (فى الاول) و هو حساب المشهور (ثلاثة) فقد زاد الارش على حساب الشهيد عن الارش على حساب المشهور بالربع اى ربع نصف السدس فى هذا المثال (و قد ينقص) الارش على حساب الشهيد (عن الاول) الّذي هو الارش على حساب المشهور.

(كما اذا اتفقا) اى البيّنتان (على ان قيمة المعيب ستة، و قال إحداهما قيمة الصحيح ثمانية، و قال الاخرى عشرة).

(فعلى الاول) الّذي هو حساب المشهور (يجمع القيمتان و يؤخذ نصفهما) اى نصف الصحيحين- و هما ثمانية و عشرة- فيكون نصفهما

ص: 92

تسعة و نسبته الى الستة بالثلث.

و على الثانى يكون التفاوت على احدى البيّنتين ربعا.

و على الاخرى خمسين فيؤخذ نصف الربع و نصف الخمسين فيكون ثمنا و خمسا و هو ناقص عن الثلث بنصف خمس.

______________________________

(تسعة) فهذا قيمة الصحيح (و نسبته الى الستة) التى هى قيمة المعيب (بالثلث) فاللازم ان يرد البائع الى المشترى ثلث الثمن، و هو أربعة- اذا فرضنا ان قيمة المبيع اثنى عشر-.

(و على الثانى) و هو حساب الشهيد (يكون التفاوت) بين الصحيح و المعيب (على احدى البيّنتين) و هى التى تقول: بان الصحيح ثمانية و المعيب ستة (ربعا) لان اثنين ربع الثمانية.

(و على) البينة (الاخرى خمسين) لانها قالت: الصحيح عشرة و المعيب ستة، و التفاوت بأربعة، و هى خمسان من العشرة (فيؤخذ نصف الربع) من اثنى عشر- حسب فرض انه قيمة المبيع- و هى واحد و نصف (و نصف الخمسين) اى الخمس، و هو اثنان و خمسان من اثنى عشر (فيكون ثمنا و خمسا) و المجموع ثلاثة و أربعة اخماس و نصف اى ثلاثة اعداد و تسعة اعشار (و هو) اى الارش على حساب الشهيد (ناقص عن الثلث) الّذي هو أربعة (بنصف خمس) اى واحد من عشرة.

و ان شئت قلت: ان الثمن اذا كان اثنى عشر دينارا، فالارش على حساب المشهور أربعة دنانير، و على حساب الشهيد ثلاثة دنانير و تسعمائة فلسا، لان كل دينار الف فلس.

ص: 93

[صور اختلاف المقومين]
اشارة

توضيح هذا المقام ان الاختلاف

[الاختلاف في الصحيح فقط]

اما ان يكون فى الصحيح فقط مع اتفاقهما على المعيب.

و اما ان يكون فى المعيب فقط.

و اما ان يكون فيهما، فان كان فى الصحيح فقط كما فى المثال الاخير، فالظاهر التفاوت بين الطريقين دائما، لانك قد عرفت ان الملحوظ على طريق المشهور نسبة المعيب الى مجموع نصفى قيمتى الصحيح

______________________________

(توضيح هذا المقام) و انه فى اى مورد يكون حساب المشهور و الشهيد متساويين، و فى اى مورد يزيد حساب المشهور على حساب الشهيد و فى اى مورد ينقص حساب المشهور عن حساب الشهيد (ان الاختلاف) بين المقوّمين على ثلاثة اقسام.

ف (اما) الاوّل (ان يكون فى الصحيح فقط مع اتفاقهما على المعيب)

(و اما) الثانى: (ان يكون) الاختلاف (فى المعيب فقط) مع اتفاقهما على الصحيح.

(و اما) الثالث: (ان يكون) الاختلاف (فيهما) اى فى الصحيح، و المعيب (فان كان) الاختلاف (فى الصحيح فقط) و هو القسم الاول (كما فى المثال الاخير) و هو ما اذا اتفقتا على ان قيمة المعيب ستة، و قالت إحداهما ان قيمة الصحيح ثمانية، و قالت الاخرى عشرة (فالظاهر التفاوت بين الطريقين دائما) و هما طريق الشهيد و طريق المشهور (لانك قد عرفت ان الملحوظ على طريق المشهور نسبة المعيب) الواحد لفرض اتفاقهما فى المعيب (الى مجموع نصفى قيمتى الصحيح

ص: 94

المجعول قيمة متنزعة و على الطريق الآخر نسبة المعيب الى كل من من القيمتين المستلزمة لملاحظة اخذ نصفه مع نصف الآخر ليجمع بين البيّنتين فى العمل.

و المفروض فى هذه الصورة ان نسبة المعيب الى مجموع نصفى قيمتى الصحيح

______________________________

المجعول قيمة منتزعة) «المجعول» صفة «مجموع» (و على الطريق الآخر) اى طريق الشهيد (نسبة المعيب الى كل من القيمتين) فالمعيب تارة ينسب الى هذا الصحيح، و تارة اخرى ينسب الى ذلك الصحيح (المستلزمة لملاحظة اخذ نصفه) اى نصف حاصل النسبة الاولى (مع نصف الآخر) اى مع نصف حاصل النسبة الثانية (ليجمع بين البينتين فى العمل).

فمثلا: قوم احدهما الصحيح بأربعة، و قومه الآخر بخمسة، و كلاهما قوما المعيب بثلاثة.

فعلى المشهور يجمع بين الاربعة و الخمسة، و ينصف فيصير أربعة و نصف، فينسب الثلاثة الى الاربعة و النصف.

و على طريقة الشهيد ينسب الواحد و النصف الى اثنين مرة و ينسب الواحد و النصف باثنين و نصف مرة اخرى، و النسبة الاولى ثلاثة ارباع و النسبة الثانية ثلاثة اخماس، فيجمع بين نصف ثلاثة ارباع، و نصف ثلاثة اخماس.

(و المفروض فى هذه الصورة) اى القسم الاول الّذي هو وحدة المعيب و تعدد الصحيح (ان نسبة المعيب الى مجموع نصفى قيمتى الصحيح)

ص: 95

التى هى طريقة المشهور، مخالفة لنسبة نصفه الى كل من النصفين لان نسبة الكل الى الكل تساوى نسبة نصفه الى كل من نصفى ذلك الكل و هو الاربعة و النصف فى المثال، لا الى كل من النصفين المركب منهما ذلك الكل، كالاربعة و الخمسة بل النصف

______________________________

كنسبة الثلاثة الى الاربعة و النصف- فى مثالنا- (التى هى طريقة المشهور، مخالفة لنسبة نصفه) اى نصف المعيب، كواحد و نصف- فى مثالنا- (الى كل من النصفين) اى الى اثنين و نصف مرة، و الى اثنين مرة اخرى.

و انما كانت مخالفة (لان نسبة الكل الى الكل تساوى نسبة نصفه الى كل من نصفى ذلك الكل).

فمثلا: نسبة الاربعة الى العشرة تساوى نسبة الاثنين الى خمسة مرة، و الى خمسة أيضا مرة اخرى، فان أربعة اعشار تساوى خمسين لخمسة، و خمسين لخمسة اخرى (و هو) اى كل من نصفى ذلك الكل (الاربعة و النصف فى المثال) و هو مثال المصنف، و هو ان قيمة المعيب ستة على كلا القولين و ان قيمة الصحيح ثمانية على قول إحداهما و عشرة على قول الاخرى.

فنسبة الاربعة الى التسعة تساوى نسبة الثلاثة الى كل من أربعة و نصف و أربعة و نصف (لا الى كل من النصفين المركب منهما ذلك الكل) اى كل من البعضين و هما (كالاربعة و الخمسة)- فى مثال المصنف- و المركب منهما ذلك الكل هو تسعة، لانهار كبت من الاربعة و الخمسة.

و انما قلنا «لا» لما اشار إليه بقوله: (بل) نسبة (النصف) اى الثلاثة

ص: 96

المنسوب الى احد بعض المنسوب إليه كالاربعة نسبة مغايرة لنسبته الى البعض الآخر اعنى الخمسة، و هكذا غيره من الامثلة.

[الاختلاف في المعيب فقط]

و ان كان الاختلاف فى المعيب فقط فالظاهر عدم التفاوت بين الطريقين ابدا لان نسبة الصحيح الى نصف مجموع قيمتى المعيب- على ما هو طريق المشهور- مساوية لنسبة نصفه الى نصف إحداهما

______________________________

- فى مثال المصنف- (المنسوب الى احد بعض المنسوب إليه) و المنسوب إليه هو تسعة، واحد بعضه (كالاربعة) فنسبة الثلاثة إليها (نسبة مغايرة لنسبته الى البعض الآخر اعنى الخمسة).

اذ نسبة الثلاثة الى الاربعة ثلاثة ارباع، و نسبة الثلاثة الى الخمسة ثلاثة اخماس.

لكن لا يخفى ان هذا الدليل غير كاف فى افادة الكلية، فاثبات الكلية بحاجة الى الاستقراء، او الى دليل آخر.

فقوله: (و هكذا غيره من الامثلة) يحتاج الى احد الامرين من الاستقراء او الدليل القطعى.

(و ان كان الاختلاف) بين المقوّمين (فى المعيب فقط) مع اتفاقهما على الصحيح (فالظاهر عدم التفاوت بين الطريقين) و هما طريق المشهور و طريق الشهيد (ابدا، لان نسبة الصحيح) المتّفق عليه (الى نصف مجموع قيمتى المعيب- على ما هو طريق المشهور-) حيث يجمعون قيمتى المعيب و ينصفونهما، و ينسبون الصحيح الى ذلك النصف (مساوية لنسبة نصفه) اى نصف الصحيح (الى نصف إحداهما) اى احدى القيمتين

ص: 97

و نصفه الآخر الى نصف الاخرى، كما اذا اتفقا على كون الصحيح اثنى عشر، و قالت إحداهما المعيب ثمانية، و قالت الاخرى ستة فان تفاوت السبعة و الاثنى عشر الّذي هو طريق المشهور مساو لنصف مجموع تفاوتى الثمانية الاثنى عشر و الستة مع الاثنى عشر، لان نسبة الاولين بالثلث و الآخرين بالنصف و نصفهما السدس و الربع.

و هذا بعينه تفاوت السبعة و

______________________________

للمعيب (و) نسبة (نصفه الآخر) اى النصف الثانى للصحيح (الى نصف) القيمة (الاخرى) للمعيب.

و ذلك (كما اذا اتفقا على كون الصحيح اثنى عشر، و) اختلفا فى المعيب، ف (قالت إحداهما المعيب ثمانية، و قالت الاخرى) المعيب (ستة)- فمجموعهما أربعة عشر، و نصفهما سبعة- (فان تفاوت السبعة) نصفى المعيبين (و الاثنى عشر) قيمة الصحيح (الّذي هو طريق المشهور) حيث ينسبون الصحيح الى نصف قيمة المعيبين (مساو لنصف مجموع تفاوتى الثمانية مع الاثنى عشر) فيكون تفاوت الثمانية مع الاثنى عشر بالثلث (و الستة مع الاثنى عشر) و يكون تفاوت الستة مع الاثنى عشر بالنصف (لان نسبة الاولين) اى الثمانية و الاثنى عشر (بالثلث) فان الثمانية تنقص عن الاثنى عشر بمقدار ثلث الاثنى عشر (و) نسبة (الآخرين) و هما الستة و الاثنى عشر (بالنصف) فان الستة نصف الاثنى عشر (و نصفهما) اى الاولين و الآخرين (السدس و الربع).

(و) من المعلوم ان (هذا) السدس و الربع (بعينه تفاوت السبعة و

ص: 98

الاثنى عشر.

[الاختلاف في الصحيح و المعيب معا]

و ان اختلفا فى الصحيح و المعيب فان اتحدت النسبة بين الصحيح و المعيب على كلتا البيّنتين فيتحد الطريقان دائما، كما اذا قوّمه إحداهما صحيحا باثنى عشر و معيبا بستة، و قوّمه الاخرى صحيحا بستة و معيبا بثلاثة فان نصف الصحيحين اعنى التسعة تفاوته مع نصف مجموع المعيبين و هو الاربعة و نصف

______________________________

الاثنى عشر) اذ سدس الاثنى عشر و ربعه: خمسة، و التفاوت بين السبعة و الاثنى عشر، خمسة أيضا.

و لا يخفى ان هذه الكلية التى ذكرها المصنف تحتاج الى الدليل او الاستقراء.

(و ان اختلفا) المقومان (فى الصحيح و المعيب) معا فهو على قسمين فسم يتحد طريق المشهور و طريق الشهيد.

و قسم يختلفان فى النتيجة (فان اتحدت النسبة بين الصحيح و المعيب على كلتا البيّنتين) كما اذا كان كل صحيح ضعف المعيب، او كان كل معيب ثلثي الصحيح- مثلا- (فيتّحد الطريقان) و هما طريق المشهور و طريق الشهيد (دائما، كما اذا قوّمه إحداهما صحيحا باثنى عشر و معيبا بستة، و قوّمه) البيّنة (الاخرى صحيحا بستة، و معيبا بثلاثة) فان كل صحيح ضعف المعيب- على كلا التقويمين- (فان نصف الصحيحين) اى الاثنى عشر و الستة (اعنى التسعة تفاوته مع نصف مجموع المعيبين) اى الستة و الثلاثة (و هو الاربعة و نصف) فان هذه

ص: 99

عين نصف تفاوتى الاثنى عشر مع الستة، و الستة مع الثلاثة.

و الحاصل: ان كل صحيح ضعف المعيب، فيلزمه كون نصف الصحيحين ضعف نصف المعيبين.

و ان اختلفت النسبة فقد يختلف الطريقان و قد يتحدان، و قد تقدم مثالهما فى اوّل المسألة.

______________________________

النسبة- على طريق المشهور- (عين) النسبة على طريق الشهيد، و هو (نصف تفاوتى الاثنى عشر مع الستة) النصف (و الستة مع الثلاثة) النصف أيضا

(و الحاصل: ان كل صحيح ضعف المعيب، فيلزمه كون نصف الصحيحين ضعف نصف المعيبين) فالصحيحان هما اثنى عشر و ستة و جمعها ثمانية عشر و نصفها تسعة و المعيبان هما الستة و الثلاثة و نصفهما أربعة و نصف.

و من المعلوم ان التسعة ضعف الاربعة و النصف.

(و ان اختلفت النسبة) بين الصحيح و المعيب على كلتا البيّنتين كما اذا قوّمت إحداهما الصحيح باثنى عشر و المعيب بستة و قوّمت الاخرى الصحيح بعشرة و المعيب بثمانية (فقد يختلف الطريقان) اى طريق المشهور عن طريق الشهيد (و قد يتحدان، و قد تقدم مثالهما فى اوّل المسألة) فراجع.

و قد عرفت أيضا ان الكلّيات التى ذكرها المصنف بحاجة الى الاستقراء او الدليل القطعى.

ص: 100

ثم ان الاظهر، بل المتعيّن فى المقام هو الطريق الثانى المنسوب الى الشهيد قدس سرّه وفاقا للمحكى عن إيضاح النافع، حيث ذكر ان طريق المشهور ليس بجيّد و لم يذكر وجهه و يمكن ارجاع كلام الاكثر إليه كما سيجي ء.

و وجه تعيّن هذا الطريق ان اخذ القيمة من القيمتين على طريق المشهور او النسبة المتوسطة من النسبتين على الطريق الثانى.

اما للجمع بين البيّنتين باعمال كل منهما فى نصف العين- كما ذكرنا-.

______________________________

(ثم ان الاظهر) حسب الادلة (بل المتعيّن فى المقام هو الطريق الثانى المنسوب الى الشهيد قدس سرّه وفاقا للمحكى عن إيضاح النافع، حيث ذكر ان طريق المشهور) فى باب التقويم (ليس بجيّد و) لكن (لم يذكر وجهه) اى وجه انه ليس بجيد (و يمكن ارجاع كلام الاكثر إليه) اى الى طريق الشهيد (كما سيجي ء) وجه الارجاع.

(و وجه) ما ذكرناه من (تعيّن هذا الطريق ان اخذ القيمة من القيمتين) اى نصف القيمتين (على طريق المشهور او النسبة المتوسطة من النسبتين على الطريق الثانى) للمشهور أيضا هذا ما ذكره قبلا بقوله «و يمكن أيضا»- قبل قوله: و يحتمل الجمع ... الى قوله منسوب الى الشهيد، فراجع.

(اما للجمع بين البينتين باعمال كل منهما فى نصف العين- كما ذكرنا-) فنأخذ بنصف احدى البيّنتين فى احد النصفين للعين، و نأخذ

ص: 101

و اما لاجل ان ذلك توسط بينهما لاجل الجمع بين الحقين بتنصيف ما به التفاوت نفيا و اثباتا على النهج الّذي ذكرناه اخيرا فى الجمع بين البيّنتين، كما يحكم بتنصيف الدرهم الباقى من الدرهمين المملوكين لشخصين اذا ضاع احدهما المردّد بينهما من عند الودعى، و لم تكن

______________________________

بنصف البينة الثانية فى النصف الثانى للعين.

(و اما لاجل ان ذلك) اى طريق المشهور (توسط بينهما) فلا نعمل، لا بهذه البينة و لا بتلك، و انما نأخذ بالاوسط بينهما.

فانه اذا قال احدهما ان القيمة اثنى عشر، و قال الثانى انها ثمانية نأخذ القيمة المتوسطة بينهما اى عشرة فانها دون اثنى عشر باثنين و فوق ثمانية باثنين.

و انما نفعل ذلك (لاجل الجمع بين الحقين) و هما حق البائع و حق المشترى (بتنصيف ما به التفاوت) و هو أربعة فى المثال (نفيا) لان احدى البيّنتين تنفى الاربعة (و اثباتا) حيث تثبت الاربعة البيّنة الثانية (على النهج الّذي ذكرناه اخيرا فى الجمع بين البيّنتين) حيث قلنا «و يمكن أيضا» قبل قوله «و يحتمل الجمع ... الى قوله منسوب الى الشهيد».

و قوله «على» متعلق بقوله «و اما لاجل ان ذلك».

ثم مثل لتنصيف الاربعة بقوله: (كما يحكم بتنصيف الدرهم الباقى من الدرهمين المملوكين لشخصين اذا ضاع احدهما المردّد) ذلك الضائع (بينهما) اى بين درهم زيد او درهم عمرو (من عند الودعى) «من» متعلق ب «ضاع» (و لم تكن

ص: 102

هنا بينة تشهد لاحدهما بالاختصاص، بل و لا ادعى احدهما اختصاصه بالدرهم الموجود.

فعلى الاول فاللازم و ان كان هو جمع نصفى قيمتى الصحيح و المعيب- كما فعله المشهور-

______________________________

هنا بينة تشهد لاحدهما بالاختصاص) و ان الدرهم خاص بزيد او عمرو (بل و لا ادعى احدهما اختصاصه بالدرهم الموجود) فان التنصيف مقتضى قاعدة العدل و الانصاف.

و ذلك كما اذا علمنا نحن بانفسنا- بدون البيّنة- ان قيمة الصحيح اما ثمانية او اثنى عشر، فانه لا جمع بين البيّنتين حينئذ، و انما اللازم الاخذ بعشرة بمقتضى قاعدة العدل و الانصاف.

(فعلى الاول) اى يرد على ما ذكره بقوله: اما للجمع بين البيّنتين ان جمع النصفين- اى نصف ثمانية و نصف اثنى عشر- تام، اما نسبة هذا المجموع الى المعيب غير تام، بل اللازم نسبة أربعة الى نصف المعيب، و نسبة ستة الى نصفه الآخر، اما نسبة الكل الى الكل، فذلك يقتضي ان ننسب الاربعة الى كلا نصفى المعيب، و الحال ان الاربعة كانت منسوبة الى النصف، لا الى الكل.

و يوضح ذلك ان النصفين اذا كانا لشخصين، فان صحيح كل نصف مربوط بنفس ذلك النصف، لا بالنصف الآخر الّذي هو ملك لانسان آخر (فاللازم و ان كان هو جمع نصفى قيمتى الصحيح و المعيب) اذا كان للصحيح قيمتان، و للمعيب قيمتان (- كما فعله المشهور-) من الجمع

ص: 103

بان يجمع الاثنى عشر و الثمانية المفروضتان قيمتين للصحيح فى المثال المتقدم، و يؤخذ نصف إحداهما قيمة نصف المبيع، صحيحا، و نصف الاخرى قيمة للنصف الآخر منه.

و لازم ذلك كون تمامه بعشرة، و يجمع قيمتا المعيب اعنى العشرة و الخمسة، و يؤخذ لكل نصف من المبيع المعيوب نصف من احدهما.

و لازم ذلك كون تمام المبيع بسبعة و نصف، الا انه لا ينبغى ملاحظة نسبة المجموع من نصفى احدى القيمتين اعنى العشرة الى المجموع من نصف

______________________________

(بان يجمع الاثنى عشر و الثمانية المفروضتان قيمتين للصحيح) حسب تقويم البيّنتين (فى المثال المتقدم، و يؤخذ نصف إحداهما) كستة مثلا (قيمة نصف المبيع) فى حالكون المبيع (صحيحا، و نصف) القيمة (الاخرى) كاربعة مثلا (قيمة للنصف الآخر منه).

(و لازم ذلك) اى لازم ان نصفه بستة و نصفه بأربعة (كون تمامه بعشرة، و) كذلك (يجمع قيمتا المعيب اعنى العشرة و الخمسة) حسب ما قوّمه مقوّماه (و يؤخذ لكل نصف من المبيع المعيوب نصف من احدهما) فلنصف المعيوب خمسة، و لنصفه الآخر اثنان و نصف.

(و لازم ذلك) الجمع بين النصفين المعيبين (كون تمام المبيع بسبعة و نصف الا انه) «الا» متعلق بقوله «فاللازم و ان كان» و هذا شروع فى الاشكال على طريقة المشهور (لا ينبغى ملاحظة نسبة المجموع من نصفى احدى القيمتين) المراد بالقيمتين: قيمة الصحيح، و قيمة المعيب (اعنى العشرة) فانها نصفان لقيمة الصحيح نصفه ستة، و نصفه أربعة (الى المجموع من نصف) القيمة

ص: 104

الاخرى اعنى سبعة و نصفا،- كما نسب الى المشهور- لانه اذا فرض لكل نصف من المبيع قيمة تغاير قيمة النصف الآخر، وجب ملاحظة التفاوت بالنسبة الى كل من النصفين، صحيحا و معيبا، و اخذ الارش لكل نصف على حسب تفاوت صحيحه و معيبه.

فالعشرة ليست قيمة لمجموع الصحيح، الا باعتبار ان نصفه مقوّم بستة و نصفه الآخر بأربعة، و كذا السبعة و النصف ليست قيمة لمجموع

______________________________

(الاخرى) اى المعيب (اعنى سبعة و نصفا) فانها نصفان لقيمة المعيب نصفه خمسة، و نصفه اثنان و نصف (- كما نسب الى المشهور-) حيث ينسبون الكل الى الكل.

و انما لا يصح نسبة الكل الى الكل (لانه اذا فرض لكل نصف من المبيع قيمة تغاير قيمة النصف الآخر) فنصفه ستة و نصفه أربعة- صحيحا- و نصفه خمسة، و نصفه اثنان و نصف- معيبا- (وجب ملاحظة التفاوت بالنسبة الى كل من النصفين، صحيحا و معيبا) بان ننسب ستة الى خمسة و ننسب أربعة الى اثنين و نصف (و اخذ الارش لكل نصف على حسب تفاوت صحيحه و معيبه) فارش النصف الاول السدس، و ارش النصف الثانى ثلاثة اثمان، لا ان ننسب العشرة الى سبعة و نصف، و نقول ان الارش الربع.

(فالعشرة ليست قيمة لمجموع الصحيح، الا باعتبار ان نصفه) اى نصف الصحيح (مقوّم)- بصيغة المفعول- اى قوّم البينة نصفه (بستة، و نصفه الآخر) مقوّم (بأربعة و كذا السبعة و النصف ليست قيمة لمجموع

ص: 105

المعيب الا باعتبار ان نصفه مقوّم بخمسة، و نصفه الآخر باثنين و نصف، فلا وجه لاخذ تفاوت ما بين مجموع العشرة و السبعة و النصف، بل لا بدّ من اخذ تفاوت ما بين الاربعة و الاثنين و نصف لنصف منه، تفاوت ما بين الستة و الخمسة للنصف الآخر.

و توهم ان حكم شراء شي ء تغاير قيمتا نصفيه

______________________________

المعيب الا باعتبار ان نصفه) اى نصف المعيب (مقوّم) بصيغة المفعول (بخمسة، و نصفه الآخر) مقوّم (باثنين و نصف).

و حيث ان المجموع باعتبار كل نصف نصف (فلا وجه لاخذ تفاوت ما بين مجموع العشرة) اى قيمة الصحيح (و) ما بين (السبعة و النصف) اى قيمة المعيب (بل لا بدّ من اخذ تفاوت ما بين الاربعة) قيمة نصف الصحيح (و الاثنين و نصف) قيمة نصف المعيب (لنصف منه) اى من المبيع «لنصف» متعلق ب «اخذ» (و) لا بد من اخذ (تفاوت ما بين الستة) قيمة نصف الصحيح (و) ما بين (الخمسة) قيمة نصف المعيب (للنصف الآخر) من المبيع

و من المعلوم فرق فى النتيجة بين نسبة الكل الى الكل و بين نسبة البعض الى البعض.

(و) ان قلت: لا فرق بين نسبة الكل الى الكل، و نسبة البعض الى البعض- فكلا الامرين جائز- و ذلك كما اذا اشترى شيئين مختلفين فى القيمة صفقة واحدة، فان معيب الكل ينسب الى صحيح الكل.

قلت: (توهم ان حكم شراء شي ء تغاير قيمتا نصفيه) كما فيما نحن فيه اذ تقويم كل نصف حسب رأى بيّنة بمنزلة تغاير قيمة كل نصف عن النصف

ص: 106

حكم ما لو اشترى بالثمن الواحد مالين معيبين مختلفين فى القيمة صحيحا و معيبا، بان اشترى عبدا و جارية باثنى عشر فظهرا معيبين، و العبد يسوى أربعة صحيحا و اثنين و نصف معيبا، و الجارية تسوى ستة صحيحة و خمسة معيبة، فانه لا شك فى ان اللازم فى هذه الصورة ملاحظة مجموع قيمتى الصفقة صحيحة و معيبة اعنى العشرة و السبعة و النصف، و اخذ التفاوت و هو الربع من الثمن، و هو ثلاثة، اذا فرض الثمن اثنى عشر كما هو طريق المشهور فيما نحن فيه

______________________________

الآخر (حكم ما لو اشترى بالثمن الواحد) فى صفقة واحدة (مالين معيبين مختلفين فى القيمة صحيحا و معيبا) اى يختلف صحيح كل مال عن معيبه فى القيمة (بان اشترى عبدا و جارية باثنى عشر) دينارا فى صفقة واحدة (فظهرا معيبين، و) الحال ان (العبد يسوى أربعة صحيحا و اثنين و نصف معيبا، و الجارية تسوى ستة) فى حالكونها (صحيحة، و خمسة معيبة فانه لا شك) اذا اردنا ان نأخذ الارش (فى ان اللازم فى هذه الصورة ملاحظة مجموع قيمتى الصفقة صحيحة و معيبة اعنى) ملاحظة (العشرة و السبعة و النصف، و اخذ التفاوت و هو الربع من الثمن) لان سبعة و نصف اقل من العشرة بالربع (و هو ثلاثة) دنانير (اذا فرض الثمن اثنى عشر).

و انما لا نشك فى ذلك لان الصفقة واحدة فلا وجه لتجزئتها الى الابعاض (كما هو طريق المشهور فيما نحن فيه) من اختلاف المقوّمين.

فاللازم ان نقول: ان حال اختلاف المقومين حال اختلاف ابعاض

ص: 107

مدفوع بان الثمن فى المثال لما كان موزعا على العبد و الجارية بحسب قيمتهما فاذا اخذ المشترى ربع الثمن ارشا فقد اخذ للعبد ثلاثة اثمان قيمته و للجارية سدسها

______________________________

الصفقة الواحدة فى ملاحظة المجموع و نسبته الى المجموع اذا اريد اخذ الارش

فهذا التوهم (مدفوع بان الثمن فى المثال لما كان موزعا على العبد و الجارية بحسب قيمتها فاذا اخذ المشترى ربع الثمن ارشا) اى ثلاثة من اثنى عشر (فقد اخذ للعبد ثلاثة اثمان قيمته، و للجارية سدسها).

توضيح ذلك يظهر من هذه الجداول:

الجدول الاول: اذا كانت قيمة العبد و الجارية عشرة، فقيمة الجارية ستة و قيمة العبد أربعة و يتفاوت المعيب عن الصحيح بربع القيمة اى اثنان و نصف من العشرة.

و لنفرض ان قيمة الجارية المعيبة خمسة، و قيمة العبد المعيب اثنان و نصف، اذا ... فالجارية نقصت قيمتها بمقدار سدسها اى الواحد، و العبد نقصت قيمته بمقدار ثلاثة اثمانه اى واحدا و نصفا.

و للتوضيح نقول مرة ثانية: مجموع قيمة العبد و الامة، صحيحين عشرة، قيمة العبد فقط أربعة، قيمة الامة فقط ستة، مجموع قيمة العبد و الامة معيبين سبعة و نصفا، فقيمة العبد فقط معيبا اثنان و نصف، و هو ينقص عن الاربعة بمقدار ثلاثة اثمان، و قيمة الامة فقط معيبة خمسة و هو ينقص عن الستة بمقدار السدس

الجدول الثانى: اذا كانت قيمة الجارية: ستة من عشرة- حسب الجدول الاول- فقيمتها: سبعة و خمسا من اثنا عشر، حسب ما فرضنا من ان قيمة الاشتراء

ص: 108

..........

______________________________

للعبد و الجارية اثنا عشر، لان عشر الاثنى عشر يساوى واحدا و خمسا.

فاذا ضربنا واحدا و خمسا فى ستة صارت النتيجة سبعة و نصفا فهذا علة قولنا: اذا كانت قيمة الجارية ستة من عشرة فقيمتها سبعة و خمسا من اثنى عشر، و اذا كانت قيمة العبد: أربعة من عشرة- حسب الجدول الاول- فقيمته: أربعة و أربعة اخماس من اثنى عشر، حسب ما فرضنا من ان قيمة الاشتراء للعبد و الجارية اثنى عشر، لان عشر الاثنى عشر يساوى واحد او خمسا، فاذا ضربنا واحدا و خمسا فى أربعة صارت النتيجة أربعة و أربعة اخماس، و هذا علة قولنا: اذا كانت قيمة العبد أربعة من عشرة فقيمته أربعة و أربعة اخماس من اثنى عشر.

الجدول الثالث: ينقض معيب الجارية عن صحيحها بالسدس- حسب الفرض فى الجدول الاول- فاذا كانت قيمة الجارية الصحيحة سبعة و خمسا من اثنى عشر- حسب الفرض فى الجدول الثانى- كانت قيمة معيبها ستة، فان الستة تنقص عن السبعة و الخمس بمقدار سدس قيمتها، اذ كل سدس واحد و خمس ينقص معيب العبد عن صحيحه بثلاثة اثمان- حسب الفرض فى الجدول الاول- فاذا كانت قيمة العبد الصحيح أربعة و أربعة اخماس من اثنى عشر- حسب الفرض فى الجدول الثانى- كانت قيمة معيبه ثلاثة، فان الثلاثة تنقص عن الاربعة و الاربعة اخماس بمقدار ثلاثة اثمان قيمته، اذ كل ثمن ثلاثة اخماس، و مجموع ثلاثة اثمان قيمة العبد واحد، او أربعة اخماس، ننقص واحد او أربعة اخماس من أربعة و أربعة اخماس، يبقى ثلاثة.

ص: 109

كما هو الطريق المختار، لانه اخذ من مقابل الجارية اعنى سبعة و خمسا سدسه و هو واحد و خمس و من مقابل العبد اعنى أربعة و أربعة اخماس ثلاثة اثمان و هو واحد و أربعة اخماس

______________________________

الجدول الرابع: <>

و الحاصل:

<> (كما هو الطريق المختار) فتبعا للشهيد ننسب معيب كل الى صحيحه، لا ان ننسب مجموع المعيبين الى مجموع الصحيحين- كما نسب الى المشهور-.

و انما قلنا: فقد اخذ للعبد الخ (لانه اخذ من مقابل الجارية اعنى سبعة و خمسا) من الاثنى عشر (سدسه) اى سدس السبعة و الخمس (و هو) اى السدس (واحد و خمس) كما عرفت فى الجدول (و) اخذ (من مقابل العبد اعنى أربعة و أربعة اخماس) من اثنى عشر (ثلاثة اثمان) و هى ثلاثة اثمان الاربعة و أربعة اخماس (و هو) اى ثلاثة اثمانه (واحد و أربعة اخماس).

ص: 110

فالثلاثة التى هى ربع الثمن منطبق على السدس و ثلاثة اثمان، بخلاف ما نحن فيه فان المبذول فى مقابل كل من النصفين المختلفين بالقيمة امر واحد و هو نصف الثمن.

______________________________

و ان شئت توضيح ذلك فمثّله بالدينار الّذي هو الف فلس.

فاذا اشترى العبد و الجارية باثنى عشر دينارا، فمقابل الجارية سبعة دنانير و خمس دينار اى مأتا فلس، فسدسه يكون دينارا و مائتي فلس، و مقابل العبد أربعة دنانير و أربعة اخماس دينار، اى ثمانمائة فلس، فثلاثة اثمانه يكون دينارا و ثمانمائة فلس (فالثلاثة التى هى ربع الثمن) لفرض ان قيمة المعيب اقل من قيمة الصحيح بمقدار الربع، و ان قيمة المجموع اثنى عشر (منطبق على السدس) و هو ارش الجارية (و ثلاثة اثمان) و هو ارش العبد، فان الثلاثة تعادل مجموع واحد و خمس، و واحد و أربعة اخماس (بخلاف ما نحن فيه) الّذي هو عبارة عن ان الثمن المعطى للشيئين انما اعطى بالتساوى بحيث ان كل نصف من المبيع كان بإزاء نصف الثمن (فان المبذول فى مقابل كل من النصفين المختلفين بالقيمة) اذ لكل نصف قيمة خاصة به- لاننا نأخذ فى كل نصف بقول مقوّم و تقويم احدهما ازيد من تقويم الآخر- (امر واحد) و هو خبر «ان» (و) الامر الواحد (هو نصف الثمن) فاللازم نسبة كل معيب الى صحيحه لا نسبة مجموع المعيب الى مجموع الصحيح.

و الحاصل: ان المصنف اختار فى نسبة المعيب الى الصحيح طريقة الشهيد بان ينسب كل معيب الى صحيح نفسه، لا طريقة المشهور التى

ص: 111

فالمناسب لما نحن فيه فرض شراء كل من الجارية و العبد- فى المثال المفروض-

______________________________

هى ان ينسب الكل الى الكل.

و المتوهم، قال: بانه يجب ان ينسب الكل الى الكل، لان الاختلاف فى صحيح كل نصف و معيبه، و بان يكون تقويم نصف المبيع ازيد من تقويم النصف الآخر، صحيحا و معيبا، انما هو مثل الاختلاف فى قيمة العبد و الجارية صحيحا و معيبا، و مع ذلك ينسب الكل الى الكل، و لا ينسب معيب العبد الى صحيحه و معيب الجارية الى صحيحها.

و المصنف اجاب بانه فرق بين تقويمين، و هو محل الكلام و بين العبد و الجارية فى مثالكم، فان الشراء فى باب تقويمين يوجب ان يكون لكل نصف من المبيع نصف من الثمن، فنقبل كلام كل مقوم بالنسبة الى النصف صحيحا و معيبا، اما العبد و الجارية فليس لكل واحد منهما نصف الثمن بل لكل واحد منهما ما يخصه من الثمن- و لذا كانت نسبة الكل الى الكل و نسبة البعض الى البعض فى النتيجة واحدة-.

اما اذا كان كل نصف من المبيع بنصف من الثمن تكون نسبة الكل الى الكل مخالفة لنسبة البعض الى البعض، فيجب ان نأخذ نسبة البعض الى البعض، لا الكل الى الكل.

(فالمناسب لما نحن فيه) الّذي هو ان يكون لكل نصف ثمن مماثل لثمن النصف الآخر، حيث ان الشي ء قد اشترى بثمن واحد فلكل نصفه نصف الثمن (فرض شراء كل من الجارية و العبد- فى المثال المفروض-) اى

ص: 112

بثمن مساو للآخر، بان اشترى كلا منهما بنصف الاثنى عشر فى عقد واحد او عقدين، فلا يجوز حينئذ اخذ الربع من اثنى عشر، بل المتعين حينئذ ان يؤخذ من ستة الجارية سدس، و من ستة العبد اثنان و ربع، فيصير مجموع الارش ثلاثة و ربعا، و هو المأخوذ فى المثال المتقدم على الطريق الثانى.

______________________________

الّذي فرضه المتوهم (بثمن مساو للآخر، بان اشترى كلا منهما) اى العبد و الامة (بنصف الاثنى عشر فى عقد واحد او عقدين، ف) انه (لا يجوز حينئذ) اى حين ما اشترى العبد بستة و الجارية بستة (اخذ الربع من اثنى عشر) اذ يلزم ان ينسب كل معيب الى صحيحه، و يؤخذ التفاوت (بل المتعين حينئذ ان يؤخذ من ستة الجارية) اى قيمتها التى هى ستة (سدس) اى واحد لان المفروض ان معيب الجارية انقص من صحيحها بسدس قيمتها (و) يؤخذ (من ستة العبد) اى قيمته التى هى ستة (اثنان و ربع) لان المفروض ان معيب العبد ينقص عن صحيحه بثلاثة اثمان، اذ ثمن الستة ثلاثة ارباع فثلاثة اثمانه اثنان و ربع (فيصير مجموع الارش) فى العبد و الجارية (ثلاثة و ربعا، و هو المأخوذ فى المثال المتقدم) اى ما ذكره فى اوائل البحث بقوله: و قد يختلفان كما اذا كانت احدى قيمتى الصحيح اثنى عشر الخ (على الطريق الثانى) اى طريقة الشهيد.

و قد ذكر هناك انه ثلاثة و ربع و ان شئت توضيحا لكلام المصنف ففى المقام ثلاثة امور:

ص: 113

و قد ظهر مما ذكرنا انه لا فرق بين شهادة البيّنات بالقيم، او شهادتهم بنفس النسبة بين الصحيح و المعيب

______________________________

الاول: ان نشترى العبد و الجارية كل واحد منهما بستة دنانير، و فى هذه الحال، يجب ان ننسب معيب كل الى ستة، و التفاوت حينئذ ثلاثة و ربع- حسب التقديرات التى ذكرناها فى الجداول-.

الثانى: ان نشترى العبد و الامة صفقة واحدة باثنى عشر، لكن مع التفاوت، و فى هذه الحال لا يختلف ان ننسب المجموع الى المجموع او البعض الى البعض، فى ان التفاوت حينئذ ثلاثة.

الثالث: ان نشترى الشي ء بثمن واحد، لكن اختلف المقوّمان، فجعلنا لكل مقوّم نصفا من المبيع، فان حال هذا حال الاول، لا حال الثانى لانه اشترى النصفين بقيمتين متساويتين، و انما الاختلاف حسب اختلاف المقوّمين، كما ان اختلاف الاول حسب اختلاف القيمة السوقية.

فالمتوهم شبه ما نحن فيه بالثانى و لذا نسب الكل الى الكل، و الحال ان ما نحن فيه شبيه بالاول، و لذا يلزم ان ننسب معيب كل نصف الى صحيحه.

(و قد ظهر مما ذكرنا) من انه يجب نسبة كل معيب الى صحيحه لا نسبة الكل الى الكل (انه لا فرق بين شهادة البيّنات بالقيم) كان يقول احدهما الصحيح عشرة و المعيب خمسة، و يقول الآخر الصحيح ثمانية، و المعيب سبعة (او شهادتهم بنفس النسبة بين الصحيح و المعيب).

كان يقول الاول المعيب نصف الصحيح، و يقول الثانى المعيب سبعة

ص: 114

و ان لم يذكروا القيم.

هذا كله اذا كان مستند المشهور فى اخذ القيمة الوسطى العمل بكل من البيّنتين فى جزء من المبيع.

و اما اذا كان المستند مجرد الجمع بين الحقّين على ما ذكرناه اخيرا بان ينزل القيمة الزائدة و يرتفع الناقصة على حدّ سواء، فالمتعيّن الطريق

______________________________

اثمان الصحيح، فان اللازم فى الحالة الثانية- أيضا- ان نأخذ بقول كل واحد فى النصف (و ان لم يذكروا القيم) اذ قد عرفت ان الجمع بين البيّنتين يقتضي تنفيذ كل بيّنة فى نصف المبيع ثم ننسب معيب كلّ الى صحيحه و نجمع النسبتين و تنصيف التفاوت بينهما.

(هذا كله) وجه لزوم تنصيف التفاوتين- لا جمع القيمتين و تنصيفهما- (اذا كان مستند المشهور فى اخذ القيمة الوسطى) بين القيمتين (العمل بكل من البيّنتين فى جزء من المبيع) اذ قد عرفت ان مقتضى ذلك اخذ نصف التفاوتين لا نصف القيمتين

(و اما اذا كان المستند) للمشهور فى طريقتهم (مجرد الجمع بين الحقين على ما ذكرناه اخيرا) قبل كلام الشهيد بقولنا «و يمكن أيضا ..»

(بان ينزل القيمة الزائدة و يرتفع) القيمة (الناقصة على حدّ سواء) اى ينقص بعد ان زاد فاذا قوّمه احدهما باثنى عشر و الآخر بثمانية، ننزل اثنى عشر بقدر نصف التفاوت اى اثنين و نرفع الثمانية بذلك المقدار اى اثنين حتى تكون القيمة عشرة- كما سبق- (فالمتعيّن الطريق

ص: 115

الثانى أيضا، سواء شهدت البيّنتان بالقيمتين أم شهدتا بنفس النسبة بين الصحيح و المعيب؟

اما اذا شهدتا بنفس التفاوت فلانه اذا شهدت إحداهما بان التفاوت بين الصحيح و المعيب بالسدس، و هو الاثنان من اثنى عشر و شهدت الاخرى بانه بثلاثة اثمان، و هو الثلاثة من ثمانية زدنا على السدس ما ينقص من ثلاثة اثمان

______________________________

الثانى) المنسوب الى الشهيد (أيضا) اى لزوم اخذ نصف التفاوتين (سواء شهدت البيّنتان بالقيمتين) كان قالتا اثنى عشر و ثمانية (أم شهدتا بنفس النسبة) كان قالتا النسبة (بين الصحيح و المعيب؟) كذا و كذا، بدون ان تذكرا القيمة.

(اما اذا شهدتا بنفس التفاوت ف) اللازم ما ذكره الشهيد، لا ما نسب الى المشهور (لانه اذا شهدت إحداهما بان التفاوت بين الصحيح و المعيب بالسدس، و هو الاثنان من اثنى عشر) فيما اذا كانت القيمة اثنى عشر (و شهدت) البيّنة (الاخرى بانه) اى بان التفاوت (بثلاثة اثمان، و هو الثلاثة من ثمانية) اى بعد ان قوّم الصحيح بثمانية (زدنا على السدس) و هو اثنان (ما ينقص) السدس (من ثلاثة اثمان) بعد نسبة ثلاثة اثمان الى اثنى عشر، اذ المفروض ان المبيع قيمته اثنى عشر.

و من المعلوم ان ثلاثة اثمان من اثنى عشر، يكون أربعة و نصفا، فهناك قولان للبينة.

احدهما ان التفاوت باثنين.

ص: 116

و صار كل واحد من التفاوتين بعد التعديل سدسا و نصف سدس و ثمنه و هو من الثمن المفروض اثنى عشر، ثلاثة و ربع، كما ذكرنا سابقا.

و ان شهدت البيّنتان بالقيمتين فمقتضى الجمع بين حقّى البائع و المشترى فى مقام اعطاء الارش و اخذه تعديل قيمتى كل من الصحيح و المعيب بالزيادة

______________________________

و الثانى ان التفاوت بأربعة و نصف، فالزائد على الاثنين هو اثنان و نصف ننصّفه، لنزيد نصفه على الاثنين، فنصفه هو واحد و ربع فاذا زدناه على السدس صار ثلاثة و ربعا (و) على هذا (صار كل واحد من التفاوتين) و هما تفاوت باثنين، و تفاوت بأربعة و نصف (بعد التعديل) اى تنصيف الزائد و جعل نصفه على الناقص، و طرح نصفه عن الزائد (سدسا) و هو اثنان من اثنى عشر القيمة (و نصف سدس) و هو واحد (و ثمنه) اى ثمن السدس، و هو الربع (و هو) اى هذا التفاوت المعدّل (من الثمن المفروض) كونه (اثنى عشر، ثلاثة و ربع، كما ذكرنا سابقا) فى بيان طريقة الشهيد.

(و ان شهدت البيّنتان بالقيمتين) لا بالتفاوت و هذا عطف على قوله «اما اذا شهدتا بنفس التفاوت» (فمقتضى الجمع بين حقّى البائع و المشترى فى مقام اعطاء) البائع (الارش و اخذه) اى اخذ المشترى اياه

و قوله «فى مقام» بيان «الجمع» اذ قبل الاعطاء و الاخذ ليس هناك مقام للجمع.

ف (تعديل قيمتى كل من الصحيح و المعيب بالزيادة) على ما قاله

ص: 117

و النقصان باخذ قيمة نسبته الى المعيب، دون نسبة القيمة الزائدة و فوق نسبة الناقصة، فيؤخذ من الاثنى عشر و العشرة، و من الثمانية و الخمسة قيمتان للصحيح و المعيب نسبة إحداهما الى الاخرى يزيد على السدس بما ينقص من ثلاثة اثمان فيؤخذ قيمتان يزيد صحيحهما على المعيب بسدس، و نصف سدس، و ثمن سدس

______________________________

بينة الاقل قيمة (و النقصان) على ما قاله بينة الاكثر قيمة، و التعديل انما هو (باخذ قيمة نسبته الى المعيب، دون نسبة القيمة الزائدة و فوق نسبة) القيمة (الناقصة، فيؤخذ من الاثنى عشر) اعلى قيمة للصحيح (و العشرة) اعلى قيمة للمعيب (و من الثمانية) انزل قيمة للصحيح (و الخمسة) انزل قيمة للمعيب (قيمتان) نائب فاعل «يؤخذ» (للصحيح و المعيب).

و هاتان القيمتان الجديدتان (نسبة إحداهما الى الاخرى) اى نسبة القيمة الجديدة للصحيح الى القيمة الجديدة للمعيب (يزيد على السدس) اى التفاوت بين اثنى عشر و عشرة (بما) اى زيادة بمقدار (ينقص من ثلاثة اثمان) و هو التفاوت بين الثمانية و الخمسة فسدس القيمة التى هى اثنى عشر اثنان، و ثلاثة اثمان القيمة التى هى اثنى عشر أربعة و نصف، فالمتوسط بين الامرين ثلاثة و ربع (فيؤخذ قيمتان) جديدتان (يزيد صحيحهما على المعيب بسدس، و نصف سدس، و ثمن سدس) فاذا فرضنا ان قيمة الصحيح ثمانية و اربعون و قيمة المعيب خمسة و ثلاثون كان التفاوت بينهما كما ذكره المصنف بالسدس و نصف السدس و ثمن السدس

و من المعلوم ان هذا التفاوت يعادل نصف السدس، و نصف ثلاثة

ص: 118

..........

______________________________

اثمان فان قال احد المقوّمين التفاوت بالسدس، و قال المقوّم الآخر التفاوت بثلاثة اثمان فنأخذ من كل مقوّم نصف قوله، و اذا اردت توضيح الحال فانظر الى هذين الجدولين:

الجدول الاول: المقوم الاول قال: التفاوت بالسدس ننصف قوله و نأخذ نصف السدس.

و المقوم الثانى قال: التفاوت بثلاثة اثمان ننصف قوله و نأخذ ثمن و نصف ثمن، فاللازم ان يكون الاختلاف بين الصحيح و المعيب بنصف السدس، و بالثمن و نصف الثمن.

ثم نقول: السدس و الثمن و نصف الثمن: تعادل: السدس، و نصف السدس، و ثمن السدس، فالمصنف بدل ان يقول: السدس و الثمن و نصف الثمن قال: السدس و نصف السدس، و ثمن الثمن فلا تغفل.

اذا فرضنا ان الصحيح ثمانية و اربعون و المعيب خمسة و ثلاثون فالتفاوت بينهما ثلاثة عشر، فثلاثة عشر تعادل. نصف السدس و هو أربعة اذ السدس من ثمانية و اربعين يكون ثمانية و نصف ثلاثة اثمان و هو تسعة اذ كل ثمن ستة فثلاثة اثمان تساوى ثمانية عشر و نصفها تسعة و تعادل أيضا- السدس و هو ثمانية و نصف السدس و هو أربعة و بهذا عبّر المصنف بدل ان يعبّر بنصف السدس و نصف ثلاثة اثمان و ثمن السدس و هو واحد.

الجدول الثانى: اذا كان الثمن الّذي اشترى به اثنى عشر و قوّمه احدهما باثنى عشر صحيحا و عشرة معيبا، فالتفاوت بالسدس، و قوّمه الآخر بثمانية صحيحا و خمسة معيبا و التفاوت بثلاثة اثمان فاللازم ان

ص: 119

و من هنا يمكن ارجاع كلام الاكثر الى الطريق الثانى بان يريدوا من اوسط القيم المتعددة للصحيح و المعيب القيمة المتوسطة بين القيم لكل منها من حيث نسبتها الى قيمة الآخر

______________________________

يسترجع المشترى نصف السدس و نصف ثلاثة اثمان، و هو ثلاثة و ربع

فنقول: ثلاثة و ربع تعادل: نصف السدس و هو واحد لان السدس اثنان و نصف ثلاثة اثمان و هو اثنان و ربع لان الثمن واحد و نصف فثلاثة اثمان تساوى أربعة و نصفا فالمجموع يساوى ثلاثة و ربع و تعادل أيضا السدس و هو اثنان و نصف السدس و هو واحد و ثمن السدس و هو الربع فالمجموع ثلاثة و ربع.

و لا يخفى ان المصنف عبّر بسدس و نصف سدس و ثمن سدس بدل نصف السدس و نصف ثلاثة اثمان.

(و من هنا) الّذي ذكرنا من ترجيح كلام الشهيد على كلا الطريقين المنسوبين الى المشهور (يمكن ارجاع كلام الاكثر الى الطريق الثانى) الّذي ذكره الشهيد (بان يريدوا من اوسط القيم المتعددة للصحيح و المعيب) سواء تعددت القيمة فى الصحيح فقط، او فى المعيب فقط، او فيهما (القيمة المتوسطة بين القيم، لكل منها) اى من قيمة الصحيح او المعيب، المتوسطة (من حيث نسبتها الى قيمة الآخر) فالمراد انه اذا قوّم احدهما الصحيح باثنى عشر و المعيب بعشرة و قوّم الثانى الصحيح بثمانية و المعيب بخمسة.

فنأخذ بين الاثنى عشر و العشرة و الثمانية و الخمسة قيمة متوسطة

ص: 120

فيكون مرادهم من اخذ قيمتين للصحيح و المعيب قيمة متوسطة من حيث نسبة إحداهما الى الاخرى بين اقوال جميع البيّنات المقوّمين للصحيح و الفاسد.

و ليس فى كلام الاكثر انه يجمع قيم الصحيح و ينتزع منها قيمة.

و كذلك قيم المعيب ثم تنسب احدى القيمتين المنتزعتين الى الاخرى قال فى المقنعة: فان اختلف اهل الخبرة عمل على اوسط القيم، و نحوه

______________________________

فرقها عن القيمتين يكون التفاوت بمقدار نصف السدس، و نصف ثلاثة اثمان (فيكون مرادهم من اخذ قيمتين للصحيح و المعيب قيمة متوسطة) لا توسطا فى ذات القيمة، بل توسطا (من حيث نسبة إحداهما الى الاخرى) بان تكون تلك القيمة المتوسطة (بين اقوال جميع البيّنات المقوّمين للصحيح و الفاسد) فليست القيمة منتزعة عن القيم، بل القيمة متوسطة بين نسب القيم الصحيحة الى نسب القيم الفاسدة.

(و ليس فى كلام الاكثر انه يجمع قيم الصحيح و ينتزع منها قيمة).

(و كذلك) يجمع (قيم المعيب) و ينتزع منها قيمة (ثم تنسب احدى القيمتين المنتزعتين الى الاخرى).

نعم صرح بذلك بعض، لكن نسبته الى المشهور لا وجه له.

و أليك كلمات بعض الفقهاء حتى ترى قابلية انطباقها على كلام الشهيد.

(قال) المفيد (فى المقنعة: فان اختلف اهل الخبرة عمل على اوسط القيم) فانه قابل لان يراد به الاوسط بين نسب القيم (و نحوه) كلام

ص: 121

فى النهاية.

و فى الشرائع حمل على الاوسط.

و بالجملة فكل من عبّر بالاوسط يحتمل ان يريد الوسط من حيث النسبة، لا من حيث العدد، هذا مع ان المستند فى الجميع هو ما ذكرنا من وجوب العمل بكل من البيّنتين فى قيمة نصف المبيع.

نعم لو لم تكن بيّنة اصلا، لكن علمنا من الخارج ان قيمة الصحيح اما هذا و اما ذاك، و كذلك قيمة المعيب

______________________________

الشيخ (فى النهاية).

(و) قال (فى الشرائع) ان اختلف اهل الخبرة (حمل على الاوسط) الى غيرها من عبارات الفقهاء.

(و بالجملة فكل من عبّر بالاوسط يحتمل ان يريد الوسط من حيث النسبة) كما قاله الشهيد (لا من حيث العدد) كما نسب الى المشهور (هذا) من جهة كلمات الفقهاء (مع) ان الدليل لا يدل الا على كلام الشهيد- كما تقدم- ل (ان المستند فى الجميع) للبيّنات (هو ما ذكرنا من وجوب العمل بكل من البيّنتين فى قيمة نصف المبيع) فالفرق بين اثنا عشر و عشرة فى نصفهما: السدس و الفرق بين الثمانية و الخمسة فى نصفهما: نصف من ثلاثة اثمان، و الحاصل ثلاثة و ربع لا ثلاثة كما نسب الى المشهور من انهم يقولون بثلاثة فقط.

(نعم لو لم تكن بيّنة اصلا، لكن علمنا من الخارج ان قيمة الصحيح اما هذا و اما ذاك، و كذلك) علمنا من الخارج ان (قيمة المعيب) اما

ص: 122

- و لم نقل حينئذ بالقرعة او الاصل- فاللازم الاستناد فى التنصيف الى الجمع بين الحقّين على هذا الوجه.

و قد عرفت ان الجمع بتعديل التفاوت لانه الحق، دون خصوص القيمتين المحتملين

______________________________

هذا و اما ذاك (- و لم نقل حينئذ بالقرعة) لانها لكل امر مشكل (او الاصل-) اى اصالة براءة ذمة البائع من القدر الزائد على المتيقن (فاللازم الاستناد فى التنصيف الى الجمع بين الحقّين على هذا الوجه) اى اعطاء كل نصف من المبيع، لاحد الاحتمالين، فيكون موافقا لطريق الشهيد أيضا.

و انما قال «نعم» مع ان اللازم ان يقول: و كذا لو لم تكن بينة اصلا، لانه اشار الى عدم مجي ء طريقة المشهور فى صورة عدم وجود البينة بل فى هذه الصورة يأتى طريق الشهيد فقط.

فكانه قال: فى صورة وجود البيّنة، يحتمل طريق المشهور و طريق الشهيد- و طريق الشهيد اقرب- اما فى صورة عدم البينة فاللازم طريق الشهيد فقط.

و انما كان اللازم فى صورة عدم البيّنة طريق الشهيد فقط، اذ (قد عرفت ان الجمع) انما هو (بتعديل التفاوت) اى بان نأخذ نصف السدس و نصف ثلاثة اثمان فانه يحتمل السدس و يحتمل ثلاثة اثمان فاللازم ان نأخذ من كل نصفه (لانه الحق) و طريق العدل و الانصاف (دون خصوص القيمتين المحتملين)

ص: 123

و الله العالم.

______________________________

اذ لا خصوصية للقيمة المحتملة، بل قد عرفت ان القيمة الخارجية كثيرا ما تخالف كل القيم المحتملة، كما تخالف كل القيم التى ذكرتها البينة (و الله العالم) بحقائق الاحكام.

<>

ص: 124

القول فى الشروط التى يقع عليها العقد،
اشارة

و شروط صحتها و ما يترتب على صحيحها و فاسدها،

الشرط يطلق فى العرف على معنيين.
احدهما المعنى الحدثى

و هو بهذا المعنى مصدر شرط فهو شارط للامر الفلانى، و ذلك الامر مشروط و فلان مشروط له، او عليه.

و فى القاموس انه الزام الشي ء و التزامه فى البيع و غيره، و ظاهره

______________________________

(القول فى الشروط التى يقع عليها العقد) عند الناس و التى تعرض لها الفقهاء اثباتا او نفيا (و شروط صحتها) اى صحة الشروط شرعا، كان لا يكون الشرط مخالفا للكتاب و السنة (و ما يترتب على صحيحها و فاسدها) من الاحكام، مثل انه هل الشرط الفاسد مفسد، أم لا؟

فنقول: (الشرط يطلق فى العرف على معنيين)- و تنقيح المعنى العرفى لان الموضوع الشرعى يؤخذ من العرف، كما يؤخذ من اللغة-.

(احدهما المعنى الحدثى) مثل النصر و الحمد (و هو) اى الشرط (بهذا المعنى) الحدثى (مصدر شرط) يشترط (فهو شارط للامر الفلانى، و ذلك الامر مشروط و فلان مشروط له) اذا كان الشرط فى نفعه (او) مشروط (عليه) اذا كان الشرط فى ضرره.

(و فى القاموس) فسر الشرط بالمعنى الحدثى، حيث قال: (انه الزام الشي ء) على الغير، مثل ان البائع يشترط على المشترى قراءة القرآن (فى البيع و غيره) اى غير البيع كالرّهن و الاجارة (و ظاهره)

ص: 125

كون استعماله فى الالزام الابتدائى مجازا، او غير صحيح، لكن لا اشكال فى صحته لوقوعه فى الاخبار كثيرا، مثل قوله صلى الله عليه و آله فى حكاية بيع بريرة ان قضاء الله احق و شرطه اوثق، و الولاء لمن اعتق.

______________________________

حيث اقتصر على هذا المعنى (كون استعماله) اى الشرط (فى الالزام الابتدائى) كان يقول زيد لعمرو: اشترط عليك ان تأتى الى دارى (مجازا) من باب مشابهة الشرط الابتدائى للشرط الضمنى (او غير صحيح) اصلا

و انما كان ظاهره ذلك، لان بناء القاموس استقصاء المعانى الحقيقية للالفاظ، فتقييد الشرط بكونه فى البيع دليل على ان الشرط الابتدائى اما مجاز او غير صحيح، اذا كان بنائه ذكر المعانى الحقيقية و المجازية

اقول: لكن من المحتمل ان يكون قول القاموس «و غيره» عطفا على مجموع «فى البيع» لا على خصوص «البيع».

و حينئذ يكون شاملا للشرط الابتدائى (لكن لا اشكال فى صحته لوقوعه فى الاخبار كثيرا) و هى و ان كانت قابلة للتأويل بما يرجع الى الشرط الضمنى، لكن التأويل خلاف الظاهر (مثل قوله صلى الله عليه و آله فى حكاية بيع بريرة) الآتية فى الرابع من شروط صحة الشرط (ان قضاء الله احق) اى ما قضاه و امره احق بالاتباع (و شرطه اوثق) من شرط الناس ما يخالف قول الله، فالمراد بالشرط هنا حكم الله (و الولاء لمن اعتق) العبد لا لمن باع العبد للمعتق، قال صلى الله عليه و آله ذلك حينما شرط البائع ان يكون الولاء له، لا للمشترى المعتق و معنى الولاء، انه اذا مات العبد بعد ان اعتقه المشترى، و لم يكن له وارث، فالمشترى

ص: 126

و قول امير المؤمنين صلوات الله عليه- فى الردّ على مشترط عدم التزوج بامرأة اخرى فى النكاح- ان شرط الله قبل شرطكم، و قوله ما الشرط فى الحيوان؟ قال ثلاثة ايام للمشترى، قلت: و فى غيره قال: هما بالخيار حتى يفترقا، و قد اطلق على النذر او العهد او الوعد فى بعض اخبار الشرط

______________________________

المعتق له هو الّذي يرثه.

و وجه التأويل فى هذا الخبر و مثله: ان المراد بان الله سبحانه وعد الناس بالجنة بشرط ان يطيعوه فاحكامه تعالى شروط وقعت فى ضمن الوعد، او إِنَّ اللّٰهَ اشْتَرىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ و شرط عليهم اطاعة الاحكام او ما اشبه ذلك.

(و قول امير المؤمنين صلوات الله عليه- فى الرد على مشترط عدم التزوج بامرأة اخرى فى النكاح- ان شرط الله قبل شرطكم) اى حكم الله بان الانسان يجوز له ان يتزوج بالمتعدّد، ثم انه لا بد من تقييد هذا الحديث بما اذا كان الشرط غير جامع لشرائط الصحة، لان هذا الشرط ليس محلّلا لحرام و لا محرما لحلال، حتى يسقط بمخالفته الكتاب و السنة و كيف كان فقد اطلق الامام الشرط على الحكم (و قوله) سائلا من الامام عليه السلام (ما الشرط فى الحيوان؟ قال) عليه السلام (ثلاثة ايام للمشترى، قلت: و) ما الشرط (فى غيره) من سائر انواع البيوع؟ (قال) عليه السلام (هما بالخيار حتى يفترقا) فان الشرط اطلق على الخيار (و قد اطلق) الشرط (على النذر او العهد او الوعد فى بعض اخبار الشرط

ص: 127

فى النكاح.

و قد اعترف فى الحدائق بان اطلاق الشرط على البيع كثير فى الاخبار

و اما دعوى كونه مجازا فيدفعها- مضافا الى اولوية الاشتراك المعنوى، و الى ان المتبادر من قوله: شرط على نفسه كذا ليس الا مجرد

______________________________

فى النكاح).

و ذلك مثل خبر ابن سنان عن ابى عبد الله عليه السلام، فى رجل قال لامرأته: ان نكحت عليك او تسريت فهى طالق، قال عليه السلام:

ليس ذلك بشي ء، ان رسول الله صلى الله عليه و آله قال: ان من اشترط شرطا سوى كتاب الله فلا يجوز ذلك له و لا عليه، فان الشرط اطلق على الوعد- لعدم دليل فى الرواية على انه كان فى ضمن النكاح-.

(و قد اعترف فى الحدائق بان اطلاق الشرط على البيع كثير فى الاخبار) و كذا اطلق الشرط فى الاخبار على المتعة، و على الاجل فى المتعة، و على المبيع فى اخبار السلم.

(و اما دعوى كونه) اى كون اطلاق الشرط على غير الشرط فى ضمن العقد (مجازا فيدفعها- مضافا الى اولوية الاشتراك المعنوى) فانهم قد ذكروا فى مبحث تعارض الاحوال انه لو دار الامر بين الحقيقة و المجاز، و بين الاشتراك المعنوى، فالثانى اولى.

اذ الاول يحتاج الى القرينة، و الاصل عدم القرينة، و كذلك الاول يحتاج الى النقل، و الاصل عدم النقل، فتأمّل (و الى ان المتبادر من قوله: شرط على نفسه كذا، ليس الا مجرد

ص: 128

الالتزام- استدلال الامام عليه السلام بالنبوى: المؤمنون عند شروطهم فيما تقدم من الخبر الّذي اطلق فيه الشرط على النذر او العهد، و مع ذلك فلا حجة فيما فى القاموس مع تفرّده به، و لعله لم يلتفت الى الاستعمالات التى ذكرناها، و الا لذكرها و لو بعنوان يشعر بمجازيتها.

ثم قد يتجوز فى لفظ الشرط بهذا المعنى، فيطلق على نفس

______________________________

الالتزام-) لا الالتزام فى الالتزام، و التبادر آية الحقيقة كما ذكر فى الاصول (استدلال الامام عليه السلام) فاستدلال، فاعل يدفعها (بالنبوى: المؤمنون عند شروطهم، فيما تقدم من الخبر) اى خبر ابن سنان الّذي ذكرناه و اشار إليه المصنف بقوله «و قد اطلق .. الخ» (الّذي اطلق فيه الشرط على النذر او العهد) او الوعد- كما عرفت- (و مع ذلك) الّذي ذكرناه من اطلاقه فى الاخبار على الشرط الابتدائى اطلاقا تدل القرائن على انه بنحو الحقيقة (فلا حجة فيما فى القاموس) من انه خاص بالالزام و الالتزام فى البيع و نحوه (مع تفرّده به) اذ غيره لم يخصّصه بذلك (و لعله لم يلتفت الى الاستعمالات التى ذكرناها، و الا لذكرها) اى ذكر هذه الاستعمالات، بان الشرط يستعمل فى الشرط الابتدائى- كالموارد المذكورة- (و لو) ذكرا (بعنوان يشعر بمجازيتها) فعدم الذكر دليل على عدم الالتفات، اذ لو اغمضنا النظر عن كونه حقيقة فلا اقل من كونه مجازا.

(ثم قد يتجوز) اى يرتكب المجاز (فى لفظ الشرط بهذا المعنى)، و هو المعنى الاول- مقابل المعنى الثانى الآتى- (فيطلق على نفس

ص: 129

المشروط، كالخلق بمعنى المخلوق فيراد به ما يلزمه الانسان على نفسه

الثانى: ما يلزم من عدمه العدم،

من دون ملاحظة انه يلزم من وجوده الوجود، أو لا، و هو بهذا المعنى اسم جامد لا مصدر

______________________________

المشروط، كالخلق بمعنى المخلوق) فان الخلق قد يطلق و يراد به المعنى المصدرى، كالضرب و النصر، و قد يطلق و يراد به ما تعلق به الخلق، اى المخلوقات، كقوله تعالى: هٰذٰا خَلْقُ اللّٰهِ اى ما خلقه الله.

و على هذا الاطلاق (فيراد به) اى بالشرط (ما يلزمه الانسان على نفسه) فاذا شرط زيد على عمرو ان يخيط قبائه يقال: الشرط خياطة القباء، مثلا، و هذا مجاز، كما لا يخفى.

(الثانى) من المعنيين للشرط (ما يلزم من عدمه العدم) اى القيد فى الشي ء، كسائر القيود، مثل الحال و التميز و الوصف و غيرها (من دون ملاحظة انه يلزم من وجوده الوجود، أو لا) يلزم.

مثلا يقال: الوضوء شرط الصلاة، و يراد بانه يلزم من عدم الوضوء عدم الصلاة، مع انه لا يلزم من وجود الوضوء وجود الصلاة، اذ ربما يتوضأ الانسان و لا يصلّى.

كما انه قد يطلق الشرط بهذا المعنى و يراد انه يلزم من وجوده الوجود و من عدمه العدم، فيقال شرط قبول العمل الاخلاص، حيث انه ان كان الاخلاص فى العمل قبل، و ان لم يكن اخلاص لم يقبل (و هو) اى لفظ الشرط (بهذا المعنى) الثانى (اسم جامد) اطلق على القيد (لا مصدر) له، حتى يكون له معنى حدثى، كالمعنى الاول الّذي هو

ص: 130

فليس فعلا و لا حدثا و اشتقاق المشروط منه ليس على الاصل كالشارط.

______________________________

مصدر و له معنى حدثى.

و اما الفرق بينه و بين المعنى المجازى الاول- و هو ما ذكره بقوله:

و قد يتجوز فى لفظ الشرط- هو ان المعنى الثانى قيد، و المعنى المجازى مقيّد.

فالخلق بمعنى المخلوق ليس قيدا لشي ء، كذلك الشرط بمعنى المشروط ليس قيدا لشي ء، اما الوضوء، فهو قيد للصلاة.

كما ان الشرط بالمعنى الاصولى مقابل للسبب، و قد عرفت ان الشرط بالمعنى الثانى اعم من السبب، لانه يطلق على ما يلزم من عدمه العدم، سواء لزم من وجوده الوجود أيضا و هو السبب، أم لا و هو الشرط الاصولى

و الشرط بالمعنى النحوى ما يكون بعد اداة الشرط، و هذا غير معتبر هنا كما لا يخفى.

و كيف كان (ف) المعنى الثانى للشرط (ليس فعلا) للانسان (و لا حدثا) فلعل الحدث اعم من الفعل، اذ يشمل كل حادث سواء كان فعلا للانسان أم لا، فهو من باب الترقى مثل ان نقول: الحجر ليس بإنسان و لا بحيوان (و اشتقاق المشروط) كان يقال: الصلاة مشروطة بالوضوء (منه) اى من الشرط- بالمعنى الثانى- (ليس على الاصل) اى اصل الشرط بمعنى القيد، اذ الجامد لا يشتق منه (ك) اشتقاق (الشارط) منه، فانه أيضا ليس على الاصل، بل اللازم ان نضمّنه معنى الشرط الحدثى.

ص: 131

و لذا ليسا بمتضايفين فى الفعل و الانفعال بل الشارط هو الجاعل و المشروط هو ما جعل له الشرط

______________________________

(و لذا) الّذي ذكرنا ان الاشتقاق منه ليس على الاصل ف (ليسا) اى الشارط و المشروط (بمتضايفين).

و المتضايفان هما الامران الوجوديان الّذي يلازم كل واحد منهما الآخر، كالضارب و المضروب، فانه لا يتحقق الضارب الا اذا تحقق المضروب و لا يتحقق المضروب الا اذا تحقق الضارب، و الشارط و المشروط بالمعنى الثانى الجامد ليس بينهما تضايف (فى الفعل و الانفعال) فليس كلّما تحقق احدهما تحقق الآخر، و الحال ان المتضايفين بينهما فعل و انفعال، اذا كلما تحقق الفعل تحقق الانفعال، و كلما تحقق الانفعال تحقق الفعل.

و حيث انه ليس بين الشارط و المشروط- بالمعنى الثانى- تضايف، دلّ ذلك على ان اشتقاقهما ليس على الاصل، بل لكل واحد معنى مضمن فى الشرط بمعناه الجامد (بل الشارط هو الجاعل) اى جاعل الشرط (و المشروط هو ما جعل له الشرط) كالصلاة، فيقال: الصلاة مشروطة بالطهارة.

فالشارط هو اللّه الجاعل للوضوء، اما المشروط فليس هو الوضوء المنجعل، بل المشروط هو الصلاة المنجعل لها، و الحال انه لو كان الشارط و المشروط متضايفين، كان اللازم ان يكون المشروط هو منجعل الشارط الجاعل.

ص: 132

كالمسبب بالكسر و الفتح المشتقين من السبب.

______________________________

و الحاصل ان عدم التضايف بين الشارط و المشروط دليل على ان الشرط- بالمعنى الثانى- ليس مشتقا، بل جامدا، و ان اشتقاق الشارط و المشروط منه، انما هو بالتضمين، و ليس على الاصل.

فحال هذه الالفاظ الثلاثة (كالمسبب بالكسر) الّذي يقال لعلة الشي ء (و الفتح) الّذي يقال للمسبب له، لا لنفس السبب (المشتقين من السبب) مثلا الله سبحانه مسبب- بالكسر- و النار سبب، و الاحتراق مسبب- بالفتح-.

فليس بين المسبب و المسبب تضايف، اذ لو كان بينهما تضايف، لكان المسبب الله، و المسبب النار، لان الصادر من المسبب بالكسر، النار، لا الاحتراق.

فعدم التضايف بين المسبب و المسبب دليل على ان السبب جامد، و ان الاشتقاق منه بالتضمين.

و ان شئت قلت: الشارط هو الله و المشروط الصلاة و الشرط الوضوء و لو كان الشرط مشتقا لكان اللازم ان يكون المشروط هو الوضوء- لا الصلاة-.

و كذلك المسبب هو الله و المسبب هو الاحتراق، و السبب النار.

و لو كان السبب مشتقا لزم ان يكون المسبب هو النار- لا الاحتراق- فتأمّل.

ص: 133

فعلم من ذلك ان الشرط فى المعنيين نظير الامر بمعنى المصدر، و بمعنى الشي ء.

و اما استعماله فى السنة النحاة على الجملة الواقعة عقيب ادواة الشرط فهو اصطلاح خاص مأخوذ من افادة تلك الجملة، لكون مضمونها شرطا بالمعنى الثانى، كما ان استعماله فى السنة اهل المعقول و الاصول فيما يلزم من عدمه العدم، و لا يلزم من وجوده

______________________________

(فعلم من ذلك) الّذي ذكرنا فى معنيى الشرط الاول و الثانى (ان الشرط فى المعنيين نظير الامر بمعنى المصدر) لأمر يأمر امرا، و هذا على قياس الشرط بالمعنى الاول الحدثى (و بمعنى الشي ء) نحو اذا قضى امرا اى شيئا، و هذا على قياس الشرط بالمعنى الثانى الجامد.

(و اما استعماله) اى الشرط (فى السنة النحاة على الجملة الواقعة عقيب ادواة الشرط) مثل: ان جاءك زيد فاكرمه، فانهم يسمون جملة جاءك زيد شرطا، كما يسمونه جملة شرطية (فهو اصطلاح خاص مأخوذ) هذا الاصطلاح (من افادة تلك الجملة):- الشرط- فان جملة الشرط تفيد ان المجي ء شرط للاكرام، فالاكرام مقيد بقيد المجي ء، كما ان الصلاة مقيدة بالوضوء.

فكما ان الوضوء يسمى شرطا كذلك المجي ء يسمى شرطا (لكون مضمونها) اى مضمون الجملة الاولى و هى ان جاءك زيد (شرطا بالمعنى الثانى) و هو المعنى الجامد (كما ان استعماله) اى الشرط (فى السنة اهل المعقول و الاصول فيما يلزم من عدمه العدم، و لا يلزم من وجوده

ص: 134

الوجود، مأخوذ من ذلك المعنى، الا انه اضيف إليه ما ذكر فى اصطلاحهم مقابلا للسبب.

فقد تلخص مما ذكرنا ان للشرط معنيين عرفيين، و آخرين اصطلاحيين لا يحمل عليهما الاطلاقات العرفية، بل هى مردّدة بين الاولين.

فان قامت قرينة على إرادة المصدر تعين الاول

______________________________

الوجود) و هذا اخص مما ذكرنا فى المعنى الثانى حيث قلنا: انه ما يلزم من عدمه العدم من دون ملاحظة انه يلزم من وجوده الوجود فيشمل ما يلزم و ما لا يلزم (مأخوذ من ذلك المعنى) الثانى أيضا (الا انه اضيف) عند اهل المعقول و الاصول (إليه) اى الى المعنى الثانى (ما ذكر فى اصطلاحهم مقابلا للسبب).

فالمعنى الثانى اعم من الشرط و السبب- عند اهل المعقول- بينما المعنى عند اهل المعقول خاص بالشرط الاصطلاحى عندهم، و لا يشمل السبب.

(فقد تلخص مما ذكرنا ان للشرط معنيين عرفيين) و هما ما ذكرناه بقولنا:

الاول، الثانى (و آخرين اصطلاحيين) فى اصطلاح النحاة، و فى اصطلاح اهل المعقول (لا يحمل عليهما) اى على المعنيين الاصطلاحيين (الاطلاقات العرفية، بل هى) اى الاطلاقات العرفية (مرددة بين الاولين) و هما المعنى الحدثى الاول، و المعنى الجامد الثانى.

(فان) استعمل الشرط فى لسان العرف، آية او رواية او كلام فقيه.

او ما اشبه، و (قامت قرينة على إرادة المصدر تعين الاول) اى الحدثى

ص: 135

او على إرادة الجامد تعين الثانى، و الا حصل الاجمال.

و ظهر أيضا ان المراد بالشرط فى قولهم صلوات الله عليهم:

المؤمنون عند شروطهم، هو الشرط باعتبار كونه مصدرا.

اما مستعملا فى معناه اعنى الزاما على انفسهم.

و اما مستعملا بمعنى ملتزماتهم.

و اما بمعنى جعل الشي ء شرطا بالمعنى الثانى،

______________________________

(او على إرادة الجامد تعين الثانى، و الا) تحصل قرينة على احد المعنيين (حصل الاجمال) و المرجع فى ذلك الاصول العملية، كما هو الشأن فى كل مكان لا ظهور فيه.

(و ظهر أيضا) مما ذكرنا فى معنى الشرط (ان المراد بالشرط فى قولهم صلوات الله عليهم: المؤمنون عند شروطهم، هو الشرط باعتبار كونه مصدرا) اى ما يشترطون على انفسهم و هو مصدر شرط يشرط.

(اما مستعملا فى معناه) الحقيقى (اعنى) المؤمنون عند (الزاما) تهم (على انفسهم) و معنى: عند، انهم مقترنون معها اقترانا لا يفارقونها، و هذا الاقتران شرعى، بمعنى ان الشارع جعلهم بحيث لا يتمكنون من الانفكاك.

(و اما مستعملا) فى معناه المجازى (بمعنى ملتزماتهم) بان استعمل الشرط بمعنى المشروط، كالخلق بمعنى المخلوق، و هذا ما اشار إليه سابقا بقوله: ثم قد يتجوز فى لفظ الشرط بهذا المعنى الخ.

(و اما بمعنى جعل الشي ء شرطا بالمعنى الثانى) الّذي اشار إليه

ص: 136

بمعنى التزام عدم شي ء عند عدم آخر و سيجي ء الكلام فى ذلك.

و اما الشرط فى قوله: ما الشرط فى الحيوان قال: ثلاثة ايام للمشترى، قلت: و ما الشرط فى غيره؟ قال: البيعان بالخيار حتى يفترقا، و قوله: الشرط فى الحيوان ثلاثة ايام للمشترى اشترط او لم يشترط، فيحتمل ان يراد به ما قرّره الشارع و الزمه على المتبايعين او احدهما

______________________________

بقوله الثانى ما يلزم من عدمه العدم (بمعنى التزام عدم شي ء عند عدم آخر) اى يجب عليهم الالتزام بعدم المشروط عند عدم الشرط.

و حاصل معنى الحديث: ان المؤمنين يجب عليهم الخروج عن عهدة التزاماتهم على انفسهم- على المعنى الاول الحقيقى-.

او يجب عليهم الخروج عن عهدة ملتزماتهم- على المعنى الاول المجازى-.

او يجب عليهم الالتزام بعدم المشروط عند عدم الشرط- على المعنى الثانى (و سيجي ء الكلام فى ذلك) و انه باىّ معنى اقرب الى اللفظ ان شاء الله تعالى.

(و اما الشرط فى قوله: ما الشرط فى الحيوان؟ قال) عليه السلام (ثلاثة ايام للمشترى، قلت: و ما الشرط فى غيره؟) اى غير الحيوان من سائر اقسام البيوع (قال: البيعان بالخيار حتى يفترقا، و قوله) عليه السلام (الشرط فى الحيوان ثلاثة ايام للمشترى اشترط) المشترى ذلك لنفسه (او لم يشترط، فيحتمل ان يراد به) اى بلفظ الشرط (ما قرّره الشارع و الزمه على المتبايعين) فى خيار المجلس (او) الزمه على (احدهما)

ص: 137

من التسلط على الفسخ فيكون مصدرا بمعنى المفعول، فيكون المراد به نفس الخيار المحدود من الشارع.

و يحتمل ان يراد به الحكم الشرعى المقرّر، و هو ثبوت الخيار.

و على كل تقدير ففى الاخبار عنه بقوله: ثلاثة ايام، مسامحة.

______________________________

فى خيار الحيوان (من التسلط على الفسخ) «من» بيان «ما قرّره» (فيكون) الشرط (مصدرا بمعنى المفعول) فالسائل سئل: ما هو الملتزم من قبل الشارع (فيكون المراد به) اى بالملتزم (نفس الخيار المحدود من الشارع) بثلاثة ايام او بمدة كونهما فى المجلس.

(و يحتمل ان يراد به) اى بلفظ الشرط (الحكم الشرعى المقرّر) فالشرط اسم مصدر، لانه مستعمل فى الهيئة بدون النسبة (و) المراد بالحكم الشرعى المقرّر (هو ثبوت الخيار) اى الخيار الثابت شرعا و هو الخيار المنسوب الى الشرع.

و الحاصل انه قد يكون السؤال عن الموضوع، اى نفس الخيار فكانه قال السائل: ما هو الخيار فى الحيوان، و قد يكون السؤال عن الحكم، فكانه قال السائل: ما ذا قرّر الشارع فى الحيوان.

(و على كل تقدير) سواء كان السؤال عن الحكم او عن الموضوع (ففى الاخبار عنه بقوله: ثلاثة ايام، مسامحة) اذا الثلاثة ليست موضوعا للخيار و لا حكما للخيار.

فعلى ارجاع لفظ الشرط الى الموضوع يكون التقدير ما مدة الشرط بتقدير لفظ المدة بين «ما» و «الشرط» فان الخيار لا يحمل على ثلاثة

ص: 138

نعم فى بعض الاخبار فى الحيوان كلّه شرط ثلاثة ايام، و لا يخفى توقفه على التوجيه.

______________________________

ايام.

اما مدة الخيار فتحمل على ثلاثة ايام و على ارجاع لفظ الشرط الى الحكم، فيكون التقدير كائن فى الثلاثة.

و من المعلوم ان امثال هذه التقديرات كتقدير لفظ المدة، او كائن، لا تحتاج الى التوجيه لانها من المجازات المتعارفة.

(نعم فى بعض الاخبار فى الحيوان كله شرط ثلاثة ايام، و لا يخفى توقفه على التوجيه) اذ الشرط باىّ معنى كان لا يكون فى الحيوان، بل اللازم ان يقال: الحيوان متعلق الخيار، او متعلق حكم الخيار، فتأمل.

<>

ص: 139

الكلام فى شروط صحة الشرط،
اشارة

و هى امور قد وقع الكلام او الخلاف فيها.

احدها: ان يكون داخلا تحت قدرة المكلف،

فيخرج ما لا يقدر العاقد على تسليمه الى صاحبه سواء كان صفة لا يقدر العاقد على تسليم العين موصوفا بها مثل صيرورة الزرع سنبلا و كون الامة و الدابة تحمل فى المستقبل او تلد كذا او كان عملا كجعل الزرع سنبلا و البسر تمرا، كما مثل به فى القواعد.

______________________________

(الكلام فى شروط صحة الشرط، و هى امور قد وقع الكلام او الخلاف فيها).

(احدها: ان يكون) الشرط (داخلا تحت قدرة المكلف) بان يقدر المكلف على انجاز الشرط مباشرة او بالتسبيب، بفعل نفس الشرط او مقدماته المؤدية إليه، كان يشترط عليه الاحراق، فانه قادر عليه بايجاد مقدماته (فيخرج ما لا يقدر العاقد على تسليمه الى صاحبه سواء كان صفة لا يقدر العاقد على تسليم العين موصوفا بها) اى بتلك الصفة (مثل صيرورة الزرع سنبلا) بان يبيعه الزرع بشرط ان يصير فى المستقبل سنبلا (و كون الامة و الدابة تحمل فى المستقبل او تلد كذا) اى تلد ذكرا او انثى مثلا (او كان عملا كجعل الزرع سنبلا و البسر تمرا، كما مثل به فى القواعد).

ص: 140

لكن الظاهر ان المراد به جعل الله الزرع و البسر سنبلا و تمرا، و الغرض الاحتراز عن اشتراط فعل غير العاقد مما لا يكون تحت قدرته كافعال الله سبحانه، لا عن اشتراط حدوث فعل محال من المشروط عليه، لان الالزام

______________________________

و الفرق بين الصفة و الجعل، ان الصفة لا ينسبها العاقد الى نفسه بخلاف الجعل، ففى الاول لا يقول، انا اجعل، بل يقول هو يصير سنبلا و فى الثانى يقول: انا اجعل.

(لكن الظاهر ان المراد به) اى بالجعل (جعل الله الزرع و البسر) و هو التمر قبل ان يحلو و ينضج (سنبلا و تمرا) فشرط ان يجعل العاقد بنفسه الزرع سنبلا، شرط غير عقلائى، و الكلام فى الشروط التى يجريها العرف، و ان كانت غير مقدورة، واقعا (و الغرض) من شرطهم: كون الشرط داخلا تحت قدرة المكلف (الاحتراز عن اشتراط فعل غير العاقد مما لا يكون تحت قدرته) بان يشترط فعلا ليس هو فعل العاقد، و لا يكون تحت قدرة العاقد (كافعال الله سبحانه) كاشتراط الحمل و السنبل، فان الحمل ليس فعل العاقد، و لا يكون تحت قدرته، بخلاف ما اذا شرط سقى الحديقة مثلا، فانه فعل العاقد، او تحت قدرته بان يأمر عبده او ولده بالسقى (لا) ان قصدهم بهذا الشرط «المقدورية» الاحتراز (عن اشتراط حدوث فعل محال من المشروط عليه) و ان كان الفعل فى نفسه ليس مستحيلا، او كان الفعل فى نفسه أيضا مستحيلا.

و انما قلنا ليس قصدهم الاحتراز عن مثل هذا الشرط (لان الالزام

ص: 141

و الالتزام بمباشرة فعل ممتنع عقلا او عادة مما لا يرتكبه العقلاء و الاحتراز عن مثل الجمع بين الضدين او الطير ان فى الهواء مما لا يرتكبه العقلاء و الاتيان بالقيد المخرج لذلك و الحكم عليه بعدم الجواز، و الصحة، بعيد عن شأن الفقهاء، و لذا لم يتعرضوا لمثل ذلك فى باب الاجارة و الجعالة

مع ان اشتراط كون الفعل سائغا يغنى عن اشتراط القدرة.

______________________________

و الالتزام بمباشرة فعل ممتنع عقلا او عادة) و ان لم يمتنع عقلا (مما لا يرتكبه العقلاء و) من المعلوم ان (الاحتراز عن مثل الجمع بين الضدّين) المستحيل عقلا (او الطير ان فى الهواء) المستحيل عادة (مما لا يرتكبه العقلاء) اذ كلام العقلاء فى الامور الممكنة عقلا و عادة (و الاتيان بالقيد المخرج لذلك) بان يقيدوا الشرط بكونه مقدورا لاخراج المحال العقلى و العادى (و الحكم عليه) اى على هذا النحو من القيد (بعدم الجواز، و) عدم (الصحة، بعيد عن شأن الفقهاء، و لذا لم يتعرضوا لمثل ذلك) القيد المخرج للمستحيلات (فى باب الاجارة و الجعالة) فلم يقولوا: يشترط فى الاجارة ان يكون متعلقها مقدورا، فلا تصح اجارة الانسان على ان يطير، او يجمع بين الضدين- هذا أولا-.

(مع ان اشتراط كون الفعل) و هو الشرط (سائغا) اى جائزا (يغنى عن اشتراط القدرة) فيتأتى ان الشرط يلزم ان يكون جائزا، اذ غير المقدور، لا يصح ان يقال له انه جائز، اذ الجواز و عدم الجواز يتعلقان بالمقدور، كما لا يخفى.

ص: 142

نعم اشتراط تحقق فعل الغير الخارج عن اختيار المتعاقدين المحتمل وقوعه فى المستقبل، و ارتباط العقد به بحيث يكون التراضي منوطا به و واقعا عليه امر صحيح عند العقلاء مطلوب لهم، بل اولى بالاشتراط من الوصف الحالى غير المعلوم تحققه، ككون العبد كاتبا و الحيوان حاملا

______________________________

(نعم اشتراط تحقق فعل الغير الخارج) ذلك الفعل (عن اختيار المتعاقدين) مثل افعال الله تعالى (المحتمل وقوعه فى المستقبل، و ارتباط) عطف على «اشتراط» (العقد به) اى بذلك الفعل، ارتباطا (بحيث يكون التراضي منوطا به) اى بذلك الفعل (و واقعا عليه) مثل ان يقول: انى ابيعك هذا الشي ء بشرط ان لا يأتى الحاج او انى استأجر منك هذه الدار بشرط ان يأتى الزوّار، لانه اذا اتى الحاج او الزوار احتاج الى الدار، ليؤجرها لهم بمبلغ كثير- مثلا- (امر صحيح عند العقلاء مطلوب لهم) فلا وجه للمنع عن مثل هذا الشرط بعد شمول الادلة العقلية و الشرعية له (بل) اشتراط فعل الغير- على النحو الّذي ذكرناه- (اولى بالاشتراط من الوصف الحالى غير المعلوم تحققه) الآن (ككون العبد كاتبا و الحيوان حاملا) مثل ان يشترى العبد بشرط ان يكون كاتبا، فى الحال او يشترى الحيوان بشرط ان يكون حاملا فى الحال.

وجه الاولوية امكان الغناء عن الشرط الحالى بالتجربة- غالبا- فلا يحتاج الى الشرط، بخلاف شرط فعل الغير الاستقبالى، فانه غالبا

ص: 143

و الغرض الاحتراز عن ذلك.

و يدل على ما ذكرنا تعبير اكثرهم ببلوغ الزرع و البسر سنبلا و تمرا او لصيرورتهما كذلك و تمثيلهم لغير المقدور بانعقاد الثمرة و ايناعها و حمل الدابة فى ما بعد و وضع الحامل فى وقت كذا

______________________________

لا يعرف، و لذا يحتاج الى الشرط، فيما اذا كان الغرض متعلقا بالشرط- نعم يصح كلاهما- (و الغرض) من هذا الشرط (الاحتراز عن ذلك) هو الاحتراز عن فعل الغير، لا الاحتراز عن شرط المستحيل عقلا او عادة، اذ قد عرفت ان ذلك لا يليق بكلام الفقهاء.

(و يدل على ما ذكرنا) من انهم قصدوا باشتراط كون الشرط داخلا تحت القدرة، ان لا يكون تحت قدرة الغير، لا انهم قصدوا ان لا يكون محالا (تعبير اكثرهم) لمقابل شرط القدرة (ببلوغ الزرع و البسر سنبلا و تمرا).

و من المعلوم ان ذلك ليس بمحال عقلا و لا عادة، و انما هو بحيث لا يكون داخلا تحت قدرة المشروط عليه، بل داخلا تحت قدرة الله تعالى (او لصيرورتهما كذلك) عطف على «ببلوغ» حيث ان بعضهم عبّر: بشرط ان يبلغ الزرع، و بعضهم عبّر بشرط ان يصير الزرع (و تمثيلهم لغير المقدور) «تمثيلهم» عطف على «تعبير» (بانعقاد الثمرة و ايناعها) اى بنضجها (و حمل الدابة فى ما بعد) العقد (و وضع الحامل فى وقت كذا) فان كل ذلك مقدور لغير الشارط- و خارج عن قدرة الشارط-.

نعم لو شرط تبليغ المشروط عليه البسر تمرا و عقده الثمرة و تحميله

ص: 144

و غير ذلك.

و قال فى القواعد: يجوز اشتراط ما يدخل تحت القدرة من منافع البائع دون غيره، كجعل الزرع سنبلا و البسر تمرا، قال الشهيد ره فى محكى حواشيه على القواعد ان المراد جعل الله الزرع سنبلا و البسر تمرا، لانا انما نفرض فيما يجوز ان

______________________________

الدابة كان ذلك غير مقدور له اصلا، بل محال بالنسبة إليه.

و قوله «و تمثيلهم» مثال آخر لبلوغ الزرع الّذي ذكره أولا، لا انه شي ء جديد، كما ربما يتوهم من ظاهر العبارة (و غير ذلك) من الامثلة.

و الحاصل ان الشيخ يقول: ان قولهم: بوجوب ان يكون الشرط داخلا تحت القدرة، يريدون قدرة الشارط، مقابل ما كان تحت قدرة غيره، بدليل ان اخراج المحال لا يحتاج الى القيد، و بشهادة امثلتهم لا انهم يريدون مطلق القدرة، مقابل المحال العقلى او العادى.

(و) يدل على ما ذكرناه ما ذكره الشهيد فى شرح عبارة القواعد (قال فى القواعد: يجوز اشتراط ما يدخل تحت القدرة من منافع البائع دون غيره) اى دون ما لا يدخل تحت قدرة البائع، و مثّل للغير بقوله (كجعل الزرع سنبلا و البسر تمرا).

ثم (قال الشهيد ره فى محكى حواشيه على القواعد ان المراد) من «الغير» فى كلام العلامة (جعل الله الزرع سنبلا و البسر تمرا) لا ان مراد العلامة اخراج جعل المشروط عليه الزرع سنبلا (لانا انما نفرض) الكلام- فى ان اى شرط صحيح و اى شرط غير صحيح- (فيما يجوزان

ص: 145

يتوهمه عاقل لامتناع ذلك من غير الاله جلّت عظمته، انتهى، لكن قال فى الشرائع: و لا يجوز اشتراط ما لا يدخل فى مقدوره، كبيع الزرع على ان يجعله سنبلا و الرطب على ان يجعله تمرا، انتهى، و نحوها عبارة التذكرة، لكن لا بد من ارجاعها الى ما ذكر، اذ لا يتصور القصد من العاقل الى الالزام و الالتزام بهذا الممتنع العقلى.

______________________________

يتوهمه عاقل).

و جعل الشرط ان يصيّر الله الزرع سنبلا، يجوز ان يتوهمه العقلاء اما ارادتهم شرط ان يجعل المشروط عليه الزرع سنبلا، فليس مفروض الكلام (لامتناع ذلك من غير الاله جلّت عظمته) فلا يمكن ان يقع فيه الكلام حتى يقال: انه لا يجوز (انتهى) كلام الشهيد.

و (لكن قال فى الشرائع) ما ظاهره ان شرط المقدورية لاخراج شرط جعل المشروط عليه الزرع سنبلا- الّذي قلنا انه محال- قال (و لا يجوز اشتراط ما لا يدخل فى مقدوره) اى مقدور المشروط عليه (كبيع الزرع على ان يجعله سنبلا و الرطب على ان يجعله تمرا) اى يجعله المشروط عليه (انتهى، و نحوها عبارة التذكرة) حيث عبّر ب «يجعله» (لكن لا بد من ارجاعها) اى ارجاع عبارة الشرائع و التذكرة (الى ما ذكر) اى الى شرط ان يجعل الله البسر تمرا (اذ لا يتصور القصد من العاقل الى الالزام و الالتزام بهذا الممتنع العقلى) حتى نقول بانه غير جائز،.

و الحاصل ان الفقهاء انما يتكلمون حول الاشياء الممكنة، ليروا ان

ص: 146

اللهم الا ان يراد اعمال مقدمات الجعل على وجه توصل إليه مع التزام الايصال، فاسند الجعل الى نفسه بهذا الاعتبار، فافهم.

______________________________

ايّا منها جائز، و ايا منها غير جائز، اما الاشياء الممتنعة فالعقلاء لا يرتكبونها بانفسهم، فلا يحتاج الى تكلم الفقيه حوله.

(اللّهم الا ان يراد) من عدم صحة شرط ان يجعل ... (اعمال مقدمات الجعل على وجه توصل إليه) اى الى الجعل، فالفقهاء، يريدون ان يقولوا لا يصح ان يشترط على البائع ان يأتى بمقدمات صيرورة البسر تمرا (مع التزام) البائع (الايصال) الى التمرية.

و انما لا يصح هذا الشرط، لان الايصال ليس بيد البائع (فاسند)- بالمجهول- اى فى كلام الفقهاء (الجعل الى نفسه) اى نفس المشروط عليه (بهذا الاعتبار) اى اعتبار إرادة مقدمات الجعل من لفظ الجعل.

فتحصل ان الشرط على أربعة اقسام.

1-: ان يجعل الله الزرع سنبلا، و هذا ممكن غير جائز.

2-: و ان يجعل الانسان الزرع سنبلا، و هذا محال.

3-: و ان يأتى المشروط عليه بالمقدمات فقط، و هذا ممكن جائز.

4-: و ان يأتى المشروط عليه بالمقدمات على وجه توصل الى النتيجة و هذا ممكن غير جائز (فافهم) فان ارجاع عبارتى المحقق و التذكرة الى خلاف ظاهرهما لا وجه له.

ص: 147

و كيف كان فالوجه فى اشتراط الشرط المذكور- مضافا الى عدم الخلاف فيه- عدم القدرة على تسليمه، بل و لا على تسليم المبيع اذا اخذ متصفا به، لان تحقق مثل هذا الشرط بضرب من الاتفاق، و لا يناط بإرادة المشروط عليه فيلزم الغرر فى العقد، لارتباطه بما لا وثوق بتحققه

و لذا نفى الخلاف فى الغنية عن بطلان العقد باشتراط هذا الشرط

______________________________

(و كيف كان فالوجه فى اشتراط الشرط المذكور) اى شرط ان يكون الشرط داخلا تحت قدرة المكلف (- مضافا الى عدم الخلاف فيه-) بين الفقهاء (عدم القدرة على تسليمه) اى تسليم الشرط غير المقدور (بل و لا على تسليم المبيع اذا اخذ) المبيع (متصفا به) اى بهذا الشرط.

و صورة القياس هكذا، هذا الشرط غير مقدور على تسلّمه و كل شرط غير مقدور على تسلّمه فهو باطل، فهذا الشرط باطل.

اما الصغرى: ف (لان تحقق مثل هذا الشرط) انما هو (بضرب من الاتفاق، و لا يناط) تحققه (بإرادة المشروط عليه) فانه ربما يشاء الله سبحانه جعل الزرع سنبلا و ربما يشاء عدمه، و كذلك فى حمل الدابة، و سائر الامثلة.

و اما الكبرى (ف) لانه (يلزم) من اشتراط هذا الشرط (الغرر فى العقد، لارتباطه بما لا وثوق بتحققه) و قد نهى النبي صلى الله عليه و آله عن الغرر.

(و لذا) الّذي ذكرنا من سراية مجهولية الشرط الى العقد فهو غررى (نفى الخلاف فى الغنية عن بطلان العقد باشتراط هذا الشرط) غير

ص: 148

استنادا على عدم القدرة على تسليم المبيع كما يظهر بالتأمل فى آخر كلامه فى هذه المسألة.

و لا ينقض ما ذكرنا بما لو اشترط و صفا حاليا لا يعلم تحققه فى المبيع كاشتراط كونه كاتبا بالفعل او حاملا، للفرق بينهما- بعد الاجماع- بان التزام وجود الصفة فى الحال بناء على وجود الوصف الحالى

______________________________

المقدور (استنادا) فى البطلان (على عدم القدرة على تسليم المبيع) اذ لا يتمكن البائع من تسليم المبيع المشروط بهذا الشرط (كما يظهر) كونه استند الى ذلك (بالتأمّل فى آخر كلامه فى هذه المسألة).

لكن لا يخفى الاشكال فى الكبرى، اذ عدم القدرة لا يجعل الامر غرريا- عرفا- بل العقلاء يتعلق غرضهم بهكذا معاملة، كما تقدم من مثال اشتراطهم الاجارة و البيع بعدم مجي ء الزوّار او بمجيئهم- مثلا-

(و) ان قلت: اذا كان الشرط المجهول التحقق يوجب بطلان الشرط بل بطلان البيع، فلما ذا لا تقولون بمثله فى الشرط الحالى.

قلت: (لا ينقض ما ذكرنا بما لو اشترط وصفا حاليا) و كان الوصف بحيث (لا يعلم تحققه فى المبيع كاشتراط كونه كاتبا بالفعل او حاملا) فى حال انه لا يعلم انه كاتب او انها حامل، فانه لا اشكال فى صحة هذا الشرط مع انه و الشرط الاستقبالى بمنزلة واحدة.

و انما لا ينقص (للفرق بينهما) اى بين الشرط الاستقبالى المجهول و الشرط الحالى المجهول (- بعد الاجماع-) المتقدم (بان التزام وجود الصفة فى الحال بناء على وجود الوصف الحالى) «بناء» خبر «التزام»

ص: 149

و لو لم يعلما به.

فاشتراط كتابة العبد المعين الخارجى بمنزلة توصيفه بها و بهذا المقدار يرتفع الغرر، بخلاف ما سيتحقق فى المستقبل، فان الارتباط به لا يدل على البناء على تحققه.

______________________________

اى ان البائع يلتزم وجود الوصف، و التزامه هذا يرفع الغرر، بخلاف الوصف الاستقبالى فان البائع لا يتمكن من الالتزام به، لانه ليس بيده المستقبل، و اذا لم يتمكن من الالتزام به، كان ذلك غرريا.

ثم ان التزام البائع كاف فى رفع الغرر (و لو لم يعلما به) اى بالوصف هل هو موجود الآن أم لا؟ فان الرافع للغرر الالتزام، لا وجود الوصف الفعلى او العلم به.

(فاشتراط كتابة العبد المعين الخارجى) بان باعه هذا العبد على شرط ان يكون كاتبا الآن حال البيع (بمنزلة توصيفه بها) اى بمنزلة ان يقول: انى ابيعك هذا العبد الكاتب (و بهذا المقدار) من الالتزام و التوصيف (يرتفع الغرر) فلا مانع من مثل هذا البيع (بخلاف ما سيتحقق فى المستقبل) كجعل الزرع سنبلا (فان الارتباط به) اى ارتباط البائع العقد بهذا الشرط الاستقبالى (لا يدل على البناء على تحققه).

و فيه أولا: ان مجرد البناء فى الوصف الحالى لا يخرج العقد من الغرر- اذا كان الجهل بهذا المقدار غررا-.

و ثانيا: ان البناء و التوصيف موجودان فى الاستقبالى أيضا، فهو بمنزلة ان يقول: انى ابيعك هذا الزرع المتصف بانه سيصبح سنبلا.

ص: 150

و قد صرح العلامة فيما حكى عنه ببطلان اشتراط ان تكون الامة تحمل فى المستقبل لانه غرر عرفا، خلافا للمحكى عن الشيخ و القاضى، فحكما بلزوم العقد مع تحقق الحمل، و بجواز الفسخ اذا لم يتحقق و ظاهرهما- كما استفاده فى الدروس- تزلزل العقد باشتراط مجهول التحقق، فيتحقق الخلاف فى مسألة اعتبار القدرة فى صحة الشرط.

و يمكن توجيه كلام الشيخ بارجاع اشتراط الحمل فى المستقبل الى اشتراط صفة حالية موجبة للحمل.

______________________________

(و قد صرح العلامة فيما حكى عنه ببطلان اشتراط ان تكون الامة تحمل فى المستقبل) و علل ذلك بقوله: (لانه غرر عرفا).

ثم ان ما ذكرناه من بطلان الشرط الاستقبالى ليس اتفاقيا، بل (خلافا للمحكى عن الشيخ و القاضى، فحكما بلزوم العقد مع تحقق الحمل) فى المستقبل (و بجواز الفسخ) لانتفاء الشرط (اذا لم يتحقق) الحمل فى المستقبل (و ظاهرهما- كما استفاده فى الدروس- تزلزل العقد باشتراط) شرط (مجهول التحقق) لا بطلان العقد، كما ادعاه الغنية.

و عليه (فيتحقق الخلاف فى مسألة اعتبار القدرة فى صحة الشرط) لان تزلزل العقد يلازم صحة هذا الشرط.

(و يمكن توجيه كلام الشيخ) و القاضى (ب) ما لا ينافى كلام المشهور القائلين ببطلان البيع بمثل هذا الشرط الاستقبالى المجهول ب (ارجاع اشتراط الحمل فى المستقبل الى اشتراط صفة حالية موجبة للحمل) حتى يكون

ص: 151

فعدمه كاشف عن فقدها.

و هذا الشرط و ان كان للتأمل فى صحته مجال، الا ان إرادة هذا المعنى يخرج اعتبار كون الشرط مما يدخل تحت القدرة عن الخلاف.

ثم ان عدم القدرة على الشرط تارة لعدم مدخليته فيه اصلا كاشتراط ان الحامل تضع فى شهر كذا.

______________________________

الشرط حاليا- من قبيل شرط كتابة العبد- بان يشترط ان تكون فى الامة قابلية الحمل (فعدمه) بان لم تحمل، مما يكشف عن انه لم تكن لها قابلية (كاشف عن فقدها) اى فقد تلك الصفة حال العقد، كما لو تبين ان العبد لم يكن كاتبا.

(و هذا الشرط) اى شرط الصفة الحاضرة (و ان كان للتأمل فى صحته مجال) لانه لا يكفى فى دفع الغرر التزام البائع بما لا يعلمان بوجوده و عدمه، و ان التزام البائع وجود الوصف (الا ان إرادة هذا المعنى) من عبارة الشيخ و القاضى (يخرج اعتبار كون الشرط مما يدخل تحت القدرة عن الخلاف).

و يحقق ما ذكرناه سابقا من انه لا خلاف فى ذلك الّا ان ارجاع كلام الشيخ و القاضى الى ما ذكره المصنف خلاف ظاهرهما فلا وجه له، و قد عرفت ان مثل هذا الشرط الاستقبالى لا يوجب الغرر.

(ثم ان عدم القدرة على الشرط تارة لعدم مدخليته) اى عدم مدخلية المشروط عليه (فيه) اى فى الشرط (اصلا) فلا يتمكن من ايجاده

و ذلك (كاشتراط ان الحامل تضع فى شهر كذا) او يوم كذا، او ان يصير الزرع سنبلا.

ص: 152

و اخرى لعدم استقلاله فيه، كاشتراط بيع المبيع من زيد فان المقدور هو الايجاب فقط، لا العقد المركب فان اراد اشتراط المركب فالظاهر دخوله فى اشتراط غير المقدور، الا ان العلامة قدس سره فى التذكرة بعد جزمه بصحة اشتراط بيعه على زيد قال: لو اشترط بيعه على زيد فامتنع زيد من شرائه احتمل ثبوت الخيار بين الفسخ و الامضاء، و العدم، اذ تقديره: بعه على زيدان اشتراه انتهى.

و لا اعرف وجها للاحتمال الاول، اذ على تقدير

______________________________

(و اخرى لعدم استقلاله) اى استقلال المشروط عليه (فيه) اى فى حصول الشرط، و ان كانت له مدخلية (كاشتراط بيع المبيع من زيد) او بيع المبيع من اىّ انسان كان (فان المقدور هو الايجاب فقط، لا العقد المركب) من الايجاب و القبول (فان اراد) الشارط (اشتراط المركب) بان يأتى المشروط عليه بالعقد بايجاب و قبول (فالظاهر دخوله فى اشتراط غير المقدور) و يكون الشرط باطلا حينئذ (الا ان العلامة قدس سره فى التذكرة بعد جزمه بصحة اشتراط بيعه على زيد) مثلا (قال: لو اشترط بيعه على زيد فامتنع زيد من شرائه احتمل ثبوت الخيار) للبائع (بين الفسخ و الامضاء) لان شرطه لم يتحقق (و) احتمل (العدم) فلا خيار له (اذ تقديره) اى تقدير الشرط (بعه على زيدان اشتراه، انتهى) فاذا لم يشتره فلا امر بالبيع فلا خيار، لانه لم يتخلف الشرط- كما لو شرط عليه اكرام زيد ان اتاه فلم يأت زيد- فانه لا مجال للفسخ.

(و لا اعرف وجها للاحتمال الاول) اى ثبوت الخيار (اذ على تقدير

ص: 153

إرادة اشتراط الايجاب فقط قد حصل الشرط.

و على تقدير اشتراط المجموع المركب ينبغى البطلان، الا ان يحمل على صورة الوثوق بالاشتراء فاشتراط النتيجة بناء على حصولها بمجرد الايجاب، فاتفاق امتناعه من الشراء بمنزلة تعذّر الشرط.

و عليه يحمل قوله فى التذكرة و لو اشترط على البائع اقامة

______________________________

إرادة اشتراط) الشارط (الايجاب فقط) او عرضه على البيع ف (قد حصل الشرط) فلا وجه لخيار الفسخ، لان المفروض ان المشروط عليه عرض المتاع على البيع او اوجب البيع.

(و على تقدير اشتراط المجموع المركب) من الايجاب و القبول (ينبغى البطلان) لان هذا الشرط غير مقدور للمشروط عليه، فهذا الشرط باطل لكنك قد عرفت صحة مثل هذا الشرط، فكلام العلامة فى محلّه (الا ان يحمل) كلام العلامة (على صورة الوثوق) من الشارط (بالاشتراء) فالشرط و ان كان غير مقدور، الا ان الوثوق بحصوله كاف فى صحته (فاشتراط النتيجة) اى اشتراط البائع: الاشتراء الخارجى (بناء) خبر «اشتراط» (على حصولها) اى النتيجة (بمجرد الايجاب فاتفاق امتناعه) اى المشترى (من الشراء بمنزلة تعذّر الشرط) المقدور كما اذا شرط على المشترى ان يخيط قبائه ثم اصابه الشلل و لا يقدر على الخياطة، فانه يوجب خيار الفسخ للشارط، لا ان الشرط باطل من اصله

(و عليه) اى على ما ذكرنا من صورة الوثوق بحصول الشرط، ثم تعذر الشرط (يحمل قوله فى التذكرة و لو اشترط) المشترى (على البائع اقامة

ص: 154

كفيل على العهدة فلم يوجد، او امتنع المعين ثبت للمشترى الخيار، انتهى.

و من افراد غير المقدور ما لو شرط حصول غاية متوقفة شرعا على سبب خاص بحيث يعلم من الشرع عدم حصولها بنفس الاشتراط، كاشتراط كون امرأة مزوجة او الزوجة مطلقة من غير ان يراد من ذلك ايجاد الاسباب اما

______________________________

كفيل على العهدة) بان المتاع ان ظهر ملكا للغير، او ظهر معيبا فالكفيل يكفل البائع لئلا يهرب من اداء ما عليه (فلم يوجد) الكفيل الّذي يكفله (او) كان الشرط كفالة انسان معين للبائع، ف (امتنع المعين) عن قبول الكفالة (ثبت للمشترى الخيار).

و انما نحمل كلام العلامة على ذلك، لانه لو لم نحمله عليه كان الشرط باطلا لانه غير مقدور (انتهى) كلام التذكرة.

لكنك قد عرفت عدم الاحتياج الى امثال هذه التجشّمات.

(و من افراد غير المقدور ما لو شرط حصول غاية) بنفس الشرط من دون الاتيان باسبابها الشرعية بان كانت تلك الغاية (متوقفة شرعا على سبب خاص بحيث يعلم من الشرع عدم حصولها بنفس الاشتراط) كان الاولى ادخال ذلك فى اشتراط ان لا يكون الشرط مخالفا للكتاب و السنة (كاشتراط كون امرأة مزوجة) مثل ان يبيع الرجل المتاع لامرأة اجنبية بشرط ان تكون زوجة له بنفس هذا الشرط (او الزوجة مطلقة) كان يبيع للزوج متاعا بشرط ان تكون زوجته مطلقة بنفس هذا الشرط (من غير ان يراد من ذلك) الشرط (ايجاد الاسباب اما

ص: 155

لو اراد ايجاد الاسباب او كان الشرط مما يكفى فى تحققه نفس الاشتراط فلا اشكال.

و لو شك فى حصوله بنفس الاشتراط كملكية عين خاصة فسيأتى الكلام فيه فى حكم الشرط.

الثانى: ان يكون الشرط سائغا فى نفسه،

فلا يجوز اشتراط جعل العنب خمرا و نحوه من المحرمات، لعدم نفوذ الالتزام بالمحرم.

______________________________

لو اراد ايجاد الاسباب) بالشرط بان تكون زوجة له بالنكاح الشرعى، او ان يطلق زوجته (او كان الشرط مما يكفى فى تحققه نفس الاشتراط) كان يشترط البائع، ان تكون دار المشترى ملكا للبائع، فان الشرط كاف فى نقل الملكية (فلا اشكال) فى صحة مثل هذا الشرط، لانه مقدور و جائز شرعا.

(و لو شك فى حصوله) اى حصول ذلك المشروط (بنفس الاشتراط كملكية عين خاصة) اذا شككنا فى انه هل يحتاج الملك الى اسباب خاصة او انها تتحقق بنفس الشرط؟ (فسيأتى الكلام فيه) اى فى حكم ما لو شك و هل يصح شرطه أم لا؟ (فى حكم الشرط) ان شاء الله تعالى.

(الثانى) من شروط صحة الشرط (ان يكون الشرط سائغا فى نفسه فلا يجوز اشتراط جعل العنب خمر او نحوه) كاشتراط نحت الخشب صليبا او صنما (من) سائر (المحرمات) و ذلك (لعدم نفوذ الالتزام بالمحرم) و الا لا نفتح باب تحليل المحرمات و اسقاط الواجبات بالشرط فى ضمن العقد، و هو بديهى البطلان.

ص: 156

و يدل عليه ما سيجي ء من قوله المؤمنون عند شروطهم، الا شرطا احلّ حراما او حرّم حلالا.

فان الشرط اذا كان محرّما كان اشتراطه و الالتزام به احلالا للحرام و هذا واضح لا اشكال فيه.

الثالث: ان يكون مما فيه غرض معتد به عند العقلاء نوعا،

او بالنظر الى خصوص المشروط له.

______________________________

(و يدل عليه ما سيجي ء من قوله) عليه السلام (المؤمنون عند شروطهم الا شرطا احلّ حراما او حرّم حلالا) و المراد بالحلال مقابل الحرام فيشمل الاحكام الاربعة الاخر و هى: الواجب و المندوب و المكروه و المباح و كذلك فى قوله عليه السلام: حلال محمّد «ص» حلال الى يوم القيامة، و حرام محمد حرام الى يوم القيامة- و سيأتى الكلام فيه-.

(فان الشرط اذا كان محرّما كان اشتراطه) من المشترط (و الالتزام به) من المشترط عليه (احلالا للحرام) او تحريما للحلال (و هذا واضح لا اشكال فيه) فان الالتزام و ان لم يكن عملا- و الظاهر الّذي عليه جمع من المحققين ان الالتزام بالاحكام غير لازم، و انما اللازم العمل- الا انه عرفا احلال للحرام، و لا يخفى ان هذا الشرط داخل فى الشرط الرابع فذكره مستقلا لم يعرف له وجه.

(الثالث) من شروط صحة الشرط (ان يكون) الشرط (مما فيه غرض معتد به عند العقلاء نوعا) لهذا المشروط له و لغيره (او بالنظر الى خصوص المشروط له) و ان لم يكن فيه غرض للعقلاء فاذا لم يكن هناك غرض للعقلاء و لهذا الشارط او كان غرض غير معتد به لم يصح الشرط.

ص: 157

و مثل له فى الدروس باشتراط جهل العبد بالعبادات.

و قد صرح جماعة بان اشتراط الكيل او الوزن بمكيال معين او ميزان معين من افراد المتعارف لغو، سواء فى السلم، و غيره.

و فى التذكرة لو شرط ما لا غرض للعقلاء فيه، و لا يزيد به المالية،

______________________________

اما اذا كان فيه غرض للعقلاء لا لهذا الشارط، او كان فيه غرض لهذا الشارط لا للعقلاء، فانه يصح لما سيأتى من انه حق عرفا، فيشمله دليل الشرط المنصرف الى ما كان حقا، و قوله: نوعا، لان الغالب عدم اتفاق كافة العقلاء فى الاغراض.

(و مثل له) الشهيد (فى الدروس) بما فيه غرض لخصوص المشروط له لا عند العقلاء (باشتراط جهل العبد بالعبادات) اذ الجهل لا يتعلق به غرض العقلاء بل العلم غرضهم، و انما شرطه الشارط لان العبد الجاهل لا يقيم العبادة فيزيد فى العمل لمولاه.

(و قد صرح جماعة بان اشتراط الكيل او الوزن بمكيال معين او ميزان معين من افراد) الكيل و الوزن (المتعارف) كما لو اشترى منه بعنوان الكلى طنّا من الطعام بشرط ان يكيله فى هذا المكيال الخاص (لغو، سواء) كان الشرط (فى) بيع (السلم) الّذي هو اعطاء الثمن مقابل المثمن المستقبل (و غيره) كسائر البيوع الكلية.

و انما كان لغوا لانه لا يتعلق به غرض للعقلاء و لا للافراد فى ذلك.

(و) قال (فى التذكرة لو شرط ما لا غرض للعقلاء فيه، و لا يزيد به المالية،

ص: 158

فانه لغو لا يوجب الخيار.

و الوجه فى ذلك ان مثل ذلك لا يعدّ حقا للمشروط له حتى يتضرر بتعذره، فيثبت له الخيار او يعتنى به الشارع فيوجب الوفاء به و يكون تركه ظلما.

فهو نظير عدم امضاء الشارع لبذل المال على ما فيه منفعة لا يعتد بها عند العقلاء.

و لو شك فى تعلق غرض صحيح به

______________________________

فانه لغو لا يوجب) تخلفه (الخيار) و قوله «لا يزيد» من عطف الخاص على العام.

(و) كيف كان، ف (الوجه فى ذلك) الّذي ذكرناه بلزوم الغرض فى الشرط (ان مثل ذلك) الّذي لا غرض فيه (لا يعدّ حقا للمشروط له حتى يتضرر بتعذره) اى بعدم اتيان المشروط عليه به، سواء كان متعذرا أم لا (فيثبت له الخيار) من باب: لا ضرر، (او) حق (يعتنى به الشارع فيوجب الوفاء به) و يدخل تحت: المؤمنون عند شروطهم (و يكون تركه ظلما) فدليل الشرط منصرف عن مثله، فهو داخل فى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

(فهو) اى عدم امضاء الشارع لمثل هذا الشرط (نظير عدم امضاء الشارع لبذل المال على ما فيه منفعة لا يعتد بها عند العقلاء) و لا غرض شخصى للباذل فيه، مثل ان يشترى الخنافس، و ما اشبه مما ذكره الفقهاء انه لا يصح بيعه اذا لم تكن فيه منفعة.

(و لو شك فى تعلق غرض صحيح به) اى بهذا الشرط، سواء كان

ص: 159

حمل عليه.

و من هنا اختار فى التذكرة صحة اشتراط ان لا يأكل الا الهريسة، و لا يلبس الا الخز.

و لو اشترط كون العبد كافرا ففى صحته او لغويته قولان للشيخ، و الحلى.

من تعلق الغرض المعتد به لجواز بيعه على المسلم و الكافر، و لاستغراق اوقاته بالخدمة.

و من ان الاسلام يعلو و لا يعلى عليه،

______________________________

الشاك البائع او المشترى (حمل عليه) اى على ان فيه غرضا صحيحا، لاصالة الصحة.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 14، ص: 160

(و من هنا) الّذي يكفى الشك فى الغرض الصحيح، فى وجوب الوفاء بالشرط (اختار فى التذكرة صحة اشتراط ان لا يأكل) العبد (الا الهريسة و لا يلبس الا الخز) لاحتمال ان يكون للبائع الشارط غرض صحيح.

(و لو اشترط كون العبد كافرا ففى صحته او لغويته قولان للشيخ) فقال باللغوية (و الحلى) فقال بالصحة.

(من تعلق الغرض المعتد به لجواز بيعه على المسلم و الكافر) بينما العبد المسلم لا يجوز بيعه للكافر (و لاستغراق اوقاته بالخدمة) بخلاف المسلم الّذي يصرف بعض وقته فى العبادة و الطهارة و نحوهما- و هذا وجه صحة الاشتراط-.

(و من ان الاسلام يعلو و لا يعلى عليه) فلا يمكن ان يكون العبد

ص: 160

و الاغراض الدنيوية لا تعارض الاخروية.

و جزم بذلك فى الدروس و بما قبله العلامة قدس سره.

الرابع: ان لا يكون مخالفا للكتاب و السنة.

فلو اشترط رقية حرّ او توريث اجنبى كان

______________________________

الكافر افضل من المسلم، فلا يكون فى المسلم الخيار، دون الكافر (و الاغراض الدنيوية) كالبيع للمسلم و الكافر، و استغراق الوقت بالخدمة (لا تعارض الاخروية) بل الاخروية تقدم على الدنيوية- و هذا وجه لغوية الاشتراط-.

و المراد بالغرض الاخروى بغض الكفر و حب الاسلام، و حب العبادة مما ينفع فى الآخرة.

(و جزم بذلك) اى باللغوية- تبعا للشيخ- (فى الدروس و بما قبله) اى بالصحة تبعا ل (العلامة) الحلّى (قدس سره).

و كان المصنف رحمه الله توقف فى المسألة و لذا لم يرجح احدهما على الآخر و مثل اشتراط الكفر اشتراط ان يكون عاصيا بترك العبادات

نعم ربما يقال ان مثل هذا الشرط مناف لمنع المنكر و دفعه الّذي من اعظم الكفر ثم ترك العبادات.

(الرابع) من شروط صحة الشرط (ان لا يكون مخالفا للكتاب و السنة) مخالفا فى مطلق الاحكام، او فى الاحكام التكليفية.

(فلو اشترط رقية حرّ) او حرّية عبد (او توريث اجنبى) او حرمان وارث و كذلك اذا شرط ان لا يصلّى او ان يشرب الخمر (كان) الشرط

ص: 161

فاسدا، لان مخالفة الكتاب و السنة لا يسوغهما شي ء.

نعم قد يقوم احتمال تخصيص عموم الكتاب و السنة بادلة الوفاء بل قد جوز بعض تخصيص عموم ما دل على عدم جواز الشرط المخالف للكتاب و السنة.

______________________________

(فاسدا، لان مخالفة الكتاب و السنة لا يسوغهما شي ء) من شرط او عهد او نذر او يمين او امر والدين او زوج او غير ذلك.

اما ارتفاع الاحكام بالاضطرار و نحوه فليس ذلك مخالفة للكتاب و السنة بل هى موافقة للكتاب و السنة لانهما قالا: برفع الحكم لدى الاضطرار.

(نعم قد يقوم احتمال تخصيص عموم الكتاب و السنة بادلة الوفاء) فيما اذا ورد دليل خاص على جواز شرط فى مورد خاص، مع كونه مخالفا للكتاب و السنة بان يقال: ان دليل الوفاء بالشرط مثل ادلة الاضطرار تخصص عموم الكتاب و السنة، لان دليل الوفاء مثل دليل الاضطرار حاكم على عموم الكتاب، لانه دليل ثانوى، و الكتاب و السنة دليل اوّلى، و الدليل الثانوى مقدم على الدليل الاولى.

و لا يخفى ان هذا مجرد احتمال و ليس بصحيح كما يظهر مما يأتى (بل قد جوز بعض تخصيص عموم ما دل على عدم جواز الشرط المخالف للكتاب و السنة).

ثم انه انما استدرك ذلك بقوله «نعم» لافادة ان ما ذكره أولا بقوله «لان مخالفة الكتاب» خاص بما كان التنافى بين الشرط و الكتاب بنحو

ص: 162

لكنه مما لا يرتاب فى ضعفه.

و تفصيل الكلام فى هذا المقام و بيان معنى مخالفة الشرط للكتاب و السنة موقوف على ذكر الاخبار الواردة فى هذا الشرط، ثم التعرض لمعناها.

______________________________

التباين.

و الحاصل ان الشرط قد يكون مخالفا للكتاب و السنة بنحو التباين و لا اشكال فى تقديم الكتاب و السنة فلا احتمال لتقديم الشرط اصلا، اما اذا كانت المخالفة بنحو العموم المطلق فهناك احتمال تقديم الشرط.

(لكنه) مجرد احتمال، و هو (مما لا يرتاب فى ضعفه).

لان الحكم قد يكون ثابتا للموضوع على كل تقدير، و فى هذه الصورة لا اشكال فى ان العنوان الطارئ بالشرط لا يتمكن من تغيير الحكم- لفرض ان الحكم ثابت على كل تقدير-.

و قد يكون ثابتا للموضوع بعنوانه الاوّلى- مع قطع النظر عن العنوان الطارئ بالشرط- و فى هذه الصورة ان تغير الحكم بالشرط لم يكن ذلك مخالفا للكتاب، اذ الكتاب لم يثبت الحكم على كل تقدير بل اثبته بالعنوان الاوّلى للموضوع- حسب الفرض-.

(و تفصيل الكلام فى هذا المقام و بيان معنى مخالفة الشرط للكتاب و السنة) و بيان انه فى اىّ مورد يخالف الشرط و فى اىّ مورد لا يخالف (موقوف على ذكر الاخبار الواردة فى هذا الشرط) اى شرط ان لا يكون الشرط مخالفا للكتاب (ثم التعرض لمعناها) حتى تتبين دلالتها.

ص: 163

فنقول: ان الاخبار فى هذا المعنى مستفيضة، بل متواترة معنى.

ففى النبوى المروى صحيحا عن ابى عبد الله عليه السلام: من اشترط شرطا سوى كتاب الله عز و جل، فلا يجوز ذلك له و لا عليه.

و المذكور فى كلام الشيخ و العلامة ره المروى من طريق العامة قوله صلى الله عليه و آله فى حكاية بريرة لما اشترتها عائشة و شرط مواليها عليها ولائها، ما بال اقوام يشترطون شروطا ليست فى كتاب الله فما كان من شرط

______________________________

(فنقول: ان الاخبار فى هذا المعنى) اى ان لا يكون الشرط مخالفا للكتاب و السنة (مستفيضة، بل متواترة معنى) و التواتر المعنوى عبارة عن ان يكون المعنى واحد او ان كان اللفظ متعددا.

(ففى النبوى المروى صحيحا عن ابى عبد الله عليه السلام: من اشترط شرطا سوى كتاب الله) اى ليس فى كتاب الله (عز و جل، فلا يجوز ذلك) الشرط (له) اى للشارط فليس له المطالبة به (و لا عليه) اى على المشروط عليه، فليس عليه الوفاء به.

(و) كذلك الخبر (المذكور فى كلام الشيخ و العلامة ره المروى من طريق العامة قوله صلى الله عليه و آله فى حكاية بريرة) و هى امة (لما اشترتها عائشة و شرط مواليها عليها) اى على عائشة (ولائها) اى بانها اذا ماتت، هم يرثونها لا عائشة- و هذا ما يسمى بولاء العتق فى باب الارث، قال صلى الله عليه و آله و سلم (ما بال اقوام يشترطون شروطا ليست فى كتاب الله) اى لم يصدّق و لم يقرر الكتاب هذه الشروط (فما كان من شرط

ص: 164

ليس فى كتاب الله عز و جل فهو باطل، قضاء الله احق، و شرطه اوثق، و الولاء لمن اعتق.

و فى المروى موثقا عن امير المؤمنين عليه السلام من شرط لامرأته شرطا فليف به لها فان المسلمين عند شروطهم الا شرطا حرّم حلالا او احلّ حراما

______________________________

ليس فى كتاب الله عز و جل فهو باطل) وضعا، و الظاهر انه حرام تكليفا اذ هو من الامر بالمنكر و التعاون عليه (قضاء الله) اى حكمه (احق) بالاتباع

- و التفضيل هنا لا يراد به معنى المفاضلة الحقيقة حتى يكون قضاء غير الله حقا أيضا، بل المراد انه حق، و انما يؤتى بالتفضيل للتعبير العرفى- (و شرطه اوثق) و المراد بالشرط هنا الحكم، و عبّر به للمقابلة مع شرط البائع، فهو من قبيل: تعلم ما فى نفسى و لا اعلم ما فى نفسك، مع ان الله سبحانه لا نفس له.

و معنى اوثق انه متين محكم لا يقبل الانفصام و البطلان، فقضاء الله مطابق للحق و الواقع اى للمصلحة، و شرطه سبحانه وثيق متين لا يسقط من تمسك به كالحبل الّذي يتعلق به الانسان فانه اذا كان متينا يأمن من القطع و السقوط (و الولاء لمن اعتق) لا لمن باع للمعتق.

(و فى المروى موثقا عن امير المؤمنين عليه السلام من شرط لامرأته شرطا) اى فى ضمن النكاح (فليف به) اى بالشرط (لها، فان المسلمين عند شروطهم) اى من احكام الاسلام ان يكون الانسان عند شرطه فلا يفارق شرطه بالمخالفة (الا شرطا حرّم حلالا او احلّ حراما) و قد تقدم المراد بالحلال فى امثال هذه الروايات و سيأتى أيضا.

ص: 165

و فى صحيحة الحلبى: كل شرط خالف كتاب الله فهو مردود.

و فى صحيحة ابن سنان من اشترط شرطا مخالفا لكتاب الله عز و جل فلا يجوز له، و لا يجوز على الّذي اشترط عليه، و المسلمون عند شروطهم فيما وافق كتاب الله.

و فى صحيحته الاخرى: المؤمنون عند شروطهم الّا كلّ شرط خالف كتاب الله عز و جل فلا يجوز.

و فى رواية محمد بن قيس عن ابى جعفر عليه السلام فى من تزوج امرأة و اصدقها

______________________________

(و فى صحيحة الحلبى) قال عليه السلام (كل شرط خالف كتاب الله فهو مردود) اى باطل.

(و فى صحيحة ابن سنان) قال عليه السلام (من اشترط شرطا مخالفا لكتاب الله عز و جل فلا يجوز له) اى للشارط المطالبة، او المراد لا يجوز له ان يشترط هذا الشرط اى يحرم عليه- على ما عرفت من انه امر بالمنكر- (و لا يجوز على الّذي اشترط عليه) ان يأتى به (و المسلمون عند شروطهم فيما وافق كتاب الله) اى اباحه الكتاب و لو على نحو العموم.

(و فى صحيحته الاخرى) قال عليه السلام (المؤمنون عند شروطهم الّا كلّ شرط خالف كتاب الله عز و جل فلا يجوز) اى لا ينفذ- وضعا- او لا يجوز- تكليفا- و اذا لم يجز تكليفا لم ينفذ وضعا- كما لا يخفى-.

(و فى رواية محمد بن قيس عن ابى جعفر عليه السلام، فى من تزوج امرأة و اصدقها

ص: 166

و اشترطت عليه ان بيدها الجماع و الطلاق، قال: خالفت السنة و وليت حقا ليست اهلاله، فقضى ان عليه الصداق و بيده الجماع و الطلاق، و ذلك السنة.

و فى معناها مرسلة ابن بكير عن ابى عبد الله عليه السلام و مرسلة مروان بن مسلم، الا ان فيهما عدم جواز هذا النكاح.

______________________________

و اشترطت عليه ان بيدها الجماع و الطلاق، قال: خالفت السنة) اى الحكم الاسلامى (و وليت) بالمجهول اى فوض إليها (حقا ليست اهلاله) اى ان الشارع لم يجعل لها هذا الحق لا ابتداءً و لا بالشرط (فقضى) اى حكم الامام عليه السلام (ان عليه) اى على الرجل (الصداق) فلم يوجب بطلان الشرط بطلان النكاح، كما لم يوجب سقوط الشرط اكثرية الصداق على الرجل، حيث ربما يزعم ان كون الشرط للمرأة تقليل صداقها فاذا سقط الشرط كان اللازم ازدياد الصداق (و بيده الجماع و الطلاق و ذلك السنة).

و لا يخفى ان هذا لا ينافى اعطائها الوكالة فى ان تطلق نفسها بشرط كذا، اذ التوكيل جائز سواء كان الوكيل رجلا او امرأة، زوجا او غيره.

اما الجماع فلعل المراد بالشرط الشرط بعد عقد الزواج، لان ظاهر الواو الترتيب، كما قالوا ان ظاهره ذلك فى قوله تعالى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ، الآية.

(و فى معناها مرسلة ابن بكير عن ابى عبد الله عليه السلام و مرسلة مروان بن مسلم، الا ان فيهما عدم جواز هذا النكاح).

ص: 167

و فى رواية ابراهيم بن محرز، قال: قلت لابى عبد الله عليه السلام:

رجل قال لامرأته امرك بيدك فقال عليه السلام: انى يكون هذا، و قد قال الله تعالى: الرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَى النِّسٰاءِ.

و عن تفسير العياشى، عن ابن مسلم، عن ابى جعفر عليه السلام، قال: قضى امير المؤمنين عليه السلام فى امرأة تزوجها رجل، و شرط عليها و على اهلها: ان تزوج عليها او هجرها او اتى عليها

______________________________

و لعل وجه ذلك ان الطلاق لا يكون بيد المرأة الا وكالة، فجعل الطلاق بيد المرأة خلاف حكم الله، فاذا رضيت المرأة بالنكاح المقيد فلا رضا لها بالنكاح المجرد، و يكون النكاح حينئذ باطلا لعدم الرضا.

(و فى رواية ابراهيم بن محرز، قال: قلت لابى عبد الله عليه السلام رجل قال لامرأته امرك بيدك) فاطلاق الرواية شامل لما اذا قال ذلك بعد النكاح، او قال ذلك شرطا فى ضمن النكاح، و كانّه لهذا ذكره المصنف فى عداد هذه الاخبار (فقال عليه السلام: انى يكون هذا، و قد قال الله تعالى: الرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَى النِّسٰاءِ) فان كان ذلك بعد العقد فهو وعد لا يجب الوفاء به، و ان كان فى ضمن النكاح فهو شرط خلاف الكتاب، اذ القيمومة حكم و ليس بحق و لذا لا يقبل الانتقال او الاسقاط او الارث.

(و عن تفسير العياشى، عن ابن مسلم، عن ابى جعفر عليه السلام قال: قضى امير المؤمنين عليه السلام فى امرأة تزوجها رجل، و شرط عليها و على اهلها: ان تزوج عليها او هجرها) هجرا شرعيا (او اتى عليها

ص: 168

سرية فهى طالق، فقال عليه السلام: شرط اللّه قبل شرطكم ان شاء وفى بشرطه و ان شاء امسك امرأته و تزوج عليها و تسرّى و هجرها ان اتت بسبب ذلك، قال اللّه تعالى: فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ مَثْنىٰ وَ ثُلٰاثَ، و قال: أُحِلَّ لَكُمْ. مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ، وَ اللّٰاتِي تَخٰافُونَ نُشُوزَهُنَّ الآية

ثم الظاهر ان المراد بكتاب اللّه

______________________________

سرية) اى امة (فهى طالق) فهل يصح هذا الشرط (فقال عليه السلام شرط اللّه قبل شرطكم) «شرط الله» اى حكم اللّه سمى شرطا، اما من باب ما تقدم فى معنى الشرط، و اما من باب المقابلة «بشرط الرجل» من قبيل: تعلم ما فى نفسى و لا اعلم ما فى نفسك (ان شاء و فى بشرطه) بمعنى لم يفعل كل ذلك، او اذا فعل طلق زوجته (و ان شاء امسك امرأته و تزوج عليها و تسرّى و هجرها ان اتت بسبب ذلك) الهجران، و هو النشوز.

و ذلك لان الطلاق لا يكون الا بسببه، لا بهذه الاعمال، فشرطه باطل

ثم استدل الامام عليه السلام لذلك بقوله: (قال الله تعالى:

فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ مَثْنىٰ وَ ثُلٰاثَ) فللرجل حق التزويج عليها (و قال: أُحِلَّ لَكُمْ. مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ) فللرجل حق التسرّى.

و الظاهر ان المراد نقل معنى الآية، و الا فلا توجد هكذا آية فى القرآن، و قال: (وَ اللّٰاتِي تَخٰافُونَ نُشُوزَهُنَّ الآية) فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فللرجل حق الهجران ان اتت بسبب الهجران من النشوز.

(ثم الظاهر) من بعض الروايات كرواية بريرة (ان المراد بكتاب اللّه

ص: 169

هو ما كتب اللّه على عباده من احكام الدين، و ان بيّنه على لسان رسوله (ص)

فاشتراط ولاء المملوك لبايعه انما جعل فى النبوى مخالفا لكتاب اللّه بهذا المعنى.

لكن ظاهر النبوى، و احدى صحيحتى ابن سنان: اشتراط موافقة كتاب اللّه فى صحة الشرط، و ان ما ليس فيه

______________________________

هو ما كتب اللّه على عباده، من احكام الدين، و ان بيّنه على لسان رسوله (ص) بان ذكره الرسول او الأئمة الطاهرون عليهم السلام.

(فاشتراط ولاء المملوك لبايعه انما جعل فى النبوى) اى خبر بريرة (مخالفا لكتاب اللّه بهذا المعنى) اى الكتاب الشامل للسنة.

لكن ربما يقال: ان المراد نفس الكتاب الّذي هو القرآن الحكيم، و العمومات تدل على كل حكم.

فحال ما نحن فيه حال عرض الخبرين المتعارضين على القرآن.

اما خبر بريرة: فلعله- بعد عدم حجيته سندا- اراد ان كون الولاء للبائع مخالف لانقطاعه عن المبيع و انتقاله الى المشترى، فهو مخالف لقوله: تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ.

و كيف كان فقد تقدم اشتراط ان لا يكون الشرط مخالفا لكتاب الله، فلا تعتبر الموافقة، و انما المعتبر عدم المخالفة.

(لكن ظاهر النبوى) حيث قال: قضاء الله احق، الظاهر فى لزوم المطابقة مع قضاء الله (و احدى صحيحتى ابن سنان) و هى الصحيحة الاولى (اشتراط موافقة كتاب اللّه فى صحة الشرط، و ان ما ليس فيه) كما فى

ص: 170

او لا يوافقه، فهو باطل.

و لا يبعد ان يراد بالموافقة عدم المخالفة نظرا الى موافقة ما لم يخالف كتاب الله بالخصوص لعموماته المرخّصة للتصرفات غير المحرمة

______________________________

النبوى (أو لا يوافقه) كما فى الصحيحة (فهو باطل).

و الفرق بين لزوم الموافقة و لزوم عدم المخالفة يظهر فيما اذا لم يكن حكم فى القرآن، فان كان اللازم الموافقة، بطل ذلك الشرط، اما اذا كان اللازم عدم المخالفة، لم يبطل لان الشرط حينئذ لم يكن مخالفا، من باب السالبة بانتفاء الموضوع.

(و لا يبعدان يراد بالموافقة عدم المخالفة) فكل ما لم يخالف موافق، و ليس بين الامرين عموم مطلق.

و انما نقول بان ذلك ليس ببعيد، لانه عبّر فى الروايات بالتعبيرين و هما: الموافقة و عدم المخالفة، بل فى رواية واحدة عبّر بالامرين كما فى صحيحة ابن سنان الاولى.

و الجمع العرفى بين الامرين يقتضي ان يكون بينهما تساويا، و لذا عبّر باحدهما مرة، و بالآخر مرة اخرى.

ان قلت: كيف يكون كل ما لم يخالف، موافقا، فانا نرى ان بعض الاحكام ليس بمخالف، لانه غير مذكور فى القرآن، لكنه ليس بموافق.

قلت: انما نقول ذلك (نظرا الى موافقة ما لم يخالف كتاب الله بالخصوص لعموماته المرخّصة)- بصيغة الفاعل- (للتصرفات غير المحرمة

ص: 171

فى النفس و المال، فخياطة ثوب البائع مثلا موافق للكتاب بهذا المعنى

ثم ان المتصف بمخالفة الكتاب اما نفس المشروط و الملتزم ككون الاجنبى وارثا و عكسه، و كون الحر أو ولده رقّا، و ثبوت الولاء لغير المعتق و نحو ذلك.

______________________________

فى النفس و المال، فخياطة ثوب البائع مثلا) اذا شرطه على المشترى (موافق للكتاب بهذا المعنى) فانه ليس بمخالف، حيث انه ليس بمنهى عنه، و موافق، لانه قال: تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ، مثلا.

ثم لا يخفى ان المصنف لا يحتاج الى تجشم التوفيق، بين الموافقة و عدم المخالفة، اذ بنائه على ان المراد بالكتاب الاعم من الكتاب و السنة.

و من المعلوم انه ذكر فى السنة حكم كل شي ء، فكل ما ليس بمخالف للسنة موافق لها قطعا، و ليست السنة كالقرآن بحيث لم يذكر فيها كثير من الاحكام- بالنص-.

(ثم ان المتصف بمخالفة الكتاب اما نفس المشروط و الملتزم)- بصيغة المفعول- (ككون الاجنبى وارثا و عكسه) اى القريب ليس بوارث (و كون الحرّ او ولده) اى ولد الحر- كما لو باع الحر جاريته و شرط على المشترى ان يكون ولدهما (رقّا) للبائع- (و ثبوت الولاء لغير المعتق و نحو ذلك)

فان هذه الملتزمات مخالفة للكتاب مع قطع النظر عن الالتزام بها فان من يلتزم عدم شرب الماء لم يفعل حراما، و ان كان الماء فى الاسلام حلال شربه، اما انقلاب الحرّ عبدا فقد حرمه الاسلام.

ص: 172

و اما ان يكون التزامه مثلا: مجرد عدم التسرّى و التزوج على المرأة ليس مخالفا للكتاب، و انما المخالف الالتزام به، فانه مخالف لإباحة التسرّى و التزوج الثابتة بالكتاب.

______________________________

(و اما ان يكون) المخالف للكتاب (التزامه) و ان لم يكن نفس الملتزم حراما (مثلا: مجرد عدم التسرّى و) عدم (التزوج على المرأة) و هى الزوجة السابقة (ليس مخالفا للكتاب) اذ الكتاب اباح كلا من التسرّى و التزوج، فان شاء الانسان فعله و ان شاء تركه (و انما المخالف) للكتاب (الالتزام به) بان يلتزم الانسان بنذر او شرط او ما اشبه، ان لا يتسرّى او لا يتزوج (فانه) اى الالتزام (مخالف لاباحة التسرّى و التزوج الثابتة) تلك الاباحة (بالكتاب).

ان قلت: ما هو الفرق بين شرب الماء و بين التسرّى، فان كليهما مباح، و الحال انكم تقولون بجواز نذر عدم شرب الماء فلما ذا لا تقولون بمثله فى التسرّى.

قلت: المباح على قسمين، قسم فهمنا من الشارع انه لا يريد الا بقائه مباحا، و قسم لم نفهم من الشارع ذلك.

ففى القسم الاول لا مجال للادلة الثانوية، بل يبقى على اباحته، و ان عرض عليه النذر او الشرط او ما اشبه.

و امّا القسم الثانى ففيه مجال للادلة الثانوية.

و التسرى من القسم الاوّل حسب الدليل، و شرب الماء من القسم الثانى

ص: 173

و قد يقال: ان التزام ترك المباح لا ينافى اباحته، فاشتراط ترك التزوج و التسرى لا ينافى الكتاب، فينحصر المراد فى المعنى الاول.

و فيه ان ما ذكر لا يوجب الانحصار، فان التزام ترك المباح و ان لم يخالف الكتاب المبيح له الا ان التزام فعل الحرام يخالف الكتاب المحرّم له، فيكفى هذا مصداقا لهذا المعنى.

______________________________

(و قد يقال: ان التزام ترك المباح لا ينافى اباحته) اذ الاباحة حكم اوّلى، و الالتزام يكون بالحكم الثانوى كالنذر و الشرط (فاشتراط ترك التزوج و) ترك (التسرّى لا ينافى الكتاب، فينحصر المراد) من مخالف الكتاب (فى المعنى الاول) و هو ما كان نفس الملتزم مخالفا للكتاب و لا معنى لكون الالتزام فى نفسه مخالفا للكتاب.

(و فيه ان ما ذكر) اى ان التزام ترك المباح ليس مخالفا للكتاب فاللازم ان يكون المراد بمخالف الكتاب خاصا بما اذا كان الملتزم مخالفا (لا يوجب الانحصار) فان اخراج التزام ترك المباح لا يحصر مخالفة الكتاب بما اذا كان الملتزم مخالفا، بل هناك فرد آخر يكون التزامه مخالفا للكتاب فيثبت ما ذكرنا من ان مخالف الكتاب اما الملتزم، و اما الالتزام (فان التزام ترك المباح و ان لم يخالف الكتاب المبيح له) اى لذاك المباح (الا ان التزام فعل الحرام) كان يلتزم الانسان بالنذر او الشرط ان يشرب الخمر مثلا (يخالف الكتاب المحرّم له) اى لذلك الحرام، فالالتزام أيضا صار مخالفا للكتاب فى بعض الصور (فيكفى هذا) القسم من الالتزام المخالف للكتاب (مصداقا لهذا المعنى) اى ما ذكرنا بقولنا: و اما ان يكون التزامه.

ص: 174

مع ان الرواية المتقدمة الدالة على كون اشتراط ترك التزوج و التسرّى مخالفا للكتاب مستشهدا عليه بما دلّ من الكتاب على اباحتهما كالصريحة فى هذا المعنى.

و ما سيجي ء من تأويل الرواية بعيد.

مع ان قوله عليه السلام فى رواية اسحاق بن عمار: المؤمنون عند شروطهم، الا شرطا حرّم حلالا او احلّ حراما ظاهر، بل صريح فى فعل الشارط.

______________________________

(مع ان الرواية المتقدمة الدالة على كون اشتراط ترك التزوج، و) ترك (التسرى مخالفا للكتاب مستشهدا) فى الرواية (عليه) اى على انه مخالف للكتاب (بما دلّ من الكتاب على اباحتهما) اى قوله تعالى:

فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ و قوله تعالى: أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ* (كالصريحة فى هذا المعنى) الّذي ذكرناه، و هو ان الالتزام مخالف للكتاب، و ان لم يكن الملتزم مخالفا للكتاب.

(و ما سيجي ء من تأويل الرواية) بان المراد ترتب الطلاق على هذه الامور بدون اجراء الصيغة- و عليه فالملتزم خلاف الكتاب لا الالتزام- (بعيد) لما سيجي ء من انه خلاف استشهاد الامام بالآيات.

(مع ان قوله عليه السلام فى رواية اسحاق بن عمّار: المؤمنون عند شروطهم، الا شرطا حرّم حلالا، او احل حراما، ظاهر، بل صريح فى فعل الشارط) فليس المراد ان المشترط مخالف للكتاب، بل المراد ان الالتزام مخالف للكتاب فالاحلال و التحريم- الصادران من الشارط- مستثنيان

ص: 175

فانه الّذي يرخص باشتراطه الحرام الشرعى و يمنع باشتراطه عن المباح الشرعى، اذ المراد من التحريم و الاحلال ما هو من فعل الشارط، لا الشارع.

و اصرح من ذلك كله المرسل المروى فى الغنية: الشرط جائز بين المسلمين ما لم يمنع منه كتاب او سنة.

ثم ان المراد بحكم الكتاب و السنة

______________________________

من قاعدة: المؤمنون عند شروطهم (فانه) اى الشارط هو (الّذي يرخص ب) سبب (اشتراطه الحرام الشرعى) «الحرام» مفعول «يرخص» (و) هو الّذي (يمنع ب) سبب (اشتراطه عن المباح الشرعى) ففعله حرام، و لا يشمله: المؤمنون عند شروطهم (اذ المراد من التحريم و الاحلال) فى قوله عليه السلام: حرّم حلالا او احلّ حراما (ما هو من فعل الشارط، لا) من فعل (الشارع) فليس المراد ان الملتزم حرام، بل المراد الالتزام غير صحيح.

(و اصرح من ذلك كله) فى افادة انه قد يكون نفس الالتزام حراما (المرسل المروى فى الغنية: الشرط جائز بين المسلمين ما لم يمنع منه) اى من الشرط (كتاب او سنة) فانه صريح فى ان الشرط فى نفسه ممنوع بالكتاب و السنة، لا ان متعلق الشرط- اى الملتزم- فثبت ما ذكرناه من انه قد يكون الملتزم مخالفا و قد يكون الالتزام مخالفا، فظهر عدم تمامية ما تقدم من جملة: و قد يقال ان التزام ترك المباح الخ.

(ثم ان المراد بحكم الكتاب و السنة) الّذي يجب ان لا يكون الشرط

ص: 176

الّذي يعتبر عدم مخالفة المشروط او نفس الاشتراط له هو ما ثبت على وجه لا يقبل تغيّره بالشرط لاجل تغيّر موضوعه بسبب الاشتراط.

توضيح ذلك ان حكم الموضوع قد يثبت له من حيث نفسه و مجردا من ملاحظة عنوان آخر طار عليه.

______________________________

مخالفا له، فان جملة: الشرط مخالف لحكم الكتاب تشتمل على اربع كلمات و قد بيّنا ان المراد بالشرط هو الاعم من الالتزام و الملتزم، و بيّنا ان المراد بالمخالف و الموافق ما هو، و بيّنا المراد بالكتاب انه كل حكم الله تعالى بقى ان نبيّن المراد بالحكم.

فنقول المراد بحكم الكتاب و السنة (الّذي يعتبر عدم مخالفة المشروط)- اى الملتزم- (او نفس الاشتراط)- اى الالتزام- (له) اى لذلك الحكم (هو ما ثبت) فى الشرع (على وجه لا يقبل تغيّره بالشرط) تغيّرا (لاجل تغيّر موضوعه بسبب الاشتراط) فانه ربما يتغيّر الحكم بسبب الشرط، بتغيّر موضوع الحكم بسبب الاشتراط.

مثلا: اذا شرط ان لا يشرب الماء، فانه تغيّر حكم الماء و هو الاباحة بهذا الشرط، لتغيّر موضوع الاباحة، و هو بما هو هو بسبب الاشتراط لان الماء بما هو هو، غير الماء بما هو مشروط عدم شربه، فالاباحة هى الحكم الاول و التحريم هو الحكم الثانى.

(توضيح ذلك) و انه كيف يتغيّر الموضوع بالشرط، فيتبعه تغير الحكم (ان حكم الموضوع قد يثبت له) اى للموضوع (من حيث نفسه) اى نفس الموضوع (و مجردا من ملاحظة عنوان آخر طار عليه) اى على الموضوع.

ص: 177

و لازم ذلك من عدم التنافى بين ثبوت هذا الحكم و بين ثبوت حكم آخر له اذا فرض عروض عنوان آخر لذلك الموضوع.

و مثال ذلك اغلب المباحات و المستحبات و المكروهات بل جميعها، حيث ان تجويز الفعل و الترك انما هو من حيث ذات الفعل، فلا ينافى طروّ عنوان يوجب المنع عن الفعل او الترك كأكل اللحم، فان الشرع قد دلّ على اباحته فى نفسه بحيث لا ينافى عروض التحريم له اذا حلف على تركه أو أمر الوالد بتركه، او عروض الوجوب له اذا صار مقدمة لواجب او نذر فعله مع انعقاده

______________________________

(و لازم ذلك) اى كون الحكم للموضوع (من) حيث نفسه (عدم التنافى بين ثبوت هذا الحكم) الاول- كالاباحة للماء- (و بين ثبوت حكم آخر له) اى للموضوع (اذا فرض عروض عنوان آخر لذلك الموضوع) كعنوان ان الماء مشروط عدم شربه

(و مثال ذلك) الموضوع الثابت له الحكم من حيث نفسه (اغلب المباحات و المستحبات و المكروهات بل جميعها حيث ان تجويز) الشارع (الفعل و الترك) بالتساوى، كما فى المباح، او مع ترجيح الفعل، كما فى المستحب او مع ترجيح الترك كما فى المكروه (انما هو من حيث ذات الفعل) بما هو بدون طروّ عنوان آخر ثانوى عليه (فلا ينافى) حكمه الاولى (طروّ عنوان) ثانوى عليه (يوجب المنع عن الفعل او الترك) كان ينذر مثلا فعله فيجب، او ينذر تركه فيحرم (كأكل اللحم، فان الشرع قد دلّ على اباحته فى نفسه بحيث لا ينافى) حكمه بالإباحة (عروض التحريم له) اى لاكل اللحم (اذا حلف على تركه، او امر الوالد بتركه) او شرط تركه مثلا (او عروض الوجوب له) «او» عطف على «عروض التحريم» (اذا صار مقدمة لواجب، او نذر فعله مع انعقاده)

ص: 178

و قد يثبت له لا مع تجرده عن ملاحظة العنوانات الخارجة الطارية عليه.

و لازم ذلك حصول التنافى بين ثبوت هذا الحكم، و بين ثبوت حكم آخر له، و هذا نظير اغلب المحرمات و الواجبات فان الحكم بالمنع عن الفعل او الترك مطلق لا مقيد بحيثية تجرد الموضوع، الا عن بعض

______________________________

اى انعقاد النذر، بان كان فعله راجحا اذ الشرط فى النذر رجحان متعلقه (و قد يثبت) الحكم (له) اى للموضوع، و هذا عطف على قوله «قد يثبت له من حيث نفسه» (لا مع تجرده) اى تجرد الموضوع (عن ملاحظة العنوانات الخارجة الطارية عليه) بل مطلقا سواء طرأ عليه عنوان، أم لا

(و لازم ذلك) الحكم الثابت للموضوع مطلقا (حصول التنافى بين ثبوت هذا الحكم) المطلق (و بين ثبوت حكم آخر له) اى للموضوع- اى حكم ثانوى- فحكمه الاولى و حكمه الثانوى متنافيان (و هذا نظير اغلب المحرمات و الواجبات).

و انما قال اغلب، لان بعض هذه الاحكام تتغير بالعنوان الثانوى مثل حرمة الاحرام قبل الميقات فانها تتغير بالنذر، و مثل وجوب القصر فى السفر فانه يتغير بالجهل (فان الحكم بالمنع عن الفعل) فى الحرام كالخمر (او) بالمنع عن (الترك) فى الواجب كالصيام (مطلق) سواء تعلق به النذر و الشرط و امر الوالد، أم لا (لا مقيد بحيثية تجرد الموضوع) فسواء كان الموضوع مجردا، او طاريا عليه عنوان ثانوى- كالنذر- فان الخمر حرام، و الصيام واجب (الا) استثناء عن «مطلق» (عن بعض

ص: 179

العنوانات، كالضرر و الحرج فاذا فرض ورود حكم آخر من غير جهة الحرج و الضرر فلا بد من وقوع التعارض بين دليلى الحكمين فيعمل بالراجح بنفسه

______________________________

العنوانات، كالضرر و الحرج) فان الحكم مقيد بعد مهما، فاذا صار الموضوع ضرريا بان مات اذا لم يشرب الخمر، او اذا صام- مثلا- ارتفع التحريم و الوجوب.

و على هذا فالاحكام على أربعة اقسام:

الاول: ما هو مطلق- بقول مطلق- كوجوب الاعتقاد بالله تعالى.

الثانى: ما هو مطلق حتى بالنسبة الى الضرر و الحرج، كالجهاد و اعطاء الخمس فان الضرر و الحرج لا يرفعهما.

الثالث: ما هو مطلق- الا اذا كان ضررا او حرجا- كتحريم الخمر و وجوب الصيام.

الرابع: ما هو مقيد بعدم طروّ عنوان ثانوى عليه، كالاحكام الثلاثة المستحب و المكروه و المباح، فانه اذا طرأ عليها النذر او الشرط يرتفع الحكم (فاذا فرض ورود حكم آخر) من جهة النذر و الشرط فى الواجبات و المحرمات (من غير جهة الحرج و الضرر فلا بد من وقوع التعارض بين دليلى الحكمين) و هو دليل «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيٰامُ» و دليل «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ» فالاول يقول: صم، و الثانى يقول: لا تصم.

اما اذا كان من جهة الضرر فقد عرفت ان دليل الضرر مقدم عليه، لان دليل الضرر ناظر الى الاحكام الاوّلية (فيعمل بالراجح بنفسه) كدليل الصيام المقدم على دليل نذر عدم الصوم

ص: 180

او بالخارج.

اذا عرفت هذا فنقول: الشرط اذا ورد على ما كان من قبيل الاوّل، لم يكن الالتزام بذلك مخالفا للكتاب، اذ المفروض انه لا تنافى بين حكم ذلك الشي ء فى الكتاب و السنة، و بين دليل الالتزام بالشرط و وجوب الوفاء به، و اذا ورد على ما كان من قبيل الثانى كان التزامه مخالفا للكتاب و السنة.

و لكن ظاهر مورد بعض الاخبار المتقدمة من قبيل الاوّل كترك التزوج

______________________________

(او بالخارج) كدليل نذر الاحرام من غير الميقات الراجح على دليل وجوب الاحرام من الميقات.

(اذا عرفت هذا فنقول: الشرط اذا ورد على ما كان من قبيل الاوّل) الّذي ثبت له الحكم من حيث هو هو، كالاحكام الثلاثة اللّااقتضائية (لم يكن الالتزام بذلك) الشرط (مخالفا للكتاب، اذ المفروض) من عدم اقتضائية الحكم (انه لا تنافى بين حكم ذلك الشي ء فى الكتاب و السنة، و بين دليل الالتزام بالشرط و وجوب الوفاء به) اى بمضمون: المؤمنون عند شروطهم، بل الحكم الاول يخلى مكانه للحكم الجديد (و اذا ورد) الشرط (على ما كان من قبيل الثانى) اى من قبيل الاحكام الاقتضائية كالواجب و الحرام (كان التزامه) اى التزام الشرط (مخالفا للكتاب و السنة) و لذا فالشرط باطل.

(و لكن ظاهر مورد بعض الاخبار المتقدمة من قبيل الاوّل) و ان الشرط باطل، و ان كان واردا على المورد اللااقتضائي (كترك التزوّج

ص: 181

و ترك التسرّى، فانهما مباحان من حيث انفسهما، فلا ينافى ذلك لزومها بواسطة العنوانات الخارجة، كالحلف و الشرط و امر السيّد و الوالد.

و حينئذ فيحب اما جعل ذلك الخبر كاشفا عن كون ترك الفعلين فى نظر الشارع من الجائز الّذي لا يقبل اللزوم بالشرط و ان كان فى انظارنا نظير ترك اكل اللحم و التمر و غيرهما من المباحات القابلة لطروّ عنوان التحريم.

______________________________

و ترك التسرّى، فانهما) اى التزوّج و التسرّى (مباحان من حيث انفسهما) فاللازم تقدم الشرط عليهما، و مع ذلك قدمهما الامام عليه السلام على الشرط، و ابطل حكم الشرط (فلا ينافى ذلك) اى كونهما مباحان (لزومهما بواسطة العنوانات الخارجة، كالحلف و الشرط و امر السيّد و الوالد) و النذر و العهد، فكيف قال الامام عليه السلام ببطلان الشرط.

(و حينئذ) اى حين ورد الخبر ببطلان الشرط (فيجب اما جعل ذلك الخبر) الدال على بطلان الشرط (كاشفا عن كون ترك الفعلين) و هما التزوّج و التسرّى (فى نظر الشارع من الجائز الّذي لا يقبل اللزوم بالشرط) بان اراد الشارع بقائهما جائزا، فشرط عدمهما- المخرج من الجواز الى التحريم- خلاف إرادة الشارع (و ان كان فى انظارنا) لو لا الخبر (نظير ترك اكل اللحم و التمر و غيرهما من المباحات القابلة لطروّ) اى عروض (عنوان التحريم) فالخبر جاء لرفع هذا الاشتباه، و حينئذ يكون المباح تارة قابلا لطروّ عنوان ثانوى، و تارة غير قابل لطروّ عنوان

ص: 182

لكن يبعده استشهاد الامام لبطلان تلك الشروط باباحة ذلك فى القرآن، و هو فى معنى اعطاء الضابطة لبطلان الشروط.

و اما الحمل على ان هذه الافعال مما لا يجوز تعلق وقوع الطلاق عليها، و انها لا توجب الطلاق كما فعله الشارط، فالمخالف للكتاب هو ترتب طلاق المرأة، اذ الكتاب دال على اباحتها،

______________________________

ثانوى.

(لكن يبعده) اى يبعد ان يكون لهذين خصوصية بل ظاهر الخبر انّ كل مباح كذلك.

و ذلك ل (استشهاد الامام لبطلان تلك الشروط باباحة ذلك فى القرآن) فالشرط باطل، لانه مباح، لا لانه قسم خاص من المباح (و هو) اى تعليل الامام للبطلان، بانه مذكور فى القرآن (فى معنى اعطاء الضابطة لبطلان الشروط) و ان كل ما ذكر فى القرآن و لو كان حكما مباحا لا يمكن رفعه بالشرط و نحوه من الاحكام الثانوية.

(و اما الحمل على) ان السائل سئل هل انه يقع الطلاق بمجرد مخالفة الزوج للشرط؟- بدون اجراء صيغة الطلاق- فاجاب الامام:

على (ان هذه الافعال) و هى: التزوج و التسرى و الهجران (مما لا يجوز تعلق وقوع الطلاق عليها، و انها) اى هذه الافعال (لا توجب الطلاق كما فعله الشارط) اى انه ان فعل احد هذه الافعال فبمجرد الفعل هى طالق- بدون اجراء الصيغة- (فالمخالف للكتاب هو ترتب طلاق المرأة) على تلك الافعال (اذ الكتاب دال على اباحتها) اى إباحة تلك

ص: 183

و انها مما لا يترتب عليه حرج، و لو من حيث خروج المرأة بها عن زوجية الرجل.

و يشهد لهذا الحمل- و ان بعد- بعض الاخبار الظاهرة فى وجوب الوفاء بمثل هذا الالتزام مثل رواية منصور بن يونس، قال قلت لابى الحسن عليه السلام: ان شريكا لى كان تحته امرأة، فطلقها فبانت منه فاراد مراجعتها فقالت له المرأة: لا و الله، لا اتزوجك ابدا حتى يجعل الله لى عليك ان لا تطلقنى و لا تتزوج على، قال: و قد فعل، قلت: نعم،

______________________________

الافعال (و انها مما لا يترتب عليه حرج، و لو) كان الحرج (من حيث خروج المرأة بها عن زوجية الرجل).

و الحاصل ان الكتاب المجوز لهذه الامور له اطلاق بانها جائزة، سواء شرطت الخروج بها عن زوجية الرجل أم لا.

(و يشهد لهذا الحمل- و ان بعد-) و انما بعد لظهور ان سبب بطلان الشرط هو كونها مباحات فى الكتاب و (بعض الاخبار الظاهرة فى وجوب الوفاء بمثل هذا الالتزام) مما ينافى تلك الاخبار الدالة على عدم لزوم الوفاء (مثل رواية منصور بن يونس، قال قلت لابى الحسن عليه السلام: ان شريكا لى كان تحته امرأة، فطلقها فبانت منه) اى انقضت عدتها (فاراد مراجعتها) بانكاح الجديد (فقالت له المرأة: لا و الله، لا اتزوجك ابدا حتى يجعل الله لى عليك ان لا تطلقنى و لا تتزوج على) فهل هذا الشرط صحيح؟ (قال) عليه السلام (و) هل (قد فعل، قلت: نعم

ص: 184

جعلنى الله فداك قال: بئسما صنع، ما كان يدرى ما يقع فى قلبه بالليل و النهار، ثم قال: اما الآن فقل له: فليتم للمرأة شرطها، فان رسول الله صلى الله عليه و آله قال: المسلمون عند شروطهم، فيمكن حمل رواية محمد بن قيس على إرادة عدم سببيته للطلاق بحكم الشرط، فتأمل.

ثم انه لا اشكال فيما ذكرنا من انقسام الحكم الشرعى الى القسمين المذكورين، و ان المخالف للكتاب هو الشرط الوارد على

______________________________

جعلنى الله فداك قال) عليه السلام (بئسما صنع، ما كان يدرى ما يقع فى قلبه بالليل و النهار) من إرادة طلاقها او تزوّج امرأة عليها (ثم قال:

اما الآن) و قد اشترط لها (فقل له: فليتم للمرأة شرطها، فان رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال: المسلمون عند شروطهم، ف) بحكم هذه الرواية (يمكن حمل رواية محمد بن قيس) الدالة على بطلان مثل هذا الشرط (على إرادة عدم سببيته) اى سببيّة هذا العمل (للطلاق بحكم الشرط) لا ان الشرط فى نفسه باطل، لانه مخالف لحكم مباح.

و الحاصل ان الشرط لا يجعل هذه الامور موجبا للطلاق بدون الصيغة و ذلك للجمع بين هذين الخبرين (فتأمل) حيث ان ظاهر استدلال الامام عليه السلام فى رواية محمد بن قيس ان إباحة هذه الامور فى القرآن الحكيم هى سبب بطلان الشرط.

(ثم انه لا اشكال فيما ذكرنا من انقسام الحكم الشرعى الى القسمين المذكورين) قسم يرد عليه الشرط فاللازم تنفيذ الشرط، و قسم يبقى الحكم على حاله، فيبطل الشرط (و ان المخالف للكتاب هو الشرط الوارد على

ص: 185

القسم الثانى، لا الاول، و انما الاشكال فى تميز مصداق احدهما عن الآخر فى كثير من المقامات.

منها: كون من احد ابويه حرّ رقا، فان ما دلّ على انه لا يملك ولد حرّ قابل لان يراد به عدم رقّية ولد الحر بنفسه، بمعنى ان الولد- ينعقد لو خلّى و طبعه- تابعا لاشرف الابوين، فلا ينافى جعله رقّا بالشرط فى ضمن عقد، و ان يراد به ان ولد الحرّ لا يمكن ان يصير فى الشريعة رقّا، فاشتراطه اشتراط لما هو مخالف للكتاب و السنة

______________________________

القسم الثانى، لا) القسم (الاول) فانه ليس مخالفا للكتاب (و انما الاشكال فى تميز مصداق احدهما عن الآخر فى كثير من المقامات) و هل انها من القسم الاول حتى ينفذ الشرط فيه؟ أم من القسم الثانى حتى لا ينفذ الشرط فيه؟.

(منها: كون من احد ابويه حرّ رقا) كما اذا زوج المولى جاريته لحرّ بشرط ان يكون ولدهما رقا للمولى، او بالعكس (فان ما دلّ على انه لا يملك ولد حرّ قابل لان يراد به عدم رقيّة ولد الحرّ بنفسه) حتى يكون هذا الحكم من قبيل إباحة شرب الماء، مما يمكن ان يزحزحه الشرط (بمعنى ان الولد- ينعقد لو خلّى و طبعه-) بدون الشرط (تابعا لاشرف الابوين فلا ينافى جعله رقّا بالشرط) الكائن ذلك الشرط (فى ضمن عقد) لان الشرط انما يكون لازم الوفاء اذا كان فى ضمن العقد- كما تقدم- (و ان يراد به ان ولد الحرّ لا يمكن ان يصير فى الشريعة رقّا) من قبيل اشتراط شرب الخمر (فاشتراطه) اى الرقية (اشتراط لما هو مخالف للكتاب و السنة

ص: 186

الدالين على هذا الحكم.

و منها: إرث المتمتع بها، هل هو قابل للاشتراط فى ضمن عقد المتعة او عقد آخر، أم لا؟ فان الظاهر الاتفاق على عدم مشروعية اشتراطه فى ضمن عقد آخر و عدم مشروعية اشتراط إرث اجنبى آخر فى ضمن عقد مطلقا، فيشكل الفرق حينئذ

______________________________

الدالين على هذا الحكم) اى حكم عدم رقية ولد الحرّ و ان كان الحرّ احد الابوين فقط فاللازم ان نرى ان الشارع رجح ايّهما.

(و منها: إرث المتمتع بها، هل هو قابل للاشتراط فى ضمن عقد المتعة او عقد آخر، أم لا)

و بعد الاتفاق على انه لا يمكن اسقاط الوارث الشرعى عن الارث بواسطة الشرط كان يبيع الأب لولده دار او يشترط عليه فى ضمن العقد ان لا يرثه (فان الظاهر الاتفاق على عدم مشروعية اشتراطه) اى اشتراط إرث المتعة (فى ضمن عقد آخر) اى عقد بيع او شبهه (و عدم مشروعية اشتراط إرث اجنبى آخر فى ضمن عقد مطلقا) سواء كان ذلك العقد متعة أم لا، كان يشترط إرث اجنبى فى ضمن عقد بيع، او ضمن عقد متعة على امرأة، و المراد بالاجنبى من لا يرث و لو كان قريبا، و انما لا يرث لان فيه موانع الارث كالرقية او لوجود من هو اقرب منه، و منه اشتراط زيادة الارث كان يشترط ان يرث كل بنت بمقدار الولد، كما ان اشتراط إرث المتعة على القول بصحته انما هو فيما اذا بقيت تحت جعالته الى حين الموت، اما اذا انقضى وقتها او وهبها فلا ترث (فيشكل الفرق حينئذ) اى

ص: 187

بين افراد غير الوارث، و بين افراد العقود.

و جعل ما حكموا بجوازه مطلقا مطابقا للكتاب و ما منعوا عنه مخالفا الا ان يدعى ان هذا الاشتراط مخالف للكتاب الا فى هذا المورد، او ان الشرط المخالف للكتاب ممنوع

______________________________

حين قلنا بانها ترث بالشرط فى ضمن عقد المتعة- ان كان الدليل لذلك عموم: المؤمنون عند شروطهم- (بين افراد غير الوارث) فلما ذا ترث المتعة بالشرط دون سائر الاجانب (و بين افراد العقود) فلما ذا ترث اذا شرط فى ضمن عقد المتعة دون سائر العقود كالبيع و نحوه.

(و) يشكل (جعل ما حكموا بجوازه) من إرث المتمتع بها عند الشرط فى ضمن عقد المتعة (مطلقا) اى نافذا بمعنى انه لم يمنع عنه مانع (مطابقا للكتاب) الّذي يقول: وَ الَّذِينَ هُمْ لِأَمٰانٰاتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ رٰاعُونَ* فان الشرط نوع من العهد (و ما منعوا عنه) من عدم إرث سائر الاجانب بالشرط، و عدم إرث المتعة بالشرط فى ضمن سائر العقود (مخالفا) للكتاب الّذي يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ*.

و انما يشكل الفرق لان دليل الشرط ان كان مقدما على الكتاب قدم فيهما و ان كان الكتاب مقدما سقط الشرط فيهما، فالتفصيل لا وجه له.

(الا ان يدعى) فى وجه الفرق (ان هذا الاشتراط) اى اشتراط إرث المتعة (مخالف للكتاب الا فى هذا المورد) فليس مخالفا له، لانه اخص مطلقا فيثبت بالخبر الدال على ان المتعة ترث كما تخصص عمومات الكتاب بالاخبار التى هى حجة (او ان الشرط المخالف للكتاب ممنوع

ص: 188

الا فى هذا المورد.

و لكن عرفت وهن الثانى، و الاول يحتاج الى تأمل.

و منها: انهم اتفقوا على جواز اشتراط الضمان فى العارية و اشتهر عدم جوازه فى عقد الاجارة

______________________________

الا فى هذا المورد) فانه و ان كان مخالفا للكتاب الا ان الشارع قدم المخالف، و هذا تخصيص لقوله عليه السلام «كل شرط خالف كتاب الله فهو مردود» فقولنا «الشرط المخالف مردود» له فى المقام جوابان- على سبيل منع الخلو-.

الاول: ان هذا الشرط ليس مخالفا.

الثانى: انه مخالف و لكنه ليس بمردود.

(و لكن عرفت) عند قولنا فى اوّل المسألة «لكنه مما لا يرتاب فى ضعفه» (وهن الثانى) لانه اذا كان مخالفا للكتاب فلا يمكن نفوذه (و الاول يحتاج الى تأمل) فكيف يكون هذا الشرط ليس مخالفا مع ان مثله- من إرث الاجنبى او إرث المتعة فى ضمن عقد غير المتعة- مخالف، فاما ان نقول بمخالفتهما او بعدم مخالفتهما.

(و منها: انهم اتفقوا على جواز اشتراط الضمان فى العارية) فاذا اعطى شيئا عارية- فالاصل فيه عدم ضمان المستعير، اذا تلف بدون تعد او تفريط-، لان المستعير امين، و ليس على الامين الا اليمين.

اما اذا شرط صح الشرط، لان المؤمنين عند شروطهم (و) الحال انه (اشتهر عدم جوازه فى عقد الاجارة) لانه ليس على الامين الا اليمين، و

ص: 189

فيشكل ان مقتضى ادلة عدم ضمان الامين عدم ضمانه فى نفسه من غير اقدام عليه بحيث لا ينافى اقدامه على الضمان من اوّل الامر، او عدم مشروعية ضمانه و تضمينه و لو بالاسباب، كالشرط فى ضمن عقد تلك الامانة او غير ذلك.

و منها: اشتراط ان لا يخرج بالزوجة الى بلد آخر فانهم اختلفوا فى جوازه

______________________________

المستأجر امين، فالشرط خلاف ما كتبه الله و بيّنه اوليائه عليهم السلام (فيشكل) الفرق بين البابين، بل اللازم ان نقول باستواء البابين اما بالضمان فيهما اذا شرط الضمان، و اما بعدم الضمان فيهما و ان شرط.

ف (ان مقتضى ادلة عدم ضمان الامين) اما (عدم ضمانه فى نفسه من غير اقدام عليه) اى ان عدم الضمان انما هو فى صورة عدم اقدام الامين على الضمان (بحيث لا ينافى) دليل عدم الضمان (اقدامه على الضمان) بواسطة الشرط (من اوّل الامر) حين العقد، و عليه فاللازم القول بضمان الامين فى بابى الاجارة و العارية- اذا شرط- (او عدم مشروعية ضمانه) اى ضمان الامين (و تضمينه) اى تضمين الموجر و المستعير (و لو) تضمينا (بالاسباب، كالشرط فى ضمن عقد تلك الامانة) و الاجارة (او غير ذلك) من سائر الاسباب، كالنذر و العهد على الضمان، و عليه فاللازم القول بعدم ضمانهما، فالفرق بينهما مما لا وجه له.

(و منها: اشتراط) الزوجة على الزوج فى ضمن عقد النكاح (ان لا يخرج بالزوجة الى بلد آخر) او يكون بيدها اختيار السكنى (فانهم اختلفوا فى جوازه) و منعه

ص: 190

و الاشهر على الجواز.

و جماعة على المنع من جهة مخالفته للشرع من حيث وجوب اطاعة الزوج و كون مسكن الزوجة و منزلها باختياره.

و اورد عليهم بعض المجوزين بان هذا جار فى جميع الشروط السائغة من حيث ان الشرط ملزم لما ليس بلازم فعلا او تركا.

______________________________

(و الا شهر على الجواز) لانه مقتضى: المؤمنون عند شروطهم.

(و جماعة على المنع من جهة مخالفته للشرع من حيث وجوب اطاعة الزوج) و الشرط لا يرفع الحكم الواجب، كما لا يرفع وجوب الصلاة (و) من حيث (كون مسكن الزوجة و منزلها باختياره) و الاحكام الوضعية لا ترفع بالشرط، كما لا ترفع بالشرط الحرية و الرقية و الزوجية الاجنبية- بان تصبح الاجنبية زوجة بالشرط مثلا-.

(و اورد عليهم بعض المجوزين بان هذا) الاشكال الّذي ذكرتموه (جار فى جميع الشروط السائغة من حيث ان الشرط ملزم)- بالكسر- (لما ليس بلازم فعلا او تركا) اى الزام فعل او الزام ترك، و هناك فرق بين وجوب الصلاة و بين حق الزوج، فحقه قابل للاسقاط، كما قال عليه السلام فى مثل ذلك: لم يعص الله و انما عصى سيّده، فاذا اجاز جاز

و الاحكام الوضعية على قسمين، فما كان من حق الله تعالى ليس بقابل لان يرفع بالشرط، اما اذا كان من قبيل حق الانسان فهو قابل لذلك، كما قبل ان تسقط الزوجة نفقتها او قسمها مع انهما حكمان وضعيان.

ص: 191

و بالجملة فموارد الاشكال فى تميز الحكم الشرعى القابل لتغيّره بالشرط بسبب تغيّر عنوانه عن غير القابل كثيرة يظهر للمتتبع، فينبغى للمجتهد ملاحظة الكتاب و السنة الدالين على الحكم الّذي يراد تغيّره بالشرط، و التأمل فيه حتى يحصل له التميز و يعرف ان المشروط من قبيل ثبوت الولاء لغير المعتق المنافى لقوله صلى الله عليه و آله: الولاء لمن اعتق، او من قبيل ثبوت الخيار للمتبايعين غير المنافى لقوله عليه السلام: اذا افترقا وجب البيع، او عدمه لهما فى المجلس مع قوله عليه السلام: البيّعان بالخيار ما لم يفترقا

______________________________

(و بالجملة فموارد الاشكال فى تميز الحكم الشرعى القابل لتغيّره بالشرط بسبب تغيّر عنوانه) و تغير العنوان يكون بانضمام الشرط إليه فالحكم الاولى كذا، و الحكم بعد انضمام الشرط إليه كذا (عن غير القابل) متعلق ب «تميز» (كثيرة يظهر للمتتبع، فينبغى للمجتهد ملاحظة الكتاب و السنة الدالين على الحكم الّذي يراد تغيّره بالشرط، و التأمل فيه) اى فى ذلك الحكم (حتى يحصل له التميز، و يعرف ان المشروط من قبيل ثبوت الولاء لغير المعتق المنافى لقوله صلى الله عليه و آله: الولاء لمن اعتق) فلا يجوز (او من قبيل ثبوت الخيار للمتبايعين غير المنافى لقوله عليه السلام: اذا افترقا وجب البيع) فيما يريد اثبات الخيار لاحدهما بعد الافتراق، و هو ما يسمى بخيار الشرط (او) من قبيل (عدمه) اى عدم الخيار (لهما فى المجلس) فيما اذا شرط ضمن العقد عدم الخيار لهما فى المجلس (مع) وجود (قوله عليه السلام: البيّعان بالخيار ما لم يفترقا)

ص: 192

الى غير ذلك من الموارد المتشابهة صورة، المخالفة حكما، فان لم يحصل له بنى على اصالة عدم المخالفة فيرجع الى عموم: المؤمنون عند شروطهم و

______________________________

المقتضى لخيار المجلس، فاذا تميز ان مورده من اىّ القسمين، ظهر انه يصح فيه الشرط او لا يصح فيه الشرط (الى غير ذلك من الموارد المتشابهة صورة، المخالفة حكما) فان قبل المجلس و بعد المجلس متشابهة من حيث ان العقد قدتم، لكن لهما حكمان مختلفان لوجود الخيار فى المجلس و عدمه فى خارج المجلس.

و كيف كان فان حصل له تميز و ان المورد من اىّ القسمين، القسم القابل للشرط او القسم الّذي لا يقبل الشرط فهو، و الّا (فان لم يحصل له) التميز و وقع فى الشك (بنى على اصالة عدم المخالفة) اى عدم مخالفة الشرط لدليل ذلك الحكم الّذي يراد رفعه بالشرط (فيرجع الى عموم:

المؤمنون عند شروطهم) و يقول بصحة الشرط.

و الحاصل ان دليل: المؤمنون، شامل لكل شرط الا ما كان مخالفا فاذا لم نعلم المخالفة فعموم المؤمنون محكّم، فتأمّل.

(و) ان قلت: الخارج من عموم: المؤمنون، ما كان مخالفا واقعا، و عدم العلم بالمخالفة- و هو ظرف جريان اصالة عدم المخالفة- لا يحقق عدم المخالفة واقعا، فكيف يكون مجرى لعموم: المؤمنون.

و بعبارة اخرى، المؤمنون عند شروطهم يجرى فى ظرف عدم المخالفة واقعا، لا فى ظرف عدم العلم بالمخالفة.

ص: 193

الخارج عن هذا العموم و ان كان هو المخالف واقعا للكتاب و السنة، لا ما علم مخالفته الا ان البناء على اصالة عدم المخالفة يكفى فى احراز عدمها واقعا كما فى سائر مجارى الاصول.

و مرجع هذا الاصول الى اصالة عدم ثبوت هذا الحكم على وجه لا يقبل تغيّره بالشرط.

______________________________

قلت: (الخارج عن هذا العموم) اى عموم: المؤمنون عند شروطهم (و ان كان هو المخالف واقعا للكتاب و السنة) علمنا به أم لم نعلم (لا ما علم مخالفته) فان العلم و الجهل لا مدخلية لهما فى الاحكام الاوّلية (الا ان البناء على اصالة عدم المخالفة) التى ذكرناها (يكفى فى احراز عدمها) اى عدم المخالفة (واقعا) قيد ل «عدمها» (كما فى سائر مجارى الاصول) فان الاصل ينزل الشي ء منزلة الواقع فيترتب عليه حكم الواقع.

مثلا: الصلاة مشروطة بالطهارة الواقعية، فاذا شككنا فى الطهارة، و كان هناك استصحاب الطهارة، كفى الاستصحاب فى احراز الطهارة، و صح اتيان الصلاة بهذه الطهارة المستصحبة- لانها نازلة شرعا منزلة الطهارة الواقعية-.

(و مرجع هذا الاصل) اى اصالة عدم المخالفة (الى اصالة عدم ثبوت هذا الحكم) الّذي نريد رفعه بالاصل- كحكم كون السكنى بيد الرجل- (على وجه لا يقبل تغيّره بالشرط) فاذا شككنا فى ان حكم السكنى بيد الرجل هل هو ثابت على كل تقدير، او على تقدير عدم الشرط فقط كان المتيقن انه ثابت على تقدير عدم الشرط، فاذا جاء الشرط

ص: 194

مثلا: نقول: ان الاصل عدم ثبوت الحكم بتسلط الزوج على الزوجة من حيث المسكن، لا من حيث هو لو خلّى و طبعه و لم يثبت فى صورة الزام الزوج على نفسه بعض خصوصيات المسكن.

لكن هذا الاصل انما ينفع بعد عدم ظهور الدليل الدال على الحكم فى اطلاقه بحيث يشمل صورة الاشتراط كما فى اكثر الادلة المتضمنة للاحكام المتضمنة للرخصة و التسليط

______________________________

ارتفع الحكم و صار السكنى بيد الزوجة حسب الشرط.

(مثلا: نقول: ان الاصل عدم ثبوت الحكم بتسلط الزوج على الزوجة من حيث المسكن) اى ليس تسلطه تسلطا مطلقا، فان الثابت من تسلّطه هو التسلط فى الجملة (لا من حيث هو) بدون الشرط (لو خلّى و طبعه) هذا التسلط (و لم يثبت فى صورة الزام الزوج على نفسه بعض خصوصيات المسكن) بان يكون البلد او المسكن الخاص بيد الزوجة.

(لكن هذا الاصل انما ينفع) حتى يكون مسرحا للشرط (بعد عدم ظهور الدليل الدال على الحكم فى اطلاقه) «فى» متعلق ب «ظهور» اطلاقا (بحيث يشمل صورة الاشتراط).

فاذا كان دليل المسكن مطلقا اطلاقا يشمل صورة وجود الشرط أيضا فلا يبقى مجال للشرط (كما فى اكثر الادلة المتضمنة للاحكام المتضمنة للرخصة) فى الشي ء (و التسليط) على الشي ء، فانها غير ظاهرة فى الاطلاق، فقوله «كما» بيان لقوله «عدم ظهور».

فالادلة التى تقول ان الرجل مرخص فى تهيئة اىّ اكل او لباس او

ص: 195

فان الظاهر سوقها فى مقام بيان حكم الشي ء من حيث هو، الّذي لا ينافى طروّ خلافه لملزم شرعى، كالنذر و شبهه من حقوق الله، و الشرط و شبهه من حقوق الناس.

اما ما كان ظاهره العموم كقوله: لا يملك ولد حرّ، فلا مجرى فيه لهذا الاصل.

ثم ان بعض مشايخنا المعاصرين بعد ما خصّ الشرط المخالف للكتاب

______________________________

مسكن او ما اشبه لزوجته ليس لها اطلاق (فان الظاهر سوقها) اى تلك الادلة (فى مقام بيان حكم الشي ء من حيث هو، الّذي لا ينافى طروّ خلافه لملزم شرعى) ثانوى (كالنذر و شبهه) من العهد و اليمين (من حقوق الله و) ك (الشرط و شبهه) من امر الأب و السيد (من حقوق الناس) فاذا طرأ الخلاف ارتفع الحكم الاوّلى.

(اما ما كان ظاهره العموم) بمعنى ان له قوة فى العموم بحيث يطارد كل حكم ثانوى و الا فالقسم الاول أيضا له عموم كما لا يخفى، منتهى الامر لم يكن عمومه بهذه القوة (كقوله: لا يملك ولد حرّ، فلا مجرى فيه لهذا الاصل) اى اصالة عدم المخالفة.

فاذا زوّج الأب ابنته لشخص، و كلاهما حران، و اشترط عليه ان يكون ولده رقّا بطل الشرط- كما لا يخفى- فالمهمّ ان يعرف قوة العموم من القرائن الخارجية، و الّا جرى الاصل.

(ثم ان بعض مشايخنا المعاصرين) و هو النراقى فى عوائده (بعد ما خص الشرط المخالف للكتاب

ص: 196

الممنوع عنه فى الاخبار بما كان الحكم المشروط مخالفا للكتاب و ان التزام فعل المباح او الحرام او ترك المباح او الواجب خارج عن مدلول تلك الاخبار ذكر ان المتعيّن فى هذه الموارد ملاحظة التعارض بين ما دلّ على حكم ذلك الفعل، و ما دلّ على وجوب الوفاء بالشرط، و يرجع الى المرجحات

______________________________

الممنوع عنه فى الاخبار) حيث قال عليه السلام: كل شرط خالف كتاب الله فهو مردود (بما كان الحكم المشروط مخالفا للكتاب) «بما» متعلق ب (خصّ) و لم يذكر ما اذا كان الالتزام مخالفا، اذ قد عرفت سابقا ان المخالف على قسمين، الاول ما كان الملتزم مخالفا و الثانى ما كان الالتزام مخالفا (و) بعد ان ذكر (ان التزام فعل المباح او الحرام او ترك المباح او) ترك (الواجب خارج عن مدلول تلك الاخبار) فان الالتزام ليس مخالفا للكتاب، سواء كان متعلق الالتزام حكما لا اقتضائيا كالمباح، او حكما اقتضائيا كالواجب و الحرام (ذكر ان المتعيّن فى هذه الموارد)- التى التزم فيها المشروط عليه بفعل شي ء او ترك شي ء- الخارجة عن مدلول الاخبار اعنى التزام فعل المباح الخ (ملاحظة التعارض بين ما دلّ على حكم ذلك الفعل) مع قطع النظر عن الشرط (و ما دل على وجوب الوفاء بالشرط) اى المؤمنون عند شروطهم (و يرجع الى المرجحات) فى مورد الاجتماع.

فاذا ورد: لا تشرب الخمر، ورد: المؤمنون عند شروطهم، كان بينهما عموم من وجه، لان الشرط يشمل غير هذا الشرط أيضا، كما ان لا تشرب

ص: 197

و ذكر ان المرجح فى مثل اشتراط شرب الخمر هو الاجماع.

قال: و ما لم يكن فيه مرجح يعمل فيه بالقواعد و الاصول.

و فيه من الضعف ما لا يخفى.

مع ان اللازم على ذلك

______________________________

يشمل غير مورد الشرط.

فاذا شرط شرب الخمر تعارض الدليلان فى مورد الاجتماع، فاللازم الرجوع الى المرجحات الخارجية (و ذكر ان المرجح فى مثل اشتراط شرب الخمر هو الاجماع) الّذي يقول بحرمة شرب الخمر حتى مع الشرط

(قال) النراقى (و ما لم يكن فيه مرجح) مثل ما اذا اشترط إرث المتعة حيث يعارض «أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ»* مع

«المؤمنون عند شروطهم»

(يعمل فيه بالقواعد و الاصول) و ان لم تكن قاعدة و اصل فرضا كان من قبيل الدليلين المتعارضين فاللازم اعمال قواعد التعادل و الترجيح.

(و فيه من الضعف ما لا يخفى).

أولا: لما عرفت من ان ما دل على عدم نفوذ مخالف الكتاب اعم مما كان الملتزم مخالفا، او كان الالتزام مخالفا.

و ثانيا: ضرورة ان دليل: المؤمنون عند شروطهم، لا يشمل مثل شرب الخمر و الزنا و اكل الربا، فايقاع التعارض بينها لا يليق بالفقيه فكيف بمثل النراقى الّذي حاز قصب السبق فى العلم و الفضيلة.

(مع) انه يرد عليه ثالثا (ان اللازم على ذلك) الّذي ذكره من كون

ص: 198

الحكم بعدم لزوم الشرط، بل عدم صحته فى جميع موارد عدم الترجيح لان الشرط ان كان فعلا يجوز تركه كان اللازم مع تعارض ادلة وجوب الوفاء بالشرط و ادلة جواز ترك ذلك الفعل مع فقد المرجح الرجوع الى اصالة عدم وجوب الوفاء بالشرط، فلا يلزم، بل لا يصح.

______________________________

المرجع- اذا لم يكن مرجح فى البين- هو القواعد و الاصول (الحكم بعدم لزوم الشرط) اذا كان الشرط الفاسد لا يوجب فساد العقد (بل عدم صحته) اصلا اذا قلنا بان الشرط الفاسد مفسد (فى جميع موارد عدم الترجيح) بخلاف ما يظهر من النراقى من بقاء الشرط على حاله فتأمل.

و انما قلنا ان اللازم على ذلك عدم لزوم الشروط او عدم صحته (لان الشرط ان كان) متعلقه (فعلا يجوز تركه) مثل شرط طلاق الزوجة فانه فعل يجوز تركه، فى نفسه، مع قطع النظر عن الشرط (كان اللازم مع تعارض ادلة وجوب الوفاء بالشرط) مثل: المؤمنون عند شروطهم (و ادلة جواز ترك ذلك الفعل) فيما اذا نكحها بشرط ان يطلقها اذا شاءت فانه يقع التعارض بين:

المؤمنون عند شروطهم، المقتضى للطلاق اذا شاءت، و بين: الطلاق بيد من اخذ بالساق، المقتضى لجواز ان يترك الزوج الطلاق، حتى اذا شاءت هى الطلاق (مع فقد المرجح) لاحدهما على الآخر (الرجوع الى اصالة عدم وجوب الوفاء بالشرط، فلا يلزم) الشرط، ان قلنا ببقاء العقد لان الشرط الفاسد ليس بمفسد (بل لا يصح) ان قلنا بان الشرط الفاسد مفسد، فانه اذا بطل العقد بطل الشرط بطريق اولى.

ص: 199

و ان كان فعل محرم او ترك واجب لزم الرجوع الى اصالة بقاء الوجوب و التحريم الثابتين قبل الاشتراط.

فالتحقيق ما ذكرنا من ان من الاحكام المذكورة فى الكتاب و السنة ما يقبل التغيير بالشرط لتغيير عنوانه كاكثر ما ترخص فى فعله و تركه، و منها ما لا يقبله

______________________________

(و ان كان) الشرط متعلقه (فعل محرم او ترك واجب) كما اذا شرط شرب الافيون او ترك الانفاق على زوجته، فانه يتعارض دليل الشرط و دليل وجوب ذلك الواجب، و حرمة ذلك المحرم، فيتساقطان و (لزم الرجوع الى اصالة بقاء الوجوب و التحريم الثابتين قبل الاشتراط).

و اذا ردّ كلام النراقى لورود الاشكالات الثلاثة عليه.

(فالتحقيق ما ذكرنا من) انه لا تتعارض ادلة الاحكام، و ادلة الشرط اصلا، بل اذا جرى دليل الشرط انسحب دليل الحكم، و اذا جرى دليل الحكم انسحب دليل الشرط.

فحاصل ما ذكرناه (ان من الاحكام المذكورة فى الكتاب و السنة ما يقبل التغيير بالشرط لتغيير عنوانه) فان ذلك عنوان الحكم لو خلي و طبعه.

فاذا لحقه شرط او نذر او ما اشبه خرج عن كونه لو خلى و طبعه فتبدل حكم ذلك الموضوع على وفق الشرط ايجابا او تحريما (كاكثر ما ترخص فى فعله و تركه) مع التساوى كالمباح او مع ترجيح الفعل كالمستحب، او مع ترجيح الترك كالمكروه.

و انما قال «كاكثر» لان بعض المرخصات لا يغيرها الشرط، كما قال بعضهم فى اشتراط عدم التسرّى (و منها ما لا يقبله) اى لا يقبل التغيير

ص: 200

كالتحريم و كثير من موارد الوجوب.

و ادلة الشروط حاكمة على القسم الاول، دون الثانى فان اشتراطه مخالف لكتاب اللّه كما عرفت و عرفت حكم صورة الشك.

و قد تفطن قدس سره لما ذكرنا فى حكم القسم الثانى، و ان الشرط فيه مخالف للكتاب بعض التفطن

______________________________

بالشرط (كالتحريم و كثير من موارد الوجوب) فان الشرط لا يتمكن من إباحة حرمة شرب الخمر و الزنا، كما لا يتمكن من اسقاط الصلاة و الصيام و الحج عن وجوبها.

و انما قال «كثير» لان بعض موارد الوجوب يسقط عن وجوبه بواسطة الشرط مثل اشتراط ان يكون السكنى بيد الزوجة، فانه يسقط وجوب متابعة الزوجة للزوج فى البلد و المكان.

(و ادلة الشروط) التى تقول: المؤمنون عند شروطهم (حاكمة على القسم الاول) القابل للتغيير (دون الثانى) الّذي لا يقبل التغيير (فان اشتراطه) اى اشتراط القسم الثانى (مخالف لكتاب الله) الّذي يقتضي عدم تغير هذا القسم (كما عرفت و عرفت حكم صورة الشك) فيما اذا شككنا ان الحكم من القسم الاول او القسم الثانى، و ان الاصل يقتضي كون الحكم من القسم القابل للتغيير بالشرط.

(و قد تفطن) النراقى (قدس سره لما ذكرنا فى حكم القسم الثانى) الّذي لا يتغير بالشرط (و ان الشرط فيه) اى فى هذا القسم (مخالف للكتاب بعض التفطن) فلا تعارض بين دليل الشرط، و دليل الحكم

ص: 201

بحيث كاد ان يرجع عما ذكره أولا من التعارض بين ادلة وجوب الوفاء بالشرط، و ادلة حرمة شرب الخمر، فقال: و لو جعل هذا الشرط من اقسام الشرط المخالف للكتاب و السنة كما يطلق عليه عرفا لم يكن بعيدا، انتهى.

و مما ذكرنا من انقسام الاحكام الشرعية المدلول عليها فى الكتاب و السنة على قسمين يظهر لك معنى قوله (ع) فى رواية اسحاق بن عمار المتقدمة: المؤمنون عند شروطهم، الا شرطا حرم حلالا او احل حراما، فان

______________________________

(بحيث كاد ان يرجع عما ذكره أولا من التعارض بين ادلة وجوب الوفاء بالشرط، و ادلة حرمة شرب الخمر، فقال) ما يظهر منه الرجوع بما نصّه:

(و لو جعل هذا الشرط) اى شرط شرب الخمر (من اقسام الشرط المخالف للكتاب و السنة كما يطلق عليه عرفا) انه مخالف للكتاب- فلا نلاحظ الدقة المقتضية للتعارض، على ما ذكرناه أولا- (لم يكن بعيدا، انتهى).

و انما قلنا «بعض التفطن» لانا قلنا بانه لا تعارض، لا دقة و لا عرفا و النراقى نفى التعارض العرفى، مما يظهر منه انه باق على رأيه فى وجود التعارض الدقى

(و مما ذكرنا من انقسام الاحكام الشرعية المدلول عليها فى الكتاب و السنة على قسمين) قسم يقبل التغيير بالشرط لتغير عنوانه، و قسم لا يقبل التغيير بالشرط (يظهر لك معنى قوله (ع) فى رواية اسحاق بن عمار المتقدمة: المؤمنون عند شروطهم الا شرطا حرم حلالا او احل حراما، فان

ص: 202

المراد بالحلال و الحرام فيها ما كان كذلك بظاهر دليله حتى مع الاشتراط، نظير شرب الخمر، و عمل الخشب صنما او صورة حيوان، و نظير مجامعة الزوج التى دل بعض الاخبار السابقة على عدم ارتفاع حكمها- اعنى الاباحة- متى اراد الزوج، باشتراط كونها بيد المرأة، و نظير التزوج و التسرى و الهجر حيث دلّ بعض تلك الاخبار على عدم ارتفاع اباحتها باشتراط تركها، معللا بورود الكتاب العزيز باباحتها.

______________________________

المراد بالحلال و الحرام فيها) اى فى هذه الرواية القسم الثانى الّذي لا يقبل التغيير (ما كان كذلك) حلالا او حراما (بظاهر دليله حتى مع الاشتراط، نظير شرب الخمر، و عمل الخشب صنما او صورة حيوان) هذه امثلة الحرام الّذي لا يقبل الحلية بالشرط (و نظير مجامعة الزوج التى دل بعض الاخبار السابقة على عدم ارتفاع حكمها- اعنى الاباحة- متى اراد الزوج) الجماع (باشتراط كونها بيد المرأة) «باشتراط» متعلق ب «عدم ارتفاع» فهذا حلال لا يقبل الحرمة بالشرط (و نظير التزوج) بامرأة ثانية (و التسرى) بجارية (و الهجر) للزوجة اذا اتت بسبب الهجر و هو النشوز (حيث دلّ بعض تلك الاخبار على عدم ارتفاع اباحتها باشتراط تركها) فهذه حلال لا تقبل الحرمة بالشرط (معللا) فى الاخبار (بورود الكتاب العزيز باباحتها).

و الحاصل: ان الواجب و الحرام لا يقبل الشرط الا بدليل خاص و الاحكام الثلاثة الاخر تقبل الشرط الا بدليل خاص.

ص: 203

اما ما كان حلالا لو خلّى و طبعه بحيث لا ينافى حرمته او وجوبه بملاحظة طروّ عنوان خارجى عليه او كان حراما كذلك، فلا يلزم من اشتراط فعله او تركه الا تغيّر عنوان الحلال و الحرام الموجب لتغير الحل و الحرمة فلا يكون حينئذ تحريم حلال و لا تحليل حرام.

الا ترى انه لو نهى السيّد عبده، او الوالد ولده عن فعل مباح اعنى مطالبة ماله فى ذمة غريمه،

______________________________

(اما ما كان حلالا لو خلّى و طبعه بحيث لا ينافى) حليته الذاتية (حرمته او وجوبه بملاحظة طروّ عنوان خارجى عليه) كطروّ النذر او الشرط على فعله او تركه (او كان حراما كذلك) لو خلّى و طبعه، بحيث لا تنافى حرمته الذاتية طروّ عنوان خارجى عليه يوجب حليته مثل حرمة عصيان الزوج فى السكنى بان لا تطيع الزوج اذا أراد لها السكنى فى مكان خاص فتشترط عليه ان يكون السكنى بيدها فان الحرمة الذاتية لا تنافى طروّ هذا العنوان الموجب لاباحة مخالفة الزوج لها (فلا يلزم من اشتراط فعله او تركه الا تغيّر) الموضوع، و ذلك بتبدل (عنوان الحلال و الحرام الموجب) ذلك التغير (لتغير الحل و الحرمة) فكلما تبدل الموضوع تبدل الحكم (فلا يكون حينئذ) اى حين تبدل الموضوع (تحريم حلال و لا تحليل حرام) بل كان ذلك من قبيل وجوب الصيام فى الحضر، و وجوب الافطار فى السفر.

(الا ترى انه لو نهى السيّد عبده، او الوالد ولده عن فعل مباح) إباحة ذاتية (اعنى مطالبة ماله) اى الشي ء الّذي للولد (فى ذمة غريمه)

ص: 204

او حلف المكلف على تركه لم يكن الحكم بحرمته شرعا من حيث طروّ عنوان معصية السيّد و الوالد، و عنوان حنث اليمين عليه تحريما لحلال فكذلك ترك ذلك الفعل فى ضمن عقد يجب الوفاء به، و كذلك امتناع الزوجة عن الخروج مع زوجها الى بلد آخر محرم فى نفسه و كذلك امتناعها من المجامعة و لا ينافى ذلك حليتهما باشتراط عدم اخراجها عن بلدها او باشتراط عدم مجامعتها

______________________________

المطلوب للولد (او حلف المكلف) الدائن (على تركه) اى ترك المديون بان لا يطالبه، (لم يكن الحكم) الثانوى (بحرمته) اى المطالبة (شرعا) قيد «الحكم» (من حيث طروّ عنوان معصية السيد و الوالد، و عنوان حنث اليمين عليه) اى على المطالبة (تحريما لحلال) لان المطالبة فى ذاتها موضوع و معصية السيّد، و حنث اليمين موضوع آخر، و اذا كانت المعصية للوالد، و الحنث لليمين يبدلان الموضوع الموجب لتبدل الحكم (فكذلك) تحريم الحلال الذاتى مثل (ترك ذلك الفعل فى ضمن عقد يجب الوفاء به) موضوع آخر غير الفعل الّذي كان موضوعا للاباحة فان الفعل بما هو هو، غير الفعل بما هو وقع فى ضمن العقد (و كذلك) بالنسبة الى تحليل الحرام الذاتى، مثل (امتناع الزوجة عن الخروج مع زوجها الى بلد آخر محرم فى نفسه) اذا لم يطرأ عليه عنوان آخر (و كذلك امتناعها من المجامعة و لا ينافى ذلك) التحريم (حليتهما) اى حلية الامتناع عن الخروج و الامتناع عن المجامعة (ب) سبب (اشتراط عدم اخراجها عن بلدها) فى ضمن العقد (او باشتراط عدم مجامعتها) كذلك فى ضمن

ص: 205

كما فى بعض النصوص.

و بالجملة فتحريم الحلال و تحليل الحرام انما يلزم مع معارضة ادلة الوفاء بالشرط لادلة اصل الحكم حتى يستلزم وجوب الوفاء مخالفة ذلك و طرح دليله.

اما اذا كان دليل ذلك الحكم لا يفيد الا ثبوته لو خلّى الموضوع و طبعه فانه لا يعارضه ما دلّ على ثبوت ضدّ ذلك الحكم اذا طرأ على الموضوع عنوان آخر لم يثبت ذلك الحكم له

______________________________

العقد (كما فى بعض النصوص).

(و بالجملة، ف) الشرط لا يلازم تحريم الحلال او تحليل الحرام فان (تحريم الحلال و تحليل الحرام انما يلزم مع معارضة ادلة الوفاء بالشرط لادلة اصل الحكم) بان كان دليل الحكم عامّا يشمل حتّى صورة الشرط، كما فى ادلة حرمة شرب الخمر، و وجوب الصلاة، فانها عامّة تشمل حتّى صورة شرط ترك الصّلاة او شرط شرب الخمر (حتّى يستلزم وجوب الوفاء) بالشرط (مخالفة ذلك) الدليل المتعرّض لاصل الحكم (و طرح دليله) اذا قدّمنا دليل وجوب الوفاء بالشرط.

(أمّا اذا كان دليل ذلك الحكم لا يفيد الا ثبوته) اى ثبوت ذلك الحكم (لو خلّى الموضوع و طبعه) مثل دليل كون السّكنى بيد الزوج (فانه لا يعارض ما دلّ على ثبوت ضدّ ذلك الحكم) كالتّحليل فى مثال سكنى الزّوجة (اذا طرأ على الموضوع) اى السّكنى فى المثال (عنوان آخر) كعنوان الشرط (لم يثبت ذلك الحكم) اى حرمة عدم الاطاعة (له)

ص: 206

الا مجردا عن ذلك العنوان.

ثم انه يشكل الامر فى استثناء الشرط المحرّم للحلال على ما ذكرنا فى معنى الرواية بان ادلة حلّية اغلب المحلّلات بل كلها انما تدل على حلّيتها فى انفسها لو خلّيت و انفسها، فلا تنافى حرمتها من اجل الشرط كما قد تحرم من اجل النذر و اخويه، و من جهة اطاعة الوالد و السيّد، و من جهة صيرورتها علة للمحرم و غير ذلك من العناوين الطارئة لها.

______________________________

اى لموضوع السكنى مثلا (الا مجردا عن ذلك العنوان) فان وجوب اطاعة الزوج فى السكنى ثابت للسكنى غير المعنون بعنوان الشرط، فاذا جاء الشرط تبدل الحكم.

(ثم انه يشكل الامر فى استثناء الشرط المحرّم للحلال على ما ذكرنا فى معنى الرواية) من ان المراد بالحلال و الحرام: ما كان كذلك حتى مع الشرط، و لذا لا يتمكن الشرط من تبديل حكمهما (بان ادلة حلّية اغلب المحلّلات بل كلها انما تدل) دلالة عرفية (على حلّيتها فى انفسها لو خلّيت و انفسها) فلا اطلاق لها لجميع الحالات (فلا تنافى حرمتها من اجل الشرط) لان الشي ء بعنوان الشرط غير الشي ء بعنوان نفسه (كما قد تحرم) المحلّلات (من اجل النذر و اخويه) و هما العهد و اليمين (و من جهة اطاعة الوالد و السيّد) و الزوج (و من جهة صيرورتها عنه للمحرم) و مقدمة له بناء على ان مقدمة الحرام حرام (و غير ذلك من العناوين الطارئة لها) اى للمحلّلات.

وجه الاشكال انه لا يبقى حينئذ مصداق للشرط المحرّم للحلال.

ص: 207

نعم لو دلّ دليل حلّ شي ء، على الحلّية المطلقة، نظير دلالة ادلة المحرمات بحيث لا يقبل طروّ عنوان مغير عليه اصلا، او خصوص الشرط من بين العناوين، او دلّ الدليل من الخارج على كون ذلك الحلال كذلك، كما دلّ بعض الاخبار بالنسبة الى بعض الافعال كالتسّرى و التزوّج و ترك الجماع من دون إرادة الزوجة كان مقتضاه فساد اشتراط خلافه

لكن دلالة نفس دليل الحلّية على ذلك

______________________________

(نعم لو دلّ دليل حلّ شي ء، على الحلية المطلقة) و انه حلال سواء وقع عليه عنوان ثانوى، أم لا (نظير دلالة ادلة المحرمات) حيث انها تدل على الحرمة المطلقة- دلالة عرفية- (بحيث لا يقبل) ذلك الحلال (طروّ عنوان مغير عليه اصلا) سواء كان ذلك العنوان الثانوى شرطا او نذرا او من الوالدين (او) لا يقبل طروّ (خصوص الشرط من بين العناوين) الثانوية (او دلّ الدليل من الخارج على كون ذلك الحلال كذلك) اى لا يقبل طروّ عنوان مغيّر عليه اصلا و هذا عطف على قوله «لو دلّ دليل حلّ الشي ء الخ ...» (كما دلّ بعض الاخبار) المتقدمة (بالنسبة الى بعض الافعال) و هذا مثال للدليل الخارجى (كالتسرّى و التزوّج و ترك الجماع من دون إرادة الزوجة) و ترك الهجران مع اتيانها بالنشوز (كان مقتضاه) اى مقتضى هذا الدليل الخارجى او الداخلي، و «كان» جواب «لو» (فساد اشتراط خلافه) اى خلاف ذلك الحلّ، فالشي ء يبقى حلالا و ان شرط خلاف الحلّية.

(لكن دلالة نفس دليل الحلية على ذلك) الاطلاق، و انه حلال و

ص: 208

لم توجد فى مورد.

و الوقوف مع الدليل الخارج الدال على فساد الاشتراط يخرج الرواية عن سوقها لبيان ضابطة الشروط عند الشك، اذ مورد الشك حينئذ محكوم بصحة الاشتراط.

و مورد ورود الدليل على عدم تغير حلّ الفعل باشتراط تركه مستغن عن الضابطة

______________________________

ان ورد عليه الشرط بخلافه (لم توجد فى مورد) حسب ما استقرأناه.

(و الوقوف مع الدليل الخارج الدال على فساد الاشتراط) بان نقول: كلما دلّ دليل خارجى على اطلاق الحلّية، لم يرد عليه الشرط و كلّما لم يكن هكذا دليل كان قابلا لورود الشرط (يخرج الرواية) التى قالت «الا ما احل حراما او حرم حلالا» (عن سوقها لبيان ضابطة الشروط عند الشك) اذ ظاهر الرواية ان كل حلال لا يقبل الحرمة بالاشتراط، كما ان كل حرام لا يقبل الحلّية بالاشتراط.

و انما يخرج الرواية (اذ مورد الشك حينئذ) اى حين الاحتياج الى الدليل الخارجى (محكوم بصحة الاشتراط) لانه كلما لم يكن دليل خارج على بطلان الاشتراط كان اللازم القول بصحة الاشتراط.

(و مورد ورود الدليل على عدم تغير حلّ الفعل باشتراط تركه) «باشتراط» متعلق ب «عدم تغير» (مستغن عن الضابطة).

اذ لو لم تكن الضابطة كان الدليل الخارج- الدال على عدم تغير الحلال بالاشتراط- كاف فى افادة ان الحلال فى المسألة الفلانية

ص: 209

مع ان الامام علّل فساد الشرط فى هذه الموارد بكونه محرما للحلال، كما عرفت فى الرواية التى تقدمت فى عدم صحة اشتراط عدم التزوّج، و التسرّى، معللا بكونه مخالفا للكتاب الدال على اباحتها.

نعم لا يرد هذا الاشكال فى طرف تحليل الحرام، لان

______________________________

لا يقبل التغير بالشرط، هذا أولا اشكال على الاحتياج الى الدليل الخارج

و ثانيا (مع ان الامام) عليه السلام (علّل فساد الشرط فى هذه الموارد) و هى التسرّى و التزوّج و ما اشبه (بكونه محرما للحلال، كما عرفت فى الرواية التى تقدمت) عن ابن مسلم، عن الباقر عليه السلام (فى عدم صحة اشتراط عدم التزوج، و) عدم (التسرّى، معللا بكونه) اى عدم التزوّج، او عدم التسرّى (مخالفا للكتاب الدال على اباحتها).

و الظاهر من الرواية عدم الاحتياج الى الدليل الخارجى و انما يكفى وجود الحلّية فى الكتاب.

و الحاصل: ان قولكم بالاحتياج الى الدليل الخارجى يستشكل عليه أولا بانه موجب للاستغناء عن الضابط.

و ثانيا: بانه خلاف ظاهر كلام الامام (ع) فى رواية ابن مسلم.

(نعم لا يرد هذا الاشكال) و هو ان اطلاق الحكم اما ان يفهم من دليل داخلى، او دليل خارجى، و الدليل الداخلي ليس موجودا فى المحلّلات، و الدليل الخارجى موجب لهدم الضابطة، و مخالفة ظاهر رواية ابن مسلم (فى طرف تحليل الحرام، لان) فى ادلة المحرمات دليل داخلى على اطلاق الحرام، و انه لا يرتفع بالشرط، و الدليل الداخلي

ص: 210

ادلة المحرمات قد علم دلالتها على التحريم على وجه لا يتغير بعنوان الشرط و النذر و شبههما، بل نفس استثناء الشرط المحلل للحرام عما يجب الوفاء به دليل على إرادة الحرام فى نفسه لو لا الشرط.

و ليس كذلك فى طرف المحرم للحلال، فانا قد علمنا ان ليس المراد الحلال لو لا الشرط، لان تحريم المباحات لاجل الشرط فوق

______________________________

هو الظهور العرفى، فان العرف اذا القى عليه ان الشي ء الفلانى حرام يستظهر انه حرام بقول مطلق، فلا يقبل الحلّية بالشرط و النذر و نحوهما

فان (ادلة المحرمات قد علم دلالتها على التحريم على وجه لا يتغير بعنوان الشرط و النذر و شبههما) كاطاعة الوالد و الزوج (بل نفس استثناء الشرط المحلل للحرام) استثنائه (عما يجب الوفاء به) حيث قال:

المؤمنون عند شروطهم الا شرطا احلّ حراما (دليل على إرادة الحرام فى نفسه) اى (لو لا الشرط) اذ المفروض ان الشرط يريد تحليل الحرام، فالحرام لوحظ مجردا عن الشرط، فقال انه لا يحلل بالشرط.

(و) ان قلت: فلتكن هذه القرينة التى ذكرتموها فى تحليل الحرام بقولكم: بل نفس .. الخ، أيضا قرينة على ان المراد بتحريم الحلال، الحلال فى نفسه، فتدل هذه القرينة على ان الحلال لا يحرم بالشرط.

قلت: (ليس كذلك فى طرف المحرم للحلال) فالقرينة خاصة بتحليل الحرام (فانا قد علمنا) من الخارج (ان ليس المراد الحلال لو لا الشرط).

و وجه علمنا هو ما ذكره بقوله: (لان تحريم المباحات لاجل الشرط فوق

ص: 211

حدّ الاحصاء بل اشتراط كل شرط عدا فعل الواجبات و ترك المحرمات مستلزم لتحريم الحلال فعلا او تركا.

و ربما يتخيّل ان هذا الاشكال مختصّ بما دلّ على الاباحة التكليفية،

______________________________

حدّ الاحصاء بل اشتراط كل شرط) من مجي ء زيد و عدم مجيئه، و خياطة القباء و تسليم الدار فى وقت كذا، و غيرها من الشروط الواقعة فى ضمن المعاملات (عدا) اشتراط (فعل الواجبات و ترك المحرمات) كما اذا شرط عليه فى ضمن العقد ان يصلّى او يترك شرب الخمر، فان الشرط صحيح و مؤكّد للواجب و الحرام، كما ان نذر فعل الواجب و ترك الحرام أيضا صحيح و مؤكّد (مستلزم لتحريم الحلال فعلا او تركا) فان الحلال فعله و تركه جائز، فاذا شرط الفعل حرم الترك، و الترك حلال فى نفسه، و اذا شرط الترك حرم الفعل و الفعل حلال فى نفسه.

فتحصّل ان جملة «حرم حلالا» يرد عليه الاشكال بخلاف جملة «حلّل حراما» لان الحرام حرام مطلقا- على كل حال- فلا يرفعه الشرط بخلاف الحلال فانه حلال لو خلّى و طبعه فهو قابل لورود الشرط عليه و اذا ورد عليه الشرط حرّمه.

و عليه فاللازم تقييد حرّم حلالا، بما اذا علم انه حلال مطلق، و هذا و ان كان خلاف الظاهر الا انه لا بد ان يصار إليه صيانة للكلام عن اللغوية، فتأمل.

(و ربما يتخيّل ان هذا الاشكال) و هو ما ذكرناه بقولنا: ثم انّه يشكل الامر فى استثناء المحرم. الخ (مختصّ بما دلّ على الاباحة التكليفية.

ص: 212

كقوله: تحل كذا و تباح كذا.

اما الحلّية التى تضمنها الاحكام الوضعية كالحكم بثبوت الزوجية، او الملكية، او الرقية، او اضدادها فهى احكام لا تتغيّر لعنوان اصلا.

______________________________

كقوله: تحل كذا و تباح كذا) فانها قابلة لورود الشرط عليها، فلا ينطبق على هذا القسم من المحللات قوله عليه السلام: الا شرطا حرم حلالا فان الشرط المحرم للحلال التكليفى كثير.

(اما الحلّية التى تضمنها الاحكام الوضعية كالحكم بثبوت الزوجية) المتضمن لاباحة الوطي و النظر و اللمس و ما اشبه (او الملكية) المتضمن لاباحة التصرف و الاذن فى التصرف و الاتلاف- فيما لم يكن اسرافا- (او الرقية) المتضمن لاباحة الامر و النهى و التزويج و الاستخدام و ما اشبه (او اضدادها) اى اضداد الزوجية و الملكية و الرقية، كالاجنبية و الاباحة الاصلية و الحرّية، فانها أيضا تشتمل على مباحات.

فالمرأة الاجنبية يحل زواجها بالدوام و بالمتعة، و يحل ان تكون مرضعة، و ان تكون أم زوجة.

و المباح الاصلى يحل الانتفاع به و اقتنائه- فيما لم يكن اسرافا- و استملاكه.

و الانسان الحر يحل استيجاره و الاشتراء منه و البيع له و تزويجه و غير ذلك من الاحكام التكليفية المترتبة على الاحكام مما لا تعدّ و لا تحصى (فهى احكام لا تتغيّر لعنوان) ثانوى (اصلا) فالشرط لا يتمكن من تحريمها كما لا يتمكن من تحليل المحرمات.

ص: 213

فان الانتفاع بالملك فى الجملة و الاستمتاع بالزوجة و النظر الى أمّها و بنتها من المباحات التى لا تقبل التغيّر.

و لذا ذكر فى مثال الصلح المحرم للحلال ان لا ينتفع بماله، او لا يطأ جاريته.

و بعبارة اخرى ترتب آثار الملكيّة على الملك فى الجملة و آثار الزوجيّة على الزوج كذلك من المباحات التى لا تتغيّر عن اباحتها، و ان كان ترتب بعض الآثار قابلا لتغير حكمه الى التحريم كالسكنى فيما لو اشترط اسكان البائع فيه مدة

______________________________

(فان الانتفاع بالملك فى الجملة و الاستمتاع بالزوجة) فى الجملة.

و انما قلنا فى الجملة، لانه يمكن تحريم بعض الانتفاعات و الاستمتاعات بالشرط او سائر العناوين الثانوية (و النظر الى أمّها و بنتها) و استخدام العبد (من المباحات التى لا تقبل التغيير) بالشرط و نحوه.

(و لذا ذكر فى مثال الصلح المحرم للحلال ان لا ينتفع) المصالح (بماله) اصلا (او لا يطأ جاريته) اصلا، لانهما من الحلال الناشئ عن الاحكام الوضعية- اى الملكية و الرقية- فلا يحرم بالشرط.

(و بعبارة اخرى ترتب آثار الملكية على الملك فى الجملة و آثار الزوجية على الزوج كذلك) اى فى الجملة (من المباحات التى لا تتغير عن اباحتها) بالشرط او النذر او ما اشبه من سائر العنوانات الثانوية (و ان كان)- ان: وصلية- (ترتب بعض الآثار) للحكم الوضعى (قابلا لتغير حكمه الى التحريم كالسكنى فيما لو اشترط اسكان البائع فيه مدة)

ص: 214

و اسكان الزوجة فى بلد اشترط ان لا يخرج إليه او وطيها مع اشتراط عدم وطيها اصلا كما هو المنصوص.

و لكن الانصاف انه كلام غير منضبط، فانه كما جاز تغير إباحة بعض الانتفاعات كالوطى فى النكاح، و السكنى فى البيع الى التحريم لاجل الشرط، كذلك يجوز

______________________________

فان حلّية سكنى المشترى الّذي ملك الدار من آثار الحكم الوضعى- للذى له الملك- لكن يمكن نقله الى البائع مؤقتا بالشرط فالحلال يصبح حراما على المشترى (و اسكان الزوجة فى بلد اشترط)- بالمجهول- (ان لا يخرج) الرجل بزوجته (إليه) فهذا كان حلالا، و صار حراما بالشرط (او وطيها) اى وطى الزوجة (مع اشتراط عدم وطيها اصلا) فان الوطي حلال، لكنه اذا اشترط عدم الوطي، حرم الحلال بسبب الشرط (كما هو المنصوص) فى ان للمرأة ان تشترط ان لا يطئها الزوج.

و من هذا كله تبيّن انه لا يصح الشرط المحرم للحلال، اذا كان الحلال ناشئا عن الاحكام الوضعية، و الحلال الناشئ من الاحكام الوضعية كثير جدا، كما لا يصح الشرط المحلل للحرام.

(و لكن الانصاف) ان هذا التخيل غير تام، اذ (انه كلام غير منضبط) فلا ضابطة لما يمكن تحريمه بالشرط و ما لا يمكن تحريمه بالشرط- من المباحات التابعة للاحكام الوضعية- (فانه كما جاز تغير إباحة بعض الانتفاعات كالوطى فى النكاح) المحلل فى نفسه (و السكنى فى البيع) المحلل فى نفسه للمشترى (الى التحريم لاجل الشرط، كذلك يجوز

ص: 215

تغير إباحة سائرها الى الحرمة.

فليس الحكم بعدم تغير إباحة مطلق التصرف فى الملك، و الاستمتاع بالزوجة لاجل الشرط الّا للاجماع او لمجرد الاستبعاد و الثانى غير معتد به، و الاول يوجب ما تقدم من عدم الفائدة فى بيان هذه الضابطة

______________________________

تغير إباحة سائرها) اى سائر الانتفاعات (الى الحرمة) بسبب الشرط، و عليه فالشرط تمكن من ان يحرم الشي ء الّذي كان محللا بسبب الحكم الوضعى.

(ف) ان قلت: نعم الشرط يتمكن من ذلك فى الجملة، لكنه لا يتمكن من تحريم كل إباحة تابعة لحكم وضعى.

قلت: (ليس الحكم بعدم تغير إباحة مطلق التصرف فى الملك، و) مطلق (الاستمتاع بالزوجة لاجل الشرط) «لاجل» متعلق ب «التغير» (الا للاجماع او لمجرد الاستبعاد) و انه كيف يمكن ان يرفع الشرط كل آثار الملك او كلّ آثار الزوجية (و الثانى غير معتقد به، و الاول) و ان كان صحيحا الا انه (يوجب ما تقدم) فى جوابنا عن: ثم انه يشكل الامر (من عدم الفائدة فى بيان هذه الضابطة) و هى قوله عليه السلام «الا شرطا حرّم حلالا».

وجه عدم الفائدة، هو ان الاجماع منع عن هذا الشرط الّذي يقتضي تحريم مطلق التصرف و الاستمتاع، لا ان بطلان الشرط كان لاجل انه محرّم للحلال، بينما ظاهر الرواية ان الشرط المحرم للحلال باطل، لانه محرّم للحلال.

ص: 216

مع ان هذا العنوان- اعنى: تحريم الحلال و تحليل الحرام- انما وقع مستثنى فى ادلة انعقاد اليمين.

و ورد انه لا يمين فى تحليل الحرام و تحريم الحلال، و قد ورد بطلان الحلف على ترك شرب العصير المباح دائما، معللا بانه ليس لك ان تحرم ما احلّ اللّه، و من المعلوم ان إباحة العصير لم يثبت من الاحكام الوضعية، بل هى من الاحكام التكليفية الابتدائية.

______________________________

(مع ان) هناك اشكالا ثانيا على قول المتخيّل، لان المتخيّل قال:

تحريم الحلال عبارة عن تحريم الحلال المستفاد من الحكم الوضعى.

فاشكل المصنف عليه أولا بقوله: لكن الانصاف، و ثانيا: بانا نرى ان الامام عليه السلام استعمل تحريم الحلال فيما كان الحلال حكما تكليفيا فكيف يمكن ان يستعمل هذه الجملة: الا ما حرّم حلالا تارة فى الحلال الوضعى، كما قال المتخيّل و تارة فى الحلال الوضعى، كما فى باب اليمين

فان (هذا العنوان- اعنى: تحريم الحلال و تحليل الحرام- انما وقع مستثنى فى ادلة انعقاد اليمين).

(و) ذلك حيث (ورد انه لا يمين فى تحليل الحرام و تحريم الحلال، و قد ورد) صغرى لتلك الكلية (بطلان الحلف على ترك شرب العصير المباح) فى مقابل العصير المحرم الّذي فيه سكر (دائما) و ان صحّ الحلف على ترك شربه مؤقتا (معللا) البطلان (بانه ليس لك ان تحرم ما احلّ اللّه، و) الحال انه (من المعلوم ان إباحة العصير لم يثبت من الاحكام الوضعية، بل هى) اى إباحة العصير (من الاحكام التكليفية الابتدائية)

ص: 217

و بالجملة فالفرق بين التزوج و التسرّى اللذين ورد عدم جواز اشتراط تركهما، معللا بانه خلاف الكتاب الدال على اباحتهما، و بين ترك الوطي الّذي و رد جواز اشتراطه.

و كذا بين ترك شرب العصير المباح الّذي ورد عدم جواز الحلف عليه معللا بانه من تحريم

______________________________

لا الثانوية التابعة لحكم وضعى فمن مثال الامام (ع) ل «تحريم الحلال» ب «شرب العصير» يعرف ان ليس المراد من تحريم الحلال، الحلال الوضعى و الحال ان المتخيّل قال: ان المراد من الحلال فى الضابطة هو الحلال الوضعى.

(و بالجملة) نقول فى بيان انه لم يفهم المراد من قوله «الا شرطا حرم حلالا»: ان بعض المحللات جعلها الشارع من تحريم الحلال، و بعضها لم يجعله من ذلك فما هو الفرق؟ (فالفرق بين التزوج و التسرّى اللذين)- بصيغة التثنية- (ورد عدم جواز اشتراط تركهما، معللا) عدم الجواز (بانه خلاف الكتاب الدال على اباحتهما، و بين ترك الوطي الّذي ورد جواز اشتراطه) مع انه أيضا ورد الدليل من الكتاب و السنة على جوازه، قال تعالى «وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حٰافِظُونَ إِلّٰا عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ»*.

(و كذا) الفرق (بين ترك شرب العصير المباح) شربه- فى مقابل العصير المسكر الّذي لا يباح شربه- و كذا العصير الّذي لم يذهب ثلثاه (الّذي ورد عدم جواز الحلف عليه، معللا) عدم الجواز (بانه من تحريم

ص: 218

الحلال، و بين ترك بعض المباحات المتفق على جواز الحلف عليه فى غاية الاشكال.

و ربما قيل فى توجيه الرواية، و توضيح معناها ان معنى قوله: الا شرطا حرم حلالا، او احلّ حراما، اما ان يكون الا شرطا حرم وجوب الوفاء به الحلال.

______________________________

الحلال، و بين ترك بعض المباحات) كترك التدخين (المتفق على جواز الحلف عليه) مع ان كليهما مباحان، فاما ان يجوز الحلف على تركهما، او لا يجوز (فى غاية الاشكال).

و ليس الجواب عن وجه ذلك الفرق ان يقال: بان الشارع فرّق، فانه من المعلوم ان الشارع فرق، و انما الكلام فى انه كيف فرق الشارع مع ان كليهما داخل فى تحريم الحلال، او ليس بداخل فى تحريم الحلال

و الحاصل: انا نريد فهم وجه انطباق الكلية على فرد دون فرد حتى نفهم من ذلك الموارد التى هى من تحريم الحلال و الموارد التى ليست من تحريم الحلال.

(و ربما قيل فى توجيه الرواية، و توضيح معناها) و القائل هو النراقى فى عوائده، و المراد بالرواية قوله عليه السلام «الا شرطا حرّم حلالا ... الخ» (ان معنى قوله: الا شرطا حرم حلالا، او احلّ حراما اما ان يكون الا شرطا حرم وجوب الوفاء به الحلال).

فان الانسان الّذي يشترط على نفسه عدم وطى الزوجة صار وطى الزوجة عليه حراما، فوجوب الوفاء بالشرط حرم عليه الحلال.

ص: 219

و اما ان يكون الا شرطا حرم ذلك الشرط الحلال.

و الاول مخالف لظاهر العبارة مع مناقضته لما استشهد به الامام عليه السلام فى رواية منصور بن يونس المتقدمة الدالة على وجوب الوفاء بالتزام عدم الطلاق و التزوج، بل يلزم كون الكل لغوا اذ ينحصر مورد:

______________________________

(و اما ان يكون) المراد به (الا شرطا حرم ذلك الشرط الحلال) بان يصبح الحلال حراما، و هذا يكون حراما قبل وجوب الوفاء.

و الحاصل ان الشرط قد يحرم الحلال بضميمة وجوب الوفاء حتى ان الشارع لو لم يقل ف بشرطك لم يحرم الشرط، و قد يحرم الشرط الحلال بدون ملاحظة وجوب الوفاء حتى يكون الشرط مشرّعا لتحريم الحلال.

(و الاول مخالف لظاهر العبارة) اى عبارة «الا شرطا حرم حلالا او احل حراما» لان تقدير وجوب الوفاء به فى الكلام خلاف الظاهر، بل الظاهر ان نفس الشرط يحرّم (مع مناقضته) اى مناقضة المعنى الاول (لما استشهد به الامام عليه السلام فى رواية منصور بن يونس المتقدمة الدالة على وجوب الوفاء بالتزام عدم الطلاق و) عدم (التزوج).

فالوفاء بهذا الشرط يحرم عليه الطلاق و التزوج، و مع ذلك اجازه الامام فليس المراد من تحريم الحلال ما كان الوفاء به يحرم الحلال (بل يلزم) من إرادة المعنى الاول (كون الكل) اى كل الشروط (لغوا) و لا يلزم الوفاء به، اذ قبل الشرط كان الفعل و الترك مباحا، فالوفاء بالشرط يلزم منه عدم اجتناب الحلال (اذ ينحصر مورد

ص: 220

المسلمون عند شروطهم باشتراط الواجبات و اجتناب المحرمات.

فيبقى الثانى، و هو ظاهر الكلام فيكون معناه الا شرطا حرم ذلك الشرط الحلال، بان يكون المشروط هو حرمة الحلال.

ثم قال: فان قيل اذا شرط عدم فعله فلا يرضى بفعله فيجعله حراما عليه.

______________________________

المسلمون عند شروطهم)- على المعنى الاول- (باشتراط الواجبات و اجتناب المحرمات) فان الوفاء بمثل هذا الشرط لا يلزم منه تحريم الحلال و تحليل الحرام.

(فيبقى) المعنى (الثانى) للرواية الّذي اشرنا إليه بقولنا «حرم ذلك الشرط الحلال» (و هو ظاهر الكلام) اذ ليس فيه تقدير، فالمعنى الاول خلاف الظاهر و يناقض رواية منصور و يوجب اللغوية بخلاف المعنى الثانى (فيكون معناه) على هذا (الا شرطا حرم ذلك الشرط الحلال، بان يكون المشروط هو حرمة الحلال) بان شرط ان يكون شرب الماء حراما، و هذا الشرط باطل، لان الشرط ليس بمشرّع، و لهذا ابطل الامام (ع) بقوله «الا شرطا حرم حلالا».

(ثم قال) النراقى ره (فان قيل) ان المعنى الاول أيضا مشرّع و محرم للحلال، فانه (اذا شرط) المشترط (عدم فعله) اى عدم فعل الحلال (فلا يرضى) المشترط (بفعله) اى بان يفعل ذلك الحلال (فيجعله) اى الفعل (حراما عليه).

فلا فرق بين ان يقول «بشرط ان احرم الماء على نفسى» او يقول

ص: 221

قلنا لا نريد ان معنى الحرمة طلب الترك من المشترط، بل جعله حراما ذاتيا اى مطلوب الترك شرعا.

و لا شك ان شرط عدم فعل، بل نهى شخص عن فعل، لا يجعله حراما شرعيا.

ثم قال: فان قيل: الشرط من حيث هو مع قطع النظر عن ايجاب

______________________________

«بشرط ان لا اشرب الماء» اذ «لا اشرب» معناه «احرم» أيضا، فلما ذا قلتم بالفرق بين المعنيين، و ان المراد بالرواية المعنى الثانى دون المعنى الاول.

(قلنا) هنا فرق بين المعنيين، فاننا (لا نريد ان معنى الحرمة) فى المعنى الثانى (طلب الترك من المشترط) حتى يكون كلا المعنيين بالنتيجة طلب الترك، فلا يكون فرق بينهما (بل) مرادنا من المعنى الثانى (جعله) اى الفعل (حراما ذاتيا) كسائر المحرمات الشرعية، مثل الزنا و شرب الخمر (اى مطلوب الترك شرعا)

(و) اما المعنى الاول فليس كذلك، اذ (لا شك ان شرط عدم فعل بل نهى شخص عن فعل، لا يجعله حراما شرعيا).

و الحاصل: ان المراد بالرواية النهى عن شرط يكون هكذا «بشرط ان احرّم على نفسى شرب الماء) اما الشرط الّذي يكون هكذا «بشرط ان لا اشرب الماء» فليس فيه محذور.

(ثم قال) النراقى (فان قيل: الشرط من حيث هو) شرط صادر من المشترط (مع قطع النظر عن ايجاب

ص: 222

الشارع الوفاء لا يوجب تحليلا و تحريما شرعا، فلا يحرم و لا يحلل.

قلنا: ان اريد انه لا يوجب تحليلا و لا تحريما شرعيا بحكم الشرط فهو ليس كذلك بل حكم الشرط ذلك، و هذا معنى تحريم الشرط و تحليله.

و على هذا فلا اجمال فى الحديث، و لا تخصيص فى ذلك

______________________________

الشارع الوفاء) به (لا يوجب تحليلا و تحريما شرعا، فلا يحرم و لا يحلل) فكيف قلتم ان المراد بالرواية «تحريم الشرط» فالصحيح هو المعنى الاول، فالمراد وجوب الوفاء بالشرط يوجب التحريم لا ان الشرط بذاته يوجب التحريم.

(قلنا: ان اريد انه) اى الشرط (لا يوجب تحليلا و لا تحريما شرعيا بحكم الشرط) اى ان الشرط لا يوجب الحكم الشرعى بالحرمة (فهو) اى الشرط (ليس كذلك) اى ليس «لا يوجب تحليلا و تحريما» (بل) الشرط يوجب تحليلا و تحريما، ف (حكم الشرط ذلك) اى التحليل و التحريم (و هذا معنى تحريم الشرط و تحليله) الّذي نهى عنه الامام عليه السلام بقوله «الا شرطا حرم حلالا او احلّ حراما» و ان اريد ان الشرط لا يوجب تحليلا و لا تحريما بذاته اى مع قطع النظر عن الشرع فهو كذلك، لكنا لم ندعه حتى يستشكل علينا «بان قيل» بل ادعينا ان الشرط يوجب تحليلا و تحريما بحكم الشارع، و قلنا ان المراد بالرواية «النهى عن ان يحرم على نفسه بان يجعل المشروط محرما شرعيا ذاتيا».

(و على هذا) المعنى الّذي ذكرناه من ان المراد جعل المشروط حراما ذاتيا (فلا اجمال فى الحديث، و لا تخصيص فى ذلك).

ص: 223

كالنذر و العهد و اليمين، فان من نذر ان لا يأكل المال المشتبه ينعقد و لو نذر ان يكون المال المشتبه حراما عليه شرعا او يحرم ذلك على نفسه شرعا لم ينعقد، انتهى.

اقول لا افهم معنى محصلا لاشتراط حرمة الشي ء او حليته شرعا، فان هذا امر

______________________________

كان يقال ان كل شرط محرم للحلال غير صحيح، الا شرط ان لا يطأ زوجته، فانه شرط صحيح- لورود النص الخاص بجواز هذا الشرط- (كالنذر و العهد و اليمين) فان حال الثلاثة أيضا حال الشرط فى انها لا يمكن ان تحرّم الحلال (فان من نذر ان لا يأكل المال المشتبه ينعقد) نذره لانه لم يجعل المال المشتبه حراما ذاتيا، بل نذر ان يتركه (و لو نذر ان يكون المال المشتبه حراما عليه شرعا) من قبيل الزنا و الخمر (او) نذر ان (يحرم ذلك على نفسه شرعا لم ينعقد) نذره (انتهى) كلام النراقى

و الفرق بين «ان يكون» و بين «او يحرم» ان الاول من قبيل نذر الغاية، و الثانى من قبيل نذر الفعل.

نظير الفرق بين نذر كون داره ملكا لزيد، و بين نذر ان يملك داره لزيد، و كذلك قد ينذر ان تكون زوجته طالق، و هذا باطل، و قد ينذر ان يطلق زوجته و هذا صحيح.

(اقول لا افهم معنى محصلا)- و ان امكن ان يتلفظ به المشترط- (لاشتراط حرمة الشي ء او حلّيته شرعا) بان يقول المشترط ان الشي ء الفلانى حرام شرعا- بينما قد حلّله الشارع- (فان هذا) الجعل (امر

ص: 224

غير مقدور للمشترط، و لا يدخل تحت الجعل فهو داخل فى غير المقدور و لا معنى لاستثنائه عما يجب الوفاء به، لان هذا لا يمكن عقلا الوفاء به، اذ ليس فعلا خصوصا للمشترط.

و كذلك الكلام فى النذر و شبهه.

و العجب منه قدس سره حيث لاحظ ظهور الكلام فى كون

______________________________

غير مقدور للمشترط، و لا يدخل تحت الجعل) اى جعل المشترط (فهو داخل فى غير المقدور) فان شرطه كان باطلا، لانه غير مقدور للمشترط، و قد تقدم اشتراط ان يكون الشرط مقدورا (و لا معنى لاستثنائه) اى استثناء جعل الشي ء حراما و حلالا شرعا (عما يجب الوفاء به) بان يقول الشارع: المؤمنون عند شروطهم الا ما حرم حلالا بهذا المعنى (لان هذا) اى التحريم و التحليل (لا يمكن عقلا الوفاء به) «عقلا» قيد ل «الوفاء به» (اذ ليس فعلا) و عملا (خصوصا للمشترط).

و من المعلوم: ان الاستثناء يلزم ان يكون معقولا، مثلا: لا يصح ان يقال يجوز كل شرط الا شرط خلق الانسان، اذ المستثنى يلزم ان يكون من جنس المستثنى منه، و المستثنى منه يلزم ان يكون مقدورا.

(و كذلك الكلام فى النذر و شبهه) فانه لا يتعلق النذر بغير المقدور فقول النراقى اخيرا «كالنذر و العهد و اليمين» فيه اشكال.

(و العجب منه قدس سره) اى من النراقى ره (حيث لاحظ ظهور الكلام) اى قوله عليه السلام «الا شرطا حرم حلالا او حلل حراما» (فى كون

ص: 225

المحرم و المحلل نفس الشرط و لم يلاحظ كون الاستثناء من الافعال التى يعقل الوفاء بالتزامها.

و حرمة الشي ء شرعا لا يعقل فيها الوفاء و النقض.

و قد مثل جماعة للصلح المحلّل للحرام بالصلح على شرب الخمر، و للمحرم للحلال بالصلح على ان لا يطأ جاريته و لا ينتفع بماله.

و كيف كان فالظاهر بل المتعين

______________________________

المحرم و المحلل) بالكسر (نفس الشرط) اى لاحظ هذه الدقة (و لم يلاحظ كون الاستثناء) لا بدّ و ان يكون (من الافعال التى يعقل الوفاء بالتزامها) لانه اذا لم يعقل الوفاء بها، لم يكن معنى لاستثناء الشارع لها، اذ النهى انما يتعلق بالمقدور.

(و) من المعلوم ان (حرمة الشي ء شرعا لا يعقل فيها الوفاء و النقض) فان الشارع ان حرّم ذلك الشي ء فذاك حرام، و ان لم يحرمه فليس بحرام و كلا هما ليسا بيد المشترط، حتى يفى بالتحريم او ينقض التحريم.

(و) مما يدل على ان المراد بتحليل الحرام و تحريم الحلال هو العمل للانسان، لا التشريع الّذي ليس الا بيد الله تعالى، ف (قد مثل جماعة للصلح المحلّل للحرام بالصلح على شرب الخمر، و للمحرم للحلال بالصلح على ان لا يطأ جاريته و لا ينتفع بماله) و لم يمثلوا بان يصالح على ان تكون الخمر حلالا او ان تكون جاريته عليه حراما.

(و كيف كان) الامر فى تمثيلهم للصلح و وطى الجارية (فالظاهر) من الانصراف العرفى عند القاء عبارة الرواية عليهم (بل المتعين) لان ما

ص: 226

ان المراد بالتحليل و التحريم المستندين الى الشرط، هو الترخيص و المنع

نعم المراد بالحلال و الحرام ما كان كذلك بحيث لا يتغير موضوعه بالشرط، لا ما كان حلالا لو خلّى و طبعه، بحيث لا ينافى عروض عنوان التحريم له لاجل الشرط.

و قد ذكرنا ان المعيار فى ذلك

______________________________

عداه لا يصدر من الشارع الحكيم (ان المراد بالتحليل المستندين الى الشرط، هو الترخيص) فى التحليل (و المنع) فى التحريم، اى لا يشترط شرب الخمر او منع وطى الجارية.

(نعم المراد بالحلال و الحرام ما كان كذلك) اى حلالا مطلقا و حراما مطلقا (بحيث لا يتغير موضوعه بالشرط)- كما ذكرنا سابقا-.

فالحلال الّذي لا يصح تحريمه بالشرط، و الحرام الّذي لا يصح تحليله بالشرط، هو الحلال و الحرام على كل تقدير- اى هو حلال و ان لحقه الشرط، و هو حرام و ان لحقه الشرط- (لا ما كان حلالا لو خلّى و طبعه بحيث لا ينافى) حلّيته (عروض عنوان التحريم له) اى ذلك الحلال (لاجل الشرط) «لاجل» متعلق ب «عروض» لا ما كان حراما لو خلّى و طبعه بحيث لا ينافى حرمته عروض عنوان التحليل له لاجل الشرط.

فالحلال على كل تقدير مثل التزويج- كما فى الرواية- و الحرام على كل تقدير مثل شرب الخمر، و الحلال لو خلّى و طبعه مثل وطى الزوجة و الحرام لو خلّى و طبعه، مثل مخالفة الزوجة للزوج فى السكنى.

(و قد ذكرنا ان المعيار فى ذلك) اى فى انه حلال و حرام على كل

ص: 227

وقوع التعارض بين دليل حلّية ذلك الشي ء او حرمته و بين وجوب الوفاء بالشرط و عدم وقوعه.

ففى الاول يكون الشرط- على تقدير صحته- مغيرا للحكم الشرعى و فى الثانى يكون مغيرا لموضوعه

______________________________

تقدير، او حرام و حلال لو خلّى و طبعه، و انما نحتاج الى فهم المعيار لنرى هل ان الشرط يقدم على الحكم، او ان الحكم يقدّم على الشرط؟

فالمعيار (وقوع التعارض بين دليل حلّية ذلك الشي ء او حرمته و بين وجوب الوفاء بالشرط) مثلا يقع التعارض بين «إِلّٰا عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ»* و «إِنَّمَا الْخَمْرُ .. رِجْسٌ» و بين «المؤمنون عند شروطهم» اذا شرط عدم التزويج او شرب الخمر (و عدم وقوعه) عطف على «وقوع التعارض» اى هل يقع التعارض او لا يقع؟

مثلا: لا يقع التعارض بين «الماء حلال» و «الزوجة لا تخالف الزوج فى السكنى» و بين «المؤمنون عند شروطهم».

(ففى الاول) الّذي يقع التعارض (يكون الشرط- على تقدير صحته-).

و انما قلنا «على تقدير» لان بنائنا ان الشرط ليس بصحيح، فان الشرط لا يتمكن من إباحة الخمر- مثلا- (مغيرا للحكم الشرعى) الّذي قال: الخمر حرام لكن الشارع لم يصحح هذا الشرط، لانه قال «الا شرطا حلل حراما».

(و فى الثانى) الّذي لا يقع التعارض (يكون) الشرط (مغيرا لموضوعه)

ص: 228

فحاصل المراد بهذا الاستثناء فى حديثى الصلح و الشرط انهما لا يغيّر ان حكما شرعيّا، بحيث يرفع اليد عن ذلك الحكم، لاجل الوفاء بالصلح و الشرط، كالنذر و شبهه.

و اما تغييرهما لموضوع الاحكام الشرعية ففى غاية الكثرة، بل هما

______________________________

اذ موضوع الحلّية فى «الماء حلال» هو «الماء لو خلّى و طبعه» فاذا شرط عدم شربه تغير الموضوع، لان قيد «لو خلّى و طبعه» قد زال و موضوع الحرمة فى «يحرم على الزوجة مخالفة الزوج فى السكنى» هو «يحرم .. لو خلى و طبعه» فاذا شرط اسكانها فى بلد كذا، تغيّر الموضوع، لان قيد «لو خلى و طبعه» قد زال (فحاصل المراد بهذا الاستثناء فى حديثى الصلح و الشرط) الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا احل حراما او حرم حلالا، و المؤمنون عند شروطهم الا شرطا حلل حراما او حرم حلالا (انهما) اى الصلح و الشرط (لا يغيّر ان حكما شرعيا بحيث يرفع اليد عن ذلك الحكم، لاجل الوفاء بالصلح و الشرط) فلا يحللان حكم الخمر و لا حكم التزويج (كالنذر و شبهه) فانهما لا يغير ان حكما شرعيا، فاذا نذر شرب الخمر او ترك التزويج، لم يحل الاول و لم يحرم الثانى.

(و اما تغييرهما) اى الصلح و الشرط، و كذلك النذر و اخويه (لموضوع الاحكام الشرعية) فيما اذا كان الحكم مرتبا على الموضوع- لو خلى و طبعه- فاذا جاء النذر و الشرط و الصلح خرج الموضوع عن كونه لو خلّى و طبعه (ففى غاية الكثرة، بل هما) اى الصلح و الشرط

ص: 229

موضوعان لذلك.

و قد ذكرنا ان الاشكال فى كثير من الموارد فى تميّز احد القسمين من الاحكام عن الآخر.

و مما ذكرنا يظهر النظر فى تفسير آخر لهذا الاستثناء يقرب من هذا التفسير الّذي تكلمنا عليه ذكره المحقق القمّى صاحب القوانين فى رسالته التى الّفها فى هذه المسألة

______________________________

(موضوعان لذلك) اى تفسير الموضوعات، فاذا تغير الموضوع تغير الحكم طبعا.

(و قد) عرفت فيما سبق ما (ذكرنا) من (ان الاشكال فى كثير من الموارد فى تميّز احد القسمين من الاحكام عن) القسم (الآخر) و هل انه رتب على الموضوع- على كل تقدير- او على الموضوع لو خلى و طبعه

كما انك قد عرفت أيضا ان فى مورد الشك يرجع الى عموم: المؤمنون عند شروطهم، لاصالة عدم كون الحكم على كل تقدير.

(و مما ذكرنا) فى الاشكال على تفسير النراقى ره للاستثناء الّذي وقع فى قوله عليه السلام «الا ما حرم حلالا او احل حراما» (يظهر النظر فى تفسير آخر لهذا الاستثناء يقرب من هذا التفسير الّذي تكلمنا عليه) اى يقرب من تفسير النراقى ما (ذكره المحقق القمى صاحب القوانين فى رسالته التى الّفها فى هذه المسألة) و هى مسئلة معنى تحليل الحرام و تحريم الحلال.

و عليه فللحديث ثلاثة تفاسير.

ص: 230

..........

______________________________

التفسير الاول للشيخ المصنف ره و هو ان كل حكم علم من الشرع ان يريده مطلقا لا يمكن تغيره بالشرط، سواء كان ذلك الحكم حلالا او حراما فالحلال المطلق و الحرام المطلق لا يمكن تغيّره بالشرط، و كل حكم علم من الشرع ان الشارع يريده لو خلّى و طبعه، امكن تغيّره بالشرط، و كل حكم لم يعلم انه من قبيل الاول او الثانى فهو كالثانى فى انه يمكن تغييره بالشرط.

ثم ان حال النذر و العهد و امر الوالدين و الزوج، حال الشرط أيضا

التفسير الثانى للنراقى، و هو ان الشرط لا يتمكن ان يجعل الحرام حلالا او الحلال حراما، بمعنى ان يكون مشرعا، لكنه يتمكن ان يمنع المشروط عليه من اتيان الفعل، او من ترك الفعل، فقد يقول المشترط:

احرم على المشروط عليه الطلاق، و قد يقول: بشرط ان لا يطلق زوجته

و اشكل الشيخ عليه بان: تحريم الحلال و تحليل الحرام غير مقدور للمكلف، لانه بيد الشارع، فاللازم ان يدخل ذلك فى كون الشرط مقدورا لا فى كونه لا يحلل الحرام و لا يحرم الحلال.

التفسير الثالث: للمحقق القمى، و حاصله ان الشرط لا يتمكن من المنع المطلق لجميع افراد كلّى حلال، او الاباحة المطلقة لجميع افراد كلّى محرّم.

اما المنع عن بعض الافراد و الاباحة لبعض الافراد، فلا بأس به فاذا شرط ان لا يتزوج ابدا، فهو شرط باطل.

اما اذا شرط ان لا يتزوج بهذه المرأة الخاصة فهو شرط صحيح، و المصنف يرى ان الاشكال الّذي ورد على النراقى وارد عليه أيضا، اذ لو

ص: 231

فانه بعد ما ذكر من امثلة الشرط غير الجائز فى نفسه- مع قطع النظر عن اشتراطه و التزامه- شرب الخمر و الزنا و نحوهما من المحرمات و من امثلة ما يكون التزامه و الاستمرار عليه من المحرمات فعل المرجوحات و ترك المباحات، و فعل المستحبات كان يشترط تقليم الاظفار بالسنّ ابدا و

______________________________

كان الكلى الّذي يريد الشرط تغييره حكما للشي ء لو خلى و طبعه امكن للشرط تغييره، و لو كان الكلى حكما للشي ء بصورة مطلقة، لم يتمكن الشرط تغييره، و كذا الجزئى فان كان الحكم للجزئى لو خلّى و طبعه تمكّن الشرط من تغييره، و ان كان الحكم للجزئى على كل تقدير، لم يتمكن الشرط من تغييره.

و من ذلك تعرف ان الاشكال على المحقق القمى نفس الاشكال على النراقى رحمهما الله (فانه) اى القمى (بعد ما ذكر من امثلة الشرط غير الجائز فى نفسه- مع قطع النظر عن اشتراطه و التزامه-) اى ان المحرم هو «المستلزم» مع قطع النظر عن «الالتزام» فانك قد عرفت فى كلام المصنف ان الحرام قد يكون «الملتزم» و قد يكون «الالتزام» (شرب الخمر و الزنا و نحوهما من المحرمات) «شرب» مفعول «ذكر» (و) بعد ما ذكر (من امثلة ما يكون التزامه و الاستمرار عليه من المحرمات) ف «الالتزام» حرام لا «الملتزم» (فعل المرجوحات و ترك المباحات و فعل المستحبات) «فعل» و «ترك» مفعولان «لذكر».

و ينبغى اضافة «فعل المباحات» لان ما ذكره القمى من العلة آت فيه أيضا (كان يشترط تقليم الاظفار بالسنّ ابدا) فانه مكروه فى نفسه (و

ص: 232

ان لا يلبس الخزّ ابدا، و لا يترك النوافل فان جعل المكروه او المستحب واجبا، و جعل المباح حراما حرام الا برخصة شرعية حاصلة من الاسباب الشرعية، كالنذر و شبهه فيما ينعقد فيه و يستفاد ذلك من كلام عليّ عليه السلام فى رواية اسحاق بن عمار، من اشترط لامرأته شرطا فليف لها به، فان المسلمين عند شروطهم الا

______________________________

ان لا يلبس الخزّ ابدا) فان لبس الخزّ مباح (و لا يترك النوافل) فان النافلة مستحبة.

و انما لا يصح هذا النوع من الشرط (فان جعل المكروه او المستحب واجبا، و جعل المباح حراما) بل جعل الاحكام الثلاثة واجبا او حراما (حرام) خبر «ان» (الا برخصة شرعية حاصلة من الاسباب الشرعية، كالنذر و شبهه فيما ينعقد فيه) النذر، لان النذر لا ينعقد الا فى الامر الراجح.

و لا يخفى انه على ما ذكره القمّى ره لا فرق بين النذر و الشرط فى ان كلا منهما لا يتمكن من تغيير الحكم الكلّى، و فى ان كلا منهما يتمكن من تغيير الحكم الكلّى، و فى ان كلا منهما يتمكن من تغيير الجزئيّات و يضاف فى النذر لزوم ان يكون متعلقه راجحا بخلاف الشرط، فتأمل.

قال المحقق ره: (و يستفاد ذلك) الّذي ذكرنا من ان «الالتزام» فى هذه الموارد حرام (من كلام على عليه السلام فى رواية اسحاق بن عمار، من اشتراط لامرأته شرطا فليف لها به، فان المسلمين عند شروطهم، الا

ص: 233

شرطا حرّم حلالا او احل حراما، قال قدس سره.

فان قلت: ان الشرط كالنذر و شبهه من الاسباب الشرعية المغيرة للحكم بل الغالب فيه هو ايجاب ما ليس بواجب فان بيع الرجل ماله، او هبته لغيره مباح.

و اما لو اشترط فى ضمن عقد آخر يصير واجبا فما وجه تخصيص الشرط بغير ما ذكرته من الامثلة؟.

______________________________

شرطا حرّم حلالا او احل حراما) فان الشرط فى ان لا يفعل المباح تحريم للحلال (قال قدس سره) «قال» خبر «فانّه» الّذي ذكر قبل اسطر.

(فان قلت: ان الشرط كالنذر و شبهه من الاسباب الشرعية المغيرة للحكم) فكما ان النذر يغيّر المباح الى الواجب، كذلك الشرط (بل الغالب فيه) اى فى الشرط (هو ايجاب ما ليس بواجب).

و انما قال «الغالب» لانه يصح ان بتعلق الشرط بالواجب، كان يشترط على المشترى ان يصلى مثلا (فان بيع الرجل ماله، او هبته لغيره مباح) فى نفسه.

(و اما لو اشترط فى ضمن عقد آخر) مقابل ان يشترط ذلك فى نفس عقد الهبة مثلا، فانه لا يوجب- كما لا يخفى- (يصير) البيع و الهبة (واجبا) فقد غيّر الشرط الحكم الاول، اى غيّر الاباحة الى الوجوب- (فما وجه تخصيص الشرط) الصحيح (بغير ما ذكرته من الامثلة؟) اى «تقليم الاظفار ... الخ».

و الحاصل: انه لا فرق بين شرط البيع و الهبة، و بين شرط التقليم

ص: 234

قلت: الظاهر من تحليل الحرام و تحريم الحلال هو تأسيس القاعدة و هو تعلق الحكم بالحلّ او الحرمة ببعض الافعال على سبيل العموم من دون النظر الى خصوصية فرد، فتحريم الخمر معناه: منع المكلف عن شرب جميع ما يصدق عليه هذا الكلّى، و كذا حلية المبيع

______________________________

و ترك النافلة فما هو الفارق الّذي اوجب ان يصح الشرط الاول و لا يصح الشرط الثانى، مع ان كلا من البيع و التقليم مباح فى نفسه مع كراهة او بلا كراهة.

(قلت: الظاهر من تحليل الحرام و تحريم الحلال هو تأسيس) المشترط (القاعدة) الكلية (و هو) اى تأسيس القاعدة انما يكون ب (تعلق الحكم بالحلّ او الحرمة ببعض الافعال على سبيل العموم) اى ان يحرم المشترط او يحلّ فعلا من الافعال على سبيل الكلية، لا ان يحرم او يحلل فردا جزئيا من ذلك الفعل.

مثلا قد يحرم على نفسه نكاح أية امرأة، و هذا هو تأسيس القاعدة و قد يحرم على نفسه نكاح هند مثلا و هذا لا بأس به، فالشرط المحرم للحلال و المحلل للحرام هو ما كان معلقا بالكلّية (من دون النظر الى خصوصية فرد) بان لا يشترط تحريم فرد- فانه لا بأس به-.

و ذلك يظهر بمثال ما ذكره بقوله: (فتحريم الخمر) التى حرمها الشارع (معناه: منع المكلّف عن شرب جميع ما يصدق عليه هذا الكلى) الّذي هو الخمر (و كذا حلّية المبيع) معناه إباحة كلى البيع للمكلف بحيث يحق له ان يزاول اىّ فرد منه.

ص: 235

فالتزوج و التسرى امر كلى حلال، و التزام تركه مستلزم لتحريمه.

و كذلك جميع احكام الشرع من التكليفية و الوضعيّة و غيرها انما يتعلق بالجزئيات باعتبار تحقق الكلى فيها.

فالمراد من تحليل الحرام، و تحريم الحلال المنهى عنه: هو ان يحدث المشترط قاعدة كلية، و يبدع حكما جديدا.

______________________________

اذا عرفت المثال نقول: (فالتزوج و التسرّى امر كلى حلال، و التزام) الشارط (تركه مستلزم لتحريمه) و هذا غير جائز.

نعم اذا شرط عدم التسرّى بجارية خاصة، او فى وقت خاص لم يكن بذلك بأس.

(و كذلك جميع احكام الشرع من التكليفية) كترك النافلة (و الوضعيّة و غيرها) كترك التزوج مطلقا (انما يتعلق بالجزئيّات باعتبار تحقق الكلى فيها)

فنكاح هند حلال باعتبار ان كلى النكاح حلال، و نكاح هند فرد من ذلك الكلى.

و كذلك صلاة زيد واجبة باعتبار انها فرد من كلى الصلاة، و صلاة زيد فرد من ذلك الكلى و هكذا.

(فالمراد من تحليل الحرام، و تحريم الحلال المنهى عنه) فى رواية:

المؤمنون عند شروطهم (هو ان يحدث المشترط قاعدة كلّية، و يبدع حكما جديدا) كتحريم نكاح مطلق النساء، او وجوب الاتيان بكل نافلة.

فان الاول تحريم للحلال و الثانى ايجاب للمستحب.

و قد اراد الشارع حلّية الاول و استحباب الثانى، فما فعله المشترط

ص: 236

و قد اجيز فى الشرع البناء على الشروط الّا شرطا اوجب ابداع حكم كلى جديد، مثل تحريم التزوج و التسرّى و ان كان بالنسبة الى نفسه فقط.

و قد قال الله تعالى: فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ، و كجعل الخيرة فى الجماع و الطلاق بيد المرأة و قد قال الله تعالى: الرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَى النِّسٰاءِ.

و فيما لو اشترطت عليه ان لا تتزوج او لا تتسرى بفلانة خاصة اشكال

______________________________

بدعة.

(و قد اجيز فى الشرع البناء على الشروط) الجزئية، مثل ترك تزويج فلانة، او الاتيان فى هذا اليوم بالنافلة (الّا شرطا اوجب ابداع حكم كلى جديد، مثل تحريم التزوج و التسرّى) مطلقا باية امرأة و أية جارية (و ان كان) التحريم (بالنسبة الى نفسه فقط) فانه أيضا كلى، و ان كان كلى التحريم بالنسبة الى كل واحد كلى اوسع من الكلية السابقة.

(و) كيف يحرم على نفسه مطلق التزوج و التسرّى، و الحال انه (قد قال الله تعالى: فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ) و قال سبحانه «أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ»* (و كجعل الخيرة فى الجماع و الطلاق بيد المرأة) فانه لا يصح كيف (و قد قال الله تعالى: الرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَى النِّسٰاءِ) و مقتضى القيمومة: ان يكون الامر بيده لا بيدها.

(و) اما (فيما لو اشترطت عليه ان لا تتزوج او لا تتسرى) انت ايها الرجل (بفلانة خاصة اشكال) من انه جزئى، فلا بأس.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 14، ص: 238

ص: 237

فما ذكر فى السؤال من وجوب البيع الخاص الّذي يشترطانه فى ضمن عقد ليس مما يوجب احداث حكم للبيع، و لا تبديل حلال الشارع و حرامه.

كذا لو شرط نقص الجماع عن الواجب، الى ان قال: قدس سره:

و بالجملة اللزوم الحاصل من الشرط لما يشترطانه من الشروط الجائزة ليس من باب تحليل حرام، او تحريم حلال، او ايجاب جائز على سبيل القاعدة

______________________________

و من ان عدم التزوج بفلانة أيضا له شائبة الكلية بالنسبة الى مختلف الازمنة و الخصوصيات، ففيه بأس.

نعم اذا شرطت ان لا يتزوج بها فى يوم كذا و ما اشبه فلا اشكال فيه (فما ذكر فى السؤال) ب «ان قلت ان الشرط ... الخ» (من وجوب البيع الخاص) وجوبه بالشرط (الّذي يشترطانه) اى يشترط ذلك البيع البائع و المشترى (فى ضمن عقد) بيع او اجارة او ما اشبه (ليس) ذلك الوجوب (مما يوجب احداث حكم للبيع) مقابل حكم الشارع (و لا) يوجب أيضا (تبديل حلال الشارع و حرامه) حتى يشمله: الا ما حرم حلالا او احل حراما

(و كذا لو شرط نقص الجماع عن الواجب) بان يطأها كل ستة اشهر بدل كل أربعة اشهر، فان ذلك لا يوجب تبديل حكم الشارع (الى ان قال) المحقق القمى (قدس سره: و بالجملة اللزوم الحاصل من الشرط لما يشترطانه من الشروط الجائزة) «من» بيان «لما» (ليس من باب تحليل حرام، او تحريم حلال، او ايجاب جائز) بحيث يكون (على سبيل القاعدة) و الكلية، فيشمله قوله عليه السلام: الا شرطا حرم حلالا او احل حراما

ص: 238

بل الّذي يحصل من ملاحظة جميع موارده حكم كلى هو وجوب العمل على ما يشترطانه و هذا الحكم أيضا من جعل الشارع.

فقولنا: العمل على مقتضى الشرط الجائز واجب، حكم كلى شرعى، و حصوله ليس من جانب شرطنا حتى يكون من باب تحليل الحرام، و عكسه بل انما هو صادر من الشارع، انتهى كلامه رفع مقامه

و للنظر فى مواضع من كلامه مجال، فافهم

______________________________

(بل الّذي يحصل من ملاحظة جميع موارده حكم كلى) «حكم» فاعل «يحصل» (هو) خبر «الّذي» (وجوب العمل على ما يشترطانه).

فان المستفاد من الادلة المختلفة و الموارد الجزئية الواردة فى الشريعة: انه يلزم العمل بما يشترطه الطرفان المتعاقدان اذا لم يكن على سبيل القاعدة (و هذا الحكم) اى حكم وجوب العمل بالشرط (أيضا من جعل الشارع) فليس هو فى مقابل حكم الشارع و فى مقابل جعله.

(فقولنا: العمل على مقتضى الشرط الجائز واجب، حكم كلى شرعى) لان الشارع قال بوجوبه (و حصوله) اى حصول هذا الوجوب (ليس من جانب شرطنا) حتى يقال: ان شرطكم اوجب ما ليس بواجب فى الشرع (حتى يكون من باب تحليل الحرام، و عكسه) و هو تحريم الحلال (بل انما هو) وجوب العمل بالشرط (صادر من الشارع، انتهى كلامه رفع مقامه) اى كلام المحقق القمى.

(و للنظر فى مواضع من كلامه مجال، فافهم) حيث انه فرق بين النذر و بين الشرط، مع انهما من باب واحد، و انه جعل تحريم الحلال و

ص: 239

و اللّه العالم.

الشرط الخامس: ان لا يكون منافيا لمقتضى العقد،

و الا لم يصح لوجهين.

احدهما وقوع التنافى فى العقد المقيد بهذا الشرط بين مقتضاه الّذي لا يتخلف عنه، و بين الشرط

______________________________

تحليل الحرام خاصا بما اذا كان المتعلق كليا، مع انه مطلق فى الرواية و جعل تعلق الشرط بالكلّي بدعة، مع انه داخل فى: المؤمنون عند شروطهم، الى غير ذلك (و الله العالم) بحقائق الاحكام.

(الشرط الخامس) من شروط صحة الشرط (ان لا يكون) الشرط (منافيا لمقتضى العقد) منافاة تباين، او عموم مطلق، او عموم من وجه.

فالاول: مثل ان ينكحها بشرط ان تبقى اجنبية.

و الثانى: مثل ان ينكحها بشرط ان تكون فى بعض الايام اجنبية.

و الثالث: ان ينكحها متعة سنة، بشرط ان تكون من ستة اشهر الى بعد سنة كاملة اجنبية.

فانهما يجتمعان فى الستة الاشهر المتوسطة، و يفترق النكاح فى الستة الاشهر الاولى، و يفترق الشرط فى الستة الاشهر الاخيرة (و الا) اى ان شرط ما ينافى العقد (لم يصح) الشرط (لوجهين).

(احدهما وقوع التنافى فى العقد المقيد بهذا الشرط بين مقتضاه) اى مقتضى العقد (الّذي لا يتخلف) ذلك المقتضى (عنه) اى عن العقد، فان مقتضى العقد الزوجية و هى لا تتخلّف عن عقد النكاح (و بين الشرط

ص: 240

الملزم لعدم تحققه، فيستحيل الوفاء بهذا العقد مع تقيّده بهذا الشرط فلا بدّ اما ان يحكم بتساقط كليهما، و اما ان يقدم جانب العقد، لانه المتبوع المقصود بالذات، و الشرط تابع.

و على كل تقدير لا يصح الشرط.

الثانى: ان الشرط المنافى مخالف للكتاب و السنة الدالين على عدم تخلف العقد عن مقتضاه،

______________________________

الملزم)- بصيغة المفعول- (لعدم تحققه) اى عدم تحقق المقتضى (فيستحيل الوفاء بهذا العقد مع تقيده بهذا الشرط) لانه من الجمع بين المتنافيين (فلا بدّ) له اذا شرط هذا الشرط (اما ان يحكم بتساقط كليهما) فيبطل العقد و الشرط معا (و اما ان يقدم جانب العقد، لانه المتبوع المقصود بالذات، و الشرط تابع) و مقصود بالعرض فيسقط الشرط.

(و على كل تقدير) سواء سقط كلاهما، او سقط الشرط ف (لا يصح الشرط) و هذا هو المطلوب.

(الثانى: ان الشرط المنافى) لمقتضى العقد (مخالف للكتاب و السنة الدالّين على عدم تخلف العقد عن مقتضاه) اذ الشريعة دلّت على ان العقد الفلانى مقتضاه كذا، فاذا شرطنا عدم ذلك المقتضى، فقد خالفنا الشريعة.

لكن الظاهر ان مثل هذه المخالفة اذا لم تكن تشريعا لم تكن حراما فلم يفعل المشترط الحرام، و انما بطل شرطه فقط، و ابطل العقد أيضا، ان

ص: 241

فاشتراط تخلفه عنه مخالف للكتاب.

و لذا ذكر فى التذكرة: ان اشتراط عدم بيع المبيع، مناف لمقتضى ملكيته، فيخالف قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: الناس مسلطون على اموالهم.

و دعوى ان العقد انما يقتضي ذلك مع عدم اشتراط عدمه فيه لا مطلقا خروج عن محل الكلام، اذ الكلام فى

______________________________

قلنا بان الشرط الفاسد مفسد (فاشتراط تخلفه) اى العقد (عنه) اى عن مقتضاه (مخالف للكتاب) و السنة.

(و لذا) الّذي انه مخالف للشريعة (ذكر فى التذكرة: ان اشتراط) البائع على المشترى (عدم بيع المبيع، مناف لمقتضى ملكيته) لان مقتضى الملك ان يكون للمشترى السلطة على كل تصرف (فيخالف) هذا الشرط (قوله صلى الله عليه و آله و سلم: الناس مسلطون على اموالهم).

لكن لا يخفى ما فى الصغرى، اذ اقتضاء العقد جواز البيع، و هو مقتضى اطلاقه لا مقتضى ماهيته.

(و) ان قلت: ان العقد لا يقتضي شيئا الا بسبب اطلاقه، فاذا شرط عدم ذلك الشي ء كان الشرط منافيا للاطلاق لا للماهية.

قلت: (دعوى ان العقد انما يقتضي ذلك) المقتضى- بالفتح- (مع عدم اشتراط عدمه) اى اشتراط عدم ذلك المقتضى- بالفتح- (فيه) اى فى العقد (لا) ان العقد يقتضي ذلك (مطلقا) سواء اشتراط عدمه، أم لم يشترط (خروج عن محل الكلام) الّذي نحن بصدده (اذ الكلام فى)

ص: 242

ما يقتضيه مطلق العقد و طبيعته السارية فى كل فرد منه، لا ما يقتضيه العقد المطلق بوصف اطلاقه، و خلوه عن الشرائط و القيود حتى لا ينافى تخلفه عنه لقيد يقيده، و شرط يشترط فيه، هذا كله مع تحقق الاجماع على بطلان هذا الشرط فلا اشكال فى اصل الحكم و انما الاشكال فى تشخيص

______________________________

الشرط الّذي يخالف (ما يقتضيه مطلق العقد) اى العقد مطلقا (و طبيعته السارية فى كل فرد منه) حتى كان الشرط مخالفا لماهية العقد (لا ما يقتضيه العقد المطلق بوصف اطلاقه) و عدم ذكر الشرط فيه (و) بوصف (خلوه عن الشرائط و القيود)- لا ما يقتضيه ..- (حتى لا ينافى تخلفه) اى العقد (عنه) اى عن ذلك المقتضى- بالفتح- تخلفا (ل) اجل (قيد يقيده) اى يقيد العقد (و شرط يشترط فيه) عطف بيان لقوله «لقيد يقيده».

مثلا شرط ان لا يكون المبيع ملكا للمشترى، مناف للعقد مطلقا، و شرط ان لا يبيعه مناف للعقد المطلق، و كلا منا نحن فى الاول لا فى الثانى.

فاذا شرط ان لا يملكه بطل الشرط، لانه مناف لماهية العقد.

اما اذا شرط ان لا يبيعه لم يكن منافيا للماهية، و انما نافى الاطلاق.

و من الواضح ان كل شرط ينافى الاطلاق، ليس بمضرّ (هذا كله) دليلان لاشتراط ان لا يكون الشرط منافيا لمقتضى العقد (مع) ان هناك دليلا ثالثا و هو: (تحقق الاجماع على بطلان هذا الشرط) المنافى لمقتضى العقد (فلا اشكال فى اصل الحكم) و ان الشرط المنافى لمقتضى العقد باطل (و انما الاشكال فى تشخيص

ص: 243

آثار العقد التى لا يتخلف عن مطلق العقد فى نظرا العرف او الشرع و تميزها عما يقبل التخلف لخصوصية تعترى العقد، و ان اتضح ذلك فى بعض الموارد لكون الاثر كالمقوم العرفى للبيع او غرضا اصليا كاشتراط عدم التصرف اصلا فى المبيع، و عدم الاستمتاع اصلا بالزوجة حتى النظر و نحو ذلك، الا ان الاشكال فى كثير من المواضع خصوصا بعد ملاحظة اتفاقهم

______________________________

آثار العقد التى لا يتخلف عن مطلق العقد) لانها من آثار الماهية (فى نظرا العرف) الممضى من قبل الشرع (او الشرع) و ان لم ير العرف ذلك الأثر من مقتضيات الماهية.

مثلا «الملكية» من آثار ماهية البيع عرفا، اما القبض فى باب السلم فانه ليس من آثار الماهية عرفا، و انما هو اثر الماهية شرعا، فاذا شرط عدمه بطل الشرط (و) فى (تميزها) اى تميز آثار الماهية (عما) اى عن الآثار التى (يقبل التخلف) عن العقد تخلفا (لخصوصية) كالشرط مثلا (تعترى) و تطرأ تلك الخصوصية (العقد) و الاشكال فى بعض الآثار (و ان اتضح ذلك) و ان الشرط مخالف للماهية (فى بعض الموارد لكون الاثر كالمقوم العرفى للبيع او غرضا اصليا) فان لم يكن مقوّما (كاشتراط عدم التصرف اصلا فى المبيع، و عدم الاستمتاع اصلا بالزوجة حتى النظر) فان التصرف و الاستمتاع مقومان او غرضان اصليان، فاشتراط عدمهما مخالف لمقتضى العقد (و نحو ذلك) كان يشترط فى العارية ان لا يسلمها للمستعير (الا ان الاشكال فى كثير من المواضع خصوصا) يقع الاشكال (بعد ملاحظة اتفاقهم

ص: 244

على الجواز فى بعض المقامات، و اتفاقهم على عدمه فيما يشبهه، و يصعب الفرق بينهما و ان تكلف له بعض، مثلا المعروف عدم جواز المنع عن البيع، و الهبة فى ضمن عقد البيع، و جواز اشتراط عتقه بعد البيع بلا فصل او وقفه حتى على البائع و ولده، كما صرح به فى التذكرة.

و قد اعترف فى التحرير بان اشتراط العتق مما ينافى مقتضى العقد.

______________________________

على الجواز فى بعض المقامات، و اتفاقهم على عدمه) اى عدم جواز الشرط و انه شرط باطل (فيما يشبهه) فى الخصوصيات (و يصعب الفرق بينهما) اى بين الشبيهين اللذين قالوا بعدم الجواز هنا، و بالجواز فى شبيهه (و ان تكلف له) اى لبيان الفرق (بعض) الفقهاء (مثلا المعروف) بينهم (عدم جواز) شرط (المنع عن البيع، و الهبة فى ضمن عقد البيع) بان يبيعه على شرط ان لا يبيعه المشترى لاحد، و ان لا يهبه لاحد، قالوا لان هذا الشرط خلاف مقتضى العقد، فان مقتضى العقد التسلط الكامل على المبيع، و هذا الشرط ينافى التسلط الكامل (و جواز اشتراط عتقه بعد البيع بلا فصل) مع انه أيضا مناف للسلطة، اذ قيد «بلا فصل» يوجب ان لا يتمكن المشترى من اىّ تصرف فيه (او وقفه حتى على البائع و ولده) اى ولد البائع الّذي يوجب ان لا ينتفع المشترى به اصلا (كما صرح به فى التذكرة) و الحال ان المنع عن البيع و الهبة مثل شرط الوقف و العتق كلا هما اما مناف لمقتضى العقد، فاللازم بطلان الشرط فيهما، و اما ليس بمناف فاللازم صحة الشرط فيهما.

(و قد اعترف فى التحرير بان اشتراط العتق مما ينافى مقتضى العقد)

ص: 245

و انما جاز لبناء العتق على التغليب.

و هذا لو تم لم يجز فى الوقف، خصوصا على البائع و ولده، فانه شرط مناف كالعتق ليس مبنيا على التغليب.

و لاجل ما ذكرنا وقع فى موارد كثيرة الخلاف و الاشكال فى ان الشرط الفلانى مخالف لمقتضى العقد، أم لا، منها اشتراط عدم البيع، فان المشهور عدم الجواز.

______________________________

فان العقد يقتضي التسلط، و شرط العتق يقتضي عدم التسلط.

(و انما جاز) شرط العتق (لبناء العتق على التغليب) اى ان كل شائبة من العتق توجب ترتب العتق عليها.

(و هذا) الكلام من التذكرة (لو تم) فى شرط العتق- لانه مبنى على التغليب- (لم يجز فى الوقف) لانه غير مبنى على التغليب (خصوصا على البائع و ولده، فانه شرط مناف) لمقتضى العقد (كالعتق) الّذي هو مناف، و (ليس مبنيا على التغليب).

(و لاجل ما ذكرنا) من عدم وضوح مقتضيات العقود (وقع فى موارد كثيرة الخلاف و الاشكال فى ان الشرط الفلانى مخالف لمقتضى العقد، أم لا).

لكن اللازم ان نقول بصحة كل شرط الا اذا علمنا بانه مخالف لمقتضى العقد علما من العرف او من الشرع.

ف (منها) اى من تلك الموارد (اشتراط عدم البيع، فان المشهور عدم الجواز) لان مقتضى البيع التسلط التام على البيع، فاذا شرط عدم

ص: 246

لكن العلامة فى التذكرة استشكل فى ذلك، بل قوى بعض من تأخر عنه صحته.

و منها: ما ذكره فى الدروس فى بيع الحيوان من جواز الشركة فيه اذا قال: الربح لنا و لا خسران عليك لصحيحة رفاعة فى الشركة فى الجارية.

قال: و منعه ابن ادريس لانه مناف لقضية الشركة.

______________________________

بيعه كان ذلك خلاف مقتضى العقد، فيبطل الشرط.

(لكن العلامة فى التذكرة استشكل فى ذلك) اى فى كون شرط عدم البيع شرطا فاسدا (بل قوّى بعض من تأخر عنه صحته) لانه خلاف اطلاق العقد، لا خلاف مقتضى العقد، و هذا عندى اقرب.

(و منها: ما ذكره فى الدروس فى بيع الحيوان من جواز الشركة فيه) اى فى الحيوان (اذا قال) احدهما للشريك الآخر (الربح لنا) جميعا (و لا خسران عليك) و انما الخسارة عليّ فقط (لصحيحة رفاعة فى الشركة فى الجارية) قال سألت أبا الحسن عليه السلام، عن رجل شارك آخر فى جارية له، و قال: ان ربحنا فيها فلك نصف الربح، و ان كانت خسارة فليس عليك شي ء فقال عليه السلام: لا ارى بذلك بأسا اذا طابت نفس صاحب الجارية.

و مثلها: خبر ابى الربيع عن الصادق عليه السلام: الّا انه قال لا ارى بهذا بأسا اذا كانت الجارية للقائل.

(قال: و منعه ابن ادريس لانه مناف لقضية الشركة) اى لمقتضاها

ص: 247

قلنا: لا نسلّم ان تبعية المال لازمة لمطلق الشركة، بل للشركة المطلقة، و الاقرب تعدّى الحكم الى غير الجارية من المبيعات انتهى.

و منها: ما اشتهر بينهم من جواز اشتراط الضمان فى العارية، و عدم جوازه فى الاجارة مستدلّين بان مقتضى عقد الاجارة عدم ضمان المستأجر، فاورد

______________________________

اذ الشركة تقتضى الاشتراك فى الربح و الخسارة.

(قلنا) هذا مقالة الشهيد فى ردّ ابن ادريس (لا نسلّم ان تبعية المال لازمة لمطلق الشركة) حتى تكون التبعية من ماهية الشركة (بل للشركة المطلقة) اى اطلاقها و عدم تقييدها، فاذا قيدت الشركة كان اللازم اتباع القيد (و الأقرب تعدّى الحكم) بعدم تحمل احد الشريكين الخسارة (الى غير الجارية من المبيعات).

اذ لا خصوصية للجارية فى النص، فاطلاق ادلّة المؤمنون عند شروطهم شامل لكل موارد الشركة اذ قد عرفت ان هذا الشرط ليس خلاف مقتضى العقد، بل خلاف اطلاقه (انتهى) كلام الدروس.

(و منها: ما اشتهر بينهم من جواز اشتراط الضمان فى العارية) فيجوز للمعير أن يشترط ضمان المستعير اذا تلف المتاع بدون تعدّ او تفريط، اما مع التعدّى و التفريط فهو ضامن بلا اشكال (و عدم جوازه فى الاجارة) و ذلك لان المستأجر امين، و ليس على الامين الا اليمين (مستدلّين) على عدم صحة شرط الضمان فى الاجارة (بان مقتضى عقد الاجارة عدم ضمان المستأجر) فشرط الضمان خلاف مقتضى العقد (فاورد

ص: 248

عليهم المحقق الاردبيلى و تبعه جمال المحققين فى حاشية الروضة بمنع اقتضاء مطلق العقد لذلك، انما المسلم اقتضاء العقد المطلق المجرد عن اشتراط الضمان نظير العارية.

و منها: اشتراط عدم اخراج الزوجة من بلدها، فقد جوزه جماعة لعدم المانع، و للنص.

و منعه آخرون، منهم فخر الدين فى الايضاح مستدلّا بان مقتضى العقد تسلط الرجل على المرأة فى الاستمتاع و الاسكان.

______________________________

عليهم المحقق الاردبيلى و تبعه جمال المحققين فى حاشية الروضة بمنع اقتضاء مطلق العقد) اى ماهية عقد الاجارة (لذلك) اى لعدم الضمان (انما المسلم اقتضاء العقد المطلق) اى (المجرد عن اشتراط الضمان) اما اذا كان العقد مقيدا بالضمان فالشرط نافذ فيه (نظير العارية) فما الّذي اوجب ان يقولوا بصحة الشرط فى العارية و لا يقولوا بصحة الشرط فى الاجارة؟ ثم انه لا فرق بين المستأجر و الاجير فى هذا الحكم

(و منها: اشتراط عدم اخراج الزوجة من بلدها) الا برضاها (فقد جوزه جماعة) بالشرط فى ضمن العقد (لعدم المانع) من هذا الشرط لانه ليس مخالفا للكتاب و السنة، و لا مخالفا لمقتضى العقد (و للنص) الوارد فى ذلك.

(و منعه آخرون، منهم فخر الدين فى الايضاح) لان هذا الشرط خلاف مقتضى العقد (مستدلا بان مقتضى العقد تسلط الرجل على المرأة فى الاستمتاع و الاسكان) فشرط كون الاسكان بيد المرأة خلاف مقتضى

ص: 249

و قد بالغ حتى جعل هذا قرينة على حمل النص على استحباب الوفاء

و منها: مسئلة توارث الزوجين بالعقد المنقطع من دون شرط او معه و عدم توارثهما مع

______________________________

العقد.

(و قد بالغ) فخر الدين (حتى جعل هذا) الّذي ذكره من كون هذا الشرط خلاف مقتضى العقد (قرينة على حمل النص على استحباب الوفاء) فاذا قبل الرجل الشرط كان الشرط باطلا، لكن يستحب له الوفاء بالشرط لانه اعطاها وعدا بذلك.

و فيه أولا: انه ليس خلاف مقتضى العقد.

و ثانيا: انا اذا رأينا شيئا خلاف مقتضى العقد ثم راينا نصا صحيحا يقول بصحته كان اللازم ان نخطئ رأينا، و نقول ان الرواية قرينة على ان الشي ء الفلانى ليس مقتضى العقد.

(و منها: مسئلة توارث الزوجين بالعقد المنقطع).

و فى المسألة أربعة اقوال.

الاول: ان العقد المنقطع يوجب التوارث كالعقد الدائم- مطلقا- و هذا ما اشار إليه المصنف بقوله: (من دون شرط).

الثانى: انه ان شرط الارث كان الارث، و الا فلا إرث، و هذا ما اشار إليه بقوله: (او معه) اى مع شرط الارث.

الثالث: انهما لا يتوارثان اذا شرط عدم الارث، اما اذا لم يشترط عدم الارث فهما يتوارثان، و هذا ما اشار إليه بقوله: (و عدم توارثهما مع

ص: 250

الشرط، أو لا معه، فانها مبنية على الخلاف فى مقتضى العقد المنقطع قال فى الايضاح- ما ملخّصه بعد اسقاطه ما لا يرتبط بالمقام- انهم اختلفوا فى ان هذا العقد يقتضي التوارث، أم لا.

و على الاول فقيل: المقتضى هو العقد المطلق من حيث هو هو، فعلى هذا القول لو شرط سقوطه لبطل الشرط، لان كل ما تقتضيه الماهية من حيث هى هى فيستحيل عدمه مع وجودها.

______________________________

الشرط) اى مع شرط عدم الارث.

الرابع: انهما لا يتوارثان مطلقا، سواء شرطا الارث، أم لم يشترطا و هذا ما اشار إليه بقوله: (او لا معه)- و لا يخفى غموض العبارة- (فانها) اى هذه المسألة (مبنية) فى الجملة (على الخلاف فى مقتضى العقد المنقطع).

و لتوضيح المطلب ننقل كلام فخر الدين (قال فى الايضاح- ما ملخّصه بعد اسقاط ما لا يرتبط بالمقام- انهم اختلفوا فى ان هذا العقد يقتضي التوارث، أم لا) قولان.

(و على الاول) و هو اقتضاء هذا العقد التوارث (فقيل: المقتضى هو العقد المطلق من حيث هو هو) فحال الزوجة المنقطعة حال الزوجة الدائمة فى انها ترث (فعلى هذا القول لو شرط سقوطه) اى سقوط الارث (لبطل الشرط، لان كل ما تقتضيه الماهية من حيث هى هى) اى من حيث هى ماهية، سواء كان ذلك فى الامور العينية او الامور الاعتبارية (فيستحيل عدمه) اى عدم ذلك «المقتضى» بالفتح (مع وجودها) اى

ص: 251

و قيل: المقتضى اطلاق العقد اى العقد المجرد عن شرط نقيضه اعنى الماهيّة بشرط لا شي ء، فيثبت الارث ما لم يشترط سقوطه.

و على الثانى: قيل: يثبت مع الاشتراط، و يسقط مع عدمه، و قيل:

لا يصح اشتراطه، انتهى.

و مرجع القولين الى ان عدم الارث من مقتضى اطلاق العقد، او ماهيته.

______________________________

وجود الماهيّة.

مثلا: يستحيل وجود الانسان بدون وجود الحيوان الناطق و يستحيل وجود البيع بدون وجود النقل و الانتقال.

(و قيل: المقتضى) للارث فى المتعة (اطلاق العقد) و عدم شرط نقيض الارث فيه (اى العقد المجرّد عن شرط نقيضه) اى نقيض الارث (اعنى) المقتضى للارث (الماهية بشرط لا شي ء، فيثبت الارث) فى المتعة (ما لم يشترط سقوطه) اى سقوط الارث.

(و على الثانى) و هو ما اشار إليه بقوله «أولا» (قيل يثبت) الارث (مع الاشتراط، و يسقط مع عدمه) اى عدم الاشتراط (و قيل لا يصح اشتراطه) اصلا، فهو من قبيل شرط إرث الاجنبى (انتهى) كلام الايضاح.

(و مرجع القولين) اى القولين المذكورين بعد قوله «و على الثانى» (الى ان عدم الارث من مقتضى اطلاق العقد) اعنى الماهية بشرط لا شي ء و عليه يثبت الارث مع الاشتراط (او) من مقتضى (ماهيته) فلا يصح اشتراط الارث.

ص: 252

و اختار هو هذا القول الرابع تبعا لجدّه و والده قدس سرهما.

و استدل عليه اخيرا بما دلّ على ان من حدود المتعة ان لا ترثها و لا ترثك، قال: فجعل نفى الارث من مقتضى الماهيّة.

و لاجل صعوبة دفع ما ذكرنا- من الاشكال فى تميّز مقتضيات ماهية العقد من مقتضيات اطلاقه- التجأ المحقق الثانى

______________________________

(و اختار هو) الايضاح (هذا القول الرابع) اى ان ماهية العقد تقتضى عدم التوارث، فلا يرث حتى مع الاشتراط (تبعا لجدّه و والده) العلامة (قدس سرهما).

(و استدل عليه) اى على ما اختاره من القول الرابع (اخيرا بما دلّ على ان من حدود المتعة ان لا ترثها و لا ترثك، قال) الايضاح فى وجه الاستدلال بهذه الرواية لمذهبه (فجعل نفى الارث من مقتضى الماهية).

و من المعلوم ان ما كان من مقتضى الماهية لا يتغير بالاشتراط، فلو شرط الارث لم يصح الشرط، بل بقيت المتعة على حالها فى انها لا توجب الارث.

(و) كيف كان، ف (لاجل صعوبة دفع ما ذكرنا- من الاشكال فى تميّز مقتضيات ماهية العقد) حتى لا ينفع الشرط المخالف، لان مقتضى الماهية لا يتغير (من مقتضيات اطلاقه-) حتى ينفع الشرط المخالف، لانّه اذا قيّد الاطلاق ارتفع الاطلاق.

و لاجل ما ذكرنا (التجأ المحقق الثانى) الكركى ره صاحب جامع

ص: 253

مع كمال تبحّره فى الفقه حتى ثنّى به المحقق فارجع هذا التمييز عند عدم اتضاح المنافات، و عدم الاجماع على الصحة او البطلان الى نظر الفقيه.

فقال أوّلا: المراد بمنافى مقتضى العقد ما يقتضي عدم ترتب الأثر الّذي جعل الشارع العقد من حيث هو هو بحيث يقتضيه و رتب عليه

______________________________

المقاصد (مع كمال تبحّره فى الفقه حتى ثنّى به المحقق) و اولهما المحقق الحلى صاحب الشرائع (فارجع هذا التمييز) بين مقتضى الماهية، و مقتضى الاطلاق (عند عدم اتضاح المنافات) اى عدم وضوح منافات الشرط لمقتضى العقد (و) عند (عدم الاجماع على الصحة او البطلان) فان كان هناك وضوح فى المنافات بطل الشرط، و ان كان هناك اجماع على صحة الشرط او على بطلان الشرط قلنا بمقتضى الاجماع.

اما اذا لم يكن وضوح و لا اجماع فيرجع (الى نظر الفقيه) متعلق بقوله «فارجع».

اى ان رأى الفقيه- من القرائن- ان الشرط، مناف، حكم ببطلانه و الا حكم بصحته، و لم يجعل لذلك ميزانا، مع ان الارجاع الى نظر الفقيه يقتضي ان يكون نظر كل فقيه شيئا و هذا مما يوجب الفوضى.

(فقال) المحقق الثانى (أوّلا: المراد بمنافى مقتضى العقد ما يقتضي عدم ترتب الأثر الّذي جعل الشارع العقد من حيث هو هو) «ما يقتضي» بيان «للمنافى» و «الّذي» صفة «الأثر» (بحيث يقتضيه) «بحيث» متعلق ب «جعل» (و رتب)- بالمجهول- اى رتب ذلك الاثر (عليه)

ص: 254

على انه اثره و فائدته التى لاجلها وضع، كانتقال العوضين الى المتعاقدين و اطلاق التصرف فيهما فى البيع، و ثبوت التوثق فى الرهن و المال فى ذمة الضامن بالنسبة الى الضمان، و انتقال الحق الى ذمة المحال عليه فى الحوالة، و نحو ذلك فاذا شرط عدمها او عدم البعض

______________________________

اى على العقد (على انه اثره) اى اثر العقد (و فائدته التى لاجلها) اى لاجل تلك الفائدة (وضع) العقد و مثّل لمقتضى العقد بقوله: (كانتقال العوضين الى المتعاقدين و) ك (اطلاق التصرف فيهما) فكل من المتعاقدين له حق التصرف فى العوض الّذي انتقل إليه (فى) باب (البيع) فاذا شرط عدم الانتقال، او شرط ان لا حق للمنتقل إليه التصرف فى الشي ء الّذي انتقل إليه، كان الشرط منافيا لمقتضى العقد (و) ك (ثبوت التوثق فى) باب (الرهن) فاذا شرط عدم كون المال المرهون وثيقة، كان ذلك خلاف مقتضى العقد (و) كثبوت (المال فى ذمة الضامن بالنسبة الى) باب (الضمان) فانه من مقتضيات عقد الضمان، فاذا شرط عدمه كان ذلك الشرط خلاف مقتضى العقد (و) ك (انتقال الحق الى ذمة المحال عليه فى) باب (الحوالة) فاذا اشترط عدم انتقال الحق كان ذلك الشرط خلاف مقتضى عقد الحوالة (و نحو ذلك) كاشتراط عدم السقى فى باب المساقات، و اشتراط عدم الفرقة فى باب الطلاق، فان حال العقود و الايقاعات واحد من هذه الجهة (فاذا شرط عدمها) اى عدم هذه الفوائد التى هى آثار لتلك العقود و الايقاعات (او عدم البعض) اى عدم بعض الأثر فى بعض الاحيان، كان اشترط عدم ترتب

ص: 255

اصلا نافى مقتضى العقد.

ثم اعترض على ذلك بصحة اشتراط عدم الانتفاع زمانا معينا و اجاب بكفاية جواز الانتفاع وقتا ما فى مقتضى العقد.

ثم اعترض بان العقد يقتضي الانتفاع مطلقا، فالمنع عن البعض مناف له.

ثم قال: و دفع ذلك لا يخلو عن عسر

______________________________

آثار الملك فى ايام الجمعة عند البيع (اصلا) اى عدم الكل او عدم البعض اطلاقا، لا العدم فى الجملة، فان كل شرط يرفع بعض الآثار فى الجملة (نافى) هذا الشرط (مقتضى العقد) فيكون الشرط باطلا.

(ثم اعترض على ذلك) الّذي ذكره من ان رفع بعض الآثار موجب لكونه خلاف مقتضى العقد (بصحة اشتراط عدم الانتفاع) فى باب البيع (زمانا معينا) كان يشترط عليه ان لا ينتفع بالدار فى ايام الجمعة فان هذا شرط صحيح قطعا (و اجاب بكفاية جواز الانتفاع وقتا ما) فى الجملة (فى مقتضى العقد) فان المنافى لمقتضى العقد عدم الانتفاع مطلقا، او عدم ترتب آثار الملك و لو فى بعض الاحيان، اما عدم الانتفاع فى الجملة فليس منافيا، اذ الانتفاع مطلقا من آثار اطلاق العقد.

(ثم اعترض) على جواب الاعتراض (بان العقد يقتضي الانتفاع مطلقا فالمنع عن البعض) اى بعض الانتفاعات (مناف له) اى لمقتضى العقد.

(ثم قال: و دفع ذلك) الاعتراض (لا يخلو عن عسر) و كانه اعتقد ان مقتضى العقد الانتفاع المطلق.

ص: 256

و كذا القول فى نحو خيار الحيوان مثلا، فان ثبوته مقتضى العقد، فيلزم ان يكون شرط سقوطه منافيا له.

ثم قال: و لا يمكن ان يقال ان مقتضى العقد ما لم يجعل الا لاجله كانتقال العوضين، فان ذلك ينافى منع اشتراط ان لا يبيع المبيع مثلا

______________________________

لكنك قد عرفت ان المقتضى الانتفاع فى الجملة، فاذا اطلق العقد اقتضى الانتفاع مطلقا، و الا لم يطلق بان شرط عدم الانتفاع فى بعض الاوقات، كان ذلك خلاف اطلاق العقد، لا خلاف ماهية العقد.

قال: (و كذا) لا يخلو عن عسر (القول فى نحو خيار الحيوان مثلا، فان ثبوته مقتضى العقد، فيلزم ان يكون شرط سقوطه منافيا له) اى منافيا لمقتضى العقد، فيلزم ان يكون هذا الشرط باطلا.

(ثم قال: و لا يمكن ان يقال) فى توجيه صحة ما ذكرنا انه «لا يخلو عن عسر» (ان مقتضى العقد ما لم يجعل) العقد (الا لاجله، كانتقال العوضين) فى باب البيع، فان العقد وضع لانتقال العوضين، فالشرط الّذي ينافى ذلك باطل.

اما شرط عدم الانتفاع فى الجملة، او شرط عدم خيار الحيوان فلا ينافى مقتضى العقد، فلما ذا قلتم ان فيه عسرا، و انما لا يمكن ان يقال لان العقد وضع للانتقال و الانتفاع، و من مقتضى ماهية الخيار (فان ذلك) الّذي ذكرتم لو صحّ بان العقد وضع للانتقال فقط، فهو (ينافى منع اشتراط ان لا يبيع) المشترى (المبيع مثلا).

فحيث منع الفقهاء من شرط ان لا يبيع المبيع، تبين ان مقتضى

ص: 257

ثم قال: و الحاسم لمادة الاشكال ان الشروط على اقسام.

منها: ما انعقد الاجماع على حكمه من صحة او فساد.

و منها: ما وضح فيه المنافات للمقتضى كاشتراط عدم ضمان المقبوض بالبيع، او وضح مقابله و لا كلام فيما وضح.

و منها: ما ليس واحدا من النوعين، فهو

______________________________

العقد الانتفاع بالإضافة الى الانتقال.

(ثم قال: و الحاسم لمادة الاشكال) حتى يعرف انّ اى شرط ينافى و اى شرط لا ينافى (ان الشروط على اقسام).

(منها: ما انعقد الاجماع على حكمه من صحة او فساد) مثل: ان يرث الاجنبية، فانه مجمع على فساده و مثل: ان يشترط خياطة ثوبه، فانه مجمع على صحته.

(و منها: ما وضح فيه المنافات للمقتضى) اى مقتضى العقد (كاشتراط عدم ضمان المقبوض بالبيع) بان يشترط المشترى على البائع ان المبيع مضمون على البائع، بعد ان قبضه المشترى و كذا العكس بان اشترط البائع ضمان الثمن على المشترى، بعد ان قبض الثمن، فان مثل هذا الشرط مناف لمقتضى العقد الّذي يقول: بان الملك ينتقل الى المنتقل إليه انتقالا كاملا، فتلفه من كيس المنتقل إليه، لا المنتقل عنه (او وضح مقابله) و انه ليس منافيا لمقتضى العقد، كاكثر الشروط التى يشترطها احد المتعاقدين على الآخر (و لا كلام فيما وضح) منافاته و عدم منافاته.

(و منها: ما ليس واحدا من النوعين) فلا اجماع و لا وضوح (فهو)

ص: 258

بحسب نظر الفقيه، انتهى كلامه رفع مقامه.

اقول وضوح المنافات ان كان بالعرف كاشتراط عدم الانتقال فى العوضين، و عدم انتقال المال الى ذمة الضامن و المحال عليه فلا يتأتى معه إنشاء مفهوم العقد العرفى.

و ان كان بغير العرف، فمرجعه الى الشرع، من نص او اجماع على صحة الاشتراط و عدمه

______________________________

اى هذا القسم من الشروط (بحسب نظر الفقيه) فان رأى حسب اجتهاده انه مناف لمقتضى العقد ابطله، و ان رأى انه ليس بمناف قال بصحته (انتهى كلامه رفع مقامه).

(اقول) يدل على قوله «و منها: ما وضح فيه المنافات ... الخ» ان (وضوح المنافات ان كان بالعرف) اى ان العرف يرى بكل وضوح ان العقد مناف للشرط (كاشتراط عدم الانتقال فى العوضين) فى باب البيع (و عدم انتقال المال الى ذمة الضامن و المحال عليه، ف) يرد على المحقق الثانى انه (لا يتأتى معه) اى مع وضوح المنافات (إنشاء مفهوم العقد العرفى) فالعقد باطل من رأس، لا ان العقد يقع و لكن الشرط باطل، فان الانسان لا يتمكن من إنشاء المتناقضين، و الحال ان كلام المحقق فى بطلان الشرط.

(و ان كان) وضوح المنافات الّذي ذكره المحقق (بغير العرف، فمرجعه) اى مرجع وضوح المنافات (الى الشرع، من نص او اجماع على صحة الاشتراط و عدمه).

ص: 259

و مع عدمها وجب الرجوع الى دليل اقتضاء العقد لذلك الأثر المشترط عدمه.

فان دل عليه على وجه يعارض بإطلاقه او عمومه دليل وجوب الوفاء به بحيث لو اوجبنا الوفاء به وجب طرح عموم ذلك الدليل و تخصيصه حكم بفساد الشرط، لمخالفته حينئذ للكتاب و السنة.

______________________________

و على هذا يرد الاشكال على المحقق فى شقّه الاخير الّذي ذكره بقوله «و منها: ما ليس واحدا من النوعين» (و مع عدمهما) اى عدم النص و الاجماع (وجب الرجوع الى دليل اقتضاء العقد لذلك الأثر المشترط عدمه) شرطا فى ضمن العقد.

(فان دل) الدليل (عليه) اى على ذلك الاثر (على وجه يعارض) دليل الأثر (بإطلاقه او عمومه دليل وجوب الوفاء به) اى بالشرط، و هو المؤمنون عند شروطهم، معارضة (بحيث لو اوجبنا الوفاء به) اى بالشرط (وجب طرح عموم ذلك الدليل) الدال على ذلك الأثر (و تخصيصه) عطف بيان ل «طرح عموم» (حكم بفساد الشرط) المذكور (لمخالفته) اى الشرط (حينئذ) اى حين كان معارضا لعموم دليل ذلك الاثر (للكتاب و السنة).

مثلا عموم الكتاب الّذي يقول «الرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ» يدل على ان الوطي بيد الرجل، فاذا شرطت الزوجة ان يكون الوطي بيدها، كان دليل «أَوْفُوا» معارضا لدليل «قَوّٰامُونَ».

فاذا قدمنا دليل الشرط لزم طرح عموم «قَوّٰامُونَ» و عليه: فنطرح

ص: 260

و ان دل على ثبوته للعقد لو خلّى و طبعه، بحيث لا ينافى تغير حكمه بالشرط حكم بصحة الشرط.

و قد فهم من قوله تعالى: الرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَى النِّسٰاءِ، ان السلطنة على الزوجة من آثار الزوجية التى لا تتغير، فجعل اشتراط كون الجماع بيد الزوجة فى الرواية السابقة منافيا لهذا الاثر، و لم يجعل اشتراط عدم الاخراج من البلد منافيا.

______________________________

دليل الوفاء بالنسبة الى هذا الشرط، و تكون النتيجة ان الشرط باطل و الوطي يبقى بيد الزوج.

(و ان دل) دليل ذلك الاثر (على ثبوته للعقد لو خلّى) العقد (و طبعه، بحيث لا ينافى) دليل ذلك الاثر (تغير حكمه بالشرط حكم بصحة الشرط) لان الشرط يقيد اطلاق دليل الاثر.

(و قد فهم) الفقهاء (من قوله تعالى: الرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَى النِّسٰاءِ

ان السلطنة على الزوجة من آثار الزوجية التى لا تتغير) و فهموا ان من آثار هذه السلطنة كون الجماع بيد الرجل (فجعل) الفقهاء (اشتراط كون الجماع بيد الزوجة فى الرواية السابقة) فى اوّل المبحث (منافيا لهذا الاثر).

و لذا اسقطوا هذا الشرط (و لم يجعل) الفقهاء (اشتراط عدم الاخراج) للزوجة (من البلد منافيا) لهذه السلطنة، و لذا جعلوا شرط عدم اخراجها من بلدها نافذا لانه خلاف اطلاق العقد لا خلاف ماهية العقد

ص: 261

و قد فهم الفقهاء من قوله: البيعان بالخيار حتى يفترقا فان افترقا وجب البيع عدم التنافى، فاجمعوا على صحة اشتراط سقوط الخيار الّذي هو من الآثار الشرعية للعقد، و كذا على صحة اشتراط الخيار بعد الافتراق.

و لو شك فى مؤدّى الدليل وجب الرجوع الى اصالة ثبوت ذلك الأثر على الوجه الثانى، فيبقى عموم ادلة الشرط سليما عن المخصص.

______________________________

(و قد فهم الفقهاء من قوله: البيعان بالخيار حتى يفترقا فان افترقا وجب البيع عدم التنافى) بين هذا الدليل و بين دليل: المؤمنون عند شروطهم (فاجمعوا على صحة اشتراط سقوط الخيار الّذي هو من الآثار الشرعية) لا آثار الماهية العرفية مثل الانتقال فى البيع (للعقد، و كذا) فهموا عدم التنافى بين دليل الشرط و دليل لزوم البيع بعد الافتراق، فاجمعوا (على صحة اشتراط الخيار بعد الافتراق) و هل فهمهم حجة لنا؟ الظاهر، لا، و لذا لا يستبعد انه فى اىّ مقام لم يدل دليل قطعى على كونه خلاف مقتضى العقد نحكم بمقتضى الشرط.

(و لو شك فى مؤدّى الدليل) المثبت لذلك الاثر على العقد، و هل انه على وجه العموم او انه اثر للعقد لو خلّى و طبعه؟ (وجب الرجوع الى اصالة ثبوت ذلك الأثر على الوجه الثانى) اى انه اثر للعقد لو خلّى و طبعه (فيبقى عموم ادلة الشرط) مثل: المؤمنون عند شروطهم (سليما عن المخصص) فيحكم بمقتضى الشرط.

ص: 262

و قد ذكرنا هذا فى بيان معنى مخالفة الكتاب و السنة.

الشرط السادس: ان يكون الشرط مجهولا جهالة توجب الغرر فى البيع

لان الشرط فى الحقيقة كالجزء من العوضين،

______________________________

(و قد ذكرنا هذا) و ان الاثر من باب العموم، او من باب لو خلّى و طبعه (فى بيان معنى مخالفة الكتاب و السنة) فلا تغفل.

ثم انه لو اختلف الاجتهاد ان، او التقليد ان فى ان الشرط مخالف أم لا، حيث كان احدهما يرى هذا اجتهادا او تقليدا، و يرى الآخر خلافه، فالحكم فيه كما اذا اختلفا فى اصل صحة العقد، او ما اشبه و تفصيل الكلام لا يناسب هذا الشرح و قد ذكرناه فى شرحنا على العروة الوثقى.

(الشرط السادس) من شروط صحة الشرط (ان لا يكون الشرط مجهولا جهالة توجب الغرر) العرفى- على ما نختاره- او الغرر الشرعى على ما اختاره المصنّف، اما الجهالة التى لا توجب الغرر العرفى كما اذا اشتراط ان يخيط قبائه بدون تعيين ان يخيطه روميا او فارسيا، او يصبغ داره بدون ذكر اللون، فيما لا يكون ذلك غررا عرفيا فلا بأس بها.

ثم الظاهر ان الشرط بنفسه يلزم ان يكون غير غررى لما ورد من نهى النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم عن الغرر، كما انه يشترط ان لا يوجب الغرر (فى البيع) لما ورد من نهى النبي صلى الله عليه و آله و سلم عن بيع الغرر بالإضافة الى شمول الحديث الاول له أيضا (لان الشرط فى الحقيقة كالجزء من العوضين) و كل غرر فى الجزء او فيما هو بمنزلته فهو

ص: 263

كما سيجي ء بيانه قال فى التذكرة: و كما ان الجهالة فى العوضين مبطلة فكذا فى صفاتهما و لو احق المبيع، فلو شرطا شرطا مجهولا بطل البيع، انتهى.

و قد سبق ما يدل على اعتبار تعيين الاجل المشروط فى الثمن بل لو فرضنا عدم سراية الغرر فى

______________________________

مفسد للبيع (كما سيجي ء بيانه).

اما ان الشرط كالجزء فلان المال يبذل فى مقابل كل من الجزء و الشرط- فى الحقيقة- و كذلك فى طرف الشرط الّذي يكون فى جانب الثمن، فان المال و الشرط يعدان بمنزلة الثمن.

و اما الكبرى التى ذكرناها بقولنا «و كل غرر الخ» فلما عرفت من نهى النبي صلى الله عليه و آله و سلم عن الغرر، فتأمل.

و يدل على ما ذكرناه من الكبرى و الصغرى ما ذكره العلامة، فانه (قال فى التذكرة: و كما ان الجهالة فى العوضين مبطلة) للبيع (فكذا فى صفاتهما) كما اذا علم انه ذهب، لكن لم يعلم انه مسكوك، أم لا (و لواحق المبيع) اى ما يلحق المبيع كالشرط (فلو شرطا شرطا مجهولا بطل البيع، انتهى).

و لعل وجه ذلك ان الشرط الفاسد مفسد، او لان الجهالة فى الشرط تتسرى الى الجهالة فى البيع، و ان لم نقل بان كل شرط فاسد مفسد

(و قد سبق ما يدل على اعتبار تعيين الاجل المشروط فى الثمن) لانه اذا لم يعين الاجل، كان غررا فكان مبطلا (بل لو فرضنا عدم سراية الغرر فى

ص: 264

البيع كفى لزومه فى اصل الشرط بناء على ان المنفى مطلق الغرر حتى فى غير البيع.

و لذا يستندون إليه فى ابواب المعاملات حتى الوكالة.

فبطلان الشرط المجهول ليس لإبطاله البيع المشروط به.

و لذا قد يجزم ببطلان هذا الشرط مع الاستشكال فى بطلان البيع.

______________________________

البيع كفى لزومه فى اصل الشرط) اى كفى لزوم الغرر فى نفس الشرط فى ايجابه بطلان الشرط، و ذلك ما نحن بصدده من اشتراط ان لا يكون الشرط غرريا (بناء على ان المنفى) فى الشريعة (مطلق الغرر حتى فى غير البيع) اما لفهم المناط من قوله عليه الصلاة و السلام نهى النبي عن بيع الغرر، و اما لوجود حديث نهى النبي عن الغرر الشامل لما نحن فيه

(و لذا يستندون إليه) اى الى انه غرر فهو باطل (فى) مختلف (ابواب المعاملات حتى الوكالة) التى هى عقد غير لازم، و لا يهم الغرر فيها لانها مبنية على تفويض الامر الى الوكيل كيفما عمل.

(فبطلان الشرط المجهول) تفريع على قوله «بل لو فرضنا» (ليس لابطاله البيع المشروط به) حتى يكون وجه الاستدلال انه اذا بطل البيع الّذي هو اصل، بطل الشرط الّذي هو فرع.

(و لذا) الّذي ليس بطلان الشرط فرعا لبطلان البيع (قد يجزم ببطلان هذا الشرط) الّذي هو مجهول (مع الاستشكال فى بطلان البيع).

و لو كان بطلان الشرط منوطا ببطلان البيع، لزم الاستشكال فى

ص: 265

فان العلامة فى التذكرة ذكر فى اشتراط عمل مجهول فى عقد البيع ان فى بطلان البيع وجهين مع الجزم ببطلان الشرط.

لكن الانصاف ان جهالة الشرط يستلزم- فى العقد- دائما مقدارا من الغرر الّذي يلزم من جهالته جهالة احد العوضين.

و من ذلك يظهر وجه النظر فيما

______________________________

الشرط اذا استشكل فى البيع، لا الجزم ببطلان الشرط.

(فان العلامة فى التذكرة ذكر فى اشتراط عمل مجهول فى التذكرة ذكر فى اشتراط عمل مجهول فى عقد البيع ان فى بطلان البيع وجهين) البطلان، لسراية جهاله الشرط الى جهالة البيع، و عدم البطلان، لان الشرط تابع، و بطلان التابع لا يلازم بطلان المتبوع (مع الجزم) اى جزم العلامة (ببطلان الشرط) مما يدل على عدم التلازم بين البطلانين.

(لكن الانصاف) التلازم، فان بطل الشرط للجهالة ابطل البيع أيضا، لسراية جهالته الى جهالة البيع.

ف (ان جهالة الشرط يستلزم- فى العقد- دائما مقدارا من الغرر الّذي يلزم من جهالته) اى جهالة الشرط (جهالة احد العوضين) الّذي انضم الشرط إليه، ثمنا كان او مثمنا.

اقول لا يخفى الالتواء فى العبارة، و الاولى ان يقال «مقدارا من الغرر بحيث يسرى الى البيع» او ما اشبه ذلك.

(و من ذلك) الّذي ذكرنا من التلازم بين بطلان البيع، و بطلان الشرط لسراية جهالة الشرط الى جهالة البيع (يظهر وجه النظر فيما

ص: 266

ذكره العلامة فى مواضع من التذكرة، من الفرق فى حمل الحيوان و بيض الدجاجة، و مال العبد المجهول المقدار بين تمليكها على وجه الشرطية فى ضمن بيع هذه الامور بان يقول: بعتكها على انها حامل، او على ان لك حملها، و بين تمليكها على وجه الجزئية بان يقول: بعتكها و حملها، فصحح الاول لانه تابع، و ابطل الثانى لانه جزء.

______________________________

ذكره العلامة فى مواضع من التذكرة، من الفرق فى حمل الحيوان و بيض الدجاجة، و مال العبد المجهول المقدار).

فان العبد اذا بيع انتقل ماله معه بحيث يكون تحت سلطة المالك الثانى، و ان لم يملكه المالك لان العبد يملك نفسه بنفسه، لكن هناك تفاوت بين قيمة العبد الغنى، و قيمة العبد الفقير (بين تمليكها على وجه الشرطية فى ضمن بيع هذه الامور بان يقول: بعتكها على) شرط (انها حامل) فالحمل للمشترى، لكن يملكه على وجه الشرط، لا على وجه الجزء (او على ان لك حملها) عبارة ثانية تفيد نفس المعنى السابق (و بين تمليكها على وجه الجزئية بان يقول: بعتكها و حملها) بان يكون الحمل جزء المبيع (فصحح) العلامة (الاول) و هو جعله شرطا (لانه تابع) و لا يشترط عرفان التابع معرفة تامة (و ابطل الثانى) و هو جعله جزء (لانه جزء) و اجزاء البيع يجب ان تكون معلومة.

و فيه ان جهالة الشرط تسرى الى جهالة البيع، فلا فرق فى البطلان بين جعله شرطا او جزء.

ص: 267

لكن قال فى الدروس: لو جعل الحمل جزء من المبيع، فالاقوى الصحة، لانه بمنزلة الاشتراط، و لا يضر الجهالة لانه تابع.

و قال فى باب بيع المملوك: و لو اشتراه و ما له صح، و لم يشترط علمه و لا التفصي من الربا ان قلنا انه يملك، و لو احلناه اشترطا،

______________________________

(لكن) عكس الشهيد، ف (قال فى الدروس: لو جعل الحمل جزء من المبيع، فالاقوى الصحة، لانه) اى جعله جزء (بمنزلة الاشتراط، و لا يضر الجهالة) بخصوصيات هذا الجزء انه ذكر او انثى، كبير او صغير و كم حمله من الاشهر و ما اشبه ذلك (لانه تابع) و التابع و ان كان جزء لم يضر، كما ان جهالة اسّ البناء لا تضر فى بيع الدار و هكذا فى سائر التوابع.

(و قال) صاحب الدروس (فى باب بيع المملوك: و لو اشتراه) اى العبد (و ماله) بان يتسلط المشترى على مال العبد (صح) البيع (و لم يشترط علمه) اى علم المشترى بمقدار ماله (و لا التفصي من الريا) المحتمل لانه اذا كان للعبد مائة مثقال ذهب، و اشتراه بمائة مثقال لزم الربا لان المثمن «العبد و المائة» و الثمن «المائة» فقط و هو محل توهم الربا، لكن لا يلزم الربا لان المال تابع و المائة- الثمن- فى مقابل رقبة العبد.

هذا (ان قلنا انه) اى العبد (يملك، و لو احلناه) اى قلنا ان تملك العبد محال، بل ان كل ما فى يده للمولى (اشترطا) اى علم المشترى بمقدار ماله، و بانه لا يلزم الربا، اذ المال حينئذ للمالك الاول، فهو

ص: 268

انتهى.

و المسألة محل اشكال، و كلماتهم لا يكاد يعرف التيامها حيث صرحوا بان للشرط قسطا من احد العوضين، و ان التراضي على المعاوضة وقع منوطا به و لازمه كون الجهالة فيه قادحة.

و الاقوى اعتبار العلم لعموم نفى الغرر، الا اذا عدّ الشرط فى العرف تابعا غير مقصود بالبيع كبيض الدجاج.

______________________________

يبيع شيئين، و هما العبد و ماله، فكان ماله جزء المبيع.

و من الواضح لزوم علم المشترى بالشي ء، و لزوم عدم كون البيع مستلزما للربا (انتهى) كلام صاحب الدروس.

(و المسألة) اى مسئلة لزوم العلم بالشرط (محل اشكال، و كلماتهم لا يكاد يعرف التيامها) بحيث تكون شهرة على شي ء اذ بعضهم ذهب الى لزوم العلم بالشرط، و بعضهم ذهب الى عدم لزوم العلم (حيث) ان جماعة منهم ذكر عدم لزوم معرفة الشرط، مع انهم (صرحوا بان للشرط قسطا من احد العوضين، و ان التراضي على المعاوضة وقع منوطا به) اى بهذا الشرط فاذا بطل الشرط لم يكن رضا، فلا تشمله: تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ (و لازمه كون الجهالة فيه) اى فى الشرط (قادحة) اى مضرة فى البيع

(و الاقوى اعتبار العلم) بخصوصيات الشرط (لعموم نفى الغرر، الا اذا عدّ الشرط فى العرف تابعا غير مقصود بالبيع) اى ليس فى الحقيقة كالجزء لاحد العوضين (كبيض الدجاج) فانه لا تضر جهالته، لانه ليس بغرر عرفا.

ص: 269

و قد مرّ ما ينفع هذا المقام فى شروط العوضين، و سيأتى بعض الكلام فى بيع الحيوان ان شاء الله.

الشرط السابع: ان لا يكون مستلزما لمحال،

كما لو شرط فى البيع ان يبيعه على البائع فان العلامة قد ذكر هنا انه مستلزم للدور.

______________________________

و الّذي يقرب فى الذهن ان كان الشرط غررا ساريا الى البيع بطل البيع، و ان كان غررا غير سار الى البيع بطل الشرط، لاشتراط عدم الغرر فيه أيضا، و ان لم يكن غررا عرفا، و ان كان مجهولا فى الجملة لانه تابع لم يبطل البيع و لا الشرط.

(و قد مرّ ما ينفع هذا المقام فى شروط العوضين، و سيأتى بعض الكلام فى بيع الحيوان ان شاء الله) تعالى.

و قد تقدم ذلك فى ذيل مسئلة عنونها بقوله: لا فرق فى عدم جواز بيع المجهول بين ضم معلوم إليه و عدمه.

ثم اللازم ان يعرف الشرط كلاهما فلا ينفع علم احدهما، لانه حينئذ بالنسبة الى الآخر غرر، و الغرر اذا دخل البيع فسد.

(الشرط السابع) من شروط صحة الشرط (ان لا يكون) الشرط (مستلزما لمحال) و ذلك لان المستلزم للمحال غير مقدور، فيأتى فيه دليل اشتراط ان يكون الشرط مقدورا (كما لو شرط فى البيع ان يبيعه على البائع) و انما يكون هذا الشرط محالا (فان العلامة قد ذكر هنا انه مستلزم للدور).

ص: 270

قال فى التذكرة لو باعه شيئا بشرط ان يبيعه اياه لم يصح، سواء اتحد الثمن قدرا و جنسا و وصفا، أو لا، و الا جاء الدور، لان بيعه له يتوقف على ملكيته له المتوقفة على بيعه فيدور.

اما لو شرط ان يبيعه على غيره فانه يصح عندنا حيث لا منافاة فيه للكتاب و السنة.

______________________________

(قال فى التذكرة لو باعه شيئا بشرط ان يبيعه) المشترى (اياه) اى لنفس البائع (لم يصح) الشرط (سواء اتحد الثمن قدرا و جنسا و وصفا) كما لو باعه بعشرة من الدنانير الموصوف بانها عراقية، بشرط ان يبيعه اياه بنفس ذلك المبلغ (أولا) بان شرط عليه شرطا مطلقا، و لم يعين قدر الثمن فى البيع الثانى (و الا) اى و ان جاز هذا الشرط (جاء الدور، لان بيعه له) اى بيع المشترى للبائع (يتوقف على ملكيته له) اذ ما لم يملك المشترى المبيع لا يمكنه بيعه- فانه لا بيع الا فى ملك- (المتوقفة) تلك الملكية (على بيعه) للبائع.

فالبيع للبائع متوقف على ملكية المشترى للمبيع، لانه لا بيع الا فى ملك و ملكية المشترى للمبيع متوقفة على بيعه للبائع.

اذ لو لم يبعه لم يف بالشرط و اذا لم يف بالشرط لم تتم ملكيته (فيدور) و الشرط المستلزم للدور باطل.

(اما لو شرط ان يبيعه على غيره فانه يصح) الشرط (عندنا حيث لا منافاة فيه) اى فى هذا الشرط (للكتاب و السنة) فيشمله عموم: المؤمنون عند شروطهم.

ص: 271

لا يقال: ما التزموه من الدور آت هنا.

لانا نقول: الفرق ظاهر، لجواز ان يكون جاريا على حدّ التوكيل، او عقد الفضولى، بخلاف ما لو شرط البيع على البائع، انتهى.

______________________________

(لا يقال: ما التزموه من الدور آت هنا) اى فى ما لو شرط ان يبيعه على غيره، لان البيع للغير يتوقف على ملك المشترى للمبيع، و ملك المشترى للمبيع لا يتم الا بعد البيع، فالبيع للغير يتوقف على البيع للغير

(لانا نقول) لا دور هنا، لان (الفرق ظاهر، لجواز ان يكون) البيع للاجنبى (جاريا على حدّ التوكيل) بان يكون البائع وكيلا عن المالك (او عقد الفضولى) بان يكون البائع فضوليا- فالبيع ممكن و ليس بمستحيل- (بخلاف ما لو شرط البيع على البائع، انتهى) فانه مستحيل.

و حاصل هذا الجواب: انه لو فرضنا ان البيع الاول لم يكن صحيحا لم يعقل بيع المشترى للمتاع الى البائع، اذ يستحيل ان يباع ملك المالك الى المالك نفسه، فهل يعقل ان نبيع دار زيد لنفس زيد؟ كلا

اما مع فرض ان البيع الاول لم يكن صحيحا، يعقل بيع المتاع الى الاجنبى بعنوان كون البائع وكيلا عن المالك او فضوليا.

اذا تحقق ذلك و هو البيع الى المالك الاول لا يصح، اذا كان البيع الاول باطلا، و البيع الى الاجنبى يصح اذا كان البيع الاول باطلا.

قلنا: يتوقف الملكية للمشترى على العمل بالشرط فاذا لم يعمل بالشرط لم يكن ملكا له.

فاذا لم يكن ملكا له لم يصح بيعه للمالك، لانه من بيع الشي ء لمالكه

ص: 272

و سيأتى تقرير الدور مع جوابه فى باب النقد و النسيئة.

و قد صرح فى الدروس بان هذا الشرط باطل لا للدور، بل لعدم القصد

______________________________

و يصح بيعه لاجنبى، لانه من بيع الوكيل او بيع الفضولى.

و على هذا فيصح شرط البيع للاجنبى، لانه لا يتوقف العمل على الشرط على صحة البيع الاول، فالمشترى يتمكن ان يبيعه للاجنبى، و ان لم يكن مالكا، و لا يصح شرط البيع الى المالك نفسه لانه يتوقف العمل على الشرط على صحة البيع الاول.

اذا عرفت ذلك، نقول: الدور آت فى شرط البيع على المالك، و ليس بآت فى شرط البيع على الاجنبى.

اما الاول: فلان البيع الى المالك يتوقف على ملكية المشترى للمبيع و ملكية المشترى للمبيع متوقفة على البيع الى المالك.

و اما الثانى: فلان البيع الى الاجنبى لا يتوقف على ملكية المشترى للمبيع.

و الى منع هذه المقدمة الاولى، اشار العلامة ره بقوله: لجواز ان يكون بيع المشترى للاجنبى جاريا على حد التوكيل او عقد الفضولى، فلا تغفل.

(و سيأتى تقرير الدور مع جوابه فى باب النقد و النسيئة) ان شاء اللّه تعالى.

(و قد صرح فى الدروس بان هذا الشرط) اى شرط ان يبيعه الى المالك الاول (باطل، لا للدور، بل لعدم القصد

ص: 273

الى البيع.

و يرد عليه، و على الدور النقض بما اذا اشترط البائع على المشترى ان يقف المبيع عليه و على عقبه، فقد صرح فى التذكرة بجوازه.

و صرح بجواز اشتراط رهن المبيع على الثمن مع جريان الدور فيه

الشرط الثامن: ان يلتزم به فى متن العقد.

______________________________

الى البيع) فان المالك الّذي يشترط هذا الشرط على المشترى لا يقصد فى الحقيقة نقل المتاع عن نفسه، و الا لم يشترط هذا الشرط.

(و يرد عليه، و على الدور النقض بما اذا اشترط البائع على المشترى ان يقف المبيع عليه و على عقبه، فقد صرح فى التذكرة بجوازه) مع ان اشكال الدور، و اشكال عدم القصد آت هنا أيضا، اذ يتوقف الوقف على الملك، و يتوقف الملك على الوقف بمثل ما ذكره العلامة فى تقرير الدور، و لانه لا يقصد البائع البيع حقيقة، بل يقصد ان يوقف على نفسه و على عقبه، فكيف قالوا هنا بالصحة، و قالوا فى شرط البيع لنفسه بالبطلان.

(و صرح) صاحب التذكرة أيضا (بجواز اشتراط رهن المبيع) عند البائع (على الثمن) فاذا لم يرد المشترى، دفع الثمن الى البائع حالا (مع جريان الدور فيه) أيضا اذ لا رهن الا فى ملك، فالرهن متوقف على ملك المشترى، و ملك المشترى متوقف على الرهن.

(الشرط الثامن) من شروط صحة الشرط (ان يلتزم به) المشترى (فى متن العقد) قبل قراءة الصيغة او بعدها او فى وسطها، كان يقول: على شرط ان تخيط ثوبى بعتك الدار، او يقول: بعتك الدار على شرط ان

ص: 274

فلو تواطيا عليه قبله لم يكف ذلك فى التزام المشروط به على المشهور بل لم يعلم فيه خلاف عدا ما يتوهم من ظاهر الخلاف و المختلف، و سيأتى لان المشروط عليه ان انشأ الزام الشرط على نفسه قبل العقد، كان الزاما ابتدائيا لا يجب الوفاء به قطعا، و ان كان اثره مستمرا فى نفس الملزم الى حين العقد بل الى حين حصول الوفاء و بعده، نظير بقاء اثرا لطلب المنشأ

______________________________

تخيط ثوبى، او يقول: بعت لك على شرط ان تخيط ثوبى الدار.

و ذلك لانه لا فرق بين الاقسام الثلاثة فى شمول اطلاقات الشرط له

(فلو تواطيا) اى المتعاقدان (عليه) اى على الشرط (قبله) اى قبل العقد (لم يكف ذلك فى التزام المشروط به) فهو من قبيل الشرط الابتدائى (على المشهور) بين الفقهاء (بل لم يعلم فيه خلاف) بناء على ان الشرط الابتدائى ليس بلازم (عدا ما يتوهم من ظاهر الخلاف و المختلف، و سيأتى) كلاهما، و انما شرطنا ان يكون الشرط فى متن العقد لا ما قبله (لان المشروط عليه ان انشأ الزام الشرط على نفسه قبل العقد، كان الزاما ابتدائيا لا يجب الوفاء به قطعا) لما تقدم من ان الالزام الابتدائى لا يلزم الوفاء به، اذ الادلة خاصة بالالزام و الالتزام فى ضمن عقد و نحوه (و ان كان اثره) اى اثر الالزام «ان» وصليّة (مستمرا فى نفس الملزم)- بالكسر- (الى حين العقد) و اثره عبارة عن ارادته للشرط (بل الى حين حصول الوفاء و بعده) اى بعد الوفاء فان الانسان الّذي يريد شيئا يريده الى حين تحققه، فاذا تحقق انمحى اثر الإرادة عن نفسه، فبقاء اثر الالزام هو (نظير بقاء اثر الطلب المنشأ

ص: 275

فى زمان الى حين حصول المطلوب، و ان وعد بايقاع العقد مقرونا بالتزامه فاذا ترك ذكره فى العقد، فلم يحصل، ملزم له.

نعم يمكن ان يقال: ان العقد اذا وقع مع تواطئهما على الشرط، كان قيدا معنويا له، فالوفاء بالعقد الخاص لا يكون الا مع العمل بذلك لشرط و يكون العقد بدونه تجارة، لا عن تراض اذا التراضي وقع مقيدا بالشرط.

______________________________

فى زمان) «المنشأ» بصيغة المفعول (الى حين حصول المطلوب) بل لا اثر للشرط اذا لم يذكر فى متن العقد (و ان وعد) المشترط عليه (بايقاع العقد مقرونا بالتزامه) فشرط المشترط قبل العقد، و التزام المشروط عليه بانه يوقع العقد ملتزما به لا ينفعان، اذا لم يتحقق الشرط فى ضمن البيع (فاذا ترك ذكره) اى ذكر الشرط (فى العقد، فلم يحصل ملزم له) اى للشرط، لان المقاولة و الالزام و الالتزام الخارج عن العقد لا اثر لهما فى اللزوم.

(نعم يمكن ان يقال: ان العقد اذا وقع مع تواطئهما على الشرط كان) الشرط (قيدا معنويا له) اى للعقد (فالوفاء بالعقد الخاص) اى بهذا العقد الّذي هو من صغريات «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (لا يكون الا مع العمل بذلك الشرط) المبنى عليه، فان القرائن المكتنفة بالكلام لها مدخلية فى الكلام (و يكون العقد بدونه) اى بدون الشرط، بان لم يأت المشروط عليه بالشرط يكون (تجارة، لا عن تراض) فان المشترط لم يرض بهذه التجارة (اذا التراضي وقع مقيدا ب) هذا (الشرط) فبدون الشرط لا رضا

ص: 276

فانهم قد صرحوا بان الشرط كالجزء من احد العوضين، فلا فرق بين ان يقول: بعتك العبد بعشرة، و شرطت لك ماله، و بين تواطئهما على كون مال العبد للمشترى، فقال: بعتك العبد بعشرة، قاصدين العشرة المقرونة بكون مال العبد للمشترى هذا مع ان الخارج من عموم، المؤمنون عند شروطهم هو ما لم يقع العقد مبنيا عليه، فيعمّ محل الكلام.

و على هذا فلو تواطيا على شرط فاسد، فسد العقد المبنى عليه و ان لم يذكر

______________________________

(ف) ان قلت: الشرط لا يرتبط بالرضا، لان الرضا كان لاجل تبادل المثمن بالثمن و هذا حاصل.

قلت: الشرط كجزء من احد العوضين، فالرضا منوط به، ل (انهم قد صرّحوا بان الشرط كالجزء من احد العوضين، فلا فرق بين ان يقول بعتك العبد بعشرة، و شرطت لك ماله) شرطا لفظيا (و بين تواطئهما على كون مال العبد للمشترى، فقال) البائع (بعتك العبد بعشرة، قاصدين) اى البائع و المشترى (العشرة المقرونة بكون مال العبد للمشترى) فلا فرق بينهما لدى العرف، فيشمله دليل الشرط (هذا) وجه الاستدلال بآية:

تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ، (مع ان الخارج من عموم: المؤمنون عند شروطهم هو ما لم يقع العقد مبنيا عليه، فيعمّ) العموم (محل الكلام) الّذي هو الشرط البنائى المتواطئ عليه.

(و على هذا) الّذي ذكرنا من شمول الشرط للشرط الضمنى (فلو تواطيا على شرط فاسد، فسد العقد المبنى عليه) اذا قلنا: بان الشرط الفاسد، مفسد (و ان لم يذكر) الشرط

ص: 277

فيه.

نعم لو نسيا الشرط المتواطأ عليه فاوقعا العقد غير بانين على الشرط بحيث يقصد ان من العوض المقرون بالشرط اتجه صحة العقد، و عدم لزوم الشرط.

هذا، و لكن الظاهر من كلمات الاكثر عدم لزوم الشرط غير المذكور فى متن العقد، و عدم اجراء احكام الشرط عليه، و ان وقع العقد مبنيا عليه، بل فى الرياض عن بعض الاجلة حكاية

______________________________

(فيه) اى فى العقد، لما عرفت من انه لا فرق بين الشرط المذكور فى العقد و الشرط المبنى عليه.

(نعم لو نسيا الشرط المتواطأ عليه) من قبل (فاوقعا العقد غير بانين على الشرط بحيث يقصد ان من العوض) العوض (المقرون بالشرط) اى لم يقصدا هكذا.

فقوله «بحيث» بيان لمدخول غير، فالمعنى لم يقصدا عوضا مقرونا بالشرط (اتّجه صحة العقد، و عدم لزوم الشرط) لانه لا شرط اصلا.

(هذا و لكن الظاهر من كلمات الاكثر عدم لزوم الشرط غير المذكور فى متن العقد، و عدم اجراء احكام الشرط عليه، و ان وقع العقد مبنيا عليه).

فانهم يحصرون الشرط اللازم الوفاء بالشرط اللفظى، فلا يشمل الشرط المتواطئ عليه دليل الشرط، كما انه تجارة عن تراض، فانه لا اعتبار الا بالرضا الّذي ذكر فى متن العقد (بل فى الرياض عن بعض الاجلة حكاية

ص: 278

الاجماع على عدم لزوم الوفاء بما يشترط لا فى عقد بعد ما ادعى هو قدس سره الاجماع على انه لا حكم للشروط اذا كانت قبل عقد النكاح، و تتبع كلماتهم فى باب البيع و النكاح يكشف عن صدق ذلك المحكى فتريهم يجوزون فى باب الربا و الصرف الاحتيال فى تحليل معاوضة احد المتجانسين بازيد منه ببيع الجنس بمساويه ثم هبة الزائد من دون ان يشترط ذلك فى العقد.

______________________________

الاجماع على عدم لزوم الوفاء بما يشترط الا فى عقد) بل فى خارج العقد و ان بنى العقد عليه (بعد ما ادعى هو قدّس سره الاجماع على انه لا حكم للشروط اذا كانت) تلك الشروط مذكورة (قبل عقد النكاح، و) كلامه صحيح لان (تتبع كلماتهم فى باب البيع و النكاح يكشف عن صدق ذلك المحكى) اى ما حكاه بعض الاجلّة (فتريهم يجوزون فى باب الربا و الصرف)

ففى باب الربا لا يجوز زيادة احد المتجانسين عن الآخر اذا كان مكيلا او موزونا فلا يجوز بيع كيلو من الحنطة بكيلو و نصف.

و فى باب الصرف و هو عبارة عن بيع النقود، لا يجوز زيادة احدهما على الآخر (الاحتيال) المراد بالحيلة العلاج، و الفرار من الحرام الى الحلال، قال الامام عليه السلام «و لا تمكر بى فى حيلتك» و من هذا القبيل باب الحيل المذكور فى الفقه، لا المراد الحيلة بمعنى الشيطنة كما هو اصطلاح العرف (فى تحليل معاوضة احد المتجانسين بازيد منه) اى من الاحتيال (ببيع الجنس بمساويه ثم هبة الزائد من دون ان يشترط ذلك فى العقد).

ص: 279

فان الحيلة لا تتحقق الا بالتواطؤ على هبة الزائد بعد البيع و التزام الواهب بها قبل العقد مستمرا الى ما بعده.

و قد صرح المحقق و العلامة فى باب المرابحة بجواز ان يبيع الشي ء من غيره بثمن زائد مع قصدهما نقله بعد ذلك الى البائع، ليخبر بذلك الثمن عند بيعه مرابحة اذا لم يشترطا ذلك لفظا.

______________________________

وجه الاستدلال بهذا على ان الشرط الخارج لا يؤثر ما ذكره بقوله:

(فان الحيلة لا تتحقق الا بالتواطؤ) قبل العقد (على هبة الزائد بعد البيع و التزام الواهب بها) اى بالهبة (قبل العقد) التزاما (مستمرّا الى ما بعده).

فلو كان هذا الشرط المقدم المبنى عليه العقد مؤثرا فى العقد لزم الربا، لان جانب الشرط زائد على الجانب الّذي لا شرط فيه.

لكن الظاهر ان مرادهم التواطؤ بدون بناء العقد عليه، و الاعتماد على الاقوال فقط و مثل هذا قد نجده بين المتدينين الآن.

(و قد صرح المحقق و العلامة فى باب المرابحة) و هو البيع بالربح مع اخبار البائع بقدر رأس المال (بجواز ان يبيع الشي ء من غيره بثمن زائد مع قصدهما نقله) اى المبيع (بعد ذلك الى البائع، ليخبر) المشترى البائع (بذلك الثمن) الّذي فيه الزيادة (عند بيعه مرابحة اذا لم يشترطا) و هما البائع الاول و المشترى (ذلك) النقل الى البائع بعد البيع (لفظا).

مثلا: اشترى خالد من بكر كتابا بعشرة- بينما الكتاب يسوى خمسة-

ص: 280

و معلوم ان المعاملة لاجل هذا الغرض لا يكون الا مع التواطؤ و الالتزام بالنقل ثانيا.

نعم خصّ فى المسالك ذلك بما اذا وثق البائع بان المشترى ينقله إليه من دون التزام ذلك، و ايقاع العقد على هذا الالتزام، لكنه

______________________________

ثم اشتراه البائع من المشترى بعشرة، و ذلك لان يخبر البائع عند ما يريد بيعه لهذا بانه اشتراه بعشرة.

و مثله ما لو اشترى زيد من محمّد قلما بعشرة دراهم و تواطئا على ان يرد عليه البائع خمسة، و فائدة ذلك انه اذا اراد المشترى بيع القلم باحد عشر مرابحة اخبر بانه اشتراه بعشرة فان هذا البناء لو كان بمنزلة الشرط كان اللازم على المشترى الّذي يريد بيعه مرابحة ان يقول اشتريته بعشرة بشرط ان يرد عليّ خمسة اذ يلزم فى بيع المرابحة ذكر الشرط الّذي يرتفع او ينتقص منه الثمن.

(و معلوم ان المعاملة لاجل هذا الغرض) اى ردّ المشترى على البائع المثمن (لا يكون الا مع التواطؤ و الالتزام بالنقل) للمتاع الى البائع (ثانيا).

اقول لكن فيه ان الظاهر كون مرادهم التزام قولى، لا من قبيل الشرط

(نعم خصّ فى المسالك ذلك) الالتزام بالنقل الّذي اشار إليه بقوله «بجواز ان يبيع» (بما اذا وثق البائع بان المشترى ينقله إليه من دون التزام ذلك، و) من دون (ايقاع العقد على هذا الالتزام) فهو من قبيل التعهد اللفظى، لا انه من قبيل الشرط (لكنه) اى كلام المسالك

ص: 281

تقييد لاطلاق كلماتهم، خصوصا مع قولهم: اذا لم يشترطا لفظا.

و بالجملة فظاهر عبارتى الشرائع و التذكرة ان الاشتراط و الالتزام من قصدهما، و لم يذكراه لفظا، لا ان النقل من قصدهما، فراجع.

______________________________

(تقييد لاطلاق كلماتهم) بدون دليل على، هذا التقييد (خصوصا مع قولهم: اذا لم يشترطا لفظا) مما يدل على ان اشتراطهم الالتزامى و البنائى غير ضار.

اللهم الا ان يقال: ان مرادهم من اللفظ الاعم من اللفظ فى ضمن العقد، او اللفظ المبنى عليه العقد.

(و بالجملة فظاهر عبارتى الشرائع و التذكرة ان الاشتراط و الالتزام من قصدهما) اى فى مسئلة البيع مرابحة التى ذكرها بقوله «و قد صرح المحقق و العلامة» (و لم يذكراه) اى لم يذكر المتبايعان الاشتراط (لفظا) عند العقد، و عليه فالشرط البنائى عند المحقق و العلامة لا اعتبار به (لا) ان الظاهر من عبارة المحقق و العلامة (ان النقل من قصدهما) اى قصد المتبايعين، و عليه فالشرط البنائى له اعتبار (فراجع) عبارتى الشرائع و التذكرة.

و الحاصل: ان المتبايعين قد يشترطان النقل لفظا.

و قد يلتزمان به من دون لفظ.

و قد يقصد انه بدون لفظ و بدون التزام، و كلامنا فى انه هل القسم الثانى ملزم أم لا؟

فالشيخ يقول ان المشهور قالوا بانه غير ملزم، و استدلاله بعبارتى

ص: 282

و أيضا فقد حكى عن المشهور ان عقد النكاح المقصود فيه الاجل و المهر المعين اذا خلى عن ذكر الاجل ينقلب دائما.

نعم ربما ينسب الى الخلاف و المختلف صحة اشتراط عدم الخيار قبل عقد البيع.

______________________________

الشرائع و العلامة فان كانت عبارتهما ظاهرة فى القسم الثانى تحقق كلام الشيخ.

اما اذا كان كلاهما فى القسم الثالث لم يتحقق كلام الشيخ و بينما صاحب المسالك يقول ان كلام المشهور فى القسم الثالث، و الظاهر لدى أيضا ما ذكره المسالك لا ما ذكره المصنف ره.

(و أيضا) يدل على ان الشرط البنائى لا اثر له ما ذكروه فى باب النكاح (فقد حكى عن المشهور ان عقد النكاح المقصود فيه الاجل و المهر المعين) اى اذا كان قصدهما المتعة (اذا خلى عن ذكر الاجل ينقلب دائما) مع ان الشرط البنائى موجود، و انما لم يلفظ به اشتباها، فيدل كلامهم على ان الشرط البنائى لا ينفع.

و فيه ان ذلك ثبت بالنص، و الا كان اللازم البطلان، اذ لا شك فى ان العقود تتبع القصود، و هما لم يقصدا الدوام، فليس المقام من باب ما ذكره المصنف، بل امر ثابت بالنص الخاص.

(نعم ربما ينسب الى الخلاف و المختلف صحة اشتراط عدم الخيار قبل عقد البيع) و بناء العقد عليه، فانه يوجب سقوط الخيار مع انه لا لفظ فيه، فان هذا يدل على ان الشرط البنائى كاف فى لزوم العمل به

ص: 283

لكن قد تقدم فى خيار المجلس النظر فى هذه النسبة الى الخلاف، بل المختلف فراجع.

ثم ان هنا وجها آخر لا يخلو عن وجه، و هو بطلان العقد الواقع على هذا الشرط، لان الشرط من اركان العقد المشروط، بل عرفت انه كالجزء من احد العوضين، فيجب ذكره فى الايجاب و القبول، كاجزاء العوضين.

______________________________

(لكن قد تقدم فى خيار المجلس النظر فى) صحة (هذه النسبة الى الخلاف، بل) النظر فى نسبته الى (المختلف) أيضا (فراجع) ما ذكرناه فى خيار المجلس.

(ثم ان هنا) اى فى باب عدم ذكر الشرط فى متن العقد مع البناء عليه قبلا (وجها آخر) غير ما ذكر.

فان بعضهم ذكر صحة العقد و الشرط، و بعضهم ذكر صحة العقد دون الشرط، و الوجه الآخر الّذي يذكره الآن، هو بطلان العقد و الشرط معا.

و هذا الوجه (لا يخلو عن وجه) اى عن دليل (و هو بطلان العقد الواقع على هذا الشرط) البنائى الّذي لم يذكر فى متن العقد (لان الشرط من اركان العقد المشروط) اذ العقد مقيد به، و المقيد بدون القيد كالعدم (بل عرفت انه) اى الشرط (كالجزء من احد العوضين، فيجب ذكره فى الايجاب و القبول، ك) سائر (اجزاء العوضين) فاذا لم يذكر فكانّه لم يذكر الجزء، و من المعلوم ان العقد بدون ذكر اجزائه باطل.

ص: 284

و قد صرح الشهيد فى غاية المراد بوجوب ذكر الثمن فى العقد و عدم الاستغناء عنه بذكره سابقا، كما اذا قال: بعنى بدرهم، فقال: بعتك فقال المشترى، قبلت و سيأتى فى حكم الشرط الفاسد كلام من المسالك ان شاء الله تعالى.

و قد يتوهم هنا شرط تاسع و هو تنجيز الشرط بناء على ان تعليقه يسرى الى العقد

، بعد ملاحظة رجوع الشرط الى جزء من احد

______________________________

(و قد صرح الشهيد فى غاية المراد بوجوب ذكر الثمن فى العقد و عدم الاستغناء عنه) اى عن ذكر الثمن (بذكره سابقا، كما اذا قال) المشترى (بعنى بدرهم، فقال) البائع (بعتك) بدون ذكر: بدرهم (فقال المشترى: قبلت).

لكن الظاهر انه لا وجه لهذا القول، بل الشرط البنائى كاف لانه متعارف عرفا و لم يردع عنه الشارع فتشمله ادلة الشروط (و سيأتى فى حكم الشرط الفاسد كلام من المسالك ان شاء الله تعالى).

كما ان الظاهر ان الشرط الفاسد ليس مفسدا، لانه الزام فى الزام فاذا بطل الالزام الثانى لم يستلزم عرفا الا الخيار فى الالزام الاول، لا البطلان.

(و قد يتوهم هنا شرط تاسع و هو تنجيز الشرط) مثل ان يقول: بعتك على ان تخيط لى ان جاء زيد.

و انما يجب تنجيز الشرط (بناء على ان تعليقه يسرى الى العقد) و انما يسرى الى العقد (بعد ملاحظة رجوع الشرط الى جزء من احد

ص: 285

العوضين، فان مرجع قوله: بعتك هذا بدرهم على ان تخيط لى ان جاء زيد على وقوع المعاوضة بين المبيع و بين الدرهم المقرون بخياطة الثوب على تقدير مجي ء زيد، بل يؤدى الى البيع بثمنين على تقديرين فباعه بالدرهم المجرد على تقدير عدم مجي ء زيد و بالدرهم المقرون مع خياطة الثوب على تقدير مجيئه.

و يندفع بان الشرط هو الخياطة على تقدير المجي ء

______________________________

العوضين) و من المعلوم ان العقد المعلق باطل- كما تقدم فى شرائط العقد-.

اما كيف يرجع تعليق الشرط الى تعليق العقد لما ذكره بقوله: (فان مرجع قوله: بعتك هذا بدرهم على ان تخيط لى) ثوبى (ان جاء زيد) مرجعه (على وقوع المعاوضة بين المبيع) من جانب (و بين الدرهم المقرون بخياطة الثوب على تقدير مجي ء زيد) من جانب آخر، و هذا عين التعليق، لان تعليق الجزء يوجب تعليق الكل، فان النتيجة تابعة لأخسّ المقدمتين (بل يؤدي الى البيع بثمنين على تقديرين) و هو باطل قطعا، لانه لم يتحقق العقد- على ما ذكروا-.

و بيان ذلك ما ذكره بقوله: (فباعه بالدرهم المجرّد على تقدير عدم مجي ء زيد) لانه لا خياطة حينئذ (و بالدرهم المقرون مع خياطة الثوب على تقدير مجيئه) اى مجي ء زيد فهذان وجهان للزوم عدم التعليق فى الشرط.

(و يندفع) كلا الوجهين (بان الشرط هو الخياطة على تقدير المجي ء

ص: 286

لا الخياطة المطلقة ليرجع التعليق الى اصل المعاوضة الخاصة.

و مجرّد رجوعهما- فى المعنى- الى امر واحد لا يوجب البطلان.

و لذا اعترف بعضهم بان مرجع قوله: انت وكيلى اذا جاء رأس الشهر فى ان تبيع و انت وكيلى فى ان تبيع اذا جاء رأس الشهر الى واحد،

______________________________

لا الخياطة المطلقة) فهو من قبيل ان يقول «خيّط لى يوم الجمعة» فليس معنى ذلك ان الخياطة معلقة، بل معناه تحديدها بشرط خاص او بزمان خاص او بمكان خاص، و هذا لا يسمّى تعليقا.

و على التقادير الثلاثة ليس هناك تعليق فى الشرط و ما اشبه (ليرجع التعليق الى اصل المعاوضة الخاصة) اى المعاوضة المقيدة بهذا الشرط.

(و) ان قلت: لا فرق بين ان يقول: الشرط هو الخياطة على تقدير المجي ء و بين ان يقول: الشرط هو ان جاء زيد فخيّطه، و كما ان الثانى تعليق كذلك الاول.

قلت: (مجرد رجوعهما- فى المعنى-) و الواقع (الى امر واحد لا يوجب البطلان) و إلا لزم بطلان الجعالة فيما تبطل فيه الاجارة للجهالة، و هكذا، و الحال ان لكل موضوع حكمه- و ان كانت النتيجة واحدة-.

(و لذا) الّذي ذكرنا من ان كون المرجع امرا واحد الا يوجب البطلان (اعترف بعضهم بان مرجع قوله: انت وكيلى اذا جاء رأس الشهر فى ان تبيع) حيث ان الوكالة معلقة بمجي ء رأس الشهر (و انت وكيلى فى ان تبيع اذا جاء رأس الشهر) حيث ان الوكالة من الآن و البيع معلق (الى واحد)

ص: 287

مع الاتفاق على صحة الثانى، و بطلان الاول.

نعم ذكره فى التذكرة انه لو شرط البائع كونه احق بالمبيع لو باعه المشترى ففيه اشكال، لكن لم يعلم ان وجهه تعليق الشرط، بل ظاهر عبارة التذكرة، و كثير منهم فى بيع الخيار بشرط ردّ الثمن كون الشرط- و هو الخيار- معلقا على ردّ الثمن.

و قد ذكرنا ذلك سابقا فى بيع الخيار.

______________________________

و هو البيع اوّل الشهر (مع الاتفاق على صحة الثانى) لان الوكالة منجّزة (و بطلان الاول) لان الوكالة معلّقة.

(نعم ذكره فى التذكرة) الاشكال فى الشرط المعلّق، فقال: (انه لو شرط البائع كونه احق بالمبيع لو باعه المشترى) اى اراد بيعه (ففيه اشكال، لكن لم يعلم ان وجهه تعليق الشرط) بإرادة البيع (بل ظاهر عبارة التذكرة، و كثير منهم فى بيع الخيار بشرط ردّ الثمن) بان شرط فى عقد البيع ان المشترى ان ردّ الثمن فله الفسخ (كون الشرط- و هو الخيار- معلقا على ردّ الثمن) فالبيع انما يكون بشرط الخيار المعلق، و منه يعلم ان العلامة لا يستشكل فى الشرط المعلق.

(و قد ذكرنا ذلك) الخيار بشرط ردّ الثمن (سابقا فى بيع الخيار) فراجع.

ص: 288

مسألة فى حكم الشرط الصحيح
اشارة

و تفصيله ان الشرط اما ان يتعلق بصفة من صفات المبيع الشخصى ككون العبد كاتبا و الجارية حاملا و نحوهما.

و اما ان يتعلق بفعل من افعال احد المتعاقدين او غيرهما، كاشتراط اعناق العبد و خياطة الثوب.

______________________________

(مسألة: فى حكم الشرط الصحيح) و بيان اىّ شرط صحيح، و اىّ شرط غير صحيح (و تفصيله ان الشرط اما ان يتعلق بصفة من صفات المبيع الشخصى) و ذكر الشخصى لانه اذا كان المبيع كليا، كما اذا باعه كتابا بصفة كذا فسلمه كتابا ليس بتلك الصفة فان المشترى ليس له خيار الفسخ و انما له ان لا يقبل هذا الفرد، و يطالب البائع بتسليم فرد آخر مشتمل على الشرط (ككون العبد كاتبا و الجارية حاملا و نحوهما) من الصفات الفعلية او الماضية، كان يشترط عليه ان لا يكون للعبد سابقة سوء، او المستقبلة كان يشترط ان تكون الجارية ولودا.

(و اما ان يتعلق بفعل من افعال احد المتعاقدين او غيرهما) سواء كان فعل الغير باختيار احدهما، او خارجا عن اختيارهما (كاشتراط اعتاق العبد و خياطة الثوب) سواء كان ذلك بالنسبة الى احد المتعاقدين او بالنسبة الى ثالث.

و هذا تارة يكون مع سلطة احد المتعاقدين عليه، كان يشترط عليه ان يخيط ثوبه خيّاط البائع، فان الخياط تحت سلطة البائع بمعنى

ص: 289

و اما ان يتعلق بما هو من قبيل الغاية للفعل، كاشتراط تملك عين خاصة و انعتاق مملوك خاص و نحوهما.

و لا اشكال فى انه لا حكم للقسم الاول، الا الخيار مع تبين فقد الوصف المشروط، اذ لا يعقل تحصيله هنا فلا معنى لوجوب الوفاء فيه، و عموم:

______________________________

ان البائع يتمكن من بعثه على الخياطة.

و تارة اخرى يكون بلا سلطة احد المتعاقدين كان يشترى داره على شرط ان تفتح الحكومة شارعا من امام الدار.

(و اما ان يتعلق بما هو من قبيل الغاية للفعل، كاشتراط تملك) المشترى من البائع (عين خاصة و انعتاق مملوك خاص) للبائع (و نحوهما) و اشتراط زوجية بنت البائع للمشترى مثلا.

(و لا اشكال فى انه لا حكم للقسم الاول) الّذي تعلق الشرط فيه بصفة من صفات البيع (الا الخيار مع تبين فقد الوصف المشروط).

و انما لا اشكال (اذ لا يعقل تحصيله هنا) اذ المشروط هو الوصف فى حال البيع، و المفروض انه غير موجود.

نعم لو كان الشرط بحيث يشمله الوصف المفقود الّذي سوف يحصل قبل القبض او حتى بعده، كما اذا اراد المشترى ان يكون العبد كاتبا حين تسليمه إليه، و جعله المشترط كاتبا بين البيع و بين القبض، لم يكن له خيار، لكنه خارج عن مفروض المتن (فلا معنى لوجوب الوفاء فيه) اذ وجوب الوفاء انما هو فيما وقع التراضي عليه، و هذا لم يقع التراضي عليه (و عموم

ص: 290

المؤمنون، مختص بغير هذا القسم.

و اما الثالث فان اريد باشتراطه الغاية اعنى الملكية و الزوجية و نحوهما، اشتراط تحصيلهما باسبابهما الشرعية، فيرجع الى الثانى، و هو اشتراط الفعل.

و ان اريد حصول الغاية بنفس الاشتراط فان دلّ الدليل الشرعى على عدم تحقق تلك الغاية الا بسببها الشرعى الخاص كالزوجية

______________________________

المؤمنون، مختص بغير هذا القسم) اذ لا موضوع، فلا حكم.

(و اما الثالث) و هو ما اذا تعلق الشرط بما هو من قبيل الغاية للفعل (فان اريد باشتراطه الغاية اعنى الملكية و الزوجية و نحوهما) كالانعتاق (اشتراط تحصيلهما باسبابهما الشرعية، فيرجع الى الثانى و هو اشتراط الفعل).

فمعنى شرط زوجية المشترى لبنت البائع: ان يزوجه البائع ابنته.

و معنى شرطية ملكية المشترى لدار البائع ان يبيعه البائع داره او يهبه له، فاذا كان هناك اسباب متعددة يمكن الوصول بها الى تلك الغاية يحق للبائع اختيار اىّ سبب شاء، كان يبيعه، او يهبه، او يصالحه او ما اشبه، لان الشرط حصول هذه الغاية باىّ سبب كان.

(و ان اريد حصول الغاية بنفس الاشتراط فان دلّ الدليل الشرعى على عدم تحقق تلك الغاية الا بسببها الشرعى الخاص كالزوجية) التى لا تتحقق الا بالصيغة الخاصّة.

نعم لعل التحليل للامة يقع بلا عقد و يكفى فيه الشرط- لكن الكلام

ص: 291

و الطلاق و العبودية و الانعتاق و كون المرهون مبيعا عند انقضاء الاجل و نحو ذلك، كان الشرط فاسدا، لمخالفته للكتاب و السنة كما انه لو دلّ الدليل على كفاية الشرط فيه كالوكالة و الوصاية و كون مال العبد و حمل الجارية و ثمر الشجرة ملكا للمشترى، فلا

______________________________

ليس فى هذا الموضوع- (و الطلاق) الّذي يحتاج الى الصيغة (و العبودية) التى تحتاج الى اسبابها الخاصة من بيع، او نحوه، او اسر او شرط فى ضمن النكاح ان يكون ولد الحرة و العبد- المتزوجين- عبدا ان قلنا بصحة هذا الشرط فانه لا تتحقق بدون هذه الاسباب الخاصة (و الانعتاق) الّذي يحتاج الى صيغة التحرير (و كون المرهون مبيعا) بنفسه (عند انقضاء الاجل) بدون اجراء صيغة البيع (و نحو ذلك) ككون المرأة الاجنبية وارثة (كان) ذلك (الشرط فاسدا، لمخالفته للكتاب و السنة).

اذ الكتاب و السنة جعلا لهذه الغايات اسبابا خاصة، و الشرط ليس من اسبابها، فلا يكون الشرط مشرعا (كما انه لو دلّ الدليل على كفاية الشرط فيه) اى فى حصول تلك الغاية المشروطة (كالوكالة و الوصاية) بان باعه شيئا بشرط ان يكون المشترى وكيله، او وصيه، او وليه، او قيما على اولاده، او ما اشبه ذلك (و كون مال العبد) فيما لو باعه العبد بشرط ان يكون ماله للمشترى (و حمل الجارية) فيما اذا باع الجارية له و هى حامل من غير المولى بما يصح انتقال الحمل، فشرط ان الحمل للمشترى (و ثمر الشجرة) فيما اذا باعها بشرط ان يكون الثمر (ملكا للمشترى، فلا

ص: 292

اشكال.

و اما لو لم يدل دليل على احد الوجهين، كما لو شرط فى البيع كون مال خاص غير تابع لاحد العوضين- كالامثلة المذكورة- ملكا لاحدهما، او صدقة، او كون العبد الفلانى حرا و نحو ذلك.

______________________________

اشكال) فى صحة الشرط، لانه لم يعلم من الشارع احتياج هذه الامور الى اسباب خاصة.

و حيث ان العرف يرى كفاية الشرط، و الشارع سكت عن ذلك فهو امضاء منه للامر العرفى.

(و اما لو لم يدل دليل على احد الوجهين) و هل ان هذه الغاية تحتاج الى سبب خاص، أم تتحقق بكل سبب و لو بالشرط؟ (كما لو شرط فى البيع كون مال خاص غير تابع لاحد العوضين- كالامثلة المذكورة-) اى امثلة الحمل، و الثمر، و مال العبد حيث انها تابعة لاحد العوضين.

و مثال ما ليس بتابع كما لو باع داره بشرط ان يكون قلمه للمشترى، فان القلم ليس تابعا للدار (ملكا لاحدهما، او صدقة، او كون العبد الفلانى حرا) الحرية غير الانعتاق.

فان الاول غير منسوب الى الفاعل، و الثانى انفعال لا بد فيه من الفعل، و لذا جعل الانعتاق كالزوجية مما يحتاج الى سبب خاص و جعل الحرية مما يشك فيه هل انه من هذا القبيل او من قبيل تملك التابع كالحمل؟ (و نحو ذلك) من سائر ما يشك هل ان الشارع قرر له اسبابا خاصة، أم لا؟

ص: 293

ففى صحة هذا الشرط اشكال من اصالة عدم تحقق تلك الغاية الا بما علم كونه سببا لها.

و عموم المؤمنون عند شروطهم، و نحوه لا يجرى هنا، لعدم كون الشرط فعلا ليجب الوفاء به، و من ان الوفاء لا يختص بفعل ما شرط، بل يشمل ترتيب الآثار عليه نظير الوفاء بالعهد.

______________________________

(ففى صحة هذا الشرط) اى شرط الغاية (اشكال من اصالة عدم تحقق تلك الغاية الا بما علم كونه سببا لها) فلا يصلح الشرط.

(و) ان قلت: المؤمنون عند شروطهم، عامّ يشمل كل شرط الا الشرط الّذي علم خروجه، و حيث لا نعلم بخروج هذا الشرط فهو داخل فى العموم.

قلت: (عموم المؤمنون عند شروطهم، و نحوه لا يجرى هنا، لعدم كون الشرط فعلا) من افعال المشروط عليه (ليجب الوفاء به) فان وجوب الوفاء انما يتعلق بالافعال، و الغاية المشروطة ليست من الافعال (و من ان الوفاء) بالشرط المستفاد من: المؤمنون عند شروطهم (لا يختص بفعل ما شرط) فلا يلازم الوفاء فعل المشروط عليه (بل يشمل) أيضا (ترتيب الآثار عليه) اى على ما شرط، فاذا شرط ملكية داره للمشروط عليه، كان معنى الشرط ترتيب آثار الملكية للمشروط له على الدار (نظير الوفاء بالعهد) فاذا قال: عاهدت اللّه ان تكون الدار لزيد، كان معناه ترتيب آثار ملكية الدار لزيد، فهو فعل أيضا، لكنه فعل ترتيب الآثار، لا فعل تمليك او نحوه.

ص: 294

و يشهد له تمسك الامام عليه السلام بهذا العموم فى موارد كلها من هذا القبيل، كعدم الخيار للمكاتبة التى اعانها ولد زوجها على اداء مال الكتابة مشترطا عليها عدم الخيار على زوجها بعد الانعتاق، مضافا الى كفاية دليل الوفاء بالعقود فى ذلك بعد صيرورة الشرط جزء للعقد

______________________________

(و يشهد له) اى لان: المؤمنون، شامل لترتيب الآثار كما يشمل الافعال (تمسك الامام عليه السلام بهذا العموم) اى عموم: المؤمنون عند شروطهم (فى موارد كلها من هذا القبيل) اى من قبيل ترتيب الآثار، لا من قبيل الافعال (كعدم الخيار للمكاتبة التى اعانها ولد زوجها على اداء مال الكتابة مشترطا عليها) اى ان ولد الزوج اشترط عليها عند قراره معها ان يؤدى عنها مال الكتابة (عدم الخيار على زوجها) فى ابطال نكاحها (بعد الانعتاق) فان الجارية المكاتبة اذا ادت مال الكتابة كان لها الخيار فى البقاء على نكاحها و فى ابطال نكاحها.

لكن اذا شرط عليها عدم الخيار، لم يكن لها ذلك، فهذا دليل على ان الشرط يقتضي ترتيب الآثار، لا انه خاص بالفعل.

اللهم الا ان يقال: ان الرواية ليست دليلا، لان ترك الابطال للنكاح فعل أيضا، كما اذا شرط عدم الذهاب الى بيت زيد (مضافا الى كفاية دليل الوفاء بالعقود) اى قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و نحوه (فى ذلك) اى فى شموله لشرط الغاية، اى بالإضافة الى شمول دليل:

المؤمنون عند شروطهم، له (بعد صيرورة الشرط جزء للعقد) اذ الشرط جزء عرضى، او كالجزء- كما تقدم- و: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، يقول: اوف بكل

ص: 295

و اما توقف الملك و شبهه على اسباب خاصة فهى دعوى غير مسموعة مع وجود افراد اتفق على صحتها، كما فى حمل الجارية، و مال العبد، و غيرهما.

و دعوى تسويغ ذلك لكونها توابع للمبيع، مدفوعة، لعدم صلاحية

______________________________

اجزاء العقد، و ما يرتبط بالعقد، فاللازم الوفاء بهذا الشرط أيضا، و ان كان شرطا موجها، و بهذا تحقق ان الاقوى هو هذا الوجه الّذي ذكره بقوله «و من ان الوفاء لا يختص».

(و) ان قلت: الملك و ما اشبه متوقف على اسباب خاصة، فلا يمكن ايجاده بالشرط.

قلت: (اما توقف الملك و شبهه على اسباب خاصة) كالبيع، و الهبة، و الصلح، و نحوها فلا يتحقق بالشرط (فهى دعوى غير مسموعة مع وجود افراد) من التمليك بدون تلك الاسباب (اتفق) الفقهاء (على صحتها) اذ لو كان الملك يتوقف على اسباب خاصة لم يتحقق بدون تلك الاسباب و الحال انا نرى تحققه باتفاق الفقهاء (كما فى حمل الجارية، و مال العبد، و غيرهما) كبيض الدجاجة، و ثمرة الشجرة، فانها اذا انتقل الاصل انتقل الفرع بالتبع بدون سبب آخر غير الفرعية.

(و دعوى تسويغ ذلك) شرعا، فانه فرق بين كون الشرط موجبا للملك و بين ما اذا كانت التبعية موجبة للملك، فان الثانى جائز (لكونها توابع للمبيع) دون الاول (مدفوعة).

أولا: (لعدم صلاحية

ص: 296

ذلك للفرق مع انه يظهر من بعضهم جواز اشتراط ملك حمل دابة فى بيع اخرى كما يظهر من المحقق الثانى فى شرح عبارة القواعد فى شرائط العوضين، و كل مجهول مقصود بالبيع لا يصح بيعه، و ان انضم الى معلوم.

و كيف كان، فالاقوى صحة اشتراط الغايات التى لم يعلم من الشارع اناطتها باسباب خاصة.

______________________________

ذلك) الّذي ذكرتم من الفارق (للفرق) اذ ان الملك لو كان يحصل باسباب خاصة فالتبعية و الشرط كلاهما ليسا من تلك الاسباب، و لو كان الملك لا يحتاج الى اسباب خاصة، فكلاهما جائز.

ثانيا: (مع انه يظهر من بعضهم جواز اشتراط ملك حمل دابة فى بيع اخرى) مع ان حمل الدابة ليس تابعا لدابة اخرى.

فمن هذا الكلام يظهر ان الشرط من موجبات الملك، و انه ليس لتسويغ ذلك من جهة كونه من توابع البيع (كما يظهر) ذلك (من المحقق الثانى فى شرح عبارة القواعد فى شرائط العوضين).

و عبارة القواعد هى هذه (و كل مجهول مقصود بالبيع لا يصح بيعه و ان انضم الى معلوم).

فان المحقق الثانى ذكر فى شرح هذه العبارة ما تقدم من جواز بيع الحمل تبعا لحيوان آخر.

(و كيف كان، فالاقوى صحة اشتراط الغايات التى لم يعلم من الشارع اناطتها باسباب خاصة) و بنفس الشرط تقع تلك الغاية.

ص: 297

كما يصح نذر مثل هذه الغايات بان ينذر كون المال صدقة او الشاة اضحية او كون هذا المال لزيد.

و حينئذ فالظاهر عدم الخلاف فى وجوب الوفاء بها بمعنى ترتيب الآثار.

و انما

الخلاف و الاشكال فى القسم الثانى، و هو ما تعلق فيه الاشتراط بفعل، و الكلام فيه يقع فى مسائل.
الاولى: فى وجوب الوفاء من حيث التكليف الشرعى،

ظاهر المشهور هو الوجوب لظاهر النبوى: المؤمنون عند شروطهم،

______________________________

(كما يصح نذر مثل هذه الغايات بان ينذر كون المال صدقة او) كون (الشاة اضحية) بحيث لا من التصرف فيها لغير الاضحية (او كون هذا المال لزيد) او ما اشبه ذلك.

(و حينئذ) اى حين نذر هذه الامور (فالظاهر عدم الخلاف فى وجوب الوفاء بها) اى بهذه النذور (بمعنى ترتيب الآثار) اى آثار الصدقة و الاضحية، فلا يجوز التصرف فى المال و فى آثار مالكية زيد.

(و) اذا ظهر حال القسم الاول و القسم الثالث من الشرط فنقول:

(انما الخلاف و الاشكال فى القسم الثانى، و هو ما تعلق فيه الاشتراط بفعل) من افعال المكلف (و الكلام فيه يقع فى مسائل).

(الاولى: فى وجوب الوفاء) بالشرط (من حيث التكليف الشرعى) اى الحكم التكليفى.

و (ظاهر المشهور هو الوجوب لظاهر النبوى: المؤمنون عند شروطهم)

ص: 298

و العلوى من شرط لامرأته شرطا فليف لها به فان المسلمين عند شروطهم، الا شرطا حرم حلالا او حلل حراما و يؤكد الوجوب ما ارسل فى بعض الكتب من زيادة قوله: الا من عصى اللّه، فى النبوى، بناء على كون الاستثناء من المشروط عليه، لا من الشارط.

هذا كله مضافا الى عموم وجوب الوفاء بالعقد، بعد كون الشرط كالجزء من ركن العقد،

______________________________

فان الظاهر من كلمة «عند» التلازم بين المؤمن و شرطه، و التلازم لا يعقل الا ان يكون بحكم الشرع بان يحكم الشارع بهذا التلازم، و الحكم الشرعى ليس الا الوجوب (و العلوى) المروى عن امير المؤمنين عليه السلام كما تقدم (من شرط لامرأته شرطا فليف لها به فان المسلمين عند شروطهم الا شرطا حرم حلالا او حلل حراما).

و من المعلوم ان صيغة الامر ظاهرة فى الوجوب، و لا خصوصية للامرأة فيها بالإضافة الى كلمة «عند» كما ذكر فى النبوى (و يؤكد الوجوب ما ارسل فى بعض الكتب من زيادة قوله: الا من عصى الله، فى النبوى) اذ ظاهره ان المشروط عليه الّذي لا يفى بالشرط عاص لله تعالى (بناء على كون الاستثناء من المشروط عليه) المفهوم من الكلام (لا من الشارط) المذكور بقوله «المؤمنون» اما اذا كان «من الشارط» كان معناه الا شرطا كان فيه عصيانا لله تعالى.

(هذا كله مضافا الى عموم وجوب الوفاء بالعقد، بعد كون الشرط كالجزء من ركن العقد) لان الشرط و الجزء- فى نظر العرف- مآلهما

ص: 299

خلافا لظاهر الشهيد فى اللمعة، و ربما ينسب الى غيره حيث قال:

انه لا يجب على المشروط عليه فعل الشرط و انما فائدته جعل العقد عرضة للزوال.

و وجهه مع ضعفه يظهر مما ذكره قدس سره فى تفصيله المحكى فى الروضة عنه قدس سره فى بعض تحقيقاته، و هو ان الشرط الواقع فى العقد اللازم ان كان العقد كافيا فى تحققه و لا يحتاج بعده الى صيغة، فهو لازم لا يجوز الاختلال به، كشرط الوكالة.

______________________________

الى شي ء واحد، فلا فرق بين ان يقول: ابيعك هذا الكتاب بدينار و خياطة قبائى، او يقول: بشرط ان تخيط قبائى (خلافا لظاهر الشهيد فى اللمعة، و ربما ينسب الى غيره) أيضا (حيث قال: انه لا يجب على المشروط عليه فعل الشرط) وجوبا شرعيا (و انما فائدته) اى فائدة الشرط (جعل العقد عرضة) و معرضا (للزوال) اذا لم يف المشروط عليه بالشرط

(و وجهه) اى وجه كلام الشهيد (مع ضعفه) اى ضعف هذا الوجه (يظهر مما ذكره قدّس سره فى تفصيله) حول الشرط (المحكى) هذا الوجه (فى الروضة عنه قدّس سره) اى عن الشهيد الاول (فى بعض تحقيقاته، و هو) اى وجه ما ذكره من عدم لزوم الشرط (ان الشرط الواقع فى العقد اللازم) على قسمين.

الاول (ان كان العقد كافيا فى تحققه) اى فى تحقق ذلك الشرط (و لا يحتاج بعده) اى بعد العقد (الى صيغة) ثانية (فهو) اى الشرط (لازم لا يجوز الاختلال به، كشرط الوكالة) فانه لو باع داره بشرط ان

ص: 300

و ان احتاج بعده الى امر آخر وراء ذكره فى العقد كشرط العتق فليس بلازم، بل يقلب العقد اللازم جائزا.

و جعل السرّ فيه ان اشتراط ما العقد كاف فى تحققه، كجزء من الايجاب و القبول فهو تابع لهما فى اللزوم و الجواز.

و اشتراط ما سيوجد امر منفصل عن

______________________________

يكون المشترى وكيله فى معاملاته صار المشترى وكيلا بنفس هذا العقد.

(و) الثانى: انه (ان احتاج) الشرط (بعده) اى بعد العقد (الى امر آخر وراء ذكره فى العقد كشرط العتق) كما لو باع عبده بشرط ان يعتق ذلك العبد، فانه بمجرد الشرط لا ينعتق العبد، بل يحتاج الى ان يجرى المشترى صيغة العتق (فليس) الشرط (بلازم، بل) الشرط (يقلب العقد اللازم جائزا) فان شاء المشترى وفى، و ان لم يشأ لم يف، و اذا لم يف كان للشارط خيار فسخ البيع.

(و جعل) الشهيد (السرّ فيه) اى فى هذا التفصيل بقسميه.

اما الاول: (فلأن اشتراط ما العقد كاف فى تحققه، كجزء من الايجاب و القبول فهو) اى الشرط (تابع لهما) اى للايجاب و القبول (فى اللزوم و الجواز).

فان كان العقد لازما كالبيع، كان الشرط لازما بالتبع، و ان كان العقد جائزا كالوكالة كان الشرط جائزا أيضا، لان الشرط تبع فهو تابع للعقد فى جوازه أيضا.

(و) اما الثانى: فلان (اشتراط ما سيوجد) كالعتق (امر منفصل عن

ص: 301

العقد، و قد علّق عليه العقد، و المعلق على الممكن ممكن.

و هو معنى قلب اللازم جائزا، انتهى.

قال فى الروضة- بعد حكاية هذا الكلام- و الا قوى اللزوم مطلقا، و ان كان تفصيله اجود مما اختاره هنا.

اقول: ما ذكره قدس سره فى بعض تحقيقاته لا يحسن عده تفصيلا فى محل الكلام مقابلا لما اختاره فى اللمعة،

______________________________

العقد) لان العتق يتحقق بصيغة خاصة بعد العقد (و قد علّق عليه العقد، و المعلق على الممكن) للذى هو العتق (ممكن) اذ لا يعقل ان يكون العقد التابع للشرط الممكن واجبا لازما.

(و هو معنى) ما ذكرناه من ان الشرط المنفصل يوجب (قلب اللازم جائزا) اذ لو لا الشرط كان العقد لازما (انتهى) كلام الشهيد الاول.

(قال فى الروضة- بعد حكاية هذا الكلام- و الا قوى اللزوم) للعقد (مطلقا) سواء كان الشرط كالجزء او كان منفصلا (و ان كان تفصيله) اى تفصيل الشهيد الاول (اجود مما اختاره هنا) من كون الشرط مطلقا يوجب جواز العقد، انتهى كلام الشهيد الثانى.

(اقول: ما ذكره قدّس سره فى بعض تحقيقاته لا يحسن عدّه تفصيلا فى محل الكلام مقابلا لما اختاره فى اللمعة) فانه اختار فى اللمعة انه لا يجب على المشروط عليه فعل الشرط كالعتق، و اختار فى تحقيقه ان مثل الوكالة اذا كانت شرطا تجب، و ان الفعل الخارجى كالعتق لا يجب.

و من المعلوم ان الفعل الخارجى و فعل الشرط شي ء واحد.

ص: 302

لان الكلام فى اشتراط فعل سائغ و انه هل يصير واجبا على المشروط عليه، أم لا؟ كما ذكره الشهيد فى المتن.

فمثل اشتراط كونه وكيلا ليس الا كاشتراط ثبوت الخيار، او عدم ثبوته له فلا يقال: انه يجب فعله أو لا يجب.

نعم وجوب الوفاء بمعنى ترتيب آثار ذلك الشرط المحقق بنفس العقد، مما لا خلاف فيه

______________________________

و اختار فى كلا المقامين و هما اللمعة و تحقيقه، انه لا يجب، فجعل الشهيد الثانى تحقيقه تفصيلا مقابلا لما ذكره فى اللمعة غير تام (لان الكلام) فى اللمعة (فى اشتراط فعل سائغ) كالعتق (و انه هل يصير واجبا على المشروط عليه، أم لا؟) و قد اختار اللمعة عدم وجوبه (كما ذكره الشهيد) الاول (فى المتن) اى اللمعة.

(فمثل اشتراط كونه وكيلا) الّذي ذكره فى تحقيقه، و انه واجب الوفاء (ليس الا كاشتراط ثبوت الخيار، او عدم ثبوته له) كان يشترط ان يكون للمشترى الخيار بعد انقضاء المجلس، او يشترط ان لا يكون له خيار فى المجلس.

(فلا يقال: انه يجب فعله او لا يجب) فعله، اذ ليس هو عملا لاحدهما بل شي ء يقع تلقائيا بالشرط.

(نعم وجوب الوفاء) فى امثال هذه الشروط و هى «شرط كونه وكيلا» او «له الخيار» او «ليس له الخيار» (بمعنى ترتيب آثار ذلك الشرط المتحقق بنفس العقد، مما لا خلاف فيه).

ص: 303

اذ لم يقل احد بعدم ثبوت الخيار او آثار اللزوم بعد اشتراطهما فى العقد.

و بالجملة فالكلام هنا فى اشتراط فعل يوجد بعد العقد

______________________________

فاللازم ترتيب آثار الوكالة و ترتيب آثار الخيار، و ترتيب آثار عدم الخيار، اذا شرط الوكالة، او الخيار، او عدم الخيار.

لكن كل ذلك لا يسمى «فعل الشرط» فهناك «فعل الشرط» كالعتق و «الشرط المتحقق بنفس العقد» كالوكالة و الخيار و عدم الخيار، و «آثار هذا الشرط» المتحقق كترتيب اثر الوكالة و الخيار، فالكلام فى اللمعة و فى «تحقيقه» فى «فعل الشرط» و فى كلا المقامين قال الشهيد الاول انه لا يجب، و فى «تحقيقه» قال بوجوب «الشرط المتحقق بنفس العقد» و المصنف اضاف ان «آثار الشرط المتحقق» لازمة أيضا (اذ لم يقل احد بعدم ثبوت الخيار) فيما اذا اشترط الخيار (او) عدم ثبوت (آثار اللزوم) فيما اذا اشترط عدم الخيار (بعد اشتراطهما) اى الخيار او عدم الخيار (فى العقد) و لذلك لم يقل احد بعدم ثبوت الوكالة فيما اذا اشترط فى العقد ان يكون وكيلا عنه، كما مثل الشهيد فى بعض تحقيقاته.

(و بالجملة) نقول: توضيحا لما ذكرناه من ان كلام الشهيد فى «تحقيقه» ليس تفصيلا مخالفا لما ذكره فى «اللمعة» (فالكلام هنا) اى فى كلا الموردين و هما «اللمعة» و «تحقيقه» (فى اشتراط فعل يوجد بعد العقد) كالعتق.

ص: 304

نعم كلام الشهيد فى اللمعة اعمّ منه و من كل شرط لم يسلّم لمشترطه و مراده تعذر الشرط.

و كيف كان فمثل اشتراط الوكالة او الخيار و عدمه خارج عن محل الكلام.

اذ لا كلام و لا خلاف فى وجوب ترتب آثار الشرط عليه.

و لا فى عدم انفساخ العقد بعدم ترتيب الآثار.

______________________________

و الحاصل: ان المصنف يريد اقصاء مثل شرط الوكالة عن محل الكلام فلا وجه لجعل الروضة ذلك تفصيلا فى المسألة.

(نعم كلام الشهيد فى اللمعة اعمّ منه) اى من شرط الفعل (و من كل شرط لم يسلّم لمشترطه) «لم يسلّم» بالمجهول (و مراده) من الشرط الّذي لم يسلّم (تعذر الشرط) فلا يشمل كلام اللمعة مثل شرط الوكالة، و الخيار و عدم الخيار.

(و كيف كان) الامر (فمثل اشتراط الوكالة او الخيار و عدمه خارج عن محل الكلام) الّذي هو عبارة عن اشتراط فعل على المشروط عليه، و انه هل فائدته لزوم الشرط، او فائدته ما ذكره الشهيد الاول من جعل العقد عرضة للزوال.

(اذ لا كلام و لا خلاف فى وجوب ترتب آثار الشرط عليه) اى على مثل اشتراط الوكالة، و الخيار، و عدمه.

(و لا) خلاف أيضا (فى عدم انفساخ العقد بعدم ترتيب الآثار) فان لم يرتب المشروط عليه الاثر على شرط الوكالة مثلا بان كان وكيلا فى بيع

ص: 305

و لا فى ان المشروط عليه يجبر على ترتيب الآثار.

و ان شئت قلت: اشتراط الوكالة من اشتراط الغايات، لا المبادئ.

و مما ذكرنا يظهر ان تأييد القول المشهور، او الاستدلال عليه بما فى الغنية من الاجماع على لزوم الوفاء بالعقد غير صحيح، لانه انما ذكر ذلك فى مسئلة اشتراط الخيار، و قد عرفت خروج مثل ذلك عن محل الكلام

______________________________

املاك الشارط فلم يفعل لم ينفسخ العقد.

(و لا) خلاف أيضا (فى ان المشروط عليه يجبر) من قبل الحاكم الشرعى او القائم مقامه (على ترتيب الآثار) ان لم يرتب الأثر بنفسه.

(و ان شئت قلت: اشتراط الوكالة من اشتراط الغايات) التى تتحقق بنفس الشرط (لا المبادئ) التى يكون فيها الاختلاف.

فهل ان فائدة الشرط فيها اللزوم او جعل العقد عرضة للزوال؟

(و مما ذكرنا) من ان الخلاف بين المشهور و الشهيد انما هو فى شرط الفعل لا شرط الغاية اذ لا خلاف فى شرط الغاية (يظهر ان تأييد القول المشهور، او الاستدلال عليه بما فى الغنية من الاجماع على لزوم الوفاء بالعقد غير صحيح).

و انما كان اجماع الغنية لا يرتبط بقول المشهور، فلا يكون مؤيدا له (لانه) اى صاحب الغنية (انما ذكر ذلك) الاجماع (فى مسئلة اشتراط) ان يكون (الخيار) لاحد المتعاقدين (و قد عرفت خروج مثل ذلك) من شرط الغاية (عن محل الكلام) الّذي هو شرط الفعل.

ص: 306

نعم فى التذكرة: لو اشترى عبدا بشرط ان يعتقه المشترى صحّ البيع و لزم الشرط، عند علمائنا اجمع.

ثم ان ما ذكره الشهيد قدس سرّه من ان اشتراط ما سيوجد امر منفصل و قد علق عليه العقد الخ، لا يخلو عن نظر.

اذ حاصله ان الشرط قد علق عليه العقد فى الحقيقة، و ان كان لا تعليق صورة فحاصل قوله: بعتك هذا العبد على ان تعتقه ان الالتزام بهذه المعاوضة معلق على التزامك بالعتق، فاذا لم يلتزم

______________________________

(نعم) قال (فى التذكرة: لو اشترى عبدا بشرط ان يعتقه المشترى صحّ البيع و لزم الشرط، عند علمائنا اجمع) فان هذا الاجماع الّذي ذكره صاحب التذكرة يكون مؤيّدا للمشهور، اذ كلامه فى شرط الفعل فان العتق فعل لا غاية، كما هو واضح.

(ثم ان ما ذكره الشهيد) الاول (قدّس سرّه) فى تحقيقه السابق (من ان اشتراط ما سيوجد امر منفصل، و قد علق عليه العقد الخ، لا يخلو عن نظر)

و حاصل نظره انه لو كان العقد معلقا على الممكن فيلزم بطلان العقد اذا لم يتحقق المعلق عليه- و هو الشرط-، لا ما ذكره من انقلاب العقد جائزا.

(اذ حاصله) اى حاصل كلام الشهيد (ان الشرط قد علق عليه العقد فى الحقيقة، و ان كان لا تعليق صورة، فحاصل قوله: بعتك هذا العبد على ان تعتقه)- بناء على كلام الشهيد- (ان الالتزام بهذه المعاوضة معلق على التزامك بالعتق) او معلق على عتقك- خارجا- (فاذا لم يلتزم

ص: 307

بالاعتاق لم يجب على المشروط له الالتزام بالمعاوضة.

و فيه مع ان المعروف بينهم ان الشرط بمنزلة الجزء من احد العوضين و ان القاعدة اللفظية فى العقد المشروط لا يقتضي هذا المعنى أيضا.

و ان رجوعه الى التعليق على المحتمل يوجب عدم الجزم المفسد للعقد،

______________________________

بالاعتاق) و لم يعتق (لم يجب على المشروط له الالتزام بالمعاوضة) لان المعاوضة التزام على تقدير التزام.

(و فيه) أولا: (مع ان المعروف بينهم ان الشرط بمنزلة الجزء من احد العوضين) ففقده لا يوجب الا ما يشبه خيار تبعض الصفقة، و ليس الشرط مما علق به التزام المعاملة، بل الشرط يقتضي التزام المشروط عليه و الالتزام غير التعليق.

(و) ثانيا: (ان القاعدة اللفظية فى العقد المشروط لا يقتضي هذا المعنى أيضا) اى لا يقتضي التعليق، بل يقتضي الالتزام، فالبيع محقق و انما التزم المشروط عليه ان يأتى بالشرط، لا ان البيع معلق على الشرط

نعم اذا قال: بعتك بيعا معلقا، كان البيع معلقا، فكلام الشهيد لا يؤيّده المعنى المقصود للمتعاقدين، و لا ظاهرا للفظ حسب القواعد اللفظية التى تدل على ان الشرط التزام و ليس بتعليق.

(و) ثالثا: (ان رجوعه) اى الشرط (الى التعليق على المحتمل) بان كان البيع معلقا على الشرط المحتمل وقوعه، و عدم وقوعه (يوجب عدم الجزم المفسد للعقد) اذ يشترط فى العقد الجزم، فاذا كان الشرط

ص: 308

و ان لم يكن فى صورة التعليق، ان لازم هذا الكلام اعنى دعوى تعليق العقد على الممكن ارتفاعه من رأس عند فقد الشرط، لا انقلابه جائزا.

الثانية: فى انه لو قلنا بوجوب الوفاء من حيث التكليف الشرعى فهل يجبر عليه لو امتنع،

ظاهر جماعة ذلك.

و ظاهر التحرير خلافه قال فى باب الشروط ان الشرط ان تعلق بمصلحة المتعاقدين، كالاجل

______________________________

تعليقا كما ذكره الشهيد لم يكن جزما، فاللازم بطلان كل عقد ذكر فيه الشرط و هذا ما لا يقول به حتى الشهيد نفسه (و ان لم يكن فى صورة التعليق) «ان» وصلية اذ كل تعليق معنوى، سواء كان فى صورة التعليق، أم لا، فهو مفسد.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 14، ص: 309

و رابعا: (ان لازم هذا الكلام)- هذا هو الجواب، و هو مربوط بقوله «مع ان المعروف» (اعنى دعوى تعليق العقد على الممكن ارتفاعه) اى ارتفاع العقد (من رأس عند فقد الشرط، لا انقلابه جائزا) و قد ذكر الشهيد انه ينقلب جائزا.

(الثانية) من المسائل المرتبطة بالشرط المتعلق بالفعل (فى انه لو قلنا بوجوب الوفاء من حيث التكليف الشرعى، فهل يجبر عليه لو امتنع) عن فعل الشرط (ظاهر جماعة ذلك) اى انه يجبر، لانه حق للمشروط له، فله انقاذه من المشروط عليه كسائر الحقوق التى يمتنع من عليه ادائها.

(و ظاهر التحرير خلافه) و انه لا يجبر (قال فى باب الشروط ان الشرط ان تعلق بمصلحة المتعاقدين) اى بما ينفع احدهما (كالاجل)

ص: 309

و الخيار و الشهادة، و التضمين و الرهن، و اشتراط صفة مقصودة كالكتابة، جاز، و لزم الوفاء، ثم قال: اذا باع بشرط العتق صح البيع و الشرط، فان اعتقه المشترى، و الّا ففى اجباره وجهان، اقربهما عدم الاجبار، انتهى.

و قال فى الدروس: يجوز اشتراط سائغ فى العقد، فيلزم الشرط فى طرف المشترط عليه، فان اخل به فللمشترط الفسخ، و هل يملك اجباره عليه؟

______________________________

بان يعطيه الثمن او المثمن بعد شهر مثلا (و الخيار) بان يكون لاحدهما الخيار حتى اذا شاء فسخ (و الشهادة) كان يبيعه على شرط ان يشهد له عند الطلاق مثلا (و التضمين) كان يضمنه عند مطالبة دائنه (و الرهن) كان يرهن عنده داره، او يرهنها عند اجنبى لاجل دينه (و اشتراط صفة مقصودة كالكتابة) كما لو اشترى عبده الامّى على شرط ان يجعله كاتبا (جاز) الشرط (و لزم الوفاء) به (ثم قال: اذا باع بشرط العتق) و هذا قسم ثان، لانه لا مصلحة لها و انما المصلحة لثالث و هو العبد (صح البيع و الشرط، فان اعتقه المشترى) فهو المطلوب (و الّا) بان لم يعتقه (ففى اجباره وجهان، اقربهما عدم الاجبار، انتهى) كلام العلامة.

(و قال فى الدروس: يجوز اشتراط سائغ فى العقد، فيلزم الشرط فى طرف المشترط عليه) اما فى طرف المشترط فلا يلزم، اذ هو حقه، فله ان يرفع اليد عنه (فان اخل) المشروط عليه (به) اى بالشرط (فللمشترط الفسخ، و هل يملك) المشترط (اجباره عليه؟) اى على الشرط، أم لا يملك؟

ص: 310

فيه نظر، انتهى.

و لا معنى للزوم الشرط الا وجوب الوفاء به.

و قال فى التذكرة- فى فروع مسئلة العبد المشترط عتقه- اذا اعتقه المشترى فقد و فى بما وجب عليه، الى ان قال: و ان امتنع اجبر عليه، ان قلنا انه حق للّه تعالى، و ان قلنا انه حق للبائع لم يجبر كما فى شرط الرهن و الكفيل.

______________________________

(فيه نظر، انتهى) كلام الدروس.

(و لا معنى للزوم الشرط الا وجوب الوفاء به) فلا يتوهم ان الشهيد لا يقول بوجوب الوفاء، فلا يقول بلزوم الاجبار، بل قوله «لزم الشرط» معناه وجوب الوفاء و مع ذلك لا يقول بالاجبار.

(و قال فى التذكرة- فى فروع مسئلة العبد المشترط عتقه-) فى ضمن العقد (اذا اعتقه المشترى فقد و فى بما وجب عليه، الى ان قال:

و ان امتنع) عن العتق (اجبر عليه، ان قلنا انه) اى الشرط (حق للّه تعالى) باعتبار انه سبحانه امر به (و ان قلنا انه حق للبائع) كما فى باب الدين، فانه حق للدائن (لم يجبر) المشروط عليه على الوفاء بالشرط (كما فى شرط الرهن و الكفيل) فانه اذا باعه بشرط ان يرهن شيئا عنده حتى اذا ظهر المبيع مستحقا للغير استوفى ثمنه من الرهن، او شرط ان يأتى البائع بكفيل حتى اذا ظهر المتاع ملكا للغير اخذ حقه من الكفيل ان امتنع البائع من اداء الثمن الّذي اخذه، فانه اذا لم يفعل البائع ما شرط عليه من اتيان الكفيل و وضع الرهن، لم يجبر البائع على

ص: 311

لكن يتخيّر البائع فى الفسخ بعد سلامة ما شرط.

ثم ذكر للشافعى وجهين فى الاجبار و عدمه، الى ان قال: و الاولى عندى الاجبار فى شرط الرهن و الكفيل لو امتنع، كما لو شرط تسليم الثمن معجلا، فاهمل، انتهى.

و يمكن ان يستظهر هذا القول، اعنى الوجوب تكليفا مع عدم جواز الاجبار من كل من استدل على صحة الشرط بعموم: المؤمنون، مع قوله بعدم

______________________________

ذلك.

و كذلك فى العكس، اذا اراد البائع من المشترى الكفيل او الرهن ثم لم يف المشترى بالشرط، فان المشترى لم يجبر (لكن يتخيّر البائع فى الفسخ) و الامضاء (بعد سلامة ما شرط) اذا كان شرطه شرعيا، و لم يكن من الشروط الباطلة.

(ثم ذكر) صاحب التذكرة (للشافعى وجهين فى الاجبار و عدمه الى ان قال) صاحب التذكرة (و الاولى عندى الاجبار فى شرط الرهن و الكفيل لو امتنع) المشروط عليه (كما لو شرط) البائع على المشترى (تسليم الثمن معجلا، فاهمل) فان للبائع حق اجباره فى التسليم كما شرط (انتهى) كلام صاحب التذكرة.

(و يمكن ان يستظهر هذا القول، اعنى الوجوب) و هو وجوب الوفاء بالشرط (تكليفا مع عدم جواز الاجبار) اذا لم يف بالشرط (من كل من استدل على صحة الشرط بعموم: المؤمنون) عند شروطهم (مع قوله بعدم

ص: 312

وجوب الاجبار كالشيخ فى المبسوط، حيث استدل على صحة اشتراط عتق العبد المبيع بقوله عليه السلام: المؤمنون عند شروطهم.

ثم ذكر ان فى اجباره على الاعتاق لو امتنع قولين: الوجوب، لان عتقه قد استحق بالشرط.

و عدم الوجوب، و انما يجعل له الخيار، ثم قال: و الاقوى هو الثانى انتهى.

فان ظهور النبوى فى الوجوب من حيث نفسه،

______________________________

وجوب الاجبار).

فان ظاهر استدلاله ب «المؤمنون» انه واجب (كالشيخ فى المبسوط حيث استدل على صحة اشتراط عتق العبد المبيع) بان شرط البائع على المشترى ان يعتقه (بقوله عليه السلام: المؤمنون عند شروطهم) و العتق من صغريات الشرط فشرطه صحيح.

(ثم ذكر) الشيخ (ان فى اجباره على الاعتاق لو امتنع) عن العتق (قولين).

الاول: (الوجوب، لان عتقه قد استحق بالشرط) فيجب الوفاء به.

(و) الثانى: (عدم الوجوب، و انما يجعل له) اى للمشروط له (الخيار ثم قال: و الاقوى هو الثانى، انتهى) و ذلك لاصالة عدم الوجوب، و فى القول بعدم الوجوب نظر

(فان ظهور النبوى) اى قوله صلى الله عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم (فى الوجوب من حيث نفسه) حيث ان المستفاد من كلمة

ص: 313

و من جهة القرائن المتصلة و المنفصلة، مما لا مساغ لانكاره، بل الاستدلال به على صحة الشرط عند الشيخ و من تبعه فى عدم افساد الشرط الفاسد يتوقف ظاهرا على إرادة الوجوب منه، اذ لا تنافى بين استحباب الوفاء بالشرط، و فساده.

فلا يدل استحباب الوفاء بالعتق المشروط فى البيع على صحته.

______________________________

«عند» التلازم، و الظاهر التلازم الشرعى المفيد للوجوب (و من جهة القرائن المتصلة) كقوله صلى الله عليه و آله و سلم فى بعض الروايات «الا من عصى الله» بناء على ما تقدم من انه استثناء من المشروط عليه، لا من المشترط (و المنفصلة) كقوله فى العلوى: فليف لها به، بصيغة الامر الظاهرة فى الوجوب (مما لا مساغ لانكاره، بل الاستدلال به) اى ب «المؤمنون عند شروطهم» (على صحة الشرط عند الشيخ و من تبعه فى عدم افساد الشرط الفاسد) للعقد فالشرط الفاسد ليس بمفسد، كما هو احد القولين فى المسألة.

و القول الاخر هو ان الشرط الفاسد مفسد (يتوقف) ذلك الاستدلال (ظاهرا على إرادة الوجوب منه) اى من «المؤمنون» (اذ لا تنافى) ظاهرا (بين استحباب الوفاء بالشرط، و) بين (فساده) اى فساد الشرط

(فلا يدل استحباب الوفاء بالعتق المشروط فى البيع على صحته) اى صحة البيع، فحيث ان الاستحباب و عدمه يجتمع مع فساد البيع، كما يجتمع مع صحة البيع.

ص: 314

ثم ان الصيمرى فى غاية المرام قال: لا خلاف بين علمائنا فى جواز اشتراط العتق لانه غير مخالف للكتاب و السنة، فيجب الوفاء به و قال: هل يكون حقا للّه تعالى، او للعبد، او للبائع؟ يحتمل الاول، الى ان قال: و يحتمل الثالث، هو مذهب العلامة فى القواعد، و التحرير، لانه استقرب فيهما عدم اجبار المشترى على العتق، و هو يدل على انه حق للبائع.

______________________________

(ثم ان الصيمرى فى غاية المرام قال: لا خلاف بين علمائنا فى جواز اشتراط العتق) سواء كان هذا الشرط فى ضمن بيع نفس العبد، او بيع شي ء آخر (لانه) يشمله دليل الشرط، و هو (غير مخالف للكتاب و السنة فيجب الوفاء به، و قال: هل) العتق بعد اشتراطه (يكون حقا للّه تعالى، او للعبد، او للبائع؟)

ف (يحتمل الاول) لانه سبحانه امر بالعتق فهو من قبيل نذر الصيام

و يحتمل الثانى لان العبد هو الّذي يعتق، فله المطالبة به، كما اذا نذر ان يعطى لزيد مالا (الى ان قال: و يحتمل الثالث) و هو ان يكون حقّا للبائع، و (هو مذهب العلامة فى القواعد، و التحرير، لانه) اى العلامة (استقرب فيهما عدم اجبار المشترى على العتق، و هو) اى هذا الكلام من العلامة (يدل على انه حق للبائع) فمعنى كونه حقا للبائع:

التعليق، لا الالتزام، اى ان البائع اذا شرط هذا الشرط و لم ينفذه المشترى، كان له ان يفسخ البيع.

ص: 315

و على القول بانه حق للّه يكون المطالبة للحاكم و يجبره مع الامتناع و لا يسقط باسقاط البائع.

و على القول بكونه للبائع، تكون المطالبة له و يسقط باسقاطه و لا يجبر المشترى.

و مع الامتناع يتخيّر المشترط بين الامضاء و الفسخ.

______________________________

(و على القول بانه حق للّه يكون المطالبة للحاكم) لان الحاكم هو الموظف للمطالبة بحقوق اللّه سبحانه، هذا أولا و بالذات و إلا فكل الناس يجب عليهم الامر بالمعروف و النهى عن المنكر- من باب الكفاية- (و يجبره) الحاكم على العتق- وفاء بالشرط- (مع الامتناع) اذا لم يرد المشترى العتق (و لا يسقط) هذا الشرط (باسقاط البائع) لانه حق للّه تعالى، فليس للانسان ان يسقطه.

(و على القول بكونه) اى العتق حقا (للبائع، تكون المطالبة) أولا و بالذات (له) لانه ذو الحق (و يسقط باسقاطه) لان الانسان له الحق فى ان يسقط حقوقه التى تكون على الآخرين (و لا يجبر المشترى) على ادائه لما تقدم من ان الشرط يفيد التعليق، لا الالتزام.

نعم اذا لم يفعله المشترى كان للبائع فسخ العقد.

(و مع الامتناع) اى امتناع المشروط عليه من الاتيان بالشرط (يتخيّر المشترط بين الامضاء و الفسخ).

اما الامضاء فلانه حق له فله ان يسقطه.

و اما الفسخ فلان: لا ضرر، يرفع لزوم العقد، كما ذكروا فى خيار

ص: 316

و على القول بانه للعبد يكون هو المطالب بالعتق.

و مع الامتناع يرافعه الى الحاكم ليجبره على ذلك، و كسبه قبل العتق للمشترى على جميع التقادير، انتهى.

و ظاهر استكشافه مذهب العلامة قدس سره عن حكمه بعدم الاجبار ان كل شرط يكون حقا مختصا للمشترط لا كلام و لا خلاف فى عدم الاجبار عليه.

______________________________

الغبن و غيره.

(و على القول بانه) حق (للعبد) المشروط عتقه فى ضمن البيع (يكون هو) اى العبد (المطالب بالعتق) لانه متعلق حقه، كما اذا نذر لزيد، فان النذر يكون حقا لزيد، فله المطالبة بحقه.

(و مع الامتناع) اى امتناع المشروط عليه من عتق العبد (يرافعه) العبد (الى الحاكم ليجبره على ذلك) العتق (و كسبه) اى العبد (قبل العتق للمشترى) لان كسب العبد للمالك- بناء على ان العبد لا يملك- (على جميع التقادير) للمشترط سواء كان العتق حقا لله، او حقا للمشترط او حقا للعبد (انتهى) كلام الصيمرى.

(و ظاهر استكشافه) اى الصيمرى (مذهب العلامة قدس سره عن حكمه بعدم الاجبار) «بعدم» متعلق ب «استكشاف» قال الصيمرى «لانه استقرب فيها عدم اجبار المشترى على العتق» (ان كل شرط يكون حقا مختصا للمشترط) بدون ان يكون حقا للّه، او حقا لثالث (لا كلام و لا خلاف فى عدم الاجبار عليه) اذ لو كان خلاف لم يكن كلام العلامة «بانه حق

ص: 317

و هو ظاهر اوّل الكلام السابق فى التذكرة.

لكن قد عرفت قوله اخيرا، و الاولى ان له اجباره عليه، و ان قلنا انه حق للبائع و ما ابعد ما بين ما ذكره الصيمرى و ما ذكره فى جامع المقاصد و المسالك من انه اذا قلنا بوجوب الوفاء فلا كلام فى ثبوت الاجبار، حيث قال: و اعلم ان فى اجبار المشترى على الاعتاق وجهين.

احدهما: العدم، لان للبائع طريقا آخر للتخلص

______________________________

للبائع» كاشفا عن عدم حقه فى الاجبار.

(و هو) اى انه حيث كان حقا للبائع، لا كلام فى عدم الاجبار عليه (ظاهر اوّل الكلام السابق فى التذكرة) الّذي تقدم قبل اسطر، حيث قال «و ان قلنا انه حق للبائع لم يجبر».

(لكن قد عرفت قوله) اى صاحب التذكرة (اخيرا، و الاولى ان له) اى للمشروط له (اجباره) اى الشارط (عليه) اى على ان يأتى بالشرط (و ان قلنا انه حق للبائع) «ان» وصلية (و ما ابعد ما بين ما ذكره الصيمرى) من انه ان كان حقا للبائع فلا كلام فى انه لم يجبر عليه (و) بين (ما ذكره فى جامع المقاصد و المسالك من) ما ظاهره: انه اذا كان حقا للبائع فلا كلام فى انه يجبر عليه، حيث قالا: (انه اذا قلنا بوجوب الوفاء فلا كلام فى ثبوت الاجبار، حيث قال) جامع المقاصد: (و اعلم ان فى اجبار المشترى على الاعتاق) فيما اذا باع البائع العبد و شرط عليه اعتاقه (وجهين).

(احدهما: العدم) اى عدم الاجبار (لان للبائع طريقا آخر للتخلص)

ص: 318

و هو الفسخ.

و الثانى له ذلك، لظاهر قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و المؤمنون عند شروطهم الا من عصى اللّه و هو الاوجه انتهى.

و فى المسالك جعل احد القولين ثبوت الخيار و عدم وجوب الوفاء مستدلا له باصالة عدم وجوب الوفاء.

و القول الآخر وجوب الوفاء بالشرط، و استدل له بعموم الامر بالوفاء بالعقد،

______________________________

من الضرر المتوجه إليه بسبب بيع العبد و عدم عتقه (و هو الفسخ) فما دام الفسخ بيده فلا ضرر عليه حتى يكون ذلك مجوزا له فى الاجبار.

(و) الوجه (الثانى) ان (له ذلك) اى الاجبار (لظاهر قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فان الوفاء بالعقد المشروط ان يأتى بشرطه أيضا (و المؤمنون عند شروطهم الا من عصى اللّه) بناء على ان ظاهر الاستثناء، هو ان مخالف الشرط عاص للّه تعالى، و من المعلوم ان العاصى يجبر على ترك العصيان (و هو الاوجه) فله اجباره على العتق (انتهى).

(و فى المسالك جعل احد القولين) فى مسئلة ان له اجباره، أم لا (ثبوت الخيار) للمشروط له (و عدم وجوب الوفاء) بالشرط على المشروط عليه (مستدلا له باصالة عدم وجوب الوفاء) لان الوفاء بالشرط تكليف لم نعلم بثبوته على المشروط عليه.

(و القول الآخر وجوب الوفاء بالشرط، و استدل له بعموم الامر بالوفاء بالعقد) لان الوفاء بالعقد المشروط، يلزم اتيانه بكل اجزائه و شرائطه و

ص: 319

و المؤمنون عند شروطهم الا من عصى اللّه.

و ظاهره وحدة الخلاف فى مسئلتى وجوب الوفاء و التسلط على الاجبار، كما ان ظاهر الصيمرى الاتفاق على وجوب الوفاء، بل و على عدم الاجبار فيما كان حقا مختصّا للبائع.

و الاظهر فى كلمات الاصحاب وجود الخلاف فى المسألتين.

______________________________

الا لم يك وفيا (و) بعموم (المؤمنون عند شروطهم الا من عصى اللّه) كما فى بعض الروايات.

(و ظاهره) حيث استدل بالوجوب المستفاد من الروايتين (وحدة الخلاف فى مسئلتى وجوب الوفاء و التسلط على الاجبار) فكل من قال بوجوب الوفاء، قال بالتسلط على الاجبار، و كل من قال بعدم وجوب الوفاء- و انما فائدة الشرط خيار المشترط كما تقدم- قال بعدم التسلط على الاجبار.

لكنك قد عرفت قبل اسطر عدم التلازم بين المسألتين فى نظر الصيمرى (كما ان ظاهر الصيمرى الاتفاق على وجوب الوفاء) بالشرط (بل، و) الاتفاق (على عدم الاجبار فيما كان) الشرط (حقا مختصّا للبائع).

(و) لكن (الاظهر فى كلمات الاصحاب) عدم تمامية ما ذكره الصيمرى و الشهيد، بل (وجود الخلاف فى المسألتين) و هما مسئلة وجوب الوفاء، و مسئلة الاجبار.

فبعض يقول بوجوب الوفاء، و بعض يقول بعدم وجوب الوفاء.

و كذلك بعض يقول بان له حق الاجبار، و بعض يقول ليس له حق

ص: 320

و كيف كان فالاقوى ما اختاره جماعة من ان للمشروط له اجبار المشروط عليه لعموم وجوب الوفاء بالعقد، و الشرط، فان العمل بالشرط ليس الا كتسليم العوضين، فان المشروط له قد ملك الشرط على المشروط عليه بمقتضى العقد المقرون بالشرط، فيجبر على تسليمه.

و ما فى جامع المقاصد من توجيه عدم الاجبار بان له طريقا الى التخلص بالفسخ، ضعيف فى الغاية

______________________________

الاجبار.

(و كيف كان) الامر (فالاقوى ما اختاره جماعة من ان للمشروط له اجبار المشروط عليه) للوفاء بشرطه.

و ذلك (لعموم وجوب الوفاء بالعقد، و) ب (الشرط).

و انما يستفاد من وجوب الوفاء الاجبار (فان العمل بالشرط ليس الا كتسليم العوضين).

فكما ان من ابى من تسليم العوض يجبر على التسليم، كذلك من ابى من تسليم الشرط (فان المشروط له قد ملك الشرط على المشروط عليه) فملكه (بمقتضى العقد المقرون بالشرط) فان فائدة الشرط هو ذلك الملك (فيجبر) المشروط عليه (على تسليمه) اى تسليم ملك المشترط إليه.

(و ما) تقدم (فى) كلام (جامع المقاصد من توجيه عدم الاجبار بان له) اى المشروط له (طريقا الى التخلص بالفسخ) الجار و المجرور متعلق بالتخلص (ضعيف فى الغاية) اى فى غاية الضعف فانه مثل ان يقال:

لا يجب تسليم العوض لان لمالك العوض الآخر طريقا الى التخلص

ص: 321

فان الخيار انما شرع بعد تعذر الاجبار دفعا للضرر.

و قد يتوهم ان ظاهر الشرط هو فعل الشي ء اختيارا، فاذا امتنع المشروط عليه فقد تعذر الشرط.

و حضور الفعل منه كرها غير ما اشتراط عليه، فلا ينفع فى الوفاء بالشرط.

______________________________

بفسخ العقد.

و حلّ ما ذكره بقوله: (فان الخيار) للمشروط له (انما شرع بعد تعذر الاجبار).

و انما شرع الخيار (دفعا للضرر) المتوجه الى المشروط له من عدم تمكنه من تسليم شرطه، فهناك دليلان.

الاول: انه ملك للشارط فله اجبار المشروط عليه لاستيفاء ملكه.

و الثانى: لا ضرر فله اذا لم يتمكن من الاجبار الفسخ، دفعا للضرر.

(و قد يتوهم ان ظاهر الشرط) اى شرط فعل شي ء (هو فعل الشي ء اختيارا) لان ظاهر نسبة الفعل الى انسان، انه فعله اختيارا.

فاذا قيل من نكح او طلق او اعتق كان حكمه كذا، ظاهره انه فعل هذه الامور اختيارا، و لذا لا يترتب احكام هذه الامور فيما اذا وقعها كرها و اجبارا (فاذا امتنع المشروط عليه) عن اداء الشرط (فقد تعذر الشرط) و اذا تعذر الشرط جاء دور الخيار فليس للمشترط اجباره.

(و) من المعلوم ان (حضور الفعل منه) اى من المشروط عليه (كرها) و اجبارا انما هو (غير ما اشترط عليه، فلا ينفع فى الوفاء بالشرط) فاذا

ص: 322

و يندفع بان المشروط هو نفس الفعل مع قطع النظر عن الاختيار و الاجبار و انما يعرض له من حيث انه فعل واجب عليه فاذا اجبر فقد اجبر على نفس الواجب.

نعم لو صرح باشتراط صدور الفعل عنه اختيارا و عن رضا

______________________________

اجبره و اتى به لم يكن آتيا بالشرط، كما انه اذا اجبر على الطلاق و طلّق لم يكن آتيا بالطلاق، و لم ينفع مثل هذا الطلاق.

(و يندفع ب) انه فرق بين «شرط فعل» على انسان، و بين مثل قوله «من نكح او طلّق او اعتق».

فان ظاهر الاول اتيان ذات الشي ء و لو جهلا او سهوا او فى حالة النوم، كما اذا شرط عليه خياطة قبائه فخاطه بظن انه قباء زيد، ثم بان انه قباء الشارط.

و ظاهر الثانى اتيان الفعل الاختيارى اذا لم يعرف من الخارج انه امر توصلى، كما عرف فى مثل «من غسل يده قبل الطعام كان امانا من المرض» مثلا.

ف (ان المشروط هو نفس الفعل مع قطع النظر عن الاختيار و الاجبار) فاذا حصل الفعل حصل الشرط (و انما يعرض له) الاجبار (من حيث انه فعل واجب عليه) اى على المشترط (فاذا اجبر) المشروط عليه (فقد اجبر على نفس الواجب) فلا يكون ما اتى به الا نفس ما اشترط عليه.

(نعم لو صرح) المشترط (باشتراط صدور الفعل عنه اختيارا و عن رضا

ص: 323

منه لم ينفع اجباره فى حصول الشرط.

الثالثة: فى انه هل للمشروط له الفسخ مع التمكن من الاجبار فيكون مخيرا بينهما؟ أم لا

يجوز له الفسخ الا مع تعذر الاجبار ظاهر الروضة و غير واحد هو الثانى.

و صريح موضع من التذكرة هو الاول، قال: لو باعه شيئا بشرط ان يبيعه آخر، او يقرضه بعد شهر او فى الحال لزمه الوفاء بالشرط، فان اخل به لم يبطل البيع، لكن يتخيّر المشترط بين فسخه للبيع و بين الزامه بما

______________________________

منه) اى من المشروط عليه (لم ينفع اجباره فى حصول الشرط) لانه لم يفعله عن رضا و اختيار، و لكن ذلك خارج عن محل الكلام الآن.

(الثالثة) من المسائل المتعلقة باشتراط الفعل فى ضمن العقد (فى انه هل للمشروط له الفسخ مع التمكن من الاجبار) فيما لو ابى المشروط عليه من المشروط (فيكون) المشترط (مخيرا بينهما؟) اى بين الفسخ و الاجبار- فهما فى عرض واحد- (أم لا يجوز له الفسخ الا مع تعذر الاجبار) فالاجبار مقدم على الفسخ.

ف (ظاهر الروضة و غير واحد) من الفقهاء (هو الثانى) و انه لا فسخ مع امكان الاجبار

(و صريح موضع من التذكرة هو الاول) و ان المشترط مخير بين الفسخ و الاجبار (قال) فى التذكرة (لو باعه شيئا بشرط ان يبيعه) الى (آخر او يقرضه) نفس المتاع (بعد شهر او فى الحال لزمه الوفاء بالشرط فان اخل) المشترى (به) اى بالشرط (لم يبطل البيع، لكن يتخير المشترط) اى من له الشرط (بين فسخه للبيع، و بين الزامه بما

ص: 324

شرط، انتهى، و لا نعرف مستندا للخيار مع التمكن من الاجبار، لما عرفت من ان مقتضى العقد المشروط هو العمل على طبق الشرط اختيارا او قهرا

الا ان يقال: ان العمل بالشرط حق لازم على المشروط عليه يجبر عليه اذا بنى المشروط له على الوفاء بالعقد.

و اما اذا اراد الفسخ، لامتناع المشروط عليه عن الوفاء بالعقد على الوجه الّذي وقع عليه،

______________________________

شرط) و اجباره (انتهى، و لا نعرف مستندا للخيار) و الفسخ (مع التمكن من الاجبار، لما عرفت من ان مقتضى العقد المشروط) بشرط (هو العمل على طبق الشرط) لان الشرط ملك للمشروط له (اختيارا او قهرا) فان المالك له حق ان يسترد ملكه بكل صورة.

و حيث يمكن الاجبار فلا ضرر على المشترط حتى يقال: ان مقتضى:

لا ضرر، الخيار.

نعم اذا امتنع عن اداء الشرط اقتضى دليل: لا ضرر، جواز العقد، فيكون له الفسخ.

(الا ان يقال) فى وجه خياره للفسخ مع تمكنه من الاجبار (ان العمل بالشرط حق لازم على المشروط عليه يجبر عليه) فيما (اذا بنى المشروط له على الوفاء بالعقد) بان اراد ابقاء العقد، فاذا اراد المشترط ابقاء العقد كان له الاجبار.

(و اما اذا اراد) المشترط (الفسخ، لامتناع المشروط عليه عن الوفاء بالعقد) وفاء (على الوجه الّذي وقع عليه) من الاتيان بجميع خصوصياته

ص: 325

فله ذلك، فيكون ذلك بمنزلة تقايل من الطرفين عن تراض منهما.

و هذا الكلام لا يجرى مع امتناع احدهما عن تسليم احد العوضين ليجوز للآخر فسخ العقد، لان كلا منهما قد ملك ما فى يد الآخر و لا يخرج عن ملكه بعدم تسليم صاحبه، فيجبر ان على ذلك، بخلاف الشرط فان المشروط حيث فرض فعلا كالاعتاق فلا معنى لتملكه،

______________________________

التى منها الشرط (فله) اى للمشترط (ذلك) اى الفسخ (فيكون ذلك) اى الامتناع عن اداء الشرط (بمنزلة تقايل من الطرفين عن تراض منهما)

فمنتهى الامر ان المشروط عليه اوّل من يتقايل فهو بامتناعه عن الشرط يكون بمنزلة ردّ المشترى للمتاع و المشترط بعدم اجباره له يكون بمنزلة من يقبل الردّ.

(و) ان قلت: فعلى هذا يلزم ان يكون لكل واحد من المتعاقدين أيضا الامتناع عن تسليم متاعه، فلما ذا تقولون هنا بالاجبار.

قلت: لان (هذا الكلام) الّذي ذكرناه فى الشرط و انه بمنزلة التقابل (لا يجرى مع امتناع احدهما عن تسليم احد العوضين ليجوز للآخر فسخ العقد) بان يعتبر الامتناع كالتقايل.

و انما لا يجرى هذا الكلام (لان كلا منهما) اى من المتعاقدين (قدمك ما فى يد الآخر، و لا يخرج عن ملكه بعدم تسليم صاحبه، فيجبران على ذلك) التسليم- اذا امتنع احدهما عن التسليم- (بخلاف الشرط) فانه ليس كالعوضين (فان المشروط حيث فرض فعلا) من الافعال لا شرط غاية- كالوكالة- (كالاعتاق) و خياطة الثوب، و ما اشبه (فلا معنى لتملكه)

ص: 326

فاذا امتنع المشروط عليه عنه فقد نقض العقد، فيجوز للمشروط له أيضا نقضه، فتأمل.

ثم على المختار من عدم الخيار الا مع تعذر الاجبار لو كان الشرط من قبيل الانشاء القابل للنيابة، فهل يوقعه الحاكم عنه اذا فرض تعذر اجباره، الظاهر ذلك، لعموم ولاية السلطان على الممتنع، فيندفع ضرر المشروط له بذلك.

______________________________

اذ فعل الغير ليس ملكا لانسان آخر (فاذا امتنع المشروط عليه عنه) اى عن الفعل المشروط (فقد نقض العقد، فيجوز للمشروط له أيضا نقضه) بدون الحاجة الى الاجبار (فتأمّل) فان ما ذكر من ان الشرط ليس ملكا للمشترط محل نظر، اذ هو ملك له عرفا، فحاله حال العوضين.

(ثم على المختار من عدم الخيار الا مع تعذر الاجبار لو كان الشرط من قبيل الانشاء القابل للنيابة) كما لو كان الشرط ان يعتق العبد او يوقف الدار، او يطلق زوجته، او تنكح نفسها (فهل يوقعه الحاكم عنه اذا فرض تعذر اجباره، الظاهر ذلك) اى ان الحاكم يوقعه (لعموم) ادلة (ولاية السلطان على الممتنع) فانه يشمل الانشائيات أيضا (فيندفع ضرر المشروط له بذلك) الانشاء من الحاكم، كما انه لو اجبره الحاكم و اجرى الصيغة هو بنفسه، صحت الصيغة و ان كانت منبعثة عن الاكراه، و لا يكون الاكراه هنا رافعا للحكم، لفرض ان الشارع امر بهذا الاكراه، فهو خارج عن عموم: ما استكرهوا عليه، كما انه لو شرط إباحة ما له لزيد ثم امتنع، كان لزيد التصرف فيه و هو خارج عن عموم: لا يحل مال امرئ الا عن طيب نفسه

ص: 327

الرابعة: لو تعذر الشرط، فليس للمشترط الا الخيار

لعدم دليل على الارش فان الشرط فى حكم القيد لا يقابل بالمال، بل المقابلة عرفا و شرعا انما هى بين المالين و التقييد امر معنوى لا يعدّ مالا و ان كانت مالية المال تزيد و تنقص بوجوده و عدمه.

و

______________________________

(الرابعة) من المسائل المرتبطة بالشرط (لو تعذر الشرط، فليس للمشترط الا الخيار) اى ليس له الارش (لعدم دليل على الارش).

اما الخيار فلما تقدم من انه من مقتضيات: لا ضرر.

و اما عدم الارش (فان الشرط فى حكم القيد لا يقابل بالمال، بل المقابلة عرفا و شرعا انما هى بين المالين) فاذا باعه دارا بالف و اشترط عليه خياطة ثوبه، فان العرف يرى ان الألف فى مقابل الدار، و ان الشرط امر خارج ليس بإزائه المال، و كذلك العقد الّذي أمضاه الشارع فانما هو بين الدار و المال (و التقييد امر معنوى لا يعدّ مالا و ان كانت مالية المال تزيد و تنقص بوجوده) اى تزيد بوجود القيد (و عدمه) اى تنقص بعدم القيد فهو مثل ما اذا تزوّج امرأة بمهر كثير لان اباها صاحب ثروة او رتبة فان كلّ المهر فى مقابل البضع، لا ان مقدارا منه يكون فى مقابل البضع، و مقدارا آخر منه يكون فى مقابل عنوانها لثراء ابيها، و لذا لو تبين ان اباها سقط عن الرتبة قبل العقد لم يكن له ان يسترجع بعض المال

(و) ان قلت: فلما ذا يسترجع المشترى فى باب العيب «المنتقل إليه المعيوب» بعض الثمن فى باب العيب، فان ذلك بدل على ان الثمن بعضه فى مقابل الذات و بعضه فى مقابل القيد الّذي هو وصف

ص: 328

ثبوت الارش فى العيب لاجل النصّ.

و ظاهر العلامة ثبوت الارش اذا اشتراط عتق العبد فمات العبد قبل العتق.

و تبعه الصيمرى فيما اذا اشتراط تدبير العبد، قال: فان امتنع من تدبيره تخيّر البائع بين الفسخ و استرجاع العبد، و بين الامضاء فيرجع بالتفاوت بين قيمته لو بيع مطلقا، و قيمته بشرط التدبير، انتهى.

______________________________

الصحة.

قلت: (ثبوت الارش فى العيب لاجل النصّ) الخاص على خلاف القاعدة، لكن الظاهر من العرف فى بعض الموارد ان المقابل للمال فى البيع امران، ذات المبيع و قيده، و الارش فى النصّ على وفق القاعدة

(و) كيف كان ف (ظاهر العلامة ثبوت الارش اذا اشترط) البائع على المشترى (عتق العبد فمات العبد قبل العتق) بمعنى ان يلاحظ العبد الّذي يباع بدون هذا الشرط كم قيمته، و العبد الّذي يباع بهذا الشرط كم قيمته، فيأخذ المشترط التفاوت بين القيمتين.

(و تبعه الصيمرى فيما اذا اشترط تدبير العبد) بان يقول له المولى المشترى: انت حرّ دبر وفاتى (قال) الصيمرى (فان امتنع) المشترى (من تدبيره تخيّر البائع بين الفسخ) للعقد (و استرجاع العبد، و بين الامضاء) و اخذ الارش (فيرجع) الى المشترى (بالتفاوت بين قيمته لو بيع مطلقا) بدون شرط التدبير (و) بين (قيمته بشرط التدبير، انتهى).

مثلا: قيمته بدون الشرط عشرة، و مع الشرط ثمانية، فانه يرجع

ص: 329

و مراده بالتفاوت مقدار جزء من الثمن، نسبته إليه كنسبة التفاوت الى القيمة، لا تمام التفاوت لان للشرط قسطا من الثمن، فهو مضمون به لا بتمام قيمته، كما نصّ عليه فى التذكرة.

______________________________

البائع الى خمس الثمن.

(و مراده بالتفاوت مقدار جزء من الثمن) فاذا كانت القيمة الخارجية التى اشترى بها خمسة، فالمراد بالتفاوت واحد (نسبته) اى نسبة ذلك الجزء (إليه) اى الى الثمن نسبة الواحد الى الخمسة (كنسبة التفاوت الى القيمة) و هى نسبة الاثنين الى العشرة فى ما اذا كانت القيمة السوقية عشرة (لا تمام التفاوت) اى الاثنين.

و الحاصل ان القيمة السوقية تؤخذ لمعرفة مقدار التفاوت، و هل انه ثلث، او ربع، او خمس، او ما اشبه لا انها تؤخذ لاجل كون الارش نفس ذلك التفاوت.

و انما قلنا نسبة التفاوت لا تمام التفاوت (لان للشرط قسطا من الثمن فهو) اى الشرط (مضمون به) اى بذلك القسط- كالواحد فى المثال- (لا بتمام قيمته) السوقية- كالاثنين فى المثال الاول- (كما نصّ عليه) اى على نسبة التفاوت لا تمام التفاوت (فى التذكرة) و قد تقدم مثله فى سائر موارد الارش.

و الحاصل ان الاجزاء و الشروط انما كانت بإزاء القيمة الخارجية، لا بإزاء القيمة السوقية، فاللازم ملاحظة القيمة الخارجية، لنرى كم وقع منها قبال هذا الشرط لا ملاحظة القيمة السوقية، و الا فلربّما كان الارش

ص: 330

و ضعّف فى الدروس قول العلامة بما ذكرنا من ان الثمن لا يقسّط على الشروط.

و اضعف منه ثبوت الارش بمجرّد امتناع المشترى عن الوفاء بالشرط، و ان لم يتعذّر كما عن الصيمرى.

و لو كان الشرط عملا من المشروط عليه يعدّ مالا و يقابل بالمال كخياطة الثوب

______________________________

مساويا للثمن، او ازيد منه.

مثلا: اذا اشتراه بخمسة و الحال ان قيمته السوقية عشرون او عشرة و كان التفاوت بين المشروط و غير المشروط بالنصف لزم استرجاع خمسة او عشرة، و ذلك يوجب ان لا يقابل المال بثمن، بل يكون المالك باذلا لشي ء مع ماله فى مقابل لا شي ء.

(و ضعّف فى الدروس قول العلامة) القائل بالارش فى مقابل الشرط المفقود (بما ذكرنا من ان الثمن لا يقسّط على الشروط) فكيف يؤخذ الارش اذا تعذّر الشرط.

(و اضعف منه) اى من قول العلامة (ثبوت الارش بمجرد امتناع المشترى عن الوفاء بالشرط، و ان لم يتعذر) الشرط (كما عن الصيمرى) فيما اذا امتنع المشترى عن تدبير العبد المشروط تدبيره فى ضمن البيع

هذا كله فيما اذا كان الشرط لا يعدّ مالا عرفا كالعتق و التدبير.

(و) اما (لو كان الشرط عملا من المشروط عليه يعدّ مالا و يقابل بالمال) عرفا (كخياطة الثوب) كما لو اشترى دار زيد، بشرط ان بخيط المشترى

ص: 331

فتعذّر ففى استحقاق المشروط له لاجرته و مجرد ثبوت خيار له، وجهان

قال فى التذكرة: لو شرط على البائع عملا سائغا تخيّر المشترى بين الفسخ و المطالبة به او بعوضه ان فات وقته و كان مما يتقوّم، كما لو شرط تسليم الثوب مصبوغا، فاتاه به غير مصبوغ، و تلف فى يد المشترى.

و لو لم يكن مما يتقوّم، تخيّر بين الفسخ و الامضاء مجّانا،

______________________________

ثوب البائع (فتعذّر) ذلك الشرط، بان تمرّض المشترى و لم يتمكن من الخياطة او احترق القماش الّذي كان متعلق الشرط (ففى استحقاق المشروط له)- كالبائع فى المثال- (لاجرته) ا (و مجرد ثبوت خيار له) فى الفسخ و الابقاء بلا خياطة و لا اجرتها (وجهان).

من انه يقابل بالمال عرفا فله الارش.

و من ان المال بإزاء المثمن و الشروط لا مقابل لها كما تقدم و لكنك قد عرفت قوّة قول العلامة.

(قال فى التذكرة: لو شرط على البائع عملا سائغا تخيّر المشترى بين الفسخ و المطالبة به) اى بما شرط (او بعوضه) كاجرة الخياطة (ان فات وقته) اى وقت الشرط (و كان) الشرط (مما يتقوم) اى له قيمة عرفا (كما لو شرط تسليم الثوب مصبوغا، فاتاه) المشترى (به) اى بالثوب (غير مصبوغ، و) فات محل الصبغ، كما لو (تلف فى يد المشترى) فانه لا محل للصبغ بعد التلف.

(و لو لم يكن) الشرط (مما يتقوّم) فلا قيمة له عرفا، و تعذر الشرط كمثال العتق (تخيّر) من له الشرط (بين الفسخ و الامضاء مجّانا) لانّ

ص: 332

انتهى.

و قال أيضا: لو كان الشرط على المشترى مثل ان باعه داره بشرط ان يصبغ له ثوبه، فتلف الثوب، تخيّر البائع بين الفسخ و الامضاء بقيمة الفائت ان كان ممّا له قيمة، و الا مجانا، انتهى.

و الظاهر ان مراده بما يتقوم ما يتقوم فى نفسه سواء كان عملا محضا، كالخياطة، او عينا، كمال العبد المشترط معه او عينا و عملا كالصبغ، لا ما له مدخل فى قيمة العوض، اذ كل شرط كذلك.

______________________________

الشرط لا يقابل بالمال (انتهى).

(و قال أيضا) فى موضع آخر (لو كان الشرط على المشترى مثل ان باعه داره بشرط ان يصبغ له ثوبه، فتلف الثوب، تخيّر البائع بين الفسخ) للمعاملة (و الامضاء بقيمة الفائت) اى يأخذ قيمة الصبغ (ان كان) الشرط (ممّا له قيمة، و الا) يكن له قيمة، ف (مجانا، انتهى) كلام العلامة.

(و الظاهر) بقرينة قوله «و لو لم يكن مما يتقوم» و قوله «و الّا مجانا» (ان مراده بما يتقوم ما يتقوم فى نفسه) اى كانت له قيمة عند العرف (سواء كان) ذلك الشرط الّذي يتقوم (عملا محضا، كالخياطة، او عينا) محضا (كمال العبد المشترط معه) فيما اذا اشترى العبد بشرط ان يكون معه ماله فتلف المال و لم يصل الى المشترى (او عينا و عملا) معا (كالصبغ) فان اللون عين، و يحتاج الى الصباغ (لا ماله مدخل فى قيمة العوض) و فى زيادة الثمن (اذ كل شرط) و لو لم يكن مالا و لا عملا- كما فى منال التدبير و العتق- (كذلك) له مدخلية فى زيادة العوض.

ص: 333

و ما ذكره قدس سره لا يخلو عن وجه، و ان كان مقتضى المعاوضة بين العوضين بانفسهما كون الشرط مطلقا قيدا غير مقابل بالمال، فان المبيع هو الثوب المخيط و العبد المصاحب للمال، لا الثوب و الخياطة، و العبد و ماله.

و لذا لا يشترط قبض ما بإزاء المال من النقدين فى المجلس، لو كان من احدهما.

______________________________

(و ما ذكره) العلامة (قدس سره) من الارش (لا يخلو عن وجه) لان للشرط قسطا من المال عرفا، فتعذّره او امتناعه يوجب ان يكون للمشروط له حق القسط (و ان كان مقتضى المعاوضة بين العوضين بانفسهما) لا بين جزء من العوض و بين الشرط (كون الشرط مطلقا) اى سواء كان عملا او مالا او كلاهما معا، او ليس باحدهما كالتدبير (قيدا) للعوض (غير مقابل بالمال، فان المبيع هو الثوب المخيط و العبد المصاحب للمال، لا الثوب و الخياطة و العبد و ماله) فلا شي ء من الثمن يقابل بالخياطة، و لا بمال العبد، ففوت الخياطة و مال العبد لا يوجب ارجاع مقدار من المال (و لذا) الّذي ليس للشرط قسط من المال (لا يشترط قبض ما بإزاء المال من النقدين فى المجلس، لو كان) ما بإزاء المال (من احدهما) اى من احد النقدين.

فاذا كان للعبد ذهب، و اشترط ان يكون معه عند الانتقال الى المشترى، فلا يشترط قبض مال العبد فى المجلس، و الحال انه لو كان مال العبد بإزاء بعض الثمن لزم قبض ذلك المقدار من الثمن فى المجلس، لانه

ص: 334

و سيجي ء فى المسألة السابعة المعاملة مع بعض الشروط معاملة الاجزاء.

الخامسة: لو تعذر الشرط و قد خرج العين عن سلطنة المشروط عليه بتلف، او بنقل، او رهن، او استيلاد

فالظاهر عدم منع ذلك عن الفسخ فاذا فسخ، ففى رجوعه عليه بالقيمة او بالعين مع بقائها بفسخ العقد

______________________________

يشترط فى بيع النقدين القبض فى المجلس.

اللهم الا ان يقال: ان ادلة القبض فى المجلس لا تشمل مثل المال المشروط و ان كان الشرط بإزاء المال.

(و سيجي ء فى المسألة السابعة المعاملة مع بعض الشروط معاملة الاجزاء) و هذا يؤيّد كلام العلامة.

(الخامسة) من المسائل المربوطة بالشرط (لو تعذر الشرط و قد خرج العين عن سلطنة المشروط عليه، بتلف، او بنقل) كالبيع (او رهن) بان صار متعلق حق الغير (او استيلاد) بان صارت الامة متشبثة بالحرية او بما اشبه، كما اذا وقع المتاع فى البحر، او غصبته السلطة مثلا (فالظاهر عدم منع ذلك) و هو الخروج عن سلطنة المشروط عليه (عن الفسخ، فاذا فسخ، ففى رجوعه) اى الفاسخ (عليه) اى على المشروط عليه (بالقيمة) لتعذر العين تعذرا عقليا كالتلف، او شرعيا كالبيع (او) رجوعه عليه بالقيمة اذا كانت العين تالفة، و (بالعين مع بقائها) و ان كانت منتقلة، او صارت متعلق حق الغير، او متشبثة بالحرية (بفسخ العقد

ص: 335

الواقع عليه من حينه او من اصله، وجوه يأتى فى احكام الخيار، و يأتى ان الاقوى الرجوع بالبدل جمعا بين الادلة هذا كله مع صحة العقد الواقع بان لا يكون منافيا للوفاء بالشرط.

و اما لو كان منافيا،

______________________________

الواقع عليه) و ابطال الفسخ لحق الاستيلاد مثلا و يكون الفسخ (من حينه) فاذا باعه الدار بشرط كذا، و المشترى لم يف بالشرط، و قد باع الدار و فسخ المالك الاول كان فسخه من حين الفسخ، و منافع الدار بين البيع الاول، و بين الفسخ للمنتقل إليه لا المنتقل عنه (او من اصله) فمنافع الدار فى تلك المدة للبائع الاول (وجوه) و احتمالات (يأتى) بيانها و ذكر ادلتها (فى احكام الخيار، و يأتى ان الاقوى) لدى المصنف (الرجوع بالبدل) لا بالعين (جمعا بين الادلة) و هى دليل ان المشترط له الفسخ، و دليل ان البيع الواقع عليه الثمن من المشروط عليه صحيح واجب الوفاء به.

و (هذا) الّذي ذكرناه (كله) من الرجوع الى البدل و بعض الاحتمالات الاخر (مع صحة العقد الواقع) من المشترى على المثمن (بان لا يكون) العقد الواقع (منافيا للوفاء بالشرط).

فمثال غير المنافى كما اذا باعه داره بشرط ان يخيط ثوبه، فانه اذا باع المشترى الدار لم يكن بيعه منافيا للشرط الّذي هو الخياطة لامكان الجمع بين الخياطة و بين بيع الدار.

(و اما لو كان) العقد الّذي اوقعه المشترى على المثمن (منافيا)

ص: 336

كبيع ما اشترط وقفه على البائع ففى صحته مطلقا، او مع اذن المشروط له، او اجازته، او بطلانه، وجوه، خيرها اوسطها.

______________________________

للشرط (كبيع ما اشترط وقفه على البائع) «على» متعلق ب «وقفه» فباع زيد دارا لعمرو، بشرط ان يوقفها زيد على عمرو نفسه، و كذلك مثل بيع ما اشترط عتقه، و استيلاد ما اشترط بيعه، و صلح ما اشترط رهنه، الى غير ذلك من الامثلة (ففى صحته مطلقا) سواء اذن او اجاز أم لا، لانه صار ملكا له فله ان يتصرف فيه كيف يشاء (او مع اذن المشروط له) سابقا على العقد الثانى و استيلاده (او اجازته) لاحقا بعد ان عقد المشروط عليه، لانه حق المشروط له فاذا اذن او اجاز، جاز، و الا بطل (او بطلانه) مطلقا و ان اذن و اجاز، لان الشرط اخرج الملك عن الا طلاق، و مع عدم اطلاقه لا يملك المشروط عليه التصرف فيه، اذ من شروط التصرف فى الملك ان يكون طلقا (وجوه، خيرها اوسطها).

اذ: الصحة- و الحال ان المثمن متعلق حق الغير- لا وجه له فانه لا يستوى حق امرئ مسلم.

و البطلان- حتى مع الاذن و الاجازة- أيضا لا وجه له، و الحال ان المثمن مربوط بالبائع و المشترى، و قد اراد كلاهما بيعه، فيبقى القول الوسط، نعم ذلك لا يجرى فى مثل استيلاد الجارية.

اللهم الا ان يقال: ان حق البائع سابق على الاستيلاد فاللازم توقف الاستيلاد على اجازة البائع.

ص: 337

فلو باع بدون اذنه كان للمشروط له فسخه و الزامه بالوفاء بالشرط

نعم لو لم نقل باجبار المشروط عليه فالظاهر صحة العقد الثانى فاذا فسخ المشروط له ففى انفساخ العقد من حينه او من اصله او الرجوع بالقيمة وجوه، رابعها التفصيل بين التصرف بالعتق، فلا يبطل لبنائه

______________________________

(فلو باع) المشترى المتاع (بدون اذنه) اى اذن المشترط الّذي هو البائع فى المثال (كان للمشروط له فسخه و الزامه) اى الزام المشروط عليه (بالوفاء بالشرط) كما ان له ان يصالحه حقه بقدر من المال، او بشرط آخر، او ما اشبه ذلك.

(نعم لو لم نقل باجبار المشروط عليه) فى اصل مسئلة الشرط- كما تقدم انه قول لبعض الفقهاء- (فالظاهر صحة العقد الثانى) و للمشروط له الفسخ (فاذا فسخ المشروط له) العقد الثانى (ففى انفساخ العقد) الاول (من حينه) اى من حين الانفساخ، فمنافع الملك للمنتقل إليه (او من اصله) اى من حين العقد الاول، فمنافع الملك للمنتقل عنه اى البائع الاول.

و هناك احتمال كون انفساخ العقد الثانى من حينه فالمنافع للمشترى الثانى، او من اصله فالمنافع للمشترى الاول (او الرجوع) اى رجوع الفاسخ- بعد الفسخ- (بالقيمة) لتعذر استرجاع العين، لانها انتقلت من المشروط عليه (وجوه، رابعها التفصيل بين التصرف) اى تصرف المشترى المشروط عليه المخالف للشرط (بالعتق فلا يبطل) العتق (لبنائه

ص: 338

على التغليب فيرجع بالقيمة، و بين غيره فيبطل، اختاره فى التذكرة و الروضة، قال فى فروع مسئلة العبد المشترط عتقه- بعد ما ذكر ان اطلاق اشتراط العتق يقتضي عتقه مجانا-، فلو اعتقه بشرط الخدمة مدّة تخيّر المشروط له بين الامضاء و الفسخ، فيرجع بقيمة العبد.

قال بعد ذلك: و لو باعه المشترى او وقفه، او كاتبه تخيّر البائع بين الفسخ و الامضاء، فان فسخ بطلت هذه العقود لوقوعها فى غير ملك تام و تخالف

______________________________

على التغليب) فكلما تشبث العبد بالحرية لا يمكن استرجاعه الى الرقّ (فيرجع) المالك الاول الفاسخ (بالقيمة) جمعا بين الحقوق و هى حق البائع، و حق المشترى، و حق العبد (و بين غيره) اى غير العتق (فيبطل) التصرف، و يسترجع المشترط المثمن (اختاره) اى هذا التفصيل (فى التذكرة و الروضة، قال) فى التذكرة (فى فروع مسئلة العبد المشترط عتقه- بعد ما ذكر ان اطلاق اشتراط العتق يقتضي عتقه مجانا-) لا فى مقابل مال يأخذه من انسان آخر او خدمة يطلبها من العبد فى مقابل عتقه له، قال: (فلو اعتقه بشرط الخدمة مدّة تخير المشروط له بين الامضاء) للعقد (و الفسخ، ف) اذا فسخ (يرجع بقيمة العبد) لان العبد قد اعتق، فلا يمكن ارجاعه الى الملك.

(قال بعد ذلك: و لو باعه المشترى او وقفه، او كاتبه) على خلاف الشرط- الّذي هو عتقه- (تخيّر البائع بين الفسخ و الامضاء، فان فسخ) العقد (بطلت هذه العقود لوقوعها فى غير ملك تام) الملكية (و تخالف

ص: 339

هذه العتق بشرط الخدمة لان العتق مبنى على التغليب، فلا سبيل الى فسخه و هل له امضاء البيع مع طلب فسخ ما نقله المشترى؟ فيه احتمال، انتهى.

و مثله ما فى الروضة.

و قال فى الدروس- فى العبد المشروط عتقه- و لو اخرجه عن ملكه ببيع او هبة او وقف، فللبائع فسخ ذلك كله انتهى و ظاهره ما اخترناه و يحتمل

______________________________

هذه) العقود (العتق بشرط الخدمة) الّذي ذكرناه انه يرجع بالقيمة فالفرق بينهما (لان العتق مبنى على التغليب، فلا سبيل الى فسخه) اى فسخ العتق (و هل له) اى للبائع (امضاء البيع) اى ابقائه (مع طلب فسخ ما نقله المشترى؟) الى غيره طلبا لتنفيذ شرطه (فيه احتمال) لان الشرط يقتضي ابقاء البيع على حاله حتى ينفذ الشرط فيه (انتهى) كلام العلامة.

(و مثله ما فى الروضة) من التفصيل بين العتق فلا ينفسخ، و بين سائر العقود، فتنفسخ.

(و قال فى الدروس- فى العبد المشروط عتقه-) فى عقد البيع (و لو اخرجه) المشترى (عن ملكه ببيع او هبة او وقف، فللبائع فسخ ذلك كله انتهى) و لم يذكر حالة عتق العبد بشرط الخدمة، و انه لو خالف المشترى ما ذا يكون امر البائع المشترط؟ (و ظاهره ما اخترناه) عند ما قلنا «خيرها اوسطها» اى توقف تلك العقود على الاذن او الاجازة (و يحتمل

ص: 340

ضعيفا غيره.

و فى جامع المقاصد: الّذي ينبغى، ان المشترى ممنوع من كل تصرف ينافى العتق المشترط.

ثم ان هذا الخيار كما لا يسقط بتلف العين كذلك لا يسقط بالتصرف فيها، كما نبّه عليه فى المسالك فى اوّل خيار العيب فيما لو اشترط الصحة على

______________________________

ضعيفا غيره) بان يكون مراد الدروس فسخ العقد الاول، فتفسخ هذه العقود بالتبع.

(و فى جامع المقاصد) قال: (الّذي ينبغى، ان المشترى ممنوع من كل تصرف ينافى العتق المشترط) فاذا تصرف تصرفا ينافيه، بطل التصرف لانه كان ممنوعا منه.

لكن الظاهر ان مراده الاحتياج الى الاجازة، لانه ليس أسوأ من الفضولى.

(ثم ان هذا الخيار) اى خيار الشرط الّذي هو للمشروط له (كما لا يسقط بتلف العين) عند المشترط فاذا باع عباءة بدينار، بشرط ان يخيط المشترى قبائه فتلف الدينار عنده، فلا يسقط خيار شرطه، فاذا لم يخط المشترى القباء كان للبائع خيار الفسخ و ان تلف الدينار عنده، فاذا فسخ اعطى بدله للمشترى (كذلك لا يسقط بالتصرف فيها) اى فى العين المنتقلة الى المشترط، لانه لا دليل على ان التصرف مسقط لخيار الشرط (كما نبّه عليه) اى على عدم سقوط خيار المشترط بالتصرف (فى المسالك فى اوّل خيار العيب فيما لو اشترط الصحة على

ص: 341

البائع.

نعم اذا دل التصرف على الالتزام بالعقد لزم العقد و سقط الخيار نظير خيار المجلس و الحيوان بناء على ما استفيد من بعض اخبار خيار الحيوان المشتمل على سقوط خياره بالتصرف معلّلا بحصول الرضا بالعقد.

و اما مطلق التصرف، فلا.

______________________________

البائع) فان تصرف البائع فى الثمن، فلا يسقط خيار المشترى بتصرف البائع فيما اذا ظهر المثمن معيبا.

(نعم اذا دل التصرف) اى تصرف ذى الخيار (على الالتزام بالعقد) و انه لا يريد الاخذ بالخيار (لزم العقد و سقط الخيار) و هو خيار الشرط فلا يحق له الاخذ بعد ذلك بخيار الشرط، و فسخ العقد فيما اذا لم يأت المشروط عليه بالشرط.

(نظير خيار المجلس و الحيوان) فانهما لا يسقطان بالتصرف الا اذا دل التصرف على الرضا بالعقد (بناء على ما استفيد من بعض اخبار خيار الحيوان المشتمل) ذلك الخبر (على سقوط خياره) اى خيار الحيوان (بالتصرف) فى الحيوان (معلّلا) السقوط (بحصول الرضا بالعقد) فيدل على ان الرضا هو المسقط للخيار.

(و اما مطلق التصرف، فلا) يسقط الخيار.

ثم انه اذا تصرف ذو الخيار «خيار الشرط» فى المنتقل إليه تصرفا مخرجا عن الملك او شبهه، ثم اخذ بالخيار، فهل يحق للمشروط عليه

ص: 342

السادسة: للمشروط له اسقاط شرط اذا كان مما يقبل الاسقاط،

لا مثل اشتراط مال العبد او حمل الدابة

______________________________

ارجاع ملكه حتى اذا كان الثمن عبدا فاعتقه البائع المشترط، او كانت امة فاولدها، او كان ملكا فوقفه مسجدا، أم لا؟ بل لا بدّ من الرجوع الى البدل احتمالات- كما تقدّم مثله-.

(السادسة) من المسائل المرتبطة بالشرط، فى ان (للمشروط له اسقاط شرطه اذا كان) الشرط (مما يقبل الاسقاط) كما اذا كان حقّا للبائع، و فعلا للمشروط عليه نحو اشتراط ان يخيط المشترى ثوب البائع (لا مثل اشتراط مال العبد او حمل الدابة) لانه شرط نتيجة، و شرط الغاية لا يقبل الاسقاط، لانه قد حصل بمجرد الشرط، و صار الحمل و المال ملكا للمشروط له و الملك لا يسقط بالاسقاط، نعم ان الملك يقبل الخروج عن ملك مالكه بالاعراض.

اللهم الا ان يقال: ان الاسقاط امر اعتبارى و العرف يرى صحته بالنسبة، حتى الى شرط الغاية.

فاذا اشترى الدابة بشرط ان يكون للمشترى الحمل، ثم قال اسقطت شرطى، رأى العرف ان ذلك يوجب ان يكون الحمل للمالك البائع، و ليس من قبيل ان يقول «اسقطت ملكيتى للدار» و ان كان ذلك معقولا فى نفسه، لكنه خلاف الاعتبار العرفى الممضى من قبل الشارع.

ثم انه لو شك فى انه هل هو شرط قابل للاسقاط، او ليس بقابل للاسقاط؟ كان اصل «امكان اسقاط كل حق الا ما خرج» محكما.

ص: 343

لعموم ما تقدم فى اسقاط الخيار، و غيره من الحقوق، و قد يستثنى من ذلك ما كان حقا لغير المشروط له، كالعتق.

فان المصرّح به فى كلام جماعة، كالعلامة، و ولده، و الشهيدين، و غيرهم عدم سقوطه باسقاط المشروط له.

قال فى التذكرة: الاقوى عندى ان العتق المشروط اجتمع فيه حقوق، حق للّه،

______________________________

اذ معنى الحق انه قابل للاسقاط، و النقل، و الارث، و غيرها، و هذا الاصل العقلائى مقدّم على استصحاب عدم السقوط، و عدم الانتقال، و ما اشبه.

و انما قلنا: ان للمشروط اسقاط شرطه (لعموم ما تقدم فى اسقاط الخيار، و غيره من الحقوق، و قد يستثنى من ذلك) اى من قابلية الشرط للاسقاط (ما كان حقا لغير المشروط له) اى بالإضافة الى كونه حقا للمشروط له (كالعتق) كما اذا باع عبده بشرط ان يعتقه، ثم اراد اسقاط هذا الشرط، لم يتمكن من اسقاط شرطه، لان العتق حق العبد أيضا و المشروط له انما له ان يسقط حق نفسه، لا حق العبد.

(فان المصرّح به فى كلام جماعة، كالعلامة، و ولده، و الشهيدين و غيرهم عدم سقوطه) اى العتق (باسقاط المشروط له) بل اللازم على المشروط عليه العتق.

(قال فى التذكرة: الاقوى عندى ان العتق المشروط) فى البيع و نحوه (اجتمع فيه حقوق) ثلاثة (حق للّه) لان العتق يؤتى به قربة الى

ص: 344

و حق للبائع، و حق للعبد، ثم استقرب- بناء على ما ذكره- مطالبة العبد بالعتق لو امتنع المشترى.

و فى الايضاح: الاقوى انه حق للبائع و للّه تعالى، فلا يسقط بالاسقاط، انتهى.

و فى الدروس: لو اسقط البائع الشرط جاز الا العتق، لتعلق حق العبد، و حق اللّه تعالى به، انتهى.

و فى جامع المقاصد: ان التحقيق ان العتق فيه معنى القربة و العبادة، و هو حق اللّه تعالى، و زوال

______________________________

اللّه (و حق للبائع) لانه شرط ذلك فى ضمن العقد (و حق للعبد) لانه هو الّذي يعتق و ينتفع بهذا الشرط (ثم استقرب) العلامة (بناء على ما ذكره) من انه حق للعبد- أيضا- (مطالبة العبد) من سيّده الجديد (بالعتق لو امتنع المشترى) من ان يعتقه.

(و فى الايضاح: الاقوى انه حق للبائع و لله تعالى) و ليس حق للعبد (فلا يسقط بالاسقاط، انتهى) اذ البائع ليس وكيلا عن الله سبحانه حتى يسقط حقه سبحانه.

(و) قال (فى الدروس: لو اسقط البائع الشرط جاز) اى نفذ اسقاطه (الا العتق) فان اسقاطه لم ينفذ (لتعلق حق العبد، و حق الله تعالى به) بالإضافة الى حق البائع الّذي اسقطه (انتهى).

(و فى جامع المقاصد: ان التحقيق ان العتق فيه معنى القربة و العبادة، و هو) بهذا الاعتبار (حق اللّه تعالى، و) فيه أيضا (زوال

ص: 345

الحجر و هو حق للعبد، و فوات المالية على الوجه المخصوص للقربة و هو حق للبائع، انتهى.

اقول: اما كونه حقا للبائع من حيث تعلق غرضه بوقوع هذا الامر المطلوب للشارع، فهو واضح.

و اما كونه حقا للعبد، فانه ان اريد به مجرد انتفاعه بذلك فهذا لا يقتضي سلطنة له على المشترى بل هو متفرع على حق البائع دائر معه

______________________________

الحجر) عن العبد (و هو حق للعبد، و) فيه أيضا (فوات المالية على الوجه المخصوص للقربة) المعتبرة فيه (و هو) اى كونه مالا- الّذي يفوّته العتق- (حق للبائع، انتهى) كلام جامع المقاصد.

(اقول: اما كونه حقا للبائع من حيث تعلق غرضه بوقوع هذا الامر المطلوب للشارع، فهو واضح) و لا يشترط ان تكون وجهة نظر البائع هى المطلوبية للشارع، بل العتق مطلوب للشارع، سواء قصده البائع، أم لا.

(و اما كونه حقا للعبد، فانه ان اريد به مجرد انتفاعه بذلك) العتق (فهذا) مسلم.

و لكن (لا يقتضي سلطنة له على المشترى) اذ ليس كل منتفع بشي ء له حق على الّذي ينفعه، و ان كان ذلك واجبا على النافع، فان من نذر ان يتصدق بدينار على الفقير، لا يكون للفقير حق عليه.

و من حلف ان يزور الحسين عليه السلام لا يكون للسائق و المكارى حق عليه (بل هو) اى انتفاع العبد (متفرع على حق البائع دائر معه) اى

ص: 346

وجودا و عدما، و ان اريد ثبوت حق على المشترى يوجب السلطنة على المطالبة، فلا دليل عليه.

و دليل الوفاء لا يوجب الا ثبوت الحق للبائع.

و بالجملة: فاشتراط عتق العبد ليس الا كاشتراط ان يبيع المبيع من زيد بادون من ثمن المثل، او يتصدق به عليه، و لم يذكر احد ان لزيد المطالبة.

و مما ذكر يظهر الكلام فى ثبوت حق اللّه

______________________________

مع حق البائع (وجودا و عدما) فان كان للبائع حق انتفع العبد، و الا لم ينتفع (و ان اريد ثبوت حق) للعبد (على المشترى يوجب) للعبد (السلطنة على المطالبة، فلا دليل عليه) اى على وجود مثل هذا الحق بل اصالة عدم تعلق العبد على المشروط عليه محكّمة.

(و دليل الوفاء لا يوجب الا ثبوت الحق للبائع) فانه يدل على الوضع لا التكليف المجرد.

و المفهوم من الوضع عرفا ثبوت هذا الحق مع قطع النظر عن الادلة الخارجية على ذلك.

(و بالجملة: فاشتراط) البائع على المشترى (عتق العبد ليس الا كاشتراط ان يبيع المبيع من زيد بادون من ثمن المثل، او يتصدق به) اى بالمبيع (عليه، و لم يذكر احد ان يزيد) المشروط بنفعه (المطالبة) مما يدل على ان الفقهاء لم يفهموا من الادلة ثبوت الحق لزيد.

(و مما ذكر) من انه لا دليل على حق للعبد (يظهر الكلام فى ثبوت حق اللّه

ص: 347

تعالى، فانه ان اريد به مجرد وجوبه عليه، لانه وفاء بما شرط العباد بعضهم لبعض فهذا جار فى كل شرط، و لا ينافى ذلك سقوط الشروط بالاسقاط، و ان اريد ما عدا ذلك من حيث كون العتق مطلوبا للّه، كما ذكره جامع المقاصد ففيه ان مجرد المطلوبية اذا لم يبلغ حد الوجوب لا يوجب الحق للّه على وجه يلزم به الحاكم، و لا وجوب هنا من غير جهة وجوب الوفاء بشروط العباد و القيام بحقوقهم.

و قد عرفت ان المطلوب غير هذا

______________________________

تعالى، فانه ان اريد به) اى بحق اللّه (مجرد وجوبه عليه) اى على المشروط عليه (لانه وفاء بما شرط العباد بعضهم لبعض) و قد اوجب اللّه هذا الوفاء (فهذا) الحق للّه تعالى (جار فى كل شرط، و لا ينافى ذلك) الحق لله تعالى (سقوط الشروط بالاسقاط) لان وجوب الحق لله تعالى تابع لطلب ذى الحق، كما يسقط حق الله «اى وجوبه» اذا اسقط الدائن دينه (و ان اريد) حقا (ما عدا ذلك) الوجوب الشرعى التبعى (من حيث كون العتق مطلوبا لله) فهو حق ابتدائى له سبحانه على المشروط عليه (كما ذكره جامع المقاصد، ففيه ان مجرد المطلوبية اذا لم يبلغ حد الوجوب) الاستقلال (لا يوجب الحق لله على وجه يلزم به الحاكم) «يلزم» من باب الافعال (و لا وجوب هنا من غير جهة وجوب الوفاء بشروط العباد) المستفاد من قوله عليه السلام: المؤمنون عند شروطهم (و القيام بحقوقهم) المستفاد من قوله عليه السلام: لا يستوى حق امرئ مسلم و شبهه

(و قد عرفت ان المطلوب) للذى يقول: بانه حق للّه تعالى (غير هذا)

ص: 348

فافهم.

السابعة: قد عرفت ان الشرط من حيث هو شرط لا يقسط عليه الثمن عند انكشاف التخلف على المشهور

لعدم الدليل عليه بعد عدم دلالة العقد

______________________________

اذ هذا النحو من حق الله تعالى تابع لحق المشترط، فاذا اسقط المشترط حقه، لم يبق امر شرعى بتنفيذ الشرط، كما قال عليه السلام- فى ما يشبه المقام-: انه لم يعص اللّه، و انما عصى سيّده، فاذا اجاز جاز (فافهم) فانه يحتمل ان يشمله قوله عليه السلام: ما كان لله فلا رجعة فيه فانه لو شرط العتق صار ذلك للّه تعالى، اذ العتق مما يتقرب به إليه سبحانه، فلا يتمكن المشترط من الرجوع، و على فرض الرجوع، فانما يرجع فى حق نفسه لا فى حق الله تعالى، لكن الاقرب هو الاول و انه يسقط الحق مطلقا.

(السابعة) من مسائل الشرط (قد عرفت ان الشرط من حيث هو شرط لا يقسط عليه الثمن عند انكشاف التخلف) للشرط فلا يكون الثمن جزءين، جزء فى مقابل اصل المثمن، و جزء فى مقابل شرطه حتى يكون تخلف الشرط موجبا لاسترجاع المشترط جزء من الثمن (على المشهور) و ان تقدم التأمّل فى ذلك، و ان بعض الشروط مما يقسّط عليه الثمن عرفا.

و حيث ان الشارع امضى العقود مطلقا الا ما استثناه و ليس المقام مما استثناه، كان اللازم القول بامضاء الشارع لما يراه العرف هنا.

و كيف كان فانما قلنا بعدم تقسيط الثمن (لعدم الدليل عليه) اى على التقسيط (بعد عدم دلالة العقد

ص: 349

عرفا على مقابلة احد العوضين الا بالآخر، و الشرع لم يزد على ذلك، اذ:

امره بالوفاء، بذلك المدلول العرفى.

فتخلف الشرط لا يقدح فى تملك كل منهما لتمام العوضين هذا.

و لكن قد يكون الشرط تضمن المبيع لما هو جزء له حقيقة بان يشترى مركّبا، و يشترط كونه كذا و كذا جزء كان يقول: بعتك هذا الارض او الثوب او الصبرة على ان يكون كذا ذراعا او صاعا،

______________________________

عرفا على مقابلة احد العوضين الا بالآخر) فالثمن فى مقابل الثمن، و المثمن فى مقابل الثمن، و لا مدخلية للشرط الا ان للمشترط الفسخ اذا لم يأت المشروط عليه بالشرط (و الشرع لم يزد على ذلك) الامر العرفى (اذ امره) اى امر الشرع المشروط عليه (بالوفاء بذلك المدلول العرفى) الّذي هو كون الثمن فى مقابل المثمن و العكس.

(فتخلف الشرط لا يقدح فى تملك كل منهما لتمام العوضين) بدون ان يسقط من احدهما بمقدار الشرط (هذا) هو مقتضى القاعدة فى كل شرط الا ما استثنى، و هو ما ذكره بقوله:

(و لكن قد يكون الشرط تضمن المبيع لما هو جزء له حقيقة) «تضمن» بالنصب خبر «يكون» (بان يشترى مركّبا، و يشترط كونه كذا و كذا جزء) فان ما تصوّره ذكر بعنوان الشرط و هو جزء فى الواقع (كان يقول:

بعتك هذا الارض، او الثوب، او الصبرة) و هى مقدار من الحنطة (على ان يكون كذا ذراعا) بالنسبة الى الارض و الثوب (او صاعا) بالنسبة الى الصبرة، او يكون اظهر فى الجزئية من الامثلة المذكورة، كان يقول:

ص: 350

فقد جعل الشرط تركّبه من اجزاء معينة، فهل يلاحظ حينئذ جانب القيدية و يقال: ان المبيع هو العين الشخصية المتصفة بوصف كونه كذا جزء، فالمتخلف هو قيد من قيود العين، كالكتابة و نحوها فى العبد لا يوجب فواتها إلا خيارا بين الفسخ و الامضاء بتمام الثمن او يلاحظ جانب الجزئية فان المذكور، و

______________________________

بعتك هذه البرتقالات على ان تكون مائة مثلا، حيث ان الوحدات منفصلة (فقد جعل الشرط تركّبه من اجزاء معينة، فهل يلاحظ حينئذ جانب القيدية) اى الصورة (و يقال: ان المبيع هو العين الشخصية) الخارجية- زادت او نقصت- فالثمن فى مقابل هذه العين كيف كانت (المتصفة بوصف كونه كذا جزء، فالمتخلف) اذا ظهرت اقل جزء (هو قيد من قيود العين) الخارجية.

فاذا ظهر المبيع اقل جزء، كان للمشترط خبار تخلف الشرط فقط من دون ان يكون له استرداد ما يقابل ذاك من الثمن.

و لكن ليعلم ان عدم حقه فى الاسترداد بناء على ان تخلف الشرط لا يوجب ارشا و الا كان له الارش و ان كان ذلك المتخلف ليس بجزء، كما تقدم نقله عن بعض الفقهاء، فيكون الجزء الواقعى بناء على ما ذكره (كالكتابة و نحوها فى العبد) اذا شرطها المشترى (لا يوجب فواتها الا خيارا بين الفسخ و الامضاء بتمام الثمن) «بتمام» متعلق ب «الامضاء» (او يلاحظ جانب الجزئية) التى هى الواقع و الحقيقة (فان المذكور) بقوله: بشرط ان يكون كذا صاعا، او ذراعا، او عددا (و

ص: 351

ان كان بصورة القيد، الا ان منشأ انتزاعه هو وجود الجزء الزائد و عدمه، فالمبيع فى الحقيقة هو كذا و كذا جزء الا انه عبّر عنه بهذه العبارة كما لو اخبر بوزن المبيع المعين فباعه اعتمادا على اخباره، فان وقوع البيع على العين الشخصية لا يوجب عدم تقسيط الثمن على الفائت.

و بالجملة فالفائت عرفا و فى الحقيقة هو الجزء، و ان كان بصورة الشرط، فلا يجرى فيه ما مرّ من عدم

______________________________

ان كان بصورة القيد، الا ان منشأ انتزاعه هو وجود الجزء الزائد) فيزيد (و عدمه) فينقص (فالمبيع فى الحقيقة هو كذا و كذا جزء) فاذا اشترى مائة برتقالة بعشرة دنانير، فكل برتقالة تساوى مائة فلس مثلا (الا انه عبّر عنه بهذه العبارة) الظاهرة فى الشرطية، و العقود تتبع القصود لا الالفاظ (كما لو اخبر) البائع (بوزن المبيع المعين) و انه مائة رطل مثلا (فباعه) المشترى الى الغير (اعتمادا على اخباره) بدون ذكر الوزن فى العقد (فان وقوع البيع على العين الشخصية لا يوجب عدم تقسيط الثمن على الفائت).

فاذا كان بعض المبيع فائتا، كان له ان يسترد من الثمن بالنسبة و ذلك لانه- فى المعنى و الحقيقة- باعه كذا جزء، كل جزء بنسبته من الثمن.

(و بالجملة فالفائت عرفا و فى الحقيقة هو الجزء) فيما اذا باعه صبرة بشرط ان تكون كذا صاعا مثلا (و ان كان) الفائت ذكر (بصورة الشرط، فلا يجرى فيه) اى فى هذا النحو من الشرط (ما مرّ من عدم

ص: 352

التقابل الا بين نفس العوضين.

و لاجل ما ذكرنا وقع الخلاف فيما لو باعه ارضا على انها جربان معينة او صبرة على انها اصوع معينة.

و تفصيل ذلك العنوان الّذي ذكره فى التذكرة بقوله: لو باع شيئا و شرط فيه قدرا معيّنا، فتبين الاختلاف من حيث الكمّ، فاقسامه أربعة.

لانه اما ان يكون مختلف الاجزاء، او متفقها.

و على التقديرين فاما ان يزيد،

______________________________

التقابل الا بين نفس العوضين) حتى لا يكون لفواته تأثير فى تنقيص الثمن بل فواته يوجب تنقيص الثمن بالنسبة.

(و لاجل ما ذكرنا) من ان هذا الشرط هل هو كسائر الشروط او هو كفوات بعض الاجزاء (وقع الخلاف) بين الفقهاء (فيما لو باعه ارضا على انها جربان معينة، او) باعه (صبرة على انها اصوع معينة) «اصوع» جمع صاع وقع الخلاف فى انها تعامل معاملة الجزء، او معاملة الشرط

(و تفصيل ذلك العنوان) هو (الّذي ذكره فى التذكرة) «تفصيل» مبتدأ و «الّذي» خبره (بقوله: لو باع شيئا و شرط فيه قدرا معيّنا، فتبيّن الاختلاف من حيث الكمّ، فاقسامه) اى اقسام ذلك المبيع (أربعة)

(لانه اما ان يكون مختلف الاجزاء) كما اذا باعه شياة على انها مائة (او متفقها) كمثال الصبرة، و لا يخفى ان المراد بالاتفاق هو الاتفاق العرفى، و الا فاجزاء كل شي ء مختلفة بنظر الدقة و الواقع.

(و على التقديرين) و هما الاختلاف و الاتفاق (فاما ان يزيد) كان

ص: 353

و اما ان ينقص.

فالاول تبين النقص فى متساوى الاجزاء، و لا اشكال فى الخيار، و انما الاشكال و الخلاف فى ان له الامضاء بحصة من الثمن او ليس له الامضاء الا بتمام الثمن

______________________________

كانت مائة و عشرة شياة (و اما ان ينقص) كما لو كانت تسعين.

اما اذا ظهر مطابقا للعدد المشروط، فذلك خارج عن موضوع الكلام.

و قد يتصور ان يزيد و ينقص معا، كما اذا باعه كمية من الشياه و السخال ببيع واحد، على ان يكون كل منهما مائة فظهرت إحداهما مائة و عشرة و الاخرى تسعين.

(فالاول) من الاقسام الاربعة (تبين النقص فى متساوى الاجزاء، و لا اشكال فى الخيار) و ان المشترى مخير بين الفسخ و الامضاء، اما الامضاء فعلى الاصل، و اما الفسخ فلقاعدة: لا ضرر و شبهها (و انما الاشكال و الخلاف فى ان له الامضاء بحصة من الثمن) الحصة بالنسبة لا الحصة مطلقا.

مثلا: لو اشترى مائة شاة بمائة دينار فظهرت تسعين، كان له ان يسترجع عشرة- اذا كانت متساوية القيمة- لا ان يقول: اما ان تعطينى عشرين، و اما ان افسخ، اللهم الا على وجه الصلح، كما انه ليس له ان يطالبه بعشرة من الخارج اذا كان البيع شخصيا، و اذا كان كليا فليس له الا مطالبة المقدار الناقص او الصلح (او ليس له الامضاء الا بتمام الثمن

ص: 354

فالمشهور- كما عن غاية المرام- هو الاول.

و قد حكى عن المبسوط، و الشرائع و جملة من كتب العلامة و الدروس و التنقيح، و الروضة، و ظاهر السرائر و إيضاح النافع، حيث اختارا ذلك فى مختلف الاجزاء فيكون كذلك فى متساوى الاجزاء بطريق اولى.

و يظهر من استدلال بعضهم على الحكم فى مختلف الاجزاء كونه

______________________________

فالمشهور- كما عن غاية المرام- هو الاول) بان له الامضاء بحصة من الثمن.

(و قد حكى) هذا القول (عن المبسوط، و الشرائع، و جملة من كتب العلامة، و الدروس، و التنقيح، و الروضة، و ظاهر السرائر).

و يحتمل ان يكون مراد السرائر غير ذلك و لذا قال «و ظاهر السرائر» (و إيضاح النافع) و انما قلنا انه الظاهر منهما (حيث اختارا) و هما السرائر و الايضاح (ذلك) الامضاء بحصة من الثمن (فى مختلف الاجزاء) كالارض (فيكون) رأيهما (كذلك) الامضاء بحصة من الثمن (فى متساوى الاجزاء بطريق اولى).

و وجه الاولوية ان مختلف الاجزاء فيه جهتان «الاجزاء» و «الاختلاف بينها».

فاذا كان الحكم التقسيط، يكون فى متساوى الاجزاء اولى، لانه ليس فيه الا «الاجزاء» فقط.

(و يظهر من استدلال بعضهم على الحكم) اى تقسيط الثمن (فى مختلف الاجزاء كونه) اى الحكم

ص: 355

فى متساوى الاجزاء مفروغا عنه.

و عن مجمع البرهان انه ظاهر القوانين الشرعية.

و وجهه- مضافا الى فحوى الرواية الآتية فى القسم الثانى- ما اشرنا إليه من ان كون المبيع الشخصى بذلك المقدار و ان كان بصورة الشرط الا ان مرجعه الى كون المبيع هذا القدر، كما لو كالا طعاما فاشتراه فتبين الغلط فى الكيل، و لا يرتاب اهل العرف فى مقابلة

______________________________

(فى متساوى الاجزاء مفروغا عنه).

و كذلك اولى بالحكم من مختلف الاجزاء لو كان بعض المبيع مختلف الاجزاء و بعضه متساوى الاجزاء، كما اذا باعه ارضا مع صبرتها على ان الارض مائة جريب و الصبرة مائة طنّ.

(و عن مجمع البرهان انه) اى التقسيط (ظاهر القوانين الشرعية)

(و وجهه) اى وجه التقسيط (- مضافا الى فحوى الرواية الآتية فى القسم الثانى-) اى مختلف الاجزاء، و الفحوى يعنى الاولوية لانه اذا قسط فى مختلف الاجزاء كان التقسيط فى متساوى الاجزاء اولى- كما عرفت- (ما اشرنا إليه) خبر «و وجهه» (من ان كون المبيع الشخصى بذلك المقدار) الّذي اتفقا عليه (و ان كان) مذكورا فى لفظ العقد (بصورة الشرط الا ان مرجعه) عند العرف (الى كون المبيع هذا القدر) اى مائة طنّ مثلا، و كانه اشتراه بالاجزاء، فيكون حال الشرط (كما لو كالا) البائع و المشترى (طعاما فاشتراه) بدون ذكر الكمية، جزء او شرطا (فتبين الغلط فى الكيل، و) من المعلوم انه (لا يرتاب اهل العرف فى مقابلة

ص: 356

الثمن لمجموع المقدار المعين المشترط هنا خلافا لصريح القواعد، و محكى الايضاح.

و قواه فى محكى حواشى الشهيد و الميسية و الكفاية، و استوجهه فى المسالك، و يظهر من جامع المقاصد أيضا لان المبيع هو الموجود الخارجى، كائنا ما كان.

غاية الامر انه التزم ان يكون بمقدار معين.

و هو وصف غير موجود فى المبيع فاوجب الخيار، كالكتابة المفقودة فى

______________________________

الثمن لمجموع المقدار المعين المشترط هنا) شرطا معنويا، لانه لم يذكر فى اللفظ.

فالعلة التى توجب التقسيط هنا هى بعينها موجودة فى مسئلتنا (خلافا لصريح القواعد، و محكى الايضاح) حيث لم يقسطا الثمن على الاجزاء بل قالا بان المشترى مخيّر بين الامضاء بكل الثمن او الفسخ.

(و قوّاه فى محكى حواشى الشهيد و الميسية و الكفاية، و استوجهه فى المسالك) اى قال ان له وجها (و يظهر) عدم التقسيط (من جامع المقاصد أيضا).

و وجه عدم التقسيط (لان المبيع هو الموجود الخارجى، كائنا ما كان)

(غاية الامر انه) اى البائع (التزم) على نحو الشرط فى ضمن العقد (ان يكون بمقدار معيّن).

(و) حيث ان المقدار المعيّن (هو وصف غير موجود فى المبيع فاوجب الخيار) فيكون حال هذا الوصف (كالكتابة المفقودة فى

ص: 357

العبد، و ليس مقابل الثمن نفس ذلك المقدار، الا انه غير موجود فى الخارج مع ان مقتضى تعارض الاشارة و الوصف غالبا ترجيح الاشارة عرفا

فارجاع قوله: بعتك هذه الصبرة على انها عشرة اصوع

______________________________

العبد) من انه يوجب الخيار لا استرجاع قدر من الثمن (و ليس مقابل الثمن نفس ذلك المقدار) فكل طنّ من مائة طنّ فى مقابل دينار (الا انه غير موجود فى الخارج) فله ان يسترجع بكل طنّ مفقود دينارا و ليس هكذا على ما ذهب إليه القول الاول، هذا هو الوجه الاول لعدم التقسيط

و هناك وجه ثان و هو ما ذكره بقوله: (مع ان مقتضى تعارض الاشارة و الوصف غالبا ترجيح الاشارة عرفا).

فاذا كانت شاة رمادية اللون، فقال المشترى، اشترى منك هذه الشاة الغبراء صحّ البيع، و ان كان الوصف- الغبراء- و الاشارة الى الرمادية و ما نحن فيه كذلك، اذ الاشارة الى الصبرة الخارجية، و الوصف- المائة طنّ- فاذا تخلف الوصف قدّمت الاشارة: و يكون الثمن فى مقابل المشار إليه لا فى مقابل المائة، فتكون المائة من باب الوصف، لا من باب الكمية و الاجزاء.

و انما قال «غالبا» لانه قد يقدم الوصف اذا علم المراد، كما اذا جاء الى دار زيد عدو فى الظلام، و طرق الباب، فظنه زيد صديقا فقال: ايها الصديق ادخل الدار، و علم العدو بانه لا يرضى بدخوله لم يجز له الدخول، فيقدم الوصف على الاشارة هنا.

(فارجاع قوله: بعتك هذه الصبرة على انها عشرة اصوع) على نحو

ص: 358

الى قوله: بعتك عشرة اصوع موجودة فى هذا المكان، تكلف.

و الجواب ان كونه من قبيل الشرط مسلّم، الا ان الكبرى و هى ان كل شرط لا يوزّع عليه الثمن، ممنوعة، لان المستند فى عدم التوزيع عدم المقابلة عرفا، و العرف حاكم فى هذا الشرط بالمقابلة، فتأمل.

______________________________

الشرط (الى قوله: بعتك عشرة اصوع موجودة فى هذا المكان) على نحو الجزء (تكلف).

فاذا لم تكن بتلك الكمية، فهى من قبيل تخلف الشرط، لا تخلف الجزء حتى يكون فى مقابله مقدار من الثمن، من قبيل تبعّض الصفقة.

(و الجواب ان كونه) اى الحكم المذكور (من قبيل الشرط مسلّم، الا ان الكبرى و هى ان كل شرط لا يوزّع عليه الثمن، ممنوعة).

فحاصل استدلال القائل بانه شرط، ان الكمية فى الموارد المذكورة شرط و الشرط لا يوزع عليه الثمن، فتخلف الكمية لا يوجب استرجاع بعض الثمن، بل للمشترى الخيار، فاما ان يقبل البيع بكل الثمن، و اما ان يفسخ البيع، لا ان يقبل البيع ببعض الثمن (لان المستند فى عدم التوزيع عدم المقابلة) بين الثمن و اجزاء الثمن (عرفا، و) الحال ان (العرف حاكم فى هذا الشرط بالمقابلة) و الشارع امضى العقود العرفية فيما لم يزد الشارع او ينقص و ليس المقام مما زاد او نقص (فتأمل) فان الشارع جعل تخلف الشرط موجبا للخيار، فلم يترك العرف على ما يراه من التقسيط هنا فرؤية العرف التقسيط لا تكفى بعد ردع الشارع عنه.

ص: 359

الثانى: تبيّن النقص فى مختلف الاجزاء، و الاقوى فيه ما ذكر من التقسيط مع الامضاء، وفاقا للاكثر، لما ذكر سابقا من قضاء العرف بكون ما انتزع منه الشرط جزء من المبيع، مضافا الى خبر ابن حنظلة: رجل باع ارضا على انها عشرة اجربة فاشترى المشترى منه بحدوده و نقد الثمن و اوقع صفقة البيع و افترقا، فلما مسح الارض، فاذا هى خمسة اجربة قال: فان شاء استرجع فضل ماله و اخذ الارض،

______________________________

(الثانى) من الاقسام الاربعة (تبيّن النقص فى مختلف الاجزاء) كما اذا اشترى عشر شياة بعشرة دنانير فتبيّن انها تسعة (و الاقوى فيه ما ذكر) فى القسم الاول (من التقسيط مع الامضاء) فله الحق فى ان يسترجع دينارا- فى المثال- (وفاقا للاكثر، لما ذكر سابقا من قضاء العرف) و حكمهم (بكون ما انتزع منه الشرط) اى لم يكن على نحو ما ذكر من الشرط- بان كانت كميته اقل مما ذكر- (جزء من المبيع) و من المعلوم ان الجزء يكون فى مقابل الثمن (مضافا الى خبر ابن حنظلة) حيث سأله عليه السلام عن (رجل باع ارضا على انها عشرة اجربة) و هى جمع جريب (فاشترى المشترى منه) المبيع (بحدوده) المعلومة (و نقد الثمن) اى اعطاه نقدا (و اوقع صفقة البيع) كناية عن تمامية العقد لان المتعارف عند تمامية العقد، ان يصفق احدهما بيده على يد الآخر بمعنى انتهاء العقد (و افترقا) فان البيّعين اذا افترقا لزم البيع (فلما مسح) المشترى (الارض، فاذا هى خمسة اجربة) فما هو التكليف؟ (قال) عليه السلام:

(فان شاء استرجع فضل ماله و اخذ الارض) اى التفاوت بين ثمن خمسة

ص: 360

و ان شاء ردّ المبيع و اخذ المال كله، الا ان يكون له الى جنب تلك الارض ارضون فليوفه، و يكون البيع لازما فان لم يكن له فى ذلك المكان غير الّذي باع فان شاء المشترى اخذ الارض، و استرجع فضل ماله و ان شاء ردّ الارض، و اخذ المال كله الخبر.

و لا بأس باشتماله على حكم مخالف

______________________________

اجربة و بين ثمن عشرة اجربة (و ان شاء ردّ المبيع) كله (و اخذ المال كله).

فان الامام عليه السلام حكم باسترجاع التفاوت مع ان الكمية المبيعة كانت بنحو الشرط، لانه قال «باع ارضا على انها عشرة اجربة».

و ظاهر «على» الشرط، لا ان المال كان بإزاء الكمية.

ثم قال عليه السلام: (الا ان يكون له) اى للبائع (الى جنب تلك الارض ارضون فليوفه) اى يوف البائع القدر الناقص بان يعطى الخمسة الاجربة الناقصة من الارض الملاصقة للارض المشتراة (و يكون) حينئذ (البيع لازما) و لا حق للمشترى فى الفسخ، و لا فى اخذ التفاوت (فان لم يكن له فى ذلك المكان غير الّذي باع) بان لم تكن له ارضون ملاصقة بالارض المشتراة (فان شاء المشترى اخذ الارض، و استرجع فضل ماله) و هو التفاوت بين الخمسة و العشرة- اى بالنسبة- (و ان شاء ردّ الارض و اخذ المال كله الخبر) كما ذكرناه أوّلا.

(و) هذا الخبر دالّ على ما ذكرناه من ان الشرط الصورى لا ينافى التقسيط فى الواقع ف (لا بأس باشتماله) اى الخبر (على حكم مخالف

ص: 361

للقواعد لان غاية الامر على فرض عدم امكان ارجاعه إليها و مخالفة ظاهره للاجماع طرح ذيله غير المسقط لصدره عن الاحتجاج، خلافا

______________________________

للقواعد) و هو حكم الامام عليه السلام بانه اذا كانت للبائع ارضون ملاصقة اعطى المشترى منها بالمقدار الناقص.

و هذا انما ينافى القواعد لان البيع الشخصى واقع على الارض المشتراة فلزوم ان يعطيه من ارض اخرى مخالف لقاعدة: العقود تتبع القصود، و قاعدة: تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ، و قاعدة: الناس مسلطون على اموالهم.

و انما قلنا لا ينافى التقسيط (لان غاية الامر على فرض عدم امكان ارجاعه) اى ارجاع ما ذكره الامام عليه السلام من اعطائه ارضا الى جنب الارض المشتراة (إليها) اى الى القواعد، بان يقال: ان المبيع كان شخصيا بالنسبة الى القدر الموجود، و كليا بالنسبة الى الاجربة الخمسة الباقية، فاذا كانت للبائع ارض الى جنب المبيع الشخصى، كان الكلى منطبقا عليه، و لذا لزم على البائع الوفاء، فلا خيار فى الرد و لا فى اخذ التفاوت (و مخالفة ظاهره للاجماع) اذ لو لم يكن مخالفا للاجماع امكن القول بظاهر الرواية و ان كان مخالفا للقاعدة، و ذلك لوجود النصّ الخاص فهذه المخالفة (طرح ذيله غير المسقط) ذلك الطرح (لصدره) الّذي هو محل الشاهد (على الاحتجاج) لانه قد تحقق فى موضعه التبعيض فى الحديث، اذ سقوط بعضه عن الحجية لا ينافى حجية باقية، هذا كله (خلافا

ص: 362

للمحكى عن المبسوط، و جميع من قال فى الصورة الاولى بعدم التقسيط لما ذكر هناك من كون المبيع عينا خارجيا لا يزيد و لا ينقص، لوجود الشرط و عدمه.

و الشرط التزام من البائع بكون تلك العين بذلك المقدار، كما لو اشترط حمل الدابة او مال العبد فتبين عدمهما.

و زاد بعض هؤلاء ما فرق به فى المبسوط بين الصورتين

______________________________

للمحكى عن المبسوط، و) ل (جميع من قال فى الصورة الاولى) و هى صورة تساوى الاجزاء (بعدم التقسيط) فان من لم يقل فى صورة تساوى الاجزاء بالتقسيط لا يقول بالتقسيط فى الصورة الثانية بطريق اولى.

و انما خالفوا هؤلاء (لما ذكر هناك) فى الصورة الاولى (من كون المبيع عينا خارجيا) بحيث (لا يزيد و لا ينقص، لوجود الشرط و عدمه) و الثمن وقع فى مقابل هذه العين الخارجية.

(و الشرط) انما هو (التزام من البائع بكون تلك العين بذلك المقدار) كما لو شرط ان تكون الشياه المشتراة مائة- مثلا- فيكون حال شرط المقدار (كما لو اشترط حمل الدابة او مال العبد فتبين عدمهما) حيث يكون ذلك من تخلف الشرط الموجب لتخير المشترى بين الامضاء و الفسخ و لا ارش، و ان كان العبد ذو المال و الدابة الحامل يساويان باكثر.

(و زاد بعض هؤلاء) القائلين بعدم التقسيط (ما فرق به فى المبسوط بين الصورتين) «ما» فاعل «زاد».

و الصورتان هما صورة تساوى الاجزاء، و صورة تخالف الاجزاء.

ص: 363

بان الفائت هنا لا يعلم قسطه من الثمن، لان المبيع مختلف الاجزاء، فلا يمكن قسمته على عدد الجربان.

و فيه ان عدم معلومية قسطه لا يوجب عدم استحقاق المشترى ما يستحقه على تقدير العلم، فيمكن التخلص بصلح، او نحوه، الا ان يدعى استلزام ذلك جهالة ثمن المبيع فى ابتداء العقد،

______________________________

و فرق المبسوط حيث حكم بالتقسيط فى صورة التساوى، و عدم التقسيط فى صورة التخالف (بان الفائت هنا) فى مختلف الاجزاء (لا يعلم قسطه من الثمن، لان المبيع مختلف الاجزاء).

فاذا اشترى مائة شاة بالف دينار، كان بعضها بعشرة، و بعضها بخمسة عشر، و بعضها بخمسة، و هكذا.

و كذلك اذا اشترى جريانا مختلفة الاجزاء (فلا يمكن قسمته على عدد الجربان) بخلاف متساوى الاجزاء المعلوم فيه قسمة الثمن على الاجزاء.

(و فيه ان عدم معلومية قسطه) اى قسط الثمن المقابل للموجود، و المقابل للمفقود (لا يوجب عدم استحقاق المشترى ما يستحقه على تقدير العلم) اذ الجهل لا يسقط حق الانسان، كما فى سائر موارد الارش (فيمكن التخلص) من حق المشترى- المقابل للقدر المفقود- (بصلح او نحوه) بتراض او استطلاع عن اهل الخبرة (الا ان يدعى استلزام ذلك) اى اختلاف الاجزاء (جهالة ثمن المبيع فى ابتداء العقد) فانه فى متساوى الاجزاء يعلم المشترى ان كل جزء كذا، فيعلم ثمن المبيع.

اما فى مختلف الاجزاء فحيث لا يعلم ثمن كل جزء لا يعلم ثمن المبيع

ص: 364

مع عدم امكان العلم به عند الحاجة الى التقسيط.

و فيه منع عدم المعلومية، لان الفائت صفة كون هذه الارض المعينة المشخصة عشرة اجربة، و يحصل فرضه و ان كان المفروض مستحيل الوقوع بتضاعف كل جزء من الارض.

______________________________

مجموعا (مع عدم امكان العلم به) اى بثمن المبيع (عند الحاجة الى التقسيط) و عدم الامكان يأتى من جهالته بقيمة كل جزء جزء، و الرجوع الى اهل الخبرة لا يفيد لان المفروض لزوم علم المشترى و هو مفقود.

فحاله كما اذا اشترى شيئا بثمن مجهول، ثم رجع الى اهل الخبرة لتبين المراد كما اذا قال: بعتك هذه الدار بثمن كثير، ثم رجع الى اهل الخبرة ليعلم معنى الكثير لغة، و كيف كان فاذا كان الثمن مجهولا يكون البيع باطلا.

(و فيه) اى فى ما ذكر بقوله «الا ان يدعى» (منع عدم المعلومية) بل الثمن معلوم (لان الفائت صفة كون هذه الارض المعيّنة المشخّصة) الخارجية (عشرة اجربة) لانها ظهرت خمسة اجربة- حسب الفرض- (و يحصل فرضه) اى فرض كون الارض المشتراة (و ان كان المفروض مستحيل الوقوع بتضاعيف كل جزء من الارض) بان نقول كل جزء من الخمسة الموجودة اصبح جزءين و هذا الفرض و ان كان مستحيلا، لان الجزء ليس بجزءين، لكن هذا الفرض انما جاء لان يعلم المشترى بالقيمة، فقيمة العشرة المشتراة اذا كانت مائة، كانت قيمة الخمسة الموجودة خمسين و بهذا ظهرت للمشترى القيمة.

ص: 365

لانه معنى فرض نفس الخمسة عشرة.

و

______________________________

ان قلت: كيف نفرض الخمسة عشرة.

قلت: (لانه معنى فرض نفس الخمسة عشرة) فان المشترى رأى الارض كاملة، فظنّها عشرة فاشتراها، و معنى ذلك انه تصور ان امتار هذه الارض ضعف ما عليه الآن، كما اذا رأى سلّة من البيض فظنها خمسين، ثم ظهرت انها خمس و عشرون، فان معنى ذلك ان قيمة الموجود هو نصف قيمة المظنون، و على هذا فليس القسط غير معلوم، فبطل ما ذكره المستشكل و كان القسط معلوما.

(و) ان قلت: القسط غير معلوم، اذ انكم فرضتم الخمسة عشرة حتى تجعلوا الثمن على النصف، و الحال ان هناك صورا اخرى ممكنة أيضا.

كان تفرضوا ان ثلاثة اجربة من الخمسة الموجودة ثمانية و ان الجريبين الآخرين الموجودين جريبان فقط.

او ان تفرضوا ان أربعة من الخمسة تسعة، و ان الجريب الآخر الموجود واحد.

او ان تفرضوا ان جريبا واحدا ستة و ان الاربعة الاخر الموجودة، أربعة.

و عليه فالقيمة مجهولة، لانه اذا اشترى الارض بمائة و كانت ثلاثة تعادل ثمانية فثلاثة اجربة منها تسوى ثمانين.

و جريبان يسويان عشرين فالامر مجهول، لانه لا يعلم ان كل جريب

ص: 366

فرضه أيضا بصيرورة ثلاثة منها ثمانية، او أربعة تسعة، او واحد ستة، او غير ذلك، و ان كان ممكنا الا انه لا ينفع مع فرض تساوى قطاع الارض.

و مع اختلافها

______________________________

يسوى جريبين، او ان ثلاثة تسوى ثمانية، او أربعة تسوى تسعة او واحد يسوى ستة.

قلت: (فرضه) اى فرض كون الارض المشتراة (أيضا بصيرورة ثلاثة منها) اى من الخمسة (ثمانية) فالاثنان الباقيان من الخمسة يعادلان اثنين فقط (او أربعة) منها تعادل (تسعة) فالواحد الباقى من الخمسة يعادل واحدا فقط (او واحد) منها يعادل (ستة) و الاربعة الباقية من الخمسة تعادل أربعة فقط (او غير ذلك) كان يعادل واحد و نصف منها خمسة، و الثلاثة و النصف الباقية تعادل خمسة، او ما اشبه ذلك (و ان كان) هذا الفرض (ممكنا) أيضا، كما انه اذا اشترى خمس بيضات فكل بيضة منها تعادل بيضتين، او ثلاث، او ما اشبه احيانا بينما فى سائر البيضات تعادل كل بيضة منها بيضة واحدة فقط (الا انه) اى هذا الفرض (لا ينفع) المستشكل القائل بان هذا البيع باطل، لانه مجهول الثمن، لا فى متساوى الاجزاء و لا فى مختلف الاجزاء.

اذ (مع فرض تساوى قطاع الارض) فكل جزء يعادل جزءين و لا جهالة.

(و) اما (مع اختلافها) بان كانت ثلاثة تعادل ثمانية الخ

ص: 367

فظاهر التزام كونها عشرة مع رؤية قطاعها المختلفة، او وصفها له يقضى بلزوم كون كل جزء منها مضاعفا على ما هو عليه من الصفات المرئية او الموصوفة.

______________________________

(ف) ان الاختلاف الواقعى ليس بمبهم بعد التساوى فى الالتزام عند العقد.

اذ (ظاهر التزام) البائع (كونها) اى الاجربة (عشرة مع رؤية) المشترى (قطاعها المختلفة، او وصفها له) اى وصف البائع الارض له (يقضى بلزوم كون كل جزء منها مضاعفا على ما هو عليه) سواء كان الجزء فى الواقع يعادل جزءين، او كانت ثلاثة اجزاء تعادل ثمانية اجزاء- مثلا- فيكون التبانى بينهما على ان كل جزء يعادل جزءين على ما هو عليه (من الصفات المرئية او الموصوفة).

و عليه فالقيمة معلومة و ليست مجهولة كما ادعاه المستشكل، و لا يكون البيع باطلا من جهة الجهالة.

ثم لا يخفى ان قوله «و فرضه» مبتدأ: خبره «لا ينفع».

و تحصل من قوله «بان الفائت هنا» الى قوله «ثم ان المحكى» اشكالات و جوابات.

الاشكال الاول: ان القسط غير معلوم الثمن، لاختلاف الاجزاء فلا يمكن تقسيم الثمن عليه، و جوابه عدم المعلومية لا يوجب عدم الاستحقاق

و الاشكال الثانى: ان القسط غير معلوم، فيوجب جهالة الثمن المبطلة للبيع، و جوابه ان القسط معلوم لفرض كل جزء جزءين.

ص: 368

ثم ان المحكى عن الشيخ العمل بذيل الرواية المذكورة، و نفى عنه العبد فى التذكرة، معللا بان القطعة المجاورة للمبيع اقرب الى المثل من الارش.

و فيه مع منع كون نحو الارض مثليا ان الفائت لم يقع المعاوضة عليه فى ابتداء العقد و قسطه من الثمن باق فى ملك المشترى، و ليس مضمونا على البائع حتى يقدم مثله على قيمته.

______________________________

و الاشكال الثالث: ان فى مختلف الاجزاء يمكن فرض كل جزء ازيد او اقل من جزءين، فلا يعلم الثمن، و جوابه ان بنائهما على ان كل جزء جزءين و ان كان فى الواقع كل جزء يساوى جزءين او اكثر او اقل.

(ثم ان المحكى عن الشيخ العمل بذيل الرواية المذكورة) المتعرضة لاعطاء الارض من جنب الارض المشتراة (و نفى عنه البعد فى التذكرة، معللا) لذلك (بان القطعة المجاورة للمبيع اقرب الى المثل) الّذي يجب دفعه الى المشترى (من الارش) الّذي هو تفاوت ما بين العشرة المشتراة و الخمسة التى ظهرت بعد ذلك ناقصة

(و فيه مع منع كون نحو الارض مثليا) لانها لا تتساوى اجزائها- و فيه نظر لان العرف يرى ان بعض الاراضى مثلية كما لا يخفى- (ان الفائت) و هى الاجربة الخمسة النّاقصة (لم يقع المعاوضة عليه فى ابتداء العقد) حتى اذا فات يكون البائع ضامنا لمثله او قيمته (و قسطه) اى ما يقابل القدر الفائت (من الثمن) كنصف الثمن فى مثال الاجربة- فى الرواية- (باق فى ملك المشترى، و ليس مضمونا على البائع حتى يقدم مثله على قيمته).

ص: 369

و اما الشيخ قدس سرّه فالظاهر استناده فى ذلك الى الرواية.

الثالث: ان يتبين الزيادة عمّا شرط على البائع، فان دلّت القرينة على ان المراد اشتراط بلوغه بهذا المقدار، لا بشرط عدم الزيادة فالظاهر ان الكل للمشترى، و لا خيار.

______________________________

فاللازم ارجاع نصف القيمة اذا كان البائع قد اخذ كل القيمة، فليست مسئلة اعطاء ارض اخرى مجاورة لها على القاعدة- على ما اراده العلامة-.

(و اما الشيخ قدس سرّه) الّذي قال باعطاء الارض (ف) ليس فتواه من باب القاعدة، بل (الظاهر استناده فى ذلك الى الرواية) المتقدمة فلا يرد عليه ما اوردناه على العلامة و الله العالم.

(الثالث) من اقسام مخالفة كمية المبيع لما بنينا عليه (ان يتبين الزيادة) فى الكمية (عمّا شرط) المشترى (على البائع) كما اذا قال:

اشترى منك هذه السلّة على انه مائة بيضة، فظهرت مائة و عشرة (فان دلّت القرينة) الداخلية او الخارجية (على ان المراد اشتراط بلوغه بهذا المقدار، لا بشرط عدم الزيادة) فيكون حاله حال ما اذا قال: الكرّ سبعة و عشرون شبرا، فانه يريد به ان لا يكون اقل، و ليس المراد انه ليس باقل و لا باكثر (فالظاهر ان الكل للمشترى، و لا خيار) للبائع، اذ المبيع هو المعين الخارجى- كيفما كان- و الشرط عدم النقيصة، فلا وجه لبطلان البيع، او بطلان الشرط، او الخيار، او الاشتراك او غير ذلك.

ص: 370

و ان اريد ظاهره و هو كونه شرطا للبائع من حيث عدم الزيادة، و عليه من حيث عدم النقيصة، ففى كون الزيادة للبائع، و تخيّر المشترى للشركة او تخيّر البائع بين الفسخ و الاجازة لمجموع الشي ء بالثمن، وجهان، من ان مقتضى ما تقدم من ان اشتراط بلوغ المقدار المعين بمنزلة تعلق البيع به، فهو شرط صورة و له حكم الجزء عرفا ان اشتراط عدم الزيادة

______________________________

(و ان اريد ظاهره و هو) اى ظاهر هذا الشرط (كونه شرطا للبائع من حيث عدم الزيادة، و) شرط (عليه) اى على البائع لنفع المشترى (من حيث عدم النقيصة، ففى كون الزيادة للبائع) لانها كانت له و لم يخرجها من ملكه فيكون المشترى و البائع شريكين فى المتاع، عشرة منها مشاعة للبائع، و مائة منها مشاعة للمشترى (و تخيّر المشترى) بين الامضاء و الفسخ.

و انما يكون له الخيار (للشركة) كما اذا اشترى شيئا، و ظهر له شريك فى ذلك، و هذا ما يسمى بخيار الشركة (او) ان الكل للمشترى، و (تخيّر البائع بين الفسخ) و ارجاع كل الثمن (و الاجازة لمجموع الشي ء بالثمن) الّذي سمياه (وجهان).

وجه الاول: ما ذكره بقوله (من ان مقتضى ما تقدم من ان اشتراط بلوغ المقدار المعين بمنزلة تعلق البيع به) اى بذلك المقدار (فهو) اى المقدار (شرط صورة و له حكم الجزء عرفا) فالثمن انما هو فى مقابل مائة جزء الّذي وقع العقد عليه و العشرة الزائدة خارجة عن البيع فهى باقية على ملك البائع (ان اشتراط عدم الزيادة

ص: 371

على المقدار هنا بمنزلة الاستثناء و اخراج الزائد عن المبيع، و من الفرق بينهما بان اشتراط عدم الزيادة شرط عرفا و ليس بمنزلة الاستثناء فتخلّفه لا يوجب الا الخيار.

و لعلّ هذا اظهر مضافا الى امكان الفرق بين الزيادة و النقيصة مع اشتراكهما فى كون مقتضى القاعدة فيهما كونهما من تخلّف الوصف لا نقص الجزء او زيادته بورود النصّ المتقدم فى النقيصة،

______________________________

على المقدار) المقرّر (هنا) فى باب الكم (بمنزلة الاستثناء و اخراج الزائد عن المبيع) «و اخراج» عطف على «الاستثناء».

فكانه قال: ابيعك الارض التى هى مائة جريب بدون العشرة الزائدة على المائة، و عليه فالعشرة الزائدة للبائع، و يكون بمقدارها شريكا مع المشترى (و من الفرق بينهما) اى بين تعلق البيع بالكم فالزائد للبائع و بين اشتراط عدم الزيادة (بان اشتراط عدم الزيادة شرط عرفا و ليس بمنزلة الاستثناء) فالبائع قد باعه هذه الارض الموجودة كلها بشرط عدم الزيادة (فتخلّفه لا يوجب الا الخيار) فان شاء البائع امضى البيع و للمشترى كل الارض، و ان شاء فسخ الكل و استرجع الارض (و لعل هذا اظهر) عند مراجعة العرف (مضافا الى امكان الفرق بين الزيادة و النقيصة مع اشتراكهما فى كون مقتضى القاعدة فيهما) اى فى كل من الزيادة و النقيصة (كونهما من تخلف الوصف، لا نقص الجزء او زيادته) فهما متساويان من هذه الجهة (بورود النصّ المتقدم) و هى رواية الاجربة (فى النقيصة) فان الامام عليه السلام خيّره بين اخذ التفاوت

ص: 372

و نبقى الزيادة على مقتضى الضابطة.

و لذا اختار الاحتمال الثانى بعض من قال بالتقسيط فى اطراف النقيصة.

و قد يحكى عن المبسوط القول بالبطلان هنا، لان البائع لم يقصد بيع الزائد، و المشترى لم يقصد شراء البعض، و فيه تأمل.

______________________________

و الردّ، فجعله بمنزلة الجزء لا بمنزلة الشرط (و تبقى الزيادة على مقتضى الضابطة) التى هى شرط، فليس للبائع الا الفسخ او الامضاء، لا اخذ الزائد و الاشتراك مع المشترى فى المبيع.

(و لذا) الّذي ذكرنا من كون الفارق بينهما النصّ (اختار الاحتمال الثانى) و هو تخير البائع بين الفسخ و الامضاء، لا التقسيط فى الثمن (بعض من قال بالتقسيط فى اطراف النقيصة) لانه اخذ بمقتضى القاعدة فى طرف الزيادة اما طرف النقيصة فلم يأخذ فيها بالقاعدة لوجود النصّ الخاصّ.

(و قد يحكى عن المبسوط) قول ثالث فى طرف الزيادة لا التقسيط، و لا الخيار، بل (القول بالبطلان هنا) فى باب الزيادة (لان البائع لم يقصد بيع الزائد، و المشترى لم يقصد شراء البعض) اى بعض هذه الارض الخارجية، فلا يلتقى القصدان فى محلّ واحد، و يكون حاله كما اذا قصد البائع بيع القلم و قصد المشترى اشتراء الكتاب حيث ان البيع باطل (و فيه تأمل) اذ كلاهما قصدا هذه الارض الخارجية، منتهى

ص: 373

الرابع: ان يتبين فى مختلف الاجزاء، و حكمه يعلم مما ذكرنا.

______________________________

الامر لم يعرف ان قصدهما من المقدار الوصف و الشرط، او الاستثناء.

(الرابع) من صور تخلف الشرط فى الاجزاء (ان يتبين) الخلاف بالزيادة (فى مختلف الاجزاء) كما اذا اشترى قطيعا بشرط انها مائة، فظهرت مائة و عشرة (و حكمه يعلم مما ذكرنا) فى الثالث، و ان فيه اقوالا ثلاثة و هى: البطلان، و: انه كالشرط، و: انه كالاستثناء.

قريبا جدا بعونه تعالى سيصدر القسم الخامس من الخيارات و الجزء الخامس عشر من الكتاب (ايصال الطالب الى المكاسب) عن قريب ان شاء الله تعالى.

و يبحث فى القول فى حكم الشرط الفاسد (الناشر)

ص: 374

محتويات الكتاب

العنوان الصفحة

مقدمة الكتاب 3

فى ان الامراض التى تحدث خلال السنة عيب 4

خاتمة: فى عيوب متفرقة 21

القول فى الارش 27

فى معرفة الارش 68

فيما لو اختلفت آراء المقومين 75

القول فى الشروط فى الشروط التى يقع عليها العقد 125

فى شروط صحة الشرط فى لزوم ان يكون الشرط داخلا تحت قدرة المكلف 140

فى لزوم ان يكون الشرط سائغا فى نفسه 156

فى ان الشرط يلزم ان يكون فيه غرض معتد به 157

فى ان الشرط يلزم ان لا يكون مخالفا للكتاب و السنة 161

فى ان الشرط يلزم ان لا يكون منافيا للعقد 240

فى ان الشرط يلزم ان لا يكون مجهولا 263

فى ان الشرط يلزم ان لا يكون مستلزما لمحال 270

ص: 375

العنوان الصفحة

فى ان الشرط يلزم ان يلتزم به فى متن العقد 274

فى حكم الشرط الصحيح 289

فى وجوب الوفاء بالشرط 298

فى اجبار الممتنع عن الوفاء بالشرط و عدمه 309

فى ان للمشروط له هل يجوز الفسخ أم لا 324

فى تعذر الشرط و وجود الخيار للمشترط 328

فى تعذر الشرط و خروج العين عن السلطنة 335

فى ان للمشروط له اسقاط شرطه 343

فى عدم تقسيط الثمن على الشرط 349

فى تبين النقص فى متساوى الاجزاء 354

فى تبين النقص فى مختلف الاجزاء 360

فى تبين الزيادة عما شرط على البائع 370

محتويات الكتاب 375

ص: 376

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.